مثل الزارع.

 

مثل الزارع

آ3. وكان يكلِّمُهم كثيرًا بالأمثال، بحسب عادة أمَّتهم وعصرهم، قائلاً: ها هوذا خرجَ الزارعُ لِيزرَعَ. حسنًا يشبِّه المخلِّصُ الإنذار والتعليم الإنجيليّ بالزرع والحصاد، فالحصاد الجسديّ يلزمه البذار والأرض والشمس والأمطار والأرياح. وكذا الحصاد الروحيُّ يلزمه البذار أي كلمة الله والإنجيل والإنذار به، ثمَّ الأرض أي حرّيَّة السامع، والشمس أي النعمة السابقة والمنيرة، والأمطار أي النعمة الحافظة والمحرِّكة إلى حركات الحرِّيَّة الصالحة، والأرياح أي التجارب التي بتحريكها المؤمن تزيده تأصُّلاً وقوَّة في الفضيلة، كما تفعل الأرياح بالزرع. والمقصود بهذا المثل أن يوضح المخلِّص أنَّه هو زارع التعليم الإنجيليّ في ضمائر الناس، الذين هم مع ذلك غير متساوين بالإتيان بالثمرة. فليس كلُّ من يسمعون الإنجيل يقبلونه ويؤمنون به، وهو لا يشبِّه الإنذار لهم بالبذار الذي يسقط على قارعة الطريق ويُداس فلا ينبت. وليس جميع الذين يؤمنون يثبتون بالإيمان، وهو لا يشبِّه الإنذار لهم بالبذار الذي يقع في أرض محجّرة. وليس كلُّ من يثبتون بالإيمان يأتون بثمرة الأعمال الصالحة، وهو لا يشبِّه الإنذار لهم بالبذار الذي يقع بين الشوك فلا يعطي غلَّة لخنق الشوك له. وأمّا البذار الذي سقط في أرض جيِّدة فيزيد به التعليم الذي تُنذر به نفس صالحة فتقبله، وينمو بها ويثمر في بعضها أكثر وفي بعضها أقلّ، أي ثلاثين وستّين ومئة. إمّا لزيادة التعليم والتنوير السماويّ وفيضان النعمة، وإمّا لزيادة سعي الاختيار المعتوق مع النعمة. فهذه خلاصة المثل كلِّه، وسيجيء تفسير المخلِّص له.

آ4. وفيما هو يزرعُ سقطَ البعضُ من البذار على قارعةِ الطريقِ، فجاء الطائرُ فأكلَه. قال رابانوس*: يراد بالطريق العقل المطروق بالأفكار الرديئة، فهذا لا يقبل التعليم الإنجيليّ لأنَّه يضادّ شهواته المعتادة.

آ5. والبعضُ سقطَ على صخرةٍ، وإذ لم يكنْ هناك ترابُ كثيرٌ نبَتَ حالاً لعدَمِ عُمقِ الأرض.

آ6. فلمّا أشرقَتِ الشمسُ لفحتْهُ، لنقص الرطوبة من قلَّة التراب وزيادة حرارة الشمس، ثمَّ يبسَ لأنَّه لا أصلَ له.

آ7. والبعضُ سقطَ بين الشوك فصعدَ الشوكُ عليه وخنقَه.

آ8. والبعضُ سقطَ في أرضٍ جيِّدة فأثمرَ بعضٌ مئة وبعضٌ ستّين وبعضٌ ثلاثين، بحسب جودة الأرض وشغلها، ويراد بالأرض الجيِّدة الضمير الأمين والنقيّ.

آ9. مَنْ له أذنان لِيسمعَ فَليسمَعْ. ينبِّه السامعين إلى الإصغاء بهذا القول الذي استعمله مرارًا في الأمور المهمَّة كما تقدَّم (11: 15)

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM