إسألوا تُعطَوا.

إسألوا تُعطَوا.

 

آ7. اسألوا تُعطَوا. اطلبوا تجدوا. اقرعوا يُفتَحْ لكم. إنَّ المسيح يرجع هنا إلى كلامه في الصلاة ويحرِّض على المواظبة عليها فيقول: اطلبوا بالصلاة إلى الله ما علَّمتُكم حتّى الآن أنَّه ضروريّ لكم، لكنَّه عصر وصعب لاسيَّما ما عيَّنت لكم طلبه في الصلاة الربِّيَّة السابق ذكرُها في الفصل السابق. فإنَّ لو 11: 9 من بشارته علَّق هذه الآية بالصلاة الربِّيَّة. واسألوا واطلبوا واقرعوا بمعنًى واحد وهو الطلب بجدٍّ وحرارة وثبات. فإنَّ "اسألوا" يشير بها إلى الثقة الضروريَّة في الصلاة؛ و"اطلبوا" يشير بها إلى الرغبة والجدّ؛ و"اقرعوا" يشير بها إلى الثبات في الصلاة. فيريد إذًا أن نصلّي بثقة وجدٍّ وثبات. كذا فسَّر مار أغوسطينوس* الذي قال مع ذلك في ك2 في خطبة الربِّ في الجبل رأس 33: إنَّ قوله "اسألوا" يلاحظ فتح باب السماء. وقال في ك1 من ارتجاعاته رأس 19: إنَّه يفهم بكلِّها شيئًا واحدًا وهو الطلب بلجاجة. وقال بعضهم إنَّ المعنى: اسألوا بالإيمان واطلبوا بالرجاء واقرعوا بالمحبَّة.

آ8. لأنَّ كلَّ من يسأل الله أمرًا مفيدًا لخلاصه يثقة وجدّ يأخذ، أي ينال ذلك الأمر. ومَن يطلبْ يجِدْ ومَن يقرَعْ يُفتَحْ له، أي كلُّ من طلب شيئًا بالشروط المتقدِّم ذكرُها لا محالة أنَّه ينال ما يطلب، إذا لم يكن حالاً، فبوقت مناسب؛ وإذا لم يكن بنوع مطلوبه، فبنوع سامٍ، أي ينال أمرًا أحسن منه.

آ9. أيُّ رجلٍ منكم يسألُه ابنُه خبزًا، هل يقدِّمُ له حجرًا؟

آ10. أو يسألُه سمكةً، هل يدفعُ له حيَّة؟ إنَّ المخلِّص أردف قوله السابق بهذا القول ليزيدنا ثقة بنوال ما نسأله إيّاه، وأعقب ذلك منتجًا بقوله:

آ11. إذا كنتم أنتم الأشرار، من قبل الميل الطبيعيّ إلى الخطيئة لانفساد الطبيعة بها ومن قبل الإرادة الخاصَّة، تعرفون أن تعطوا أبناءكم العطايا الصالحة، فكم بالحريّ أبوكم الذي في السماوات أن يعطيَ الخيراتِ لمَنْ يسأله؟ يظهر من هذه الآية أنَّ هذا الكلام كان للشعب لا للرسل وحدهم، لأنَّ الرسل كانوا صالحين، وكان بين الشعب خطأة كثيرون، فلهؤلاء يقول: إذا كنتم أنتم الأشرار إلخ.

آ12. مهما تريدون أن يفعلَه الناسُ بكم فافعلوه أنتم بهم. فكأنَّه يقول إنَّ ما قلته مشتَّتًا حتّى الآن في محبَّة القريب وإعطاء الصدقة يضمُّه المبدأ الطبيعيّ والأدبيّ، وهو أنَّ ما تريد أن يفعله الناس بك فافعله بغيرك، وما لا تريد أن يفعله بك فلا تفعله بغيرك. ويُفهم به: ما تريده أو لا تريده باستقامة وجواز. وقوله: فهذا هو الناموسُ والأنبياء، يريد بالناموس به أسفار موسى الخمسة، وبالأنبياء باقي أسفار العهد العتيق بحسب تقسيم اليهود كما مرَّ في 5: 17. والمعنى: هذا هو ما يأمر به الناموس والأنبياء بوصايا عديدة. ولم يقل المسيح "الناموس كلَّه"، لأنَّ الناموس يأمر أيضًا بمحبَّة الله قبل كلِّ شيء، وهذا المبدأ المذكور هنا يلاحظ القريب فقط. ويمكن هذا المبدأ أن يعمَّ محبَّة الله أيضًا، لأنَّ محبَّة القريب تتضمَّن محبَّة الله إذ يحبُّ القريب لأجل الله.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM