طرد الباعة من الهيكل.

 

طرد الباعة من الهيكل

آ12. ودخلَ يسوعُ هيكلَ الله وأخرجَ جميعَ الذين يبيعون ويبتاعون في الهيكل، أي في رواق الهيكل الخارج. على الأصحّ، وهذا كان يُدعى رواق الأمم، لأنَّه كان يحلُّ للأمم الدنوُّ إليه. وقلبَ موائدَ الصيارفة. أي من يصرفون قطع معاملة كبيرة بصغيرة، أو معاملة أجنبيَّة بوطنيَّة، مع ربح من ذلك. وكراسيَّ باعة الحمام. ففي الرواق المذكور قد كان الكهنة أدرجوا بيع المحرقات التي تقدَّم على المذبح كالحمام وغيره، متناولين كميَّة وافرة من أجرة محلٍّ مناسب للربح بهذا المقدار. والتجّار المجدّون على الربح، عادلاً كان أم ظالمًا، كانوا يستظلّون بالهيكل كأنَّه مغارة، ويسلبون الفقراء بغلاء الأثمان والمكر والسرقة والربا، ولهذا دعاه المخلِّص مغارة اللصوص.

آ12. وقال لهم أن قد كُتب في نبوءة أشعيا 56: 7: إنَّ بيتي بيتُ*** الصلاة يُدعى وأنتم جعلتُموه مغارةَ للّصوص. وطَرْدُه هذا لهم غير طردِه لهم مرَّة أخرى في بداية كرازته، وقد ذكره يو 2: 14، كما قال أغوسطينوس* وفم الذهب* وغيرهما. ولم يطرد المسيحُ الباعةَ من الهيكل نهار الأحد يوم دخوله أورشليم، بل النهار التالي أي يوم الاثنين، ومتّى، طلبًا للاختصار، جمع أعمال يوم الأحد مع أعمال يوم الاثنين. وارتأى البعض، منهم أغوسطينوس* كما ذكر ملدوناتوس*، أنَّ مرقس لم يحفظ النظام، وأنَّ ذلك حدَثَ نهار الأحد، والبعض أنَّ الطرد حدَثَ مرَّتين نهار الأحد ونهار الاثنين. ومن العجب أنَّ إنسانًا فقيرًا كما كان المسيح يعطِّل كلَّ هذه الأرباح ولا يقاومه أحد. ولذا ارتأى إيرونيموس* أنَّ هذا كان من عجائب المسيح.

آ14. وقدَّموا إليه في الهيكل عرجًا وعميانًا فشفاهم. ليبيِّن بهذه العجائب أنَّه الماسيّا ابن الله، وبالتالي أنَّه يحقُّ له ما حصل من الاحتفال والهتاف.

آ15. ولمّا شاهدَ رؤساءُ الكهنة والفرّيسيّون ما صنعَه منَ الآياتِ والأطفالَ تصرخُ في الهيكل، لأنَّ يسوع مضى أوَّلاً إلى الهيكل، قائلين: أوشعنا لابن داود، تذمَّروا حسدًا من مجد المسيح، ولأنَّه غثَّ عليهم طرد الباعة من الهيكل وتعطيل أرباحهم.

آ16. قائلين له: أما تسمعُ ما يقولُه هؤلاء؟ فأجابهم يسوع: نعم أما قرأتم أنَّه من فمِ الأطفالِ والرضعان أصلحتَ سبحًا؟ يعني أنَّ التسبيح الاحتفاليّ، الذي كان يلزم البالغين تأديته لك، قد اهتممتَ بإصلاحه وإعداده من أفواه الأطفال، وكأنّ المخلِّص يقول: إنَّ التسبيح الذي كان يلزمكم أداؤُه يؤدِّيه هؤلاء الأطفال. ذهب القدّيس إيلاريوس* ومؤلِّف التأليف الناقص أنَّ المراد بهؤلاء الأطفال الصبيان، القادرون على النطق والتكلُّم. والأحقُّ ما ارتأى فم الذهب* وأوتيميوس* وتاوافيلكتوس* أنَّ هؤلاء كانوا أطفالاً حقيقة غير قادرين على النطق طبعًا، كما صرَّح بذلك هنا. ولهذا زاد لو 19: 40: إن صمَتَ هؤلاء تنطق الحجارة. ويُشار بذلك إلى أنَّ الأطفال تحرَّكوا إلى هذا بأعجوبة. وقد ورد في مز 8 المأخوذة منه هذه الآية. من أجل أعدائك. يعني لإخزاء مبغضيك الكتبة والفرّيسيّين أعظمَ خزي. لكنَّ المخلِّص صمت عن ذلك احتشامًا ودفعًا لزيادة غيظهم.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM