الخاتمة
تلك كانت مسيرتنا في هذا الكتاب الذي يدعونا لكي نكون ضيوفًا على الله، مستندين إلى رحمته وغفرانه. فهو ينسى خطايانا ويلقي في أعماق البحر آثامنا، كما قال النبيّ ميخا.
كتاب في ثلاثة أقسام. كان عنوان القسم الأوّل: خطيئة الإنسان ورحمة الله. من خطيئة داود وسليمان يتعمّم الكلام فيصل إلى كلّ إنسان، إليّ أنا الخاطئ فأطلب الطهارة والمغفرة والرحمة. وحين يطهر الإنسان يصدر عنه عمل الخير. أمّا إذا بقيَ كما هو، كان عمله شرّيرًا وبالتالي استحقّ العقاب بحيث »يحطّمه الله إلى الأبد« (مز 52: 7).
والقسم الثاني: الثقة بالله وسط عالَم شرّير. إذا كان الجميع يمضون إلى الأصنام، فلماذا لا يكون المؤمن مثلهم؟ إذا العالمُ سيطر عليه الفساد، فلماذا لا يريد الإنسان أن يكون في العالم كما العالم هو؟ إذا الصديق يخونني، فلماذا لا أخونه وأعامله بالمثل؟ إذا الآخر يعيش بحسب الغشّ والكذب، فلماذا »أتفلسف« وأكون مختلفًا عنه؟ ولكن لا، يا ربّ. تلك هي تجربة نستطيع أن نقع فيها في كلّ وقت بحيث نكون غنمًا بين الأغنام فلا نتميّز عن الذين نعيش معهم. ونسينا أنّنا نور العالم، أو كما كان يقول اليهوديّ: نور هو في الظلام، ومؤدّب الأغبياء، ومعلّم البسطاء (رو 2: 20). فأنت هو الإله العادل وتجازي كلّ إنسان بحسب أعماله، وأنت الإله الذي عليه أتّكل، لهذا أطلب الحماية لديك، يا من تتحنّن على الذين يُلقون همّهم عليك.
والقسم الثالث: السكن في جوار الله. عادةً الله هو الذي يسكن وسط شعبه. أمّا هنا فالمؤمن يطلب السكن لدى ربّه، كما الطفل قرب أمّه وأبيه. ففي الخطر لا نخاف، وفي الصعوبة لا نتضايق. وحين أتألّم أصرخ فيسمع الربّ صرختي. من بعيد أتطلّع وأنا في قلب الظلام فيطلّ عليّ النور كما من قلب النفق، فلا أستطيع إلاّ أن أشكر لله إنعامَه.
أمور عديدة تمرّ في حياتنا ونحن نصلّيها، نجعلها في قلب الله ونجعل ذواتنا معها. عندئذٍ يكون لنا منها ملء السعادة، لا لأنّ الصعوبات زالت، بل لأنّ هناك من يساعدنا على مواجهتها، الربّ الإله الذي يجعلني على »صخرة عالية« ويحميني كما »في حصنٍ منيع« (مز 61: 3 - 4).