لو كنت تعرفين عطيّة الله .

 

لو كنت تعرفين عطيّة الله

تلك هي الكلمة التي قالها يسوع لتلك المرأة السامريّة الآتية إلى سيخار حتّى تملأ جرّتها ماء. وكان ذلك عند البئر التي تأتي إليها النساء عادة، بعد الانتهاء من شغل البيت. وكان حوار وأيّ حوار بين امرأة تبحث عن عريس لها، فتعرّفت إلى خمسة وهي ترافق السادس. وبين من هو »عريس« النفوس الذي يطلب الحبّ من كلّ واحد منّا. عند البئر لقاء وبعده زواج. وفي النهاية، صار يسوع »خطّيب« هذه المرأة السامريّة، وبالتالي خطّيب السامرة كلّها مع أهلها، فهتفوا: »بالحقيقة هذا هو مخلّص العالم« (يو 4: 42)

كلامنا عن البئر الذي لم يعد يعرفه الكثيرون. أمّا الكبار فيتذكّرونه يوم لم يكن الماء وصل إلى البيوت. فكانوا يأتون بالجرّة فيملأونها. وذاك كان الوقت الوحيد الذي يمكن أن يكلّم رجلٌ امرأة، أمام الجميع. ولكنّ يسوع كان وحده مع تلك المرأة بانتظار أن يأتي من يمثّلون اليهود، أي التلاميذ، بانتظار من يمثّلون »المؤمنين المنشقّين« عن الهيكل، أي السامريّين.

1- الآبار بين جرار وبئر سبع

نقرأ في خبر إسحق خلافًا على الآبار بين الرعاة الفلسطيّين ورعاته. »وردم الفلسطيّون جميع الآبار التي حفرها عبيدُ إبراهيم في أيّامه وملأوها ترابًا«. وقال أبيمالك (ملك الفلسطيّين): »أخرج من عندنا لأنّك صرتَ أقوى منّا كثيرًا«. فخرج إسحق من هناك، ونزل في وادي جرار وأقام فيه. وعاد إسحق وحفر آبار الماء التي ردمها الفلسطيّون بعد موت إبراهيم أبيه... حفر عبيد إسحق في الوادي، فوجدوا هناك نبع ماء.

فتخاصم رعاة جرار مع رعاة أسحق قائلين: »هذا الماء لنا«. فسمّى إسحق البئر »ع س ق« أي الخلاف والنزاع. وحفروا بئرًا أخرى، فتخاصموا عليها أيضًا فسمّاها »س ط ن ه« أي الخصومة، فارتبط اسم هذه البئر بالشيطان وعالم الشرّ، الذي هو عدوّ كلّ خير (أع 13: 10). وحفروا بئرًا أخرى فما تخاصموا عليها. فسمّاها »رح ب و ت«، أي الرحبة، الواسعة. وقال: »الآن رحّب الربّ لنا لنكثر في الأرض« (تك 26: 15-22).

وهكذا فعل إسحق ما فعله أبوه إبراهيم. كان خلاف بين إبراهيم ولوط بسبب المرعى والماء. »ضاقت الأرض بسكناهما معًا، لأنّ أملاكهما كانت كثيرة، ووقعت خصومة بين رعاة ماشية أبرام (إبراهيم) ورعاة ماشية لوط... فقال أبرام للوط: »لا تكن خصومة بيني وبينك، فنحن رجلان أخوان. الأرض كلّها بين يديك« (تك 13: 5-9).

الماء أصل الحياة، ولا سيّما في هذه المناطق الصحراويّة التي لا ينزل فيها الكثير من المطر. وقرب البئر يلتقي الناس. هي صعوبة العيش معًا، وكلّ واحد يريد حصّته إن لم يُرد حصّة الآخرين. والقويّ يأخذ، أو بالأحرى يحاول أن يأخذ كلّ شيء، فيطرد الضعيف ويأخذ مكانه. هنا يروي سفر الخروج كيف أنّ »بنات كاهن مديان جئن إلى البئر وأخذن من مائها. وملأن الأحواض ليسقين غنم أبيهنّ، فجاء الرعاة وطردوهنّ. فقام موسى إلى نجدتهنّ وسقى غنمهنّ« (خر 2: 16-17). قد تكون خصومة بحيث يحاول الواحد أن يستأثر بالماء. ولكنّ الربّ يُرسل من يعين الضعيف. ذاك ما فعله موسى: أنجدَ هؤلاء الفتيات. ونقول الشيء ذاته عن يعقوب. انتظرت راحيل أن تسقي الغنم. ولكنّها لا تقدر أن ترفع الحجر من ماء البئر، لأنّه كان كبيرًا جدٌّا (تك 29: 2). »فلمّا رآها يعقوب مع غنم لابان خاله، تقدّم ودحرج الحجر عن فم البئر وسقى الغنم« (آ 10).

بارك الله إبراهيم. وبارك الله لوطًا. ومع ذلك، تخاصم الرعاة. لماذا لا تشارك البركةُ البركة والنعمةُ النعمة؟ هي الأنانيّة حاضرة وحبّ التملّك والخوف من الشحّ وقلّة الماء. ولكن حين يسير الإنسان بحسب أنوار الله في قلبه، ينسى الصعوبة. رَدموا البئر لإسحق، فحفر غيرها. وخاصموه على بئر، فحفر بئرًا أخرى. هذه المزاحمة لا تنتهي عند مزاحمة، بل عند خلاف وخصومة بحيث يسيطر الشرّ بدل الخير، والموت بدل الحياة. ولكنّ الماء في الصحراء يحمل الحياة إلى البشر.

وعرف إسحق أن يكون مسالمًا. قال له أبيمالك: إبتعدَ. فابتعد. فالأرض واسعة. وكذلك فعل إبراهيم مع ابن أخيه لوط: »تذهب إلى اليمين فأذهب إلى الشمال« (تك 13: 9). واختار لوط وادي الأردنّ »الذي هو ريّان كلّه كجنّة الربّ، كأرض مصر« (آ 10) بسبب المياه التي فيه. وتركه إبراهيم يختار، فسمع نداء الربّ: »هذه الأرض كلّها أهبها لك ولنسلك إلى الأبد« (آ 16). الله هو الذي يبارك، وباطلاً يتعب الإنسان ويخاصم. وهو يعطي سعادة لا يعطيها ماءٌ غزير ولا ماشية كثيرة. بركة الله لإبراهيم أعطته السعادة، بل جعلت اسمه يصل إلى المسيح، وهو من تباركت الشعوب فيه.

2- زواج إسحق

يروي سفر التكوين أنّ إبراهيم أراد أن يزوّج ابنه إسحق، فأرسل »كبير خدم بيته ووكيل جميع أملاكه« (تك 24: 2). هو صديق العريس، وهو يأتي له بعروسه. ولكنّ إبراهيم المؤمن لا يريد لابنه أن يقترن بمن لا يؤمن إيمانه. المؤمن بالله لا يقترن بالمؤمن بالأصنام، لأنّ من ذبح للأصنام، كما قال بولس الرسول، إنّما يذبح للشياطين.

وطلب إبراهيم من »وكيله«: »إلى أرضي وعشيرتي تذهب، وتأخذ زوجة لابني إسحق« (آ 4). ولكن كيف العودة إلى حاران ورسول إبراهيم ربّما لا يعرف الطريق. غير أن الإيمان العامر في قلب إبراهيم، كان متيقّنًا من أنّ الربّ ينجّح المهمّة: »فالربّ إله السماء الذي أخذني من بيت أبي... يرسل ملاكه أمامك فتأخذ زوجة لابني من هناك« (آ 7-8). في هذا الخطّ نتذكّر طوبيّا الذي أرسله والده طوبيت، فأمّن الملاكُ لطوبيّا زوجة. دلّه على فتاة من أقاربه ابتعدت عن الأرض بسبب قساوة المنفى والتهجير.

ومضى رئيس الخدم وهو مستند إلى إيمان سيّده. »سار متوجّهًا إلى أرام النهرين، إلى مدينة ناحور (شقيق إبراهيم). فأناخ الجمال في خارج المدينة على بئر ماء عند غروب الشمس، وقت خروج النساء ليستقين ماء« (آ 11).

هو إطار شعريّ. وهذه الفتاة التي لفتت نظر خادم إبراهيم، ستكون عروس إسحق. والله هو الذي يوجّه الإنسان، هذا إذا شاء ان يسمع له. طلب الخادم آية: »الفتاة التي أقول لها: أميلي جرّتك لأشرب. فتقول: إشرب، وأنا أسقي جمالك أيضًا، تكون هي التي عيّنتها لعبدك إسحق. وهكذا أعرفُ أنّك أحسنت إلى سيّدي« (إبراهيم) (آ 14).

اللقاء عند البئر كان لقاء مع الآخرين. ومع الله أيضًا. فروحانيّة البئر حاضرة في أكثر من موضوع. عند البئر التقى يعقوب بمن ستكون زوجته، راحيل. وموسى كذلك. ساعد بنات يترو، كاهن مديان، فكان له أن يتزوّج صفورة (خر 2: 21). الله وجّه موسى ليعيش عيش الرعاة، قبل أن يرافق الرعاة الخارجين من مصر والذاهبين إلى جبل سيناء. والله وجّه يعقوب إلى خاله، فكانت راحيل الرباط بين الخال وابن أخته. والبداية كانت عند البئر.

عرف يعقوب فيما بعد كيف سهّل الله له طريقه. كان قد قال في بداية المسيرة التي كانت في الأصل هربًا من أخيه: »إن كان الله معي، وحفظني في هذه الطريق التي أسلكها، ورزقني خبزًا آكله وثيابًا ألبسها، ورجعتُ سالمًا إلى بيت أبي، يكون الربّ لي إلهًا« (تك 28: 30-31). كان هذا الكلام تمنّيًا في قلب يعقوب وأملاً. فالربّ هو الذي يوجّه حياتنا، ولا سيّما حين نسير في المجهول. والربّ وجَّه الأمور كلّها لصالحه. أعطاه زوجة والأولاد العديدين. كما تملّك الماشية الكثيرة بحيث خاف من أن يحسده أخوه ويحاول أن يلقاه بالسلب والنهب على عادة ذلك الزمان، وبعد ذلك الزمان. وفي رجوعه، فهم أنّ الربّ هو الذي دبّر له حياته. فقال: الربّ، يهوه، هو لي الإله. وهناك بنى مذبحًا بشكل نصُب. وقدَّم عُشر أمواله.

نحن لا نعرف عمل الله إلاّ في النهاية، لا في البداية. في البداية، نسير في الضباب على المستوى البشريّ فلا نرى أمامنا إلاّ مسافة قليلة. ذاك كان وضع إبراهيم، حين قال له الربّ: أترك أرضك وعشيرتك وبيت أبيك. ووضعُ يعقوب الذي اهتمّ أوّل ما اهتمّ بالهرب. ولكنّ الربّ جعل من هذا الهرب انطلاقة جديدة ودعوة جديدة. وموسى هرب من فرعون، فإذا هو يلتقي بالربّ في سيناء ويسمع نداءه: إذهب وخلّص شعبي.

البئر محطّة في حياة الإنسان. يرتاح عندها، يشرب من مائها، ولكنّه لا يتوقّف عندها. فغاية موسى لم تكن بئرًا يقيم بقربها، ولا غاية يعقوب. لو كان الأمر كذلك، لشابه العبرانيّين الخارجين من مصر، والذين ساروا بعض المسيرة في برّيّة سيناء القاحلة: أين الماء وهم يكادون يموتون عطشًا.

الطعام اللذيذ وقد عافت نفوسهم »المنّ« الذي هو منّة من الله وعطاء. وفرحوا حين وصلوا إلى أيليم (خر 15: 27). لماذا يتابعون الطريق؟ في هذه الواحة كلُّ ما يحتاجون إليه وبوفرة. لا بئر واحد، ولا عين واحدة. بل »اثنتا عشرة عين ماء«. ونحن لا ننسى الرقم 12: رقم الكمال. كلّ ما يمكن أن يحتاج إليه الإنسان من ماء وما يتبع ذلك من خضرة. شبّهه لوط »بجنّة الله« في عدن، في موضع الماء الكثير والراحة والاسترخاء. في تلك الواحة »سبعون نخلة«. هو الرقم 7، رقم الكمال. والرقم 10 يدلّ على الجماعة الكاملة. أما كان الحاضرون قبل العنصرة »نحو مئة وعشرين« (أع 1: 15)؟ بحيث يكون مع كلّ رسول عشرة أشخاص، كما في المجامع اليهوديّة. لهذا يقول سفر الخروج: »نصب العبرانيّون هناك خيامهم« (15: 27). ولكن لا. لهذا نقرأ في بداية الفصل السادس عشر: »ورحل جميع بني إسرائيل من أيليم«. وبدأ التذمّر. فأيليم ذكّرتهم بمصر وبمائها وغناها.

3- فجاءت امرأة سامريّة (يو 4: 7)

»جاءت تستقي من ماء البئر«. حسبت نفسها أنّها ستكون وحدها. وربّما بعض النساء من بلدة سوخار. وفي أيّ حال، سلوكها لا يسمح لها بأن تخالط سائر نساء المدينة. سلوكها معروف. والنساء اعتدن أن يأتين في الصباح الباكر أو في المساء، لا في ساعة الظهيرة. ساعة مؤاتية لها. تأتي بسرعة، فتملأ جرّتها وتعود بسرعة. ولكن هذه المرأة ليست عند »بئر يعقوب« (آ 12)، بل رجل سبقها »وقد تعب من السفر، فقعد على حافة البئر« (آ 6). هو وقت الظهيرة والحرّ. وقد يكون هناك شجرة. ثمّ أيّ رجل هو ذلك الرجل؟

كيف لا يستحي أن يكلّم امرأة؟ فتلاميذه أنفسهم »تعجّبوا حين وجدوه يحادث امرأة. ولكن ما تجاسر أحد منهم أن يقول له: ماذا تريد منها؟ أو: لماذا تحادثها« (يو 4: 27).

وهذا الشاب الجالس على حافة البئر هو يهوديّ. ويُعرَف من زيّه كما يُعرف كلّ يهوديّ. فكيف يتحدّث مع امرأة سامريّة؟ أما يعرف أنّ اليهود لا يخالطون السامريّين؟ يعتبرونهم منشقّين عن الإيمان الحقيقيّ، فيستخفّون بهم ويهزأون. ويردّ السامريّون لليهود العاطفة نفسها.

وهو يريد أن يفتح حديثًا. فأرادت المرأة أن تقطع الطريق: لا كلام لك، أيّها اليهوديّ مع السامريّين. لا كلام لك أيّها الرجل مع امرأة. وهي لا تستعدّ أن تعطيه شربة ماء. إن كان السامريّون نجسين بالنسبة إلى اليهود، فاليهود نجسون بالنسبة إلى السامريّين. تلك هي الحواجز التي يجعلها شعبٌ بينه وبين شعب آخر، بين طائفة وطائفة، مذهب ومذهب، قبيلة وقبيلة. بعد أن صارت أطيافنا قبائل تحاول كلُّ منها أن تحافظ على مكانتها ومكتسباتها.

قالت رفقة لخادم إبراهيم: إشرب وأنا اسقي جمالك. أمّا هذه السامريّة فنسيت واجبات الضيافة، حيث المارّون يقدرون أن يشربوا ممَّن امتلك جرّة وحبلاً ودلوًا. وفوق هذا، هذا الشابّ، يسوع، يعدها بماء خاصّ. أين هو هذا الماء الخاصّ؟ أما يغشّها؟ ما في يده شيء به يستقي. يعقوب حفر هذه البئر فتباركت »حين شرب منها هو وأولاده« (يو 4: 12). فهل هذا الشاب أعظم من يعقوب أبينا؟ أجل، هو أعظم من يعقوب، بل أعظم من إبراهيم الذي تمنّى أن يرى يوم ابن الإنسان فما استطاع.

وأكثر من هذا. يتدخّل هذا الرجل في حياتها الخاصّة. ما له ولزوجها؟ وأكثر من هذا. سأل عنها ففهم أنها عرفت خمسة أزواج. وها هو السادس تستعدّ أن تتزوّجه. في أيّ حال، الرقم 6 هو رقم النقص فما وجدت ضالّتها، ولا راحتها. هي في الواقع تبحث، وتبحث. والحمد لله. ستجد ما تطلب مع هذا الشابّ الذي يختلف عن جميع الذين التقتهم في حياتها.

جاءت إلى البئر، فسبقها إلى هناك وكأنّه ينتظرها. رفضت أن تقدّم له ماء بسيطاً يقدَّم لكلّ عابر سبيل، فقدّم لها ماء حيٌّا. لو طلبتِ من ذاك الذي يطلب منك ماء، »لأعطاك ماء الحياة« (يو 4: 10).

عندئذٍ لن تعود تعطش. فهذا الماء الذي تملأ منه جرّتها يفرغ. وهي تُجبر أن تأتي كلّ يوم. قالت له المرأة: »أعطني من هذا الماء، يا سيّدي، فلا أعطش ولا أعود إلى هنا لأستقي« (آ 15). هي لا تعرف بعدُ عطشها الحقيقيّ. لا إلى الماء، ولا إلى الخمر الذي يُسكر ويجعل الإنسان ينسى ويضيّع شخصيّته. شراب يسوع من نوع آخر. الماء الذي يعطيه يصير في هذه المرأة، وفي كلّ مؤمن »نبعًا يفيض بالحياة الأبديّة« (آ 14).

واكتشفت السامريّة أنّ هذا الرجل هو نبيّ. جاء يوبّخها على حياتها وعلى انتقالها من رجل إلى آخر. هي لم تجد بعدُ الرجل الذي يمكن أن تسير معه مسيرتها. هي مثل سارة، زوجة طوبيّا. انتطرت حتّى جاء ذاك الذي اقتاده الملاك إلى بيت رعوئيل والد سارة. وهذه السامريّة شابهت الأرملة التي مات ابنها فحسبت أنّ إيليّا جاء يوبّخها على خطاياها. ولكنّ إيليّا أقام لها ابنها من الموت. وهكذا فعل يسوع لهذه السامريّة. وتشوّقت إليه وإلى كلامه. هو نبيّ. بل هو المسيح. وكشف يسوع لها عن نفسه: الذي يكلّمك هو المسيح. أنا هو (يو 4: 26).

وتبدّلت حياة المرأة. كانت هذه البئر محطّة تصل إليها وتحمل الماء وتعود إلى بيتها. فصارت محطّة من نوع آخر، وقدّمت ماء لا يعرفه من لا يعرف المسيح. فما الحاجة بعد إلى جرّة بعد أن صار الماء الذي جعله يسوع فيها »نبعًا يفيض بالحياة الأبديّة«؟ ومضت تحمل هذا الماء الذي يشرب منه المؤمن فلا يعود يعطش. هي التي رفضت أن تعطي يسوع شربة ماء، استعدّت أن تحمل من هذا الماء إلى جميع من في المدينة. شهدت لهم فجاؤوا معها، واستمعوا إلى يسوع. وفي النهاية قالوا: »نحن نؤمن الآن، لا لكلامك، بل لأنّنا سمعناه بأنفسنا وعرفنا أنّه بالحقيقة هو مخلّص العالم« (يو 4: 42).

الخاتمة

ذاك هو موضوع البئر في الكتاب المقدّس. موضع اللقاء بين الناس. موضع الماء الذي هو الحياة بالنسبة إلى أناس لا يجري النيل عندهم، كما في أرض مصر، أو بلاد الرافدين. وستبقى قضيّة الماء هي القضيّة. وهي الآن ما يهدّد السلام في هذا الشرق. فمن يمتلك الماء يسيطر على العطش. وكانت الآبار عديدة في هذا الشرق. ولا سيّما في المدن. قد تتشقّق فلا تحتفظ بماء، كما قال إرميا. فلماذا لا يبحث المؤمنون عن ينبوع المياه الحيّة؟ ولكن أين هو؟ هو ينبع من تحت الهيكل فيفيض نحو الشرق والغرب، كما قال النبيُّ حزقيال. وفي الواقع، هذا الينبوع الذي هو بشارة الإنجيل امتدّ نحو الشرق والغرب، بل وصل إلى أقاصي الأرض. فماذا ننتظر لنشرب منه فتكون لنا الحياة؟

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM