هي أبرّ مني وأصدق,

 

هي أبرّ مني وأصدق

ذاك هو كلام يهوذا بن يعقوب، الذي ترك اخوته بعد ان خسر امواله كما يقول الترجوم (او النص الارامي)، فمضى إلى رجل عدلاّمي يقيم جنوب اورشليم. كانت له قصة مع تامار او النخلة، كنّته. تهرّبَ من واجبه بأن يقيم نسلاً لابنه الاكبر عير، فأدّت المهمة تامار على أكمل وجه. وهكذا كان ابنها من يهوذا، فارص الذي سيكون جدّ داود، عبر راعوت الموآبية (را 4: 18- 22). ظنّ هذا الشيخ الذي سيكون جد داود، وبالتالي جد المسيح، ان كنته خاطئة. غير أنه اكتشف في ختام الخبر أنها أبرّ منه وأصدق. اعتبر نفسه باراً أي عاملاً بمشيئة الله، فإذا هو بعيد عن شريعة السلفية التي لا ترضى بأن يموت الرجل دون عقب يذكر اسمَه. اعتبر نفسه صادقاً فإذا تامار أصدق منه وأوفى. منع عنها ابنه الثالث شيلة واعتبر أنه ما زال صغيراً. في الواقع، خاف ان يموت هذا الابن. وفي الوقت عينه، اعتبر ان تامار هي أرملة، وبالتالي لا يحقّ لها أن تترك عائلة يهوذا ولا أن تتزوّج (تك 38: 1- 30).

1- يهوذا واولاده

يهوذا هو الابن الرابع بين أولاد يعقوب. ارتبط اسمه بالاعتراف والحمد. وهتفت امّه ليئة، حين ولدته: »الآن أُقرّ بفضل ربّي« (تك 29: 35). يهوذا سيكون له دور اول في بيع يوسف ليمنع عنه الموت. قال لاخوته: »ما الفائدة من أن نقتل اخانا ونُخفي دمه« (37: 36). »لا نرفع ايدينا عليه، فهو أخونا من لحمنا ودمنا« (آ27). بل هو يستعدّ لأن يكون الضامن لبنيامين (43: 9). وفي الواقع، سوف يدافع عن بنيامين ويجعل نفسه عبداً بحيث يرجع صغيرُ الإخوة إلى والده.

قال يوسف مجرّباً اخوته: »الرجل الذي وجدتُ الكأس معه هو يكون لي عبداً، وانتم ترجعون بسلام إلى أبيكم« (44: 17). هنا بان كبَرُ قلب يهوذا. فتكلّم باسم اخوته، مدافعاً عن ضحية بريئة: »دعني، يا سيّدي، أبقى مكان الصبيّ عبداً لك. وليَعُدْ هو مع إخوته« (آ33). وإلاّ يكون شقاء ابي كبيراً (آ34). عندئذٍ تبدّل يوسف. فهمَ ان اخوته بدأوا يتأسفون على ما فعلوه تجاهه. قال: »لا تأسفوا ولا تستاؤوا لأنكم بعتموني إلى هنا. لأن الله أرسلني أمامكم لأحفظ حياتكم« (45: 5). فهمَ يوسفُ أن الله هو الذي أرسله إلى مصر، لا اخوته (آ8). ذاك هو مخطط الله وهو يتنفّذ رغم شرّ البشر.

تلك كانت وجهة مشرقة من حياة يهوذا. وسوف يمتدحه أبوه حين يبارك أبناءه: »يهوذا يحمدك إخوتك... يسجد لك بنو بنيك... لا يزول الصولجان من يهوذا ولا عصا السلطان من صلبه« (تك 49: 9- 10). لا شك في أن هذا الكلام يتوجّه اولاً إلى داود. وفي النهاية، يصل إلى يهوذا جدّ داود.

أما الوجهة الثانية فهي اقلّ اشراقاً إن لم نقل انها سوداء. اولاً، ترك البيت والقبيلة. وان قال الترجوم انه افتقر، فهذا يعني في عرف ذاك الزمان، انه خسر بركة الله ورضاه. مثله سيفعل اليمالك حين يحلّ »الجوع في الأرض« (را 1:1). ترك بيت لحم، في يهوذا، ومضى إلى أرض موآب. فمات هو ومات ولداه اللذان »تزوّجا امرأتين موآبيتين« (آ 4). ولكن امرأته نعمى (او نعمة) وكنته راعوت رجعتا إلى بيت لحم. ولولاهما لانقطع النسل ولما وصلنا إلى عوبيد الذي »ولد يسى، ويسى ولد داود« (را 4: 22). وهنا ستفعل تامار كما فعلت هاتان الارملتان نعمى وراعوت، فيكون ليهوذا فارص، جدّ داود الملك، وزارح أبو الادوميين (تك 36: 13). فارص شق الطريق، فتحها. وزارح أشرق كما نجمة الصباح (38: 29- 30).

ثم تزوّج يهوذا امرأة كنعانية، فسار في خط عيسو الذي فعل ما فعله لامك، ابن قايين (تك 4: 23): »تزوّج بنت بيري الحثيّ وبسمة بنت أيلون الحثي« (26: 34). ويقول الكتاب: »كانتا لاسحق ورفقة خيبة مرة« (آ 35).

وفي اي حال، مات ابنا يهوذا. الاول »عير« الذي يرتبط بالعري. وقال فيه الترجوم: »تهيّأ لأن يموت بدون اولاد«. والثاني »أونان« الذي لا يحمل معه سوى العناء والتعب. ولما ولدت بنتُ شوع ليهوذا الابن الثالث، شيلة، فهمت أن زوجها سلا عنها ونسيَها. وفي أي حال، ماتت. وبحث يهوذا عن غيرها، فمضى إلى »بغيّ« كما دعا تامار كنته (38: 21). وربط النصّ ولادة شيلة بقرية الكذب »إكزيب« (38: 5)، بحيث يستنتج القارىء أن يهوذا سوف يكذب على تامار ولا يزوّجها ابنه الثالث.

2- تامار وامرأة يهوذا

أول ما نلاحظ من قراءة ف 38 من سفر التكوين، هو إغفال اسم امرأة يهوذا. في آ 2 و آ 12 قيل عنها: هي ابنة شوع. هي القاصرة التي تبقى في البيت وأبوها مسؤول عنها. لا اسم لها. وانتقلت من بيت شوع الذي لم يعد ذاك الكنعاني في الترجوم، بل »التاجر«، إلى بيت يهوذا. ويعذرالترجومُ ايضاً يهوذا. هو ما تزوّج هذه المرأة إلا بعد أن جعلها تهتدي وتعتنق الايمان بالله الواحد.

فالمرأة لا اسم لها في الشرق. هي بنت فلان. هي بنت شوع. وهي زوجة فلان. زوجة يهوذا. وهي ام فلان، الابن البكر، أم عير. هي الضعف والجهل، وما يدعو إلى الخطيئة. حواء هي التي بدأت الخطيئة. وامرأة ايوب دعت زوجها إلى أن يجدِّف على الله ويموت. وكذا نقول عن امرأة طوبيت. ومريم النبية، اخت موسى، هي التي اعتُبرت مخطئة فأصابها البرص، مع أنّ هارون تكلّم على موسى سوءاً، فقال: »أموسى وحده كلّمه الربّ« (عر 12: 1- 2)؟

وتامار ترتبط بمدينة تامارفي يهوذا، الواقعة جنوبي البحر الميت، قرب أ دوم. هي قريبة من راعوت، بنت موآب. امرأتان وثنيتان تلتقيان مع راحاب الزانية. والثلاثة دخلن في سلالة يسوع كما ورد في انجيل متى. راعوت الموآبية، لا يُحسب نسلها في جماعة المؤمنين بالربّ، ولو في الجيل العاشر (تث 23: 4). وراعوت الادومية بنت عيسو أو العمونيّة، بنت لوط (تك 19: 34- 38). لا يحق لهما ان تدخلا في »شعب الله«. ومع ذلك دخلتا. واحدة تفوّقت على يهوذا بالبرّ والصدق. والثانية كانت الرفيقة الامينة التي ترعى الذمم (هذا هو معنى اسم راعوت). إنهما صورة بعيدة عن تلك السورية الفينيقية التي تحدّت التقاليد اليهودية واعتبرت نفسها من أهل البيت، من الداخل، مع أنه قيل لها: »لا يجوز أن يُؤحذ خبزُ البنين ويُرمى للكلاب« (مر 7: 27). طُرح السؤال: من هم البنون؟ أجاب اليهود: هم ابناء ابراهيم بعد أن خُتنوا. فقال لهم المعمدان: »الله قادر أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لابراهيم« (متى 3: 9). وأعلنت هذه المرأة: نحن أبناء وبنات الله بالايمان. حينئذٍ قال لها يسوع: »ما أعظم إيمانك أيتها المرأة! فليكن لك ما تريدين« ( متى 15: 28).

وكما دخلت هذه المرأة الكنعانية فصارت بإيمانها تلميذة من التلاميذ، مثل مجنون الجراسيين (كان جالساً يسمع للمعلّم، لابساً المسيح في ثوب العماد، مر 5: 15)، هكذا دخلت راعوت في شعب الله. فالذين خرجوا من مصر صاروا شعب الله حين وقفوا عند جبل سيناء وتلقّوا الوصايا، وتجاوبوا معها، فقالوا بصوت واحد: »كل ما تكلّم به الربّ نعمل به« (خر 24: 3). وعملت تامار بحسب ما قيل في سفر التثنية (25: 5- 6). أما يهوذا فتهرّب خوفاً على حياة ابنه الصغير شيلة.

هنا نتذكّر كلام القديس بولس إلى اهل رومة، حول الختان الذي يعني الانتماء إلى شعب الله، إلى شعب ابراهيم. قال: »إن عملتَ بالشريعة كان لختانك فائدة. ولكن اذا خالفت الشريعة صرتَ في عداد غير المختونين. واذا كان غيرُ المختونين يراعون احكام الشريعة، أفما يعتبرهم الله في عداد المختونين« (روم 2: 25- 27). تهرّب يهوذا من العمل بالشريعة، فما انتفع من ختانه. وربّما استهان الناس باسم الله بسببه (آ 24). وتامار عملت بما في الشريعة، فصار لاختانُها ختاناً. ختانها هو ختان القلب والروح، لا ختان الحرف« (آ 29).

ومع ذلك، اعتبر يهوذا تامار زانية وطلب ان تُحرق. طلبت الشريعة بأن تُرجم هي ومن زنى معها. أما إذا كانت ابنة كاهن فهي تُحرق. لهذا قال الترجوم: »أخذ يهوذا لعير بكره زوجة، ابنة سام العظيم«، الذي اعتُبر كاهناً في التقليد اليهوديّ. واذ دخل عليها، اعتبر انه يدخل على »بغيٍّ« من البغايا. ولكن سوف يُقال له: »ما كانت هنا بغيّ« (38: 22). فالجيران يعرفونها أرملة تقيم في بيتها، وما خلعت بعدُ بثياب ترمّلها (38: 14) الا في هذه الحالة الوحيدة.

أرادت أن تكون زوجة ليهوذا. لهذا تغطّت بالبرقع، كما فعلت رفقة فسترت وجهها (تك 24: 65) حين رأت اسحق آتياً نحوها. وخلعت تامار ثياب ترمّلها، كما تفعل السبيّة (تث 21: 13): »وبعد ذلك يدخل عليها الرجل، ويكون لها زوجاً، وهي تكون له زوجة«. هذا ما فعلت تامار، بعد ان ماتت بنتُ شوع زوجةُ يهوذا. ومع ذلك، اعتبر الكاتب الملهم أن عملها ظرفيّ بحيث لا يمكن أن يكون مقياساً للمؤمنين. فأنهى النصّ: »ولم يعُد ايضاً يضاجعها« (38: 26).

3- غُفر لها فاحبَت

هذا ما قال يسوع عن المرأة الخاطئة التي جاءت إليه حين علمت أنه يأكل في بيت الفرّيسي (لو 7: 36- 37). حملت إلى الربّ خطاياها، وما أخفت آثار الجريمة. وما تصنّعت كأنها لم تفعل شيئاً من قبل. فلو فعلت، لشابهت الفريسيين الذين نعتَهم يسوعُ بالقبور المكلّسة. جاءت إلى يسوع ومعها قارورةُ طيب. مثل هذه العطور كانتْ تستعمل حين يأتي اليها »احبابها«. ثم البكاء والدموع والقبل، كلّ هذا سلاح بيدها مع شعرها الذي به تمسح قدمَي من يأتي اليها.

إنزعج الفريسيّ الذي دعا يسوع. وانزعج الحاضرون الذين معه. ونحن ايضاً لا نرضى بهذا المشهد، ولا سيما بعد ان عُرض على الشاشة فيلم يخبر ان يسوع »نزل عن الصليب وتزوج المجدلية«. وظهر اخيراً كتاب في هذا الشأن شكّك المؤمنين.

انزعج الفريسيون لأن البار »والنبي« لا يمسّ خاطئة، ولا يسمح لخاطئة ان تلمسه، لئلا يتنجّس بها. وجب عليه ان يهرب منها، أن يزجرها، ان يعاملها يقساوة. وهذا ما لم يفعله يسوع. رضيَ بما كانت تفعل له: تبكي على قدميه. تقبّلهما. تمسحهما بشعرها. تدهنهما بالطيب. كل هذا جزء من المرأة في عيشها الزواجيّ. فلا يمكن ليسوع أن يلغيه وكأنه لم يكن. فكل أعمال المرأة يجب أن تتقدّس. وكذلك كل أعمال الرجل. لذلك حين تحدّث الرسول عن الزوج والزوجة، قال: أولادكم مقدسون (1 كور 7: 14). هذا يعني ان عمل الزواج مقدّس، وان الزوج لا سلطة له على جسده. هو لامرأته. وكذلك المرأة لا سلطة لها على جسدها. هو لزوجها (آ 4).

أجل، تقبّلَ يسوع هذه المرأة التي ضاع اسمها بين هؤلاء الرجال. اسمها الخاطئة. هكذا تُعرف في المدينة. اما عرف يسوع بأمرها؟ فلماذا لا يتجنّبها؟ ولكن يسوع ما تجنّبها. فالخطيئة لا تنتقل اليه حين يلتقي بالخاطئة، بل البرّ الذي منه يصل إلى الخاطئة. وكذا نقول عن تلك التي يسيل دمها. ما هي التي نجّست يسوع، بل هو الذي طهّرها. لمست ثيابه من بعيد »فانقطع نزفُ دمها في الحال، وأحسّت في جسمها انها شُفيت من دائها« (مر 5: 29).

اعتبر الفريسيون ان هذه المرأة خاطئة، زانية، فاجرة. إذن، تستحقّ الرجم. وربّما الحريق. هذا ما قالوا ليسوع حين أتوا إليه بامرأة زانية: »أوصى موسى في شريعته برجم أمثالها« (يو 8: 5). كأن هذه المرأة خطئت وحدها، وما كان معها رجل. فالشريعة قالت: يُرجم الاثنان معاً. فأين الرجل الزاني. بل ان الشريعة تأمر برجم الرجل وحده حين تكون المرأة في البرية وليس لها من يخلّصها إن هي استغاثت. في أي حال، قال يسوع: »من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بأول حجر« (آ 7). فما بقي أحد لكي يرجمها. ولو قال الكلام عينه في بيت الفريسي الذي دعاه إلى الطعام، لما بقي إلاّ هو والمرأة (آ 9). اين هم؟ اختفوا. ما حكمَ عليكِ أحد؟ لا أحد. ولا أنا أحكم عليك (آ 11).

ما اكتفى يسوع بذلك. بل بيّن لهذا الذي حسب نفسه »باراً«، منفصلاً عن الناس الخطأة، الفاجرين، الظالمين (لو 18: 11)، ان هذه الخاطئة أفضل منه، أبرّ منه. فحبُّها للربّ أعظم من حبّه، وندامتها أعمق من ندامته، واستعدادها يدل على ايمانها الذي لا يقف في وجهه حاجز لكي ينال غفران الخطايا. وسوف يقول الربّ في احدى المناسبات لهؤلاء الناس: »العشّارون والزناة يسبقونكم إلى ملكوت الله« (متى 21: 31).

ونتشكّك نحن اليوم من معاصرينا الذين يحصرون الرجوله والانوثة في العمل الجنسي. بل ان كثيرين فصلوا العمل الجنسي عن الحبّ. هو لا يعبّر عن الحبّ. أستطيع أن أحبّ واحدة واتجامع مع امرأة اخرى. وكذا المرأة تستطيع أن تقول. لهذا ضاع الحبّ الذي هو اقوى من الموت. وصارت المعاطاة الجسدية بين الرجل والمرأة هي المقياس لديمومة الزواج. بعد خمس سنوات أو عشر، يتعب الواحد من الآخر، فيمضي كل منهما في طريقه. وهكذا عدنا إلى مستوى العهد القديم، بل إلى مستوى العالم الوثني.

»إذا تزوج رجل امرأة ولم تعد تجد حظوة عنده لعيب أنكره عليها فعليه... أن يصرفها من بيته« (تث 24: 1). واذا كانت هي صاحبة البيت، تصرفه، وأوضح المعلّمون: ان أحرقت له حساءه. ان وَجد أجمل منها. لا شك في أن الصبية التي يلتقي بها الرجل اجمل من امرأة أعطت زوجها عشرة أولاد. القاعدة هي الحياة الجنسية. وكل شيء مباح من أجلها. المال. السرقة. قتل الاصحاب. التضحية بالاولاد. وحين طلب يسوع عدم الطلاق، وقال: »لم يكن هكذا في البدء«، صرخ التلاميذ: »إن كان هذا وضعُ الرجل مع امرأته (او وضع المرأة مع زوجها)، فالافضل أن لا يتزوج«.

في هذا المناخ السقيم الذي تغذّيه الدعايات والصور والافلام، يريدون أن يضعوا يسوع في حياته الارضية وكأنه شاب لا يتميّز عن الشبّان بشيء. عرف »الجهل« كما عرفه كلّ مراهق. وكم من الرجال لم يتعدّوا عمر المراهقة! وتعلّق بالفتيات، وتزوّج، وأنجب أولاداً أو لم ينجب. بدلاً من أن يرتفعوا إلى المسيح، أرادوا أن يُحدروا المسيح إلى مستواهم. لا على مستوى الجنس فقط. بل أيضاً على مستوى احترام الانسان، على مستوى التجارة والتعامل اليومي. مع ان يسوع رفع الخاطئة من خطيئتها وعلّمها الحبّ الحقيقي الذي لا يقود إلى مئات الالوف من المنتحرين كل سنة. ورفع الابرص واعاده إلى الجماعة. ورفع رأس المرأة المنحنية الظهر بحيث كاد فمها يلامس الارض مثل الحيوان. وهويريد أن يرفع كل واحد منا، هذا إلاّ إذا فضّلنا رعاية الخنزير على العيش في البيت الابويّ...

خاتمة

في نظر الله، كل واحد له اسمه، كلّ واحد له هويته وشخصه. لا رجل ولا امرأة، بل الرجل والمرأة هما معاً على صورة الله مثاله. ولا يهودي ولا وثني، بعد أن عرف اليهوديّ والوثني، المؤمن واللامؤمن، أن يأتي إلى الربّ بالايمان. وكذلك يقول: لا يستطيع اليهوديّ ان يتخفّى وراء الختان، ولا المؤمن ان يقول أنا ابن ابراهيم. والانسان، كل انسان، خاطىء هو. إنه يتطلّع إلى الغفران. والويل له إن قال: أنا بلا خطيئة. حينئذٍ يجعل الله »كاذباً«. فإن اعتبرتُ نفسي باراً والآخرين خطأة، كنت الخاسر الاكبر. فالفريسي الذي مضى إلى الهيكل ليصلّي، ما عاد مبرّراً. بل زاد بتكبّره خطيئة على خطاياه. ومن عاد مبرّراً؟ العشار الذي لم يحكم على احد. بل ركع بعيداً وصرخ: إرحمني اللهم انا الخاطىء.

تلك هي العبرة من خبر تامار كما قرأناه في سفر التكوين. فوصلنا به إلى هذه الخاطئة التي تفوّقت بحبها على الفريسي، كما تفوّقت تامار ببرّها وصدقها على يهوذا، مع أن من نسله يكون المسيح. يبقى علينا أن نستسلم إلى الله الذي يعرف أعماق القلوب، وهو يفعل فينا أكثر ممّا نتوقع، هذا إذا شئنا.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM