أكون عبدًا مكانه.

 

أكون عبدًا مكانه

حين رفض يعقوب أن يرسل ابنه الأصغر، بنيامين، مع إخوته إلى مصر، خوفًا عليه، توسّط يهوذا: »أرسل الصبيّ معي... أنا أضمنه، ومن يدي تطلبه« (تك 43: 8). ولكنّ الخطر أحدق بنيامين الذي وُجدت »كأسُ يوسف في عدله« (44: 11). فأصدر الوزير الأوّل لدى فرعون، يوسف، أمره: »الرجل الذي وُجدت الكأسُ معه، هو يكون لي عبدًا، وأنتم ترجعون بسلام إلى أبيكم« (آ 17). ماذا يفعل الإخوة؟ أيضحّون ببنيامين بعد أن أمّنوا القمح لهم ولعيالهم؟ هم »أبرياء« (آ 10). والمذنب يدفع ثمن ذنبه! ولكنّ بنيامين لم يزل صبيٌّا، وهو لا يفهم ما يحدث. هو وحده البريء في الواقع! فمن يدافع عنه؟ يهوذا. تقدّم إلى يوسف وقال له: »دعني يا سيّدي أبقى مكان الصبيّ عبدًا لك« (44: 33). كم تبدّلت الأمور! في الماضي إخوة يوسف ضحّوا بأخيهم إرضاء لحسدهم. وها هو يهوذا يضحّي بنفسه ليفتدي أخاه. سيكون صورة عن يسوع المسيح الذي »افتدانا من لعنة الناموس« (غل 3: 13) »حتى نصير نحن أبناء الله« (غل 4: 5).

1- مفهوم الفداء

نقرأ مفهوم الفداء في اللغة العبريّة عبر فصلين اثنين: فدى ثمّ تولّى بالمعنى المعروف ينطبق على الأسرى. نفتديهم. نخلّصهم بالمال. نسترجعهم، نستردّهم. هناك تبادل الأسرى. وهناك تقديم المال. وقد يفتدي إنسانٌ إنسانًا، كما استعدّ يهوذا أن يفعل ليخلّص أخاه بنيامين من العبوديّة. »أكون عبدًا مكانه«.

فكرةُ الفداء ترتبط بالشراء والامتلاك. في هذا المعنى نقرأ 1 كور 6: 20: »هو اشتراكم ودفع الثمن. فمجّدوا الله في أجسادكم«. إذًا، لستم بعدُ مُلكَ أنفسكم، بل ملك الله. ويواصل الرسول كلامه مشدّدًا على العبوديّة التي أقام فيها الإنسان قبل أن ينال الخلاص: »الله اشتراكم ودفع الثمن، فلا تصيروا عبيدًا للناس« (7: 33). وبكلام آخر: لماذا العودة إلى العبوديّة.

فقريب شخص من الأشخاص يتولّى أمره. إن خسر أرضه استرجعها له، إن ضاع بيته استردّه له. وإن مات، أمّن له نسلاً بعد موته حين يتزوّج امرأته التي صارت أرملة. والولد يكون ابن المتوفّي أو ابنته. نحن هنا في علاقة حميمة، واستعداد للتضحية لمن له علينا واجب الفداء. في هذا المعنى صار الربّ فادي شعبه على ما نقرأ في سفر أشعيا: »هكذا قال الربّ فادي إسرائيل« (49: 7). وفي 59: 20 نعرف أنّ »الفادي يأتي إلى صهيون« فيعلن »يوم افتداء شعبه« (63: 4). حينئذ يناديه المؤمنون: »أنت يا ربّ أب لنا، فلا إبراهيم عرفنا، ولا إسرائيل (يعقوب) درى بنا. أنت يا ربّ أبونا، فادينا (وليّنا)، منذ الأزل اسمك« (آ 16).

في سفر الخروج نقرأ خبرة الفداء الأولى. »أنا الربّ. وأنا أُخرجكم من تحت نير المصريّين، وأُنقذكم من عبوديّتهم، وأرفع ذراعي وأُنزل بهم أحكامًا رهيبة، وأتّخذكم لي شعبًا، وأكون لكم إلهًا، وتعلمون أنّي أنا الربّ إلهكم الذي أخرجكم من تحت نير المصريّين« (خر 6: 6-7). أجل، الخبرة الأولى خبرة العبوديّة مع تكرار لفظ »نير« الذي كان يوضع على رقبة العبد أو الأسير ليمنعه من الهرب، وليُذلّه أمام سيّده.

أترى الربّ يدفع فدية كما يفعل أهلُ الأرض؟ كلاّ. بل قدرته هي التي تفعل. تُعاقب المعتدي، وتسترجع منه ما أخذه. هذا ما فعل مع فرعون، فعرف هذا الملك في النهاية من هو الربّ. ضاع بعض المفكّرين المسيحيّين حول الفدية التي دفعها يسوع: لمن؟ لله، للشيطان؟ ولكنّ سفر التثنية أخرجنا من الوجهة القانونيّة وموقف البيع والشراء. هذا الافتداء هو فعل حبّ من قبل الله. هو افتدانا من نفوسنا. خلّصنا من شهواتنا وخطايانا لنكون له. ودعانا إلى الحبّ، إلى الأمانة.

»فأنتم شعب مقدّس للربّ إلهكم الذي اختاركم من بين جميع الشعوب التي على وجه الأرض، لا لأنّكم أكثر من جميع الشعوب، فأنتم أقلّها، بل لمحبّته ومحافظته على اليمين التي حلفها لآبائكم، فأخرجكم بيد قديرة، وفداكم من دار العبوديّة، من قبضة فرعون، ملك مصر. فاعْلموا أنّ الربّ إلهكم هو الإله الأمين، يحفظ العهد والرحمة لمحبّيه والعاملين بوصاياه إلى ألف جيل« (تث 7: 6-9). فكيف تقبلون رجلاً »يصرفكم عن الربّ إلهكم الذي أخرجكم من أرض مصر، وفداكم من دار العبوديّة« (تث 13: 6).

ولماذا فعل الربّ ما فعل؟ بسبب القرابة التي تربط الإله بالمؤمنين به. هو أبٌ لهم، وهو مسؤول عنهم، فيصرخون إليه من عمق ضيقهم وشقائهم فيسمع لهم. فمنذ دعا الله موسى، قال له: »نظرتُ إلى معاناة شعبي الذين في مصر، وسمعتُ صراخهم من ظلم مسخّريهم، وعلمتُ بعذابهم، فنزلتُ لأنقذهم من أيدي المصريّين« (خر 3: 7-8). وقد تكون الصرخة فرديّة لتذكّر الربّ بواجبه نحو مؤمنيه وأتقيائه. »أعرف أنّ فاديّ حيّ، وسأقوم آجلاً من التراب، فتلبس هذه الأعضاء جلدي، وبجسدي أعاين الله. وتراه عيني إلى جانبي ولا يكون غريبًا عنّي« (أي 19: 25-27). نادى أيّوب الربّ وليَّه، فاديه وشفيعه، وسوف يجيبه الربُّ من قلب العاصفة (أي 40: 6).

2- حمل خطايا كثيرين

إنطلقنا من يهوذا الذي استعدّ لكي يكون عبدًا مكان أخيه بنيامين. ما عرض فضّة ولا ذهبًا، بل نفسه فدية، لئلاّ يبقى أخوه في عبوديّة مصر. وقبل يوسفُ العبوديّة التي كبّده إيّاها إخوتُه حين »باعوه للإسماعيليّين بعشرين من الفضّة« (تك 37: 28). ومن قلب مصر وخدمة فوطيفار (آ 36) بانتظار السجن، قال لإخوته حين عرّفهم بنفسه: »أنا يوسف أخوكم الذي بعتموه إلى مصر. والآن، لا تأسفوا ولا تستاؤوا لأنّكم بعتموني إلى هنا، لأنّ الله أرسلني أمامكم لأحفظ حياتكم« (تك 45: 4-5). وردّد كلامه: »أرسلني الله أمامكم، ليُبقي لكم نسلاً في الأرض، وينجّي الأحياء منكم«. وهكذا افتدى يوسف إخوته. تقبّل العبوديّة لئلاّ يقع إخوتُه عبيدًا لدى الفرعون على مثال المصريّين الذين قالوا ليوسف، والجوع يضربهم: »اشترِنا نحن وأراضينا بالخبز، فنصير بأراضينا عبيدًا لفرعون« (تك 47: 19).

من هذه الأحداث الملموسة وغيرها، وصلنا إلى فكرة الله الذي يفدي أولاده من عبوديّة مصر، بانتظار أن يفتديهم من عبوديّة أصنامهم التي يعودون إليها كلّما سمحت لهم الفرصة. »تركوا الربّ إلهَ آبائهم... وتبعوا آلهة أخرى وسجدوا لها... تركوه وعبدوا البعل (= السيّد، الرجل) وعشتروت (إلاهة الحبّ والخصب) فغضب الربّ« (قض 2: 12-14).

هو الفادي لأنّه القدّوس. وهو القدير الذي لا تقف قوّة أمامه. بل يختار كورش، الملك الوثنيّ، ويمسحه بالزيت، ويحمّله مهمّة خلاص من أجل شعبه. ولكنّ الفداء الذي يحمله الربّ يختلف عمّا يستطيع هذا العالم أن يفعل. هو يرفض الوسائل المادّيّة. لا يدفع فضّة ولا ذهبًا. ولا يلجأ إلى السلاح والحرب، بل يختار طريق الضعف والوداعة. ومن أجل هذا، يرسل عبده وعابده. فعبده (وصنعته) هو شخصٌ مقرَّب إليه، جعل فيه ثقته. وعابد الله، هو من خضع له وأحبّه ومال إليه وأكرمه. وهو يستعدّ أن يضحّي من أجله بحياته.

نقرأ صورة العبد والعابد في القسم الثاني من سفر أشعيا. في أربعة أناشيد. في النشيد الأوّل يتمّ اختياره فيحلّ الروح عليه. إنّه قويّ بقوّة الله: »لا يلوي ولا ينكسر، حتّي يُقيم العدل في الأرض، فشريعته رجاء الشعوب« (أش 42: 4). لكنّه لا يلجأ إلى القوّة ليفرض رأيه، ولا إلى العنف لكي يحطّم الضعفاء »لا يصيح ولا يرفع صوته، ولا يُسمَع في الشارع صراخُه، قصبة مرضوضة لا يكسر، وشعلة خامدة لا يُطفئ« (آ 2-3). بالضعف يقيم العدل. ويخلّص الضعفاء من أيدي الأقوياء. فهو يعمل باسم »خالق السماوات وناشرها، وباسط الأرض مع خيراتها« (آ 5).

في النشيد الثاني (49: 1-6) يُطلَب من العبد أن يردّ بقيّة يعقوب، ويكون »نورًا للأمم« (آ 6). فمُه، كلامُه، سيف قاطع وسهم مصقول. فالربّ الفادي (آ 7) يرسله ليحمل الفداء باسمه. وهذا ما يعرّضه للاضطهاد. »أدير ظهري للضاربين، وخدّي لناتفي اللحى. وأحتمل التعيير والبصق. والربّ يعينني فلا أخجل، بل أجعل كالصوّان وجهي« (50: 6-7: النشيد الثالث).

غير أنّنا نقرأ موضوع الفداء بكلّ أبعاده في النشيد الرابع. »ها عبدي ينتصر، يتعالى، يرتفع، يتسامى جدٌّا« (53: 13). الأمم الكثيرة تصرخ مدهوشة. الملوك يسدّون أفواههم في حضرته، لا يجرؤون أن يتكلّموا (آ 15). ومع ذلك، قَبِل أن »يتشوّه منظره كإنسان وهيئته كبني البشر« (آ 14). لماذا هذا الانقلاب المريع؟ لكي يكون مع العصاة، ويشفع فيهم ويحمل خطاياهم (53: 12).

عاهاتنا صارت عاهاته فحملها. وأوجاعنا غدت أوجاعه فتحمّلها. جُرح. ألأنّه عصى الله؟ كلاّ. بل »لأجل معاصينا«، سُحق. هل اقترف خطيئة؟ بل هو »مسحوق لأجل خطايانا« (53: 4-5). ويتكرّر لفظ »لأجل«، العلّة، السبب: معاصينا، خطايانا، معصية شعبه (آ 8). هذا الذي »لم يمارس العنف، ولا كان في فمه غشّ« (آ 9)، قبِلَ أن يموت لكي »يبرّر كثيرًا من الناس ويحمل خطاياهم« (آ 11).

3- صورة الله وصورة العبد

هذا ما يقودنا إلى نشيد »عبد الربّ« في رسالة القدّيس بولس إلى أهل فيلبّي (2: 6-11). فالابن هو صورة الله. شكل الله. ولكنّه »تناسى« هذا المقام الرفيع لكي يكون بجانب إخوته. أفرغ ذاته، تجرّد، تلاشى. وكلّ هذا من أجلنا. ما أراد أن يفتدينا بالفضّة والذهب، بل بدمه، بحياته. نقرأ في 1 بط 1: 18-19: »عارفين أنّه افتداكم من سيرتكم الباطلة التي ورثتموها عن آبائكم (عابدي الأصنام)، لا بالفاني من الفضّة أو الذهب، بل بدم كريم، دم الحمل الذي لا عيب فيه ولا دنس، دم المسيح«.

وما اكتفى يسوع بأن يتّضع، يتنازل، يُفرغ ذاته، فيصير إنسانًا شبيهًا بنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. أراد أن يشابهنا (عب 2: 17) رغم ضعفنا وخطايانا. بل أخذ صورة »عبد«. صار »عبدًا« مكاننا نحن عبيد الخطيئة. اتّخذ آخر درجة في السلّم الاجتماعيّ. كلّ هذا، من أجلنا ومن أجل خلاصنا نحن البشر. لو بقيَ في علياء سمائه، لما كان خلّصنا. ولو تمسّك بمساواته لله، لما كان مات كما يموت البشر، ليكون للبشر أو يقوموا كما قام هو. ولكنّه قبل هذا الوضع حين اتّخذ جسدًا، صار بشرًا وسكن بيننا (يو 1: 14).

إتّخذ التواضع والطاعة، ما طلب مشيئته الخاصّة، بل مشيئة ذاك الذي أرسله (يو 5: 30). وسوف يقول للتلاميذ الذين دعوه إلى الطعام بعد لقائه بالسامريّة: »طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني« (يو 4: 34). يعني حياة يسوع مشيئة الآب والطاعة له. وتلك العاطفة رافقته في بداية الآلام، في بستان الزيتون: »يا أبي، إن شئت، فأبعد عنّي هذه الكأس. ولكن لتكن مشيئتك لا مشيئتي« (لو 22: 42). وقبول هذه المشيئة جعله يتألّم، يتعذّب في أعماقه، فيهيِّئ الطريق لمؤمنيه الماضين إلى الموت حبٌّا به. »أجهد نفسه في الصلاة فعرق. هو عرق الانزعاج والألم. وأضاف القدّيس لوقا: »وكان عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض« (آ 44).

هذه المشيئة التي يعمل بها يسوع، رافقته منذ بداية حياته، حتّى النهاية على الصليب. في »دخوله إلى العالم« قال: »ما أردتَ ذبيحة ولا قربانًا،... فقلت: ها أنا أجيء يا الله لأعمل بمشيئتك« (عب 10: 5-7). وفي ختام حياته على الصليب، قال: »تمّ كلّ شيء« (يو 19: 30). لم يبقَ شيء لم يفعله. وحين رأى سمعان بطرس يستعمل العنف ويضرب بالسيف، كان كلام الربّ: »ألا أشرب كأس الآلام التي جعلها لي الآب«؟ (يو 18: 11). وإذ أخبروه أنّ هيرودس يطلب قتله، أجاب: »ها أنا أطرد الشياطين وأشفي المرضى اليوم وغدًا وبعد غدٍ، وفي اليوم الثالث أتمّ« (لو 13: 32). أكمِّل. أي الآب يُتمّ فيّ كلّ شيء. ثلاث سنوات امتدّت رسالة يسوع، وما انتهت إلاّ حين أراد الآب أن يتمّها. وتجاوب يسوع كلّ التجاوب مع هذا النداء الذي وصل به إلى الموت والموت على الصليب (فل 2: 8).

وهكذا صار يسوع الفدية التي تَعرّفنا إليها في مناخ العهد القديم. قال لتلاميذه: »هكذا ابن الإنسان جاء لا ليخدمه الناس، بل ليخدمهم ويفدي بحياته كثيرًا منهم« (مت 20: 28). أي مجموع البشر كلّهم. حياته فدية لأنّها خدمة. وارتبط كلام الربّ بالكأس (كأس الآلام والموت) التي يشربها. بهذه الطريقة قال في العشاء السرّيّ: »هذا هو دمي، دم العهد الجديد الذي يُسفَك من أجل الكثيرين لغفران الخطايا« (مت 26: 28).

الخاتمة

انطلقنا ممّا فعله يهوذا حين أراد أن يفتدي أخاه، أن يكون عبدًا مكانه، ويرسله حرٌّا إلى أبيه، بعد أن أخذ على عاتقه مشروع السفر إلى مصر، برفقة بنيامين. هو صورة بعيدة عن يسوع الذي قال لتلاميذه: »يجب أن يعرف العالم أنّي أحبّ الآب وأنّي أعمل بما أوصاني الآب، قوموا نذهب من هنا« (يو 14: 31). نذهب من العلّيّة ونسير في طريق الآلام والصلب والموت، وأخيرًا القيامة. الطاعة للآب والحبّ للبشر دفعا يسوع إلى أن يقبل الانتقال »من هذا العالم إلى الآب« (يو 13: 1) في الموت.

وكان يوسف أيضًا صورة عن يسوع، فكان مخلّص إخوته. وفتح الطريق أمام عبد الربّ وعابده، الذي »أحصيَ مع العصاة وشفع فيهم، وحمل خطايا كثيرين« (أش 53: 12). وما كان على مستوى الفرد، سيكون على مستوى الجماعة. فالربّ افتدى شعبه من العبوديّة، اقتناه له، جعله شعبه الخاصّ بعد أن »اشتراه«. كلّ هذا يهيّئنا لنسمع ما قاله بولس في الرسالة إلى تيطس فصوّر عمل المسيح في فداء وطهارة. قال: »ننتظر اليوم المبارك الذي نرجوه، يوم ظهور مجد إلهنا العظيم ومخلّصنا يسوع المسيح، الذي ضحّى بنفسه لأجلنا، حتّى يفتدينا من كلّ شرّ، ويطهّرنا، ويجعلنا شعبه الخاصّ الغيور على العمل الصالح« (تي 2: 13-14).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM