الفصل الثاني والعشرون: الرجل والمرأة.

 

الفصل الثاني والعشرون

الرجل والمرأة (25: 1 - 26: 18)

1- المقدّمة

بدأ الكاتب فحدّد الموضوع العامّ الذي هو التناسق بين الزوجين (25: 1). ثمّ تحدّث عن الزوج الصالح وعن الزوج الطالح (آ 2 - 11). وتوقّف عند المرأة الرديئة والمرأة الصالحة (25: 13 - 26: 18) التي ترتبط صورتُها بصورة الحكمة (24: 1ي).

هناك عطايا تحمل السعادة: زواج صالح مبارك، وزوجان يعيشان مثل هذا الزواج. وما لم نجمعه في شبابنا لا نستطيع أن نقتنيه في شيخوختنا. فنحن لا ننتظر نهاية حياتنا لاقتناء الحكمة والفضيلة. وإن كانت السعادات عديدة، فسعادة السعادات هي الحصول على الحكمة.

ومن كلام عن الحكمة نصل إلى المرأة التي تكون فاضلة أو شرّيرة. فالشرّيرة لا يمكن العيش معها. هي أخطر من الأسد والأفعى. وتأتي الويلات للرجل. فهي تحمل إليه الشقاء. تلك كانت لوحة سوداء. ولكن هناك المرأة الفاضلة التي هي أعظم هديّة.

2 - نظرة إلى النصّ

آ 1. الزوج الصالح والزوج الطالح. السعادة هي تناسق في الحياة بين الزوجين. أمّا الزوج الطالح فشيخٌ ترك الأمانة الزوجيّة، في اليونانيّ: »أتزيّن بثلاثة أشياء وأتجمّل أمام الربّ والبشر«. قال السريانيّ: »ثلاثة أمور اشتهت نفسي، وهذه لائقة قدّام الله وقدّام البشر«. ليست الحكمة هي التي تتكلّم، بل الكاتب.

آ 2. التكبّر بغيض لدى الله (10: 7)، ولا سيّما لدى الفقير. فالفقر يعلّم التواضع، والكذب بشع ولا سيّما عند الغنيّ الذي لا حاجة له أن يعتذر بسبب ضعفه وفاقته.

آ 7. تسعة سعداء بل عشرة: من يفرح بأولاده... من يتزوّج امرأة فهيمة.

آ 8أ. يضيف السريانيّ (وهكذا يكون العدد عشرة): »لا يُفلَح بثور وحمار« (لا 19:19؛ تث 22: 10). وهذا ما نقرأ أيضًا في النصّ العبريّ.

آ 9. السريانيّ: طوبى لرجل وجد صديقًا. تحدّث اللاتينيّ عن صديق حقيقيّ.

آ 11. مخافة الربّ. رج 1: 11. تضيف المخطوطات اليونانيّة آ 12: »مخافة الربّ أصل محبّته، والإيمان به أصل التعبّد له«.

آ 13. هنا يبدأ الكلام عن المرأة الشرّيرة.

آ 15. لا رأس (ر و ش في العبريّ: يعني الرأس والسمّ). لهذا نقول: لا سمّ أمرّ من سمّ الحيّة (مع السريانيّ). غضب المرأة. كذا في السريانيّ. في اليونانيّ: غضب عدوّ.

آ 17. »شرّ المرأة يعتّم مرأى الرجل، ويجعل وجهه أسود كالدبّ«. في السريانيّ: كلون كيس أسود.

آ 18. يهرب. بل يجلس (ي ت ب. في السريانيّ. في العبريّ: ي ش ب)، يجلس إلى المائدة مع رفاقه، لا في بيته.

آ 19ب. كذا في السريانيّ. أو: لتكن لإنسان خاطئ فيعاملها معاملة قاسية.

آ 21. لا يبحث الإنسان في المرأة عن الجمال ولا عن الثروة. بل عن الفضيلة، وإلاّ سوف يسقط.

آ 22. الغضب. في السريانيّ: عبوديّة قاسية. النصّ العبريّ مشوَّه.

آ 23. هذا ما يدلّ على الملل واليأس، على انحطاط جسديّ وخلقيّ. لا يستطيع الرجل بعدُ أن ينتظر شيئًا.

آ 24. هي الخطيئة الأولى (تك 3: 6) حيث بدأت المرأة فأدخلت مع زوجها الموت. رج 1 تم 2: 14 (أغوى المرأة). في روم 5: 12؛ 1 كور 15: 21 - 22، الرجل هو المسؤول.

آ 25. قد تكون البئر مشقّقة. أضاف السريانيّ: »كمخرج ماء يمضي ويفيض، هكذا المرأة الشرّيرة تمضي وتخطأ«.

آ 26. حسب إرادتك. حسب إشارة يدك. طلّقْها. أو اقطعْها من لحمك (يصير الاثنان لحمًا واحدًا، تك 2: 24).

26:1. الزوجة الصالحة سعادة لزوجها. فالسعادة ينبوع صحّة. أو امرأته تعتني به، تجعله يسمن كما في العبريّ.

آ 4. »قلبه طيّب في كلّ وقت« (سريانيّ).

آ 5. هنا يعود ابن سيراخ إلى الكلام عن المرأة الشرّيرة، بعد كلام سريع عن المرأة الصالحة.

آ 6أ. هي امرأة تغار من ضرّتها. من زوجة الرجل الثانية. رج تث 21: 15 - 17.

آ 8. أو: ستر عريها. رج خر 16: 8.

آ 12. صورة واقعيّة تدلّ على امرأة تستعدّ لأن تستسلم لأوّل عابر سبيل.

آ 13. يمتدح الكاتب المرأة الكاملة.

آ 16. السريانيّ: كالشمس تشرق في فلك السماء، هكذا جمال المرأة الصالحة في مجلس بيتها.

آ 17. كالسراج. هو من ذهب، وُضع في الهيكل. رج 1 مك 1: 21؛ 4: 49 - 50. نقرأ في السريانيّ: »كالسراج الذي ينير على منارة القدس، جمالُ المرأة في مقام بيتها«.

آ 18. هنا ترد آيات نقرأها في السريانيّ وفي بعض المخطوطات اليونانيّة. (19) يا ابني، احترس في زمن صباك، ولا تعطِ للغرباء ميلك. (20) أطلب حصّتك سهلاً صالحًا في كلّ أرض، لتزرع زرعك متّكلاً على مولدك. (21) هكذا تكون غلاّتك ولا يكون نسلك (22) المرأة الزانية (جيرتا) تحسب كلا شيء. فمرأة الرجل قلعة موت تُحسَب لمن يتعلّق بها (23) المرأة الشرّيرة تُوهَب حصّةً لرجل الإثم، والمرأة البارّة توهب لمن يخاف الله. (24) المرأة بلا خجل تبلى في العار، والبنت الخفرة متحفّظة حتّى مع زوجها (25). المرأة بلا خجل (وقحة) تُحسَب مثل الكلب، والتي تخاف الربّ تتحلّى بالخجل (26). المرأة التي توقّر زوجها تُحسَب حكيمة لدى كلّ إنسان، والشرّيرة التي تحتقر جاهه تُعرف لدى كلّ إنسان. المرأة الصالحة طوبى لزوجها. عدد سنوات حياته يتضاعف... (27) المرأة النقناقة الثرثارة تحسب مثل بوق القتال.

3 - شرح الآيات (25: 1 - 26: 18)

أ - الزوج الصالح والزوج الطالح (25: 1 - 11)

نجد في هذا المقطـع ثلاثـة أمثال عدديّـة. مَثلٌ مثلَّث يمتدح التفاهم في الزواج (آ 1). وتجاه سلوك شيخ يزني (آ 2 - 3). والنتيجة: ترتكز الخلقيّة الزوجيّة على مخافة الله.

قد تتكلّم الحكمة أو يتكلّم ابن سيراخ (آ 1 - 5). هناك ثلاثة أشياء تسرّني، وترضي الله والبشر. أي الجميع: تفاهمُ الإخوة. هم من وطن واحد، أو من إيمان دينيّ واحد (7: 12؛ مز 133: 6). تفاهم بين الأصدقاء، بين الرجل وزوجته. قال هوميروس في الأوديسّة: »ما أجمل وحدة القلوب، فلا شيء أفضل ولا أثمن من وفاق العواطف، في البيت، بين الرجل والمرأة: ينحسد الحسودون، يفرح الأصدقاء، وتكون سعادة الزوجين كاملة« (6: 182ي).

تجاه هذه الفئات الثلاث، تقف فئات رجال يجتذبون الكراهية: فقير متكبّر، غنيّ كاذب، شيخ زانٍ (وجب عليه أن يكون مثال الفضيلة). هي الأهواء تسيطر. وجب عليه أن يجمع تعاليم الحكمة، يجعل نفسه تحت نيرها، يتعلّم لديها ليقطف ثمارها. شيخ متزوّج وشهوانيّ، بعيد عن مثال الحكمة الذي أخذه أولئك الذين تتلمذوا لها منذ سنواتهم الأولى (آ 4 - 6). وها هم يقطفون الآن، في شيخوختهم، ثمار جهادهم السابق وكان منهم ابن سيراخ الذي رأى إكليل الشيوخ في مخافة الله التي هي ينبوع السعادة كما نرى في الآيات التالية.

تقدّم آ 7 - 11 تسع طرق بها يكون الزوج سعيدًا على الأرض. (1) في أولاده الذين هم عربون حماية الله له. (2) يرى أعداءه وقد عاقبهم الله (مز 112: 12). (3) يكون له امرأة فاضلة. (4) يتجنّب خطايا اللسان. (5) أن لا يُجَبر على خدمة إنسان أدنى منه. (6) أن يمتلك الفضيلة (7) وأن يعلّمها لتلاميذ متنبّهين. (8) أن يمتلك الحكمة. (9) وفوق هذا كلّه مخافة الله في الإيمان والحياة الخلقيّة. أمّا العاشرة فنقرأها في آ 8 في السريانيّ!.

ب - المرأة الطالحة والمرأة الصالحة (25: 13 - 26: 18)

الأولى شرّيرة، شنيعة، غضوبة، ثرثارة، سكّيرة، عاهرة. الثانية شُجاعة، كتومة، فهيمة، نحيفة، متواضعة، جميلة، نبيلة. كلّ هذا ينتهي بمديح للمرأة الفاضلة (26: 13 - 18).

بدأ الكاتب (آ 13 - 20) فقدّم مبدأ يقول: لا وجع مثل وجع القلب. والتطبيق: هذا ما نتحمّله من امرأة خبيثة، فاسدة. كلامها وسلوكها يشبَّهان بتحدّيات عدوّ لا يعرف الاعتدال ولا يتأخّر عن كلّ شراسة. وكما سمّ الحيّة يحمل الخطر، كذلك غضب المرأة يجعلها لا تُطاق، لهذا يُفضَّل العيش مع الوحوش.

إذا كانت المرأة الشرّيرة شقاء لزوجها (آ 21 - 26)، وجب على الرجل أن يُعمل الفكر لكي يختار امرأته. فمن الجهالة أن يتعلّق بصفات خارجيّة كالجمال والمال. فالجمال فخّ قد نسقط فيه. وإن حملت المرأة إلى بيتها بعض المال، استبدّت بزوجها فلا يبقى له سوى رفع اليدين يأسًا. لهذا فرض التشريع التلموديّ على المرأة أن تعمل ولو جلبت معها مئة عبد. وأن تترك لزوجها ثمرة عملها. هي خبرة الحياة علّمت ابن سيراخ تجاه خيبات حبّ سطحيّ يبحث عن مصلحته. والكتاب أفهمه أنّ المرأة سبقت الرجل إلى الخطيئة وإن كان مسؤولاً معها. فأمّ الأحياء صارت علّة موت أولادها.

بما أنّ مبادرات المرأة تجرّ الويلات، فعلى زوجها أن يضبطها كما يُضَبط الماء تجنُّبًا للكوارث. وإن رفضت، فلا يبقى سوى الطلاق.

ليس ابن سيراخ مبغضًا عنيدًا للنساء (26: 1 - 4). فبعد أن قال ما قال عن المرأة الشرّيرة، ها هو يمتدح المرأة الصالحة، الشجاعة، الفاضلة، فهي سعادة لزوجها. تمنحه أن يعيش السنوات العديدة بسلام. بل تتضاعف أيّامه. والله يمنحه مثل هذه المرأة. لهذا يتهلّل وجهه.

أمّا شرّ الشرور (آ 5 - 12) فامرأة طالحة. لهذا طلب ابن سيراخ أن ينجو من المرأة الغيورة التي هي آفة الآفات. تحمل النميمة إلى المدينة فتدمّر اسم زوج بريء، وتبيده، تقتله. فمن اتّحد بمثل هذه المرأة كان وإيّاها تحت نير واحد؛ وكلّ واحد يشدّ من جهته. فالمرأة الثرثارة تحطّم الوفاق الضروريّ في كلّ عمل. فإن أراد الرجل أن يُخضعها تضاعف شرّها، ولا سيّما إذا استسلمت للشرب. فالسكر يقود إلى الفجور وهذه المرأة تعرض نفسها بوقاحة نظرها، بلغة حواجبها وغمزاتها. لا شكّ في سلوكها السيِّئ، البغيض.

هنا ينبّه الحكيم والد بناته اللواتي يتبعن سلوك الأمّ. عليه أن يسهر. وعلى الزوج أن لا يؤخذ بدعوة مثل هذه النساء الفاسقات (41:22). فإن لم يتسلّط على أهوائه، كان مثل مسافر عطشان لا ينظر إلى الماء الذي يشربه.

كلّ هذا يتعارض مع المرأة الفاضلة (آ 13 - 18): تُبهج زوجَها. تُفرّح عظامَه. تعرف الصمت. خفرة بكلامها وسلوكها. مثال العفّة والاعتدال. لا خير على الأرض يساويها. كما الشمس تشرق في الأفق، كذلك المرأة الصالحة في بيتها: هي النور والزينة. هي كالسراج في هيكل الربّ. وكعمود الهيكل بتناسقه حين تجمع النعمة إلى الجمال.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM