تقديم

 

الرابطة الكتابية2007

قراءة الربية 30

الخوري بولس الفغالي

تقديم

الكتاب المقدس كتاب تعليم. فالأولاد في العالم اليهودي ينطلقون من نصوصه، ولاسيّما سفر اللاويين، ويدرسونها. ويتعلّمون غيبًا المزامير. وفي عامهم الثاني عشر يقدّمون امتحانًا قبل أن يصيروا أبناء الوصية. ويسوع نفسه مرّ في تلك المرحلة على ما يروي الانجيل. قال عنه القديس لوقا: »وجَداه (يوسفُ ومريم) جالسًا مع معلّمي الشريعة. يستمع إليهم ويسألهم. وكان جميع سامعيه في حيرة من فهمه وأجوبته« (لو 2: 46).

لاشك في أن الانجيل الثالث يقرأ حياة يسوع ولاسيّما مع الكتبة والفريسيين، الذين اعتادوا أن يسألوه. لا ليتعلّموا، بل ليوقعوه في شباكهم، وكانت أجوبته تفحمهم، تسكتهم. سألوه مرة: »بأي سلطة تعمل هذه الأعمال؟« (لو 20: 2). فأجابهم يسوع: »وأنا أسألكم سؤالاً واحداً« (آ 3). طَرح السؤال، فما تجرأوا على الجواب. ويعد مثَل الكرامين، سألهم: »ماذا يفعل صاحب الكرم؟ سيجيء ويقتل هؤلاء الكرامين« (آ 16) ولما طرحوا عليه سؤالاً حول دفع الجزية، قال: »أدّوا ما لقيصر لله وما لله لله« (آ 22). وردة الفعل لدى الشعب: »تعجّبوا من جوابه« (آ 26).

يسوع هو المعلّم. اسمٌ دعوه به أكثر من مرة. فالشاب الغني جاءه: »أيها المعلّم الصالح، ماذا أعمل؟« وجاء الجواب: إحفظ الوصايا. بل راح يقول لتلاميذه لكي يبعدهم عن خمير الكتبة والفريسيين: يحبّون أن يدعوهم الناس »يا معلّم« (مت 23: 7). أما أنتم، فلا تسمحوا »بأن يدعوكم أحد: يا معلم. لأنكم كلكم إخوة ولكم معلّم واحد« (آ 8).

معلّمنا الوحيد هو يسوع المسيح. والذين جاؤوا قبله، فتحوا الطريق إلى التعليم. وهو كمّلها. ذاك ما فعل الأنبياء في العهد القديم. وذاك ما فعل الرسل منطلقين من خبرتهم مع ذاك الذي رأوه بعيونهم، سمعوه بآذانهم، لمسوه بأيديهم. مع ذاك الذي أكلوا وشربوا معه. وقالوا له: »علّمتَ في أسواتنا«. وفي النهاية سوف يقول بطرس أمام »القضاة« لا يمكننا أن نسكت، »لا نقدر إلاّ أن نتحدّث بما رأينا وسمعنا« (أع 4: 20).

من يسوع تعلّم التلاميذ. ومعه تعلّموا الصلاة. ففي ذاك الصباح، رأوه مأخوذًا في الصلاة. ما تجرأوا أن يقتربوا منه. »فلما أتمّ الصلاة، قال له واحد من تلاميذه: »يا رب علّمنا أن نصلّي« (آ 2). وراحت الكنيسة »تؤلّف« الصلوات والأناشيد. تُتلى في »الغرفة ببابها المغلق« (مت 6:6). أم تُتلى في الجماعة، كما فعل الرسل والتلاميذ بعد أن أُخبروا أن أُطلق سراح بطرس ويوحنا. قال سفر الأعمال: »وعندما سمعوا ذلك، رفعوا أصواتهم إلى الله بقلب واحد، فقالوا: يا رب، يا خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها...« (أع 4: 23-24).

وما زالت الكنيسة تصلّي. وصلاتها العامة تُدعى ليتورجيا أي خدمة مقدسة. تنطلق من الكتاب فتصل إلى الجماعة المصلية. وتنطلق من الاجتماع الاسبوعي لترفع صلاتها إلى الرب، على مرآة الكتاب المقدس. فهو الينبوع الذي تستقي منه، وهو الغاية التي تعود إليها، تاركة جانبًا الآبار المشقَّقة التي لا تبقي على الماء.

من أجل هذا كان كتابُنا: من التعليم إلى الصلاة. من الكتاب المقدس إلى الليتورجيا. تأملنا صلّينا، تكلّمنا، كتبنا. وها نحن نقدم ذلك للقارئ. ورجاؤنا أن يكون الكتاب نورًا يعلّمنا كيف نصلّي إلى الرب بكلمات الرب، وهكذا »نحمد الله حمدًا دائمًا على كل شيء باسم ربِّنا يسوع المسيح« أف 5: 20).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM