الناصرة لا تستقبل يسوع.

 

الناصرة لا تستقبل يسوع

آ53. وكان لمّا أكملَ يسوع هذه الأمثلة انتقل من هناك، أي من البيت الذي في كفرناحوم، ليُنذر الإنجيل في غيرها من المدن والقرى.

آ54. وجاء إلى مدينته، لا بيت لحم حيث وُلد، لأنَّها بعيدة كثيرًا عن كفرناحوم، بل الناصرة حيث حُبل به وتربّى كما أوضح لو 4: 16. وكان يعلِّمهم في مجامعهم، أي في الاجتماعات التي كانت تصير في مجامعهم أيّام السبوت، كما تصير عندنا في الكنائس أيّام الآحاد. حتّى بُهتوا قائلين: من أين لهذا هذه الحكمة والقوّات؟ أي العجائب. وفي العربيَّة القديمة: القوَّة أي القوَّة على فعل العجائب.

آ55. أما هذا هو ابن النجّار؟ وروى مر 6: 3 أليس هذا هو النجّار؟ فإذًا يظهر من هنا أنَّ المسيح كان نجّارًا، أي ساعد يوسف في مباشرة صناعة النجارة. وارتأى إيلاريوس. وأمبروسيوس* أنَّه كان حدّادًا. وارتأى هوغو* أنَّه كان حجّارًا أو صائغًا. على أنَّ فم الذهب* ومار توما* وكثيرين ارتأَوا أنَّه كان نجّارًا يشتغل بآلات الفلاحة وما أشبهها، ولذا كرَّر ذكرها والتمثيل بها في كلامه. وروى زوزومانوس* أنَّ نصرانيًّا سأله وثنيّ ساخرًا: ماذا يصنع ابن النجّار، فأجابه بحذاقة: إنَّه يصنع نعشًا ليوليانوس. وقد قتل يوليانوس بُعيد ذلك. وأنكر بعضهم أنَّ يسوع باشر حرفة النجارة، وارتأَوا أنَّه عاش منفردًا متفرِّغًا للصلاة والصوم إلى سنة 30 من عمره. أليس أمُّه تُدعى مريم وإخوتُه يعقوب ويوسى وسمعان ويهوذا؟ يظهر على الأصحّ أنَّ هؤلاء الأربعة إخوة، وأنَّ أمَّهم هي مريم إكلاوبا أي مريم حلفى.

آ56. أليس أخواتُه كلُّهنَّ عندنا، فمن أين له هذا كلُّه؟ قد دعا إيوليطوس* (كما روى نيكوفوروس* في ك 2 رأس 3) أخوات يعقوب ويوسي أستير وتامر. وراجعْ في مت 12: 46 وفي لو 3 بشأن من يسمَّون هنا إخوة المسيح وأخواته.

آ57. وكانوا يشكُّون به أي أنَّ أهل مدينة الناصرة اتَّخذوا سبيلاً إلى الشكّ والعثرة به من مولده الفقْريّ وأقاربه الفقراء، ولم يكونوا يؤمنون بأنَّه الماسيّا. أمّا يسوع فقال لهم: لا يُهان نبيّ، أي معلِّم بالأمور المقدَّسة ولا يُحتقَر ويُعدَم الاعتبار إلاّ في مدينتِه وبيتِه، أي من أهل مدينته وأقربائه. فإنَّ المعاشرة والدالَّة تُفضيان إلى قلَّة الاعتبار، ويُهاب الغريب أكثر من الوطنيّ، ولا يدع الحسد من كان أمس مساويًا يصير اليوم متقدِّمً، والحاسد يعتبر مجد محسوده خزيًا له، كما قال تاوافيلكتوس*.

آ58. ولم يصنع هناك قوّاتٍ كثيرةً لعدمِ أمانتِهم. وقرأت العربيَّة: لقلَّة إيمانهم. فهذه جعلتْهم غير أهل للعجائب. وقال فم الذهب*: لم يصنع هناك قوّات كثيرة لئلاّ يزيد عقابهم. فمن يرَ عجائب كثيرة ولا يؤمنْ بها، يكُنْ إثمُه أثقل من إثم من يرى عجائب قليلة.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM