الزنى والشكوك.

 

الزنى والشكوك

آ27. قد سمعتُم ما قيل، وزادت اللاتينيَّة "للأوَّلين": لا تزنِ.

آ28. وأنا أقول لكم إنَّ كلَّ مَنْ نظرَ إلى امرأة ليشتهيَها فقد زنى بها حالاً في قلبِه. يعني من نظر إلى امرأة ليلذَّ نفسَه بالشهوة المضطرِمة فيه نحوها فقد زنى زناءً فكريًّا. وليس الكلام هنا في الحركات الأولى أوَّليًّا (كما يسمِّيها علماء الذمَّة) والغير الاختياريَّة كما وهم كلفينوس*، لأنَّ هذه الحركات ليست تحت سلطة الإنسان وبالتالي ليست خطايا. بل يفنِّد المسيح هنا ثلاثة أضاليل كان الكتبة والفرّيسيّون يقولون بها: الأوَّل أنَّ الشهوة الباطنة ليست بخطيئة بل الخطيئة تقوم بالفعل الخارج كاللمس والتقبيل والكلام الدنس. وكان يوسيفوس* المؤرِّخ اليهوديّ تابعًا هذا الضلال، إذ قال في ك 12 رأس 13 في القدميّات: "إنَّ إرادة النفاق وحدها وعدم إكماله لا يُبان أنَّها شيء يستحقُّ العقاب". الثاني، أنَّ خطايا الشهوة نحو امرأة رجل آخر ليست هي وفعل الفسق من نوع واحد ضدَّ الوصيَّة السادسة من الوصايا العشر بل تختلف نوعًا، لأنَّ خطايا الشهوة هي من نوع آخر ضدَّ الوصيَّة التاسعة فقط الناهية عن الاشتهاء. الثالث، أنَّ الوصيَّة التاسعة المذكورة تنهى عن اشتهاء امرأة رجل آخر لا عن اشتهاء امرأة لا زوج لها. فهذه الأضاليل فنَّدها المسيح بقوله المذكور مبيِّنًا أنَّ هذه الوصيَّة تنهى عن كلِّ شهوة باطنة أو ظاهرة لأيَّة امرأة كانت. وما قاله عن النظر يفهم به أيضًا سماع الكلام القبيح المهيِّج إلى الزنا والافتكار القبيح دون سبق النظر واللمس أيضًا.

آ29. إن شكَّكتْك عينُك اليمنى فاقلعْها وألقِها عنك، لأنَّه خيرٌ لك أن يَهلكَ أحدُ أعضائِك ولا يسقطُ جسدُك كلُّه في جهنَّم.

آ30. وإن شكَّكتْكَ يدُكَ اليمنى فاقطعْها وألقِها عنك لأنَّه خيرٌ لك أن يَهلكَ أحدُ أعضائِك ولا يسقطُ جسدُك كلُّه في جهنَّم. إنَّ هذا الكلام مثلٌ يعبَّر به عن وجوب الفرار من كلِّ ما يُغرينا إلى الإثم ولو كان ضروريًّا لنا كالعين أو اليد اليمنى. ارتأى فم الذهب* في ميمر 17 أنَّه يريد بالعين اليمنى واليد اليمنى المرأة المشغوف بها كما تقدَّم في الآية السابقة. وارتأى أغوسطينوس* في ك1 في خطبة الربِّ في  الجبل أنَّه يُفهَم بذلك الصديق والخادم. وذهب إيلاريوس* وتوافيلكتوس* وغيرهما أنَّه يُفهَم بذلك الأهل والمعارف. والأصحّ أنَّه يراد بذلك العين واليد حقيقة لكن على سبيل المثل. فهذه استعارة مأخوذة ممّا يصير بالأعضاء الماوفة فكأنَّه يقول: كما أنَّ الماوفة أعضاؤهم يطلبون من الجرّاح أن يحسم العضو الماوف إذا نشأ منه خطر على الجسم كلِّه ولو كان ذلك العضو شريفًا جدًّا، هكذا أنا أنبِّهكم أن تقطعوا بكلِّ رغبة ونشاط حجج الخطأ وأسبابه التي هي عثرات للنفس، مثلاً: الرفقات الرديئة والمناظر المخطرة واللمس والكلام المحرّمين أو تكبحوها بشدَّة (ولو أصحب ذلك ألم وخسائر) حتّى تصيروا كأنَّكم خالون منها. ولا يُفهم بذلك قطع هذه الأعضاء حقيقيَّة. فالكنيسة حرَّمت إخصاء أوريجانوس* لنفسه حقيقة.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM