تقديم

تقديم

هذا الكتاب يتضمّن المحاضرات التي تُليت في المؤتمر الكتابي الرابع الذي عُقد في سيدة البير، في 22- 28 كانون الثاني (يناير) سنة 1995. كان موضوعه: "أعمال الرسل عنصرة كل العصور". وشعاره: "تكونون لي شهوداً إلى أقاصي الأرض".
حضر هذا المؤتمر أشخاص جاؤوا من موريتانيا والجزائر والسودان ومصر والأراضي المقدّسة وسوريا والعراق ولبنان. كان بينهم الأسقف والكاهن، والراهب والراهبة، والعلماني والعلمانية. كان فيهم أساتذة يدرّسون الكتاب المقدّس، ومنشّطون ومنشّطات في حقل الرعاية البيبلية، وأشخاص يهمّهم التعرّف إلى غنى الكتاب المقدّس ولا سيّما أعمال الرسل. كل واحد أعطى خبرته وجعل موهبته في خدمة الآخرين.
بعد اليوم الإفتتاحي انقسمت أيام الأسبوع ثلاثة أقسام. بعد الصلاة الصباحية النابعة من تراثنا الليتورجي وسفر الأعمال، كانت هناك كل يوم أربع محاضرات مع فترتين للحوار والأسئلة. بعد الظهر، عرضت الطريقة السردية والطريقة البلاغية والطريقة الروحية في قراءة الكتب المقدّسة والتأمّل فيها. وتبع هذا العرض حلقات تطبيقية حول نصوص من أعمال الرّسل. والقسم الثالث الذي كان ينهي النهار بقداس، فقد أعطانا "معلومات" عن العمل الكتابي في بلداننا وفي وثائق الكنيسة.
جوّ هذا المؤتمر كان جواً عابقاً بالإيمان وبحرارة المحبّة التي جمعت المشاركين بعضهم ببعض، فخلقت مناخاً من الألفة والصداقة لن ينساها سريعاً كل من عاش معنا خلال هذا الأسبوع المبارك. عاش يقرأ ويصغي ويصلّي ويتأمّل. فأهمّ شيء ليس أن نتعلّم، وإن كنّا حاولنا أن نقدّم معلومات. أهم شيء أن تصبح الكلمة قريبة من أفواهنا وقلوبنا، فنردّدها على شفاهنا ونتذوّقها في قلوبنا قبل أن تصبح عملاً في أيدينا وفي حياتنا. هل يستطيع الكتاب أن يعطي القارئ هذا الغنى الداخلي الذي سيطر على المؤتمر الكتابي الرابع؟
ومع ذلك، ها نحن نقدّم المحاضرات التي قيلت. ونأسف للتي لم تُقال وكنا انتظرناها أقلّه كي نطبعها. ولكن.... وتمنّى الأب فلدكمبر مقالاً عن الصلاة في أعمال الرسل. كما تمنّى غيره مواضيع حول وضع اليد والخدم. حاولنا أن نلبّي هذه الحاجات، ونحن نرجو أن يكون الكتاب شاملاً فيؤلف مع تفسير أعمال الرسل (الذي نشرته الرابطة الكتابية سنة 1994) أداة تساعد المؤمنين على الولوج إلى هذا السفر الذي هو امتداد للإنجيل الثالث الذي حمل كلمة الله إلى أقاصي الأرض.
لولا مساعدة الشبيبة النمساوية لما عُقد هذا المؤتمر. ولولا مساعدة العمل الكتابي الإلماني (شتوتغارت) لما طُبع هذا الكتاب، ولما كان طُبع كتاب الأناجيل الإزائية. فلهم شكرنا العميق. وشكرنا إلى راهبات الصليب وإستقبالهن المعتاد. وإلى "تلالوميار" (تلفزيون النور) وإلى صوت المحبة اللذين واكبا المؤتمر خلال إنعقاده قبل الظهر وبعد الظهر. وشكرنا أيضاً إلى جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة التي هيّأت لهذا المؤتمر ورافقته وما زالت تتحدّث عنه، كما عن العمل الكتابي في هذا الشرق العربي، بل في العالم كله. وشكرنا للآب لودجر فلدكمبر الأمين العام للرابطة الكتابية. وشكرنا الأخير إلى كل الذين عملوا في الخفاء من أجل تنظيم هذا المؤتمر ليكون حقاً عيد كلمة الله في لبنان وفي العالم العربي.
وإلى مؤتمر خامس يعقد سنة 1997 يكون موضوعه سفر الرؤيا: سنجد فيه جواباً حول تساؤلاتنا في عالم يشبه إلى حد بعيد عالم سفر الرؤيا بما فيه من ضيق على المؤمنين وضلال على مستوى التعليم والتفسير. وأمام الأزمنة الأخيرة التي نعتبرها قريبة فنعيش الخوف لا الرجاء والقلق لا إرتياح المؤمن الذي يستند إلى أمانة الله. كم نحن بحاجة إلى درس سفر الرؤيا الذي يعلّمنا قراءة التاريخ الحاضر على ضوء كلمة الله فنكتشف إرادة الله في حياتنا اليومية وفي عالم يحتاج إلى وقت طويل قبل أن يصل إلى النهاية. فلا بدّ أن "يبشّر بإنجيل الملكوت هذا في المسكونة كلّها، شهادة لجميع الأمم. وعندئذ يكون الإنتهاء" (مت 23: 14).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM