يسوع وضريبة الهيكل.

 

يسوع وضريبة الهيكل

آ23. ولمّا جاؤوا إلى كفرناحوم أتت جباةُ درهمَي جزيةِ الرأس. وهذه الجزية قد كان الله أمر في خر 30: 13 أن يؤدّيها كلُّ ابن عشرين سنة فصاعدًا، وكلُّ ما صار عدد الشعب الإسرائيليّ. لكنَّ اليهود أدرجوا عادة أن تُوفى كلَّ سنة للنفقة على لوازم الهيكل. وذكر يوسيفوس* في ك 18 في القدميّات رأس 12 أنَّ اليهود المسبيّين في بابل كانوا يجبونها هناك، ويرسلونها إلى الهيكل في أورشليم. إلاّ أنَّ الجزية المحكيّ عنها هنا، لم تكن مقدَّسة بل عالميَّة. وهذا يظهر من قول المسيح لبطرس في الآتية التالية: ملوك الأرض ممَّن يأخذون جزية الرأس؟ فكانت تؤدّى للرومانيّين أو لهيرودس أنتيباس، الذي كانوا أقاموه ملكًا على الجليل. وأصل ذلك أنَّ هيركانوس الحبر وأريستوبولس كانا قبل ميلاد المسيح بمدَّة وجيزة يتنازعان الحبريَّة والملك، وحكَّما بومبايوس الرومانيّ فحكم لهيركانوس، فتعصَّب الأورشليميّون لأريستوبولس  وقاوموا هيركانوس. فاستحوذ بومبايوس بهذا السبيل على أورشليم، وأخضعها وكلَّ اليهوديَّة للرومانيّين، وفرض جزية سنويَّة كما روى يوسيفوس* ك 14 رأس 8. وكان اليهود يؤدّونها إلى أن عصت أورشليم، ثمَّ استفتحها فسبسيانوس ونقض الهيكل. وقد نشأت في زمان المسيح شيعةُ الجليليّين الذين كانوا يُنكرون على قيصر كلَّ جزية وولاية، فأفضى ذلك إلى اجتياح فسبسيانوس اليهوديَّة. وقد اتُّهِم المخلِّص ورسلُه بهذه الشيعة لأنَّهم جليليّون، ولذا أدَّى الدرهمين هنا، وأمر بأداء الجزية لقيصر (22: 21). فجباة الدرهمين أتَوا إلى بطرسَ وقالوا له: أمعلِّمُكم لا يُؤدّي الدرهمين؟ فلم يجسر الجباة أن يطالبوا المسيح بها، لشهرة قداسته وتعليمه وعجائبه، فسألوا بطرس خشية أن يكون المسيح معفًى منها بإنعام ما.

آ24. فأجابهم. بطرس: نعم، لمعرفته بأنَّ المسيح يؤدّي الدرهمين من عادته أن يؤدِّيهما في السنين السابقة. ولمّا دخلَ بطرسُ البيت تقدَّمَهُ يسوع بالخطاب وعرف فكره، وهذا كان أعجوبة من باب علم الغيب. وقال له: ماذا تظنُّ يا سمعان، ملوك الأرض ممَّن يأخذون المكس وجزية الرأس؟ أمِن أبنائهم أم مِنَ الغرباء؟ يعني المسودين الذين ليسوا بأبناء. كذا فسَّر فم الذهب*.

آ25. فأجاب سمعان: من الغرباء. فقال له يسوع: فالأبناء إذًا أحرار. كأنَّه يقول: إنَّ أبناء الملوك وعيالهم مُعفَون بموجب الناموس من كلِّ جزية. وإذا كان أبناء الملوك كذلك، فكم بالأحرى أكون أنا ابن ملك الملوك، ورسلي، أحرارًا من أداء كلِّ جزية يفرضها ملوك الأرض على مسوديهم. كذا فسَّر مار إيرونيموس*. إلاَّ أنَّه لا يتلخَّص من هنا ما زعمه البعض من علماء الناموس القانونيّ، أنَّ الإكليريكيّين أجمع مُعفَون بذات الناموس الإلهيّ من أداء كلِّ جزية، لكونهم أبناءً لله بالذخيرة، وإلاّ لكان جميع المسيحيّين مُعفَون من ذلك، كما يزعم الأراطقة ناكرو معموديَّة الأطفال. وهذا ينافي ما قاله الرسول في روم 13: 7: "أدُّوا لمن تجب له الجزية جزيته". ولكن قد أحسن الملوك العالميّون أن أعفَوا الإكليريكيّين وفقًا لقول المسيح هذا، من كلِّ جزية، لأنَّهم من خواصّ المسيح وبمنزلة بنين له. كذا ارتأى مار إيرونيموس* وغيره. ولكن لئلاَّ نشكِّكَهم، إذ يظهر للجباة أنَّنا نحتقر طيباريوس قيصر لأنَّه وثنيّ، ونائبى أداء الجزية له وولايته، وبالتالي نهيِّج اليهود عليه.

آ26. امضِ إلى البحر وألقِ الشصَّ فأوَّلُ حوتٍ يصعدُ افتَحْ فاهُ تجِدْ فيه إستيرًا خذْه وأعطِهِ عنّي وعنك. الإستير كان يساوي أربعة دراهم. وأمّا باقي الرسل فكان يؤدّي ما عليهم، إمّا يهوذا العشّار في اليهوديَّة، وإمّا أصدقاؤهم الأغنياء. أو لم يُطلَب منهم لأنَّهم لم يعتبروهم من كفرناحوم. وهذا الإستير كان المسيح أعدَّه بواسطة ملاك، ليجده بطرس في فم أوَّل حوت يصطاده. والمسيح بدفعه الدرهمين عنه وعن بطرس وحده، أظهر أنَّه رئيس الرسل، ولذا شرع الرسل يتحاورون عمَّن هو العظيم بينهم، كما في مبادئ الفصل التالي. كذا فسَّر أوريجانوس* وفم الذهب* وغيرهم.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM