الفصل الحادي عشر: عجيبٌ أمرُكم أيها الغلاطيون.

 

مقدّمة

الرسالة إلى غلاطية بنتُ معركةٍ بين بولس وخصومه نستشفُّ من خلالها طبعَ بولس الفائر وغضبَه وحنانَه واندفاعه من أجل الإنجيل وحبَّه للمسيح.

الرسالة إلى غلاطية رسالة قصيرة، ولكنها تحتلُّ مكانًا مرموقًا بين رسائل القدّيس بولس. فهي تتيح لنا أن نحدِّد مراحل حياة الرسول في خطوطها الكبرى. وهي تقدِّم لنا »إنجيلاً« مركَّزًا على صليب الربّ يسوع، وتبيِّن لنا الصعوباتِ التي جابهته في تثبيت رسالته وسط الوثنيّين. في هذه الرسالة يدافع بولس عن حرّيّة المسيحيّين تجاه الشريعة اليهوديّة ويقدِّم للكنيسة الفتيّة الحرّيّة بالنسبة إلى كنيسة أورشليم.

الرسالة إلى غلاطية رسالة الحرّيّة والانفتاح. بما أنّ الله يخلِّصنا بالإيمان بالمسيح، فلا يحقُّ لإنسان أن يكون عبدَ شريعة ونظامٍ ومؤسّسةٍ مهما كانت عجيبة ومهما بدت وكأنّ لا غنى عنها. إنّ بولس يدعونا إلى مغامرة الإيمان التي لا تحسب حسابًا للصعوبات وتهزأ بما يخيف الناس ولا تتعلَّق بما يعطيه أمانًا هو أقرب إلى السراب منه إلى الحقيقة.

رسالةٌ كُتبت في جوّ المعركة فاختلف الشرّاح منذ القديم في قراءتها. هاجمها القديس أوغسطين، وحسب جيروم هذه الرسالة إخراجًا مسرحيٌّا. وفي القرن السادس عشر رأى فيها لوثُر مؤسِّس البروتستانتيّة »عروسةَ نفسه« فاستند إليها ليعلن التبرير في الإيمان ضدّ ديانة الأعمال. ولكنّ الشرّاح فهموا ارتباط الإيمان بالأعمال من أجل حياة مسيحيّة متوازية.

الرسالة إلى غلاطية رسالةٌ دوّارة لا تتوجّه إلى كنيسة واحدة (مثلاً إلى تسالونيكي أو كورنتوس) بل إلى كنائس متعدِّدة هي كنائس غلاطية. لم يكن في منطقة غلاطية مدينة هامّة بشَّرها بولس، بل جماعات صغيرة مشتَّتة يرتبط بعضها ببعض برباط الإيمان الجديد.

1- غلاطية والغلاطيّون

تغطّي غلاطية جغرافيٌّا تلك الهضبات العالية في آسية الصغرى التي اجتاحها الغاليّون الآتون من غالية، أي فرنسة الحاليّة، في بداية القرن الثالث ق.م. فنهبوا معبدَ دلفوي واجتازوا البوسفور. وتابع هؤلاء المحاربون المقتدرون أعمال السلب والنهب قبل أن يقيموا في منطقة أنقرة التي أصبحت عاصمتَهم. وفي سنة 25 ق.م. أوصى أمينتاس، آخرُ ملوكهم، بمملكته للرومان.

أقام الغاليّون مع سكّان البلاد الأصليّين، وجمعوا آلهتهم مع آلهة الأمم الخاضعة لهم، واحتفلوا بأسرار أتيس وقيبليس. وسيُكرِّم الغاليّون هذا الإله - الراعي ولا يتورَّعون عن أن يَخصوا أنفسهم في احتفالات حماسيّة. وهكذا يبدو الختان عمليّة بسيطة تجاه هذه الطقوس الهمجيّة.

في زمن بولس، كانت مقاطعةُ غلاطية رومانيّة تضمّ غلاطية بحصر المعنى ومناطق أخرى، منها بسيدية التي بشَّرها بولس الرسول خلال رحلته التبشيريّة الأولى (أع 13: 14ي). ويشير لوقا إلى أنّ بولس حين رجع إلى أنطاكية مرّ في الأماكن عينها التي بشَّرها فشدَّد عزائم التلاميذ وحثَّهم على الثبات في الإيمان (أع 14:21ي). هذه الإشارة تقابل ما نقرأه في 4: 13 (بشَّرتكم أوّل مرّة).

ونتساءل: متّى بُشِّرت غلاطية؟

لا يهتمّ لوقا اهتمامًا خاصٌّا بتبشير غلاطية. ففي سفر الأعمال يكتفي بأن يقول مرّتين إنّ بولس اجتاز منطقة غلاطية. مرّة أولى خلال رحلته التبشيريّة الأولى (أع 16: 6)، ومرّة ثانية خلال رحلته التبشيريّة الثالثة (أع 18: 23).

أمّا بولس فيقدِّم لنا إشارات ثمينة نستخلص منها المعلومات الآتية:

- كان الغلاطيّون الذين بشَّرهم بولسُ من الوثنيّين؛

- ما أراد بولس أوّلاً أن يتوقَّف عندهم لأنّ خطَّته الرسوليّة كانت تدفعه نحو المدن الكبرى؛

- ولكنّ مرضًا خطيرًا أجبره على التوقُّف هناك. ويمكن أن يكون المرضُ »تلك الشوكةَ في الجسد« التي طلب بولس ثلاث مرّات أن يتخلَّص منها (2كو 12: 7ي). كان بإمكان هذا المرض أن يثير الاحتقار والقرف عند الناس الذين يحسبونه من فعل شياطين خطرين؛

- أمّا الغلاطيّون فاهتمّوا ببولس اهتمامًا نادرًا. وبدل أن يشيحوا بوجوههم عن مرضه، »ويبصقوا« لكي يحتموا من مصير سيّئ، استقبلوا بولس »كملاك من الله«، أي كمرسل يتكلَّم باسم الله (1: 8)؛

- قال بولس إنّه بشَّر الغلاطيّين مرّة أولى (4: 3) ولمَّح إلى أنّه زارهم مرّة أخرى على الأقل؛

- تميّز اهتداء الغلاطيّين بفيض من مواهب الروح (3: 1-5). ونحن نكتشف أيضًا نواةَ تنظيم جماعيّ لاسيّما وأنّ على الغلاطيّين القيام بحاجات من أُوكل إليهم أمرُ التعليم (6: 6). فقد تكلَّف المعلِّمون (1كو 12: 28) أن يفسِّروا نصوص الكتاب المقدَّس، وإلاّ فكيف كان باستطاعة الغلاطيّين أن يفهموا براهين بولس. وكانت جماعاتهم تجتمع في اليوم الأوّل من كلِّ أسبوع وتُدعى إلى المشاركة في اللمّة من أجل القدّيسين في أورشليم (1كو 16: 1-2).

ونتساءل أيضًا: هل كتب بولس إلى غلاطية الشماليّة أو غلاطية الجنوبيّة؟ قال بعض النقّاد إنّ الرسالة كُتبت إلى غلاطية الجنوبيّة، وأرادوا بذلك أن يؤلِّفوا بين ما قاله بولس في ف 1-2 وما قاله القدّيس لوقا في أعمال الرسل. فالصعود الثاني إلى أورشليم الذي يشير إليه 2: 1-10 يقابل حينذاك المرحلة التي يشير إليها سِفرُ الأعمال (11: 30؛ 12: 25) ليحمل اللمّة التي قرَّرها غايوس. وحدَثُ أنطاكية (2: 11-14) حصل قبل تنظيم الحياة المشتركة بين المؤمنين من أصل يهوديّ والمؤمنين من أصل وثنيّ (أع 15: 1ي). في هذه الحال تتوجَّه هذه الرسالة إلى المؤمنين في مدن أنطاكية بسيدية وإيكونيوم ولسترة، وتكون أولى الرسائل التي كتبها القدّيس بولس. ولكنّ هذا الرأي لا يعوَّل عليه، بسبب البراهين التالية:

الأوّل: تعوّد بولس أن يسمّي المناطق بالاسم المعروف في السياسة الرومانيّة. هذا صحيح. ولكنّ التسمية لم تكن محدَّدة، ونحن نجد كتاباتٍ في عهد بولس تورد الأسماء القديمة التي حملتها المقاطعات.

الثاني: ما تكلّم لوقا (أع 16: 6؛ 18: 3) عن كنائس أسَّسها بولس في غلاطية الشماليّة. هذا صحيح، ولكنّه اهتمّ خاصّة بالمدن الكبرى.

الثالث: كان تيموتاوس (2: 3، 5) من لِسترة (أع 16: 1) ومعروفًا في كنائس الجنوب.

الرابع: شارك الغلاطيّون في اللمّة (1كور 16: 1)، ولكنّنا نقرأ في أع 20: 4 أنّ الموفَدين هما غايوس من دربة وتيموتاوس من لِسترة.

الخامس: من السهل أن نتخيَّل تدخُّل المرسلين الآتين من أورشليم في المنطقة الجنوبيّة لا في المنطقة الشماليّة المعروفة ببرّ الأناضول.

وهناك من يقول إنّ الرسالة وُجِّهت إلى غلاطية الشماليّة ويقدِّمون من أجل هذا برهانين أساسيّين:

الأوّل: قال بولس في 1: 21: »سافرت إلى بلاد سورية وكيليكية«. ما كان قال هذا فقط، بل كان زاد »وعندكم«. ولكنّه لم يفعل. حينئذ يردّ المعارضون: نشكّ في أن يلمِّح هذا النصّ إلى الرحلة الرسوليّة الأولى.

الثاني: قال بولس في 3: 1: »أيّها الغلاطيّون الأغبياء«. فلو توجَّه إلى أهل ليكأونية ولسترة لما كان قال لهم هذا الكلام. وعلى كلِّ حال لا يُعطى اسم الغلاطيّين لأهل بسيدية. ويزيدون أنّ العلاقة قريبة بين الرسالة إلى غلاطية والرسالتين إلى كورنتوس وهذا ما يجعل كتابتها في مكدونية، في نهاية خريف سنة 57، وموجَّهة إلى غلاطية الشماليّة.

ونتوسَّع في هذا البرهان الأخير: هناك هجومٌ يهوديٌّ يحاربه بولس في غل وفي فل فيقول: »إحترسوا من الكلاب، إحترسوا من عمّال السوء، إحترسوا من المختونين الكذبة« (فل 3: 2). ونحن في شبه تأكيد من أنّ فل كُتبت حين كان بولس أسيرًا في أفسس حوالي سنة 56. ثمّ إنّ بولس يهاجم هؤلاء »الرسل العظام« الذين يعتبرون نفوسهم عبرانيّين من بني إسرائيل ومن نسل إبراهيم (2كو 11: 5، 22). والأمر ذاته نقرأه في فل 3: 5 حيث ينسب بولس إلى نفسه هذه الألقاب المجيدة »حسب الجسد« (فل 3: 4) ثمّ يرذلها باسم معرفة المسيح (فل 3: 8).

إذًا نشهد في غل وفل 3 و2كو 10-13، رسالةً مضادّة يقوم بها اليهود ليردّوا إلى طاعة شريعة موسى مؤمنين ردَّهم بولس إلى الإيمان المسيحيّ. ثمّ إنّ هناك تقاربًا بين غل وروم. لا نستطيع القول إنّ فترةً طويلة فصلَت بين تدوين الرسالتين. فمسـألةُ الشـريعة تؤسـّس براهـينَ بولـس في غل وروم. وهكـذا نستخلـص أنّ غل كُتبت في قـب الأزمـة اليهوديـة في نهاية إقامة بولس في أفسس أو فـي الخـريف الـذي قضـاه في مكدونية بانتـظـار أخبارٍ سـارّة عن جمـاعة كـورنتـوس، أي سنـة 57.

2- تعليم هؤلاء اليهود

يقدِّم لنا بولس إشاراتٍ ضئيلة عن جماعة اليهود »الذين يثيرون البلبلة بينكم« (1: 7). يتحدَّث عنهم بولس باحتقار ويُلمّح إلى قائدهم في 5: 10. يزعم هؤلاء الناس أنّهم يستندون إلى يعقوب، أخي الربّ (2: 12)، ولهذا اهتمّ بولس بأن يبيِّن أنَّه على اتّفاق مع يعقوب في ما يخصّ جوهر الأمور (1: 19؛ 2: 9).

أمّا هدف هذه المجموعة فهو أن يفرِضوا الختان على الغلاطيّين (6: 13). فلا رسالةَ تتحدَّث عن الختان مثل غل (يرد الفعل خمس مرّاتٍ والاسم 7 مرّات). أمّا برهانُهم فبسيط: حصل إبراهيمُ على شريعة الختان كعلامة لعهدٍ دائم بين الله ونسله (تك 17: 9-14). إذًا لا يحقّ لأحد أن يطالب بميراث إبراهيم إلاّ المختونون.

والكرازة على الختان تفترض الاعتقاد بأنّ لعهد سيناء قيمةً نهائيّة. هذا ما تفكِّر به اليهوديّة عامّة. وفي هذا يقول بسودو فيلون: »في سيناء سلّم الله شريعةَ العهد النهائيّة لأبناء إسرائيل وأعطاهم وصايا أبديّة لا تزول«. وهل طلب هؤلاء اليهود أن يمارس المسيحيّون الجدُد الشريعةَ ممارسة كاملة؟ يبدو أنّ الجواب هو كلاّ بدليل ما نقرأ في 5: 3: »وأشهد مرّة أخرى لكلِّ من يُختن بأنَّه ملزَمٌ أن يعمل بأحكام الشريعة كلِّها«. هل هؤلاء الأعداءُ أشخاص تحرّروا من كلِّ قيد وعاشوا على هواهم فحذّرهم بولسُ من »أعمال الجسد« (5: 19)؟ بل نحن هنا أمام تعليم تقليديّ يحرِّض فيه بولس على حرب الروح ضدّ الجسد (رج روم 6: 1ي).

ويشير بولس إلى هؤلاء اليهود إشارة مبتكرة في 4: 9، 10، فيقول: »كيف تعودون إلى العناصر الأوّليّة الضعيفة الحقيرة وتريدون أن تكونوا عبيدًا لها كما كنتم من قبل؟ تُراعون الأيّام والشهور والفصول والسنين مراعاة دينيّة«.

نجد كلمة »عناصر« في كو2: 8، 20. هي عناصر الكون المنسوبة إلى فلسفة البشر الخاطئة والمُعارِضة لمعرفة المسيح الحقيقيّة. ويورد بولس مثلاً: شرائع الأطعمة (كو 2: 20). وتتطرَّق القرائن إلى تفوُّق المسيح المطلق. فالقوى الوسيطة (الرئاسات، السلاطين...) التي جعلتها نظريّاتُ ذلك الزمان بين الله الذي لا يُدرك وبين العالم المخلوق، قد زالت وخسرت كلَّ دور لها بصليب المسيح (كو 2: 14).

لا نستطيع أن نقيس تعليم اليهود على تصوُّرات الكولوسيّين: فمسألة الشريعة اليهوديّة والختان تُطرح في كو 2: 11-15 وتُعتبر في الدرجة الثانية بالنسبة إلى مكانة المسيح في نظام الخلق والفداء. أمّا ما يسيطر في غل فهو المشاركة في بركة إبراهيم، دون أيّ تلميح إلى نظريّات خاصّة بالخلق. فإبراهيم يحتلُّ مكانًا هامٌّا في غل ولكنَّه لا يُذكر في كو.

إذًا يفهم بولسُ كلمةَ »عناصر« في غل بمعناها البسيط: إنّها تعليمٌ بدائيٌّ (رج عب 5: 12) وناقصٌ وقريبٌ من الممارسات الوثنيّة (رج 4: 3، 9). ففي الحالتين يلفت النصُّ انتباهَنا إلى روزنامة تستعبد الإنسانَ لقوى الطبيعة ولكائناتٍ عُلويّة (الملائكة بالنسبة إلى اليهود، الآلهة بالنسبة إلى الوثنيّين) تسيطرُ على مسارها، وتُبعدُ عن الإيمان بالمسيح الذي هو الوسيط الوحيد بين الله والبشر.

كانت جماعةُ قمران تعتبرُ الروزنامة موحًى بها وانعكاسًا لروزنامة سماويّة. فإن لم نتَّبعها صارت عبادتُنا باطلةً لأنّها لا تتمّ في الوقت الذي تتمّ فيه خدمة الملائكة في السماء. وهكذا فكّر يهود غلاطية أيضًا.

ويرتبط هجوم اليهود في غلاطية بدعاوة جماعة الغيورين الذين حاولوا أن يجمعوا كلَّ اليهود من أجل المقاومة ضدّ رومة. وهكذا خلط المسيحيّون الذين من أصل يهوديّ، قضيّةَ الله بقضيّة أورشليم.

فإن أعلن هؤلاء الختانَ على مهتدي بولس، فهم ينتزعون سلاحًا يستعمله اليهود ضدَّ مسيحيّي أورشليم الذين يعتبرونهم إخوة كذبة (6: 12). بما أنّ الشريعة الرومانيّة تحامي عن الدين اليهوديّ، فإدخال المسيحيّين بالختان في العالم اليهوديّ، موقفٌ يدلّ على فطنة سياسيّة. ومهما يكن من هذه الافتراضات، فالخصوم الذين يحاربهم بولس هم مسيحيّون لا دعاة يهود. ولكنّهم مسيحيّون لم يفهموا ما حمله إليهم المسيح من جدّيّة وجذريّة ولم يتأمّلوا في سرّ الصليب. هم مسيحيّون تعلَّقوا بشخص يسوع كمسيح كملك لإسرائيل. إذًا لا يُفهَم برهانُ بولس إلاّ من الوجهة المسيحيّة، فأراد أن يبيِّن أنّ الشموليّة تنبع من الصليب الذي يكفي وحده للخلاص.

هل اقتنع الغلاطيّون بكلام القدّيس بولس؟ إنّ بولس لم يكتب لهم مرّة ثانية. أمّا بطرس فبعث برسالة دوّارة وجّهها إلى مسيحيّي آسية الصغرى وبالأخصّ مسيحيّي غلاطية (1بط 1: 1). ولكنّه لا يشير إلى مسألة الشريعة، بل يعتبر المسيحيّين إسرائيلَ الحقيقيّ »نسلاً مختارًا وجماعةَ الملك الكهنوتيّة وأمّةً مقدَّسةً وشعبًا اختاره الله« (1بط 2: 9). انتقلت امتيازات إسرائيل القديم إلى الذين آمنوا بالمسيح الحجرِ الحيِّ وأساس هيكل الله بقيامته (1بط 2: 4ي).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM