خادم إبراهيم في بيت رفقا

خادم إبراهيم في بيت رفقا

سفر التكوين 24/28

الحلقة 43

زواج أسحق:

أرسل ابراهيم كبير خدمه لختار امرأة لابنه إسحق في القسم الأوّل من 1 إلى 10 توقّفنا عند حديث بيني إبراهيم وكبير خدمه يقول له: »لا تأخذ إبنة لأبني من بنات الكنعانيّين. فهم لا يعبدون الله الواحد هم مسلمون«. وحذّره من أن يعود بابنه إلى موطنه، إلى أرض أبيه. الربّ دعا إبراهيم فدعا نسل إبراهيم فلا عليهم أن يعودوا إلى آرام النهرين إلى ناحور.

في الحلقة الثانية تحدّثنا عن مسيرة الخادم من فلسطين إلى آرام النهرين ووصله إلى البئر برفقة الملاك أو بالأحرى برفقة الربّ الذي وجّه خطى عبد ابراهيم.

في الحلقة الثالثة آية 28 إذًا سفر التكوين 24/28-67

فأسرعت الفتاة إلى بيت أمّها وأخبرت...... وأخذت زوجة له وأحبّها وتعزّى إسحق عن أمّه.

في القسم الأوّل هو القسم الأطول يستعيد الراوي، الكاتب الملهم كلّ الخبر منذ انطلاق العبد من عند إبراهيم حتّى إعطء الخزامى والسوارين لرفقة. أخبرهم بكلّ شيء ودلّهم كيف أنّ الربّ سهّل طريقه. ترك الأمور الخارجيّة، ترك الظروف الماديّة، ترك الصعوبات، ترك كلّ ما يمكن أن يحدث للإنسان خلال السفر أو خلال الوصول أو ربّما معاملة أهل البلد لهذا الغريب، ترك كلّ شيء ونحن نعرف مثلاً كيف كان لقاء موسى مع صُفّورة أو يعقوب مع رحيل. هنا الكاتب ترك كلّ هذا، كلّ ما قاله، كلّ ما أراد أن يبيّنه هو أنّ الربّ دبّر الأمور. يقول في آية 48: »ركعت وسجدت للربّ إنّه سيّدي إبراهيم وباركته لأنّه هداني سواء السبيل لآخذ ابنة أخيه لإبنه. ركعت، سجدت، سجد الصلاة وباركته قلت له مبارك أنت يا ربّ، أرسلت بركاتك على إبراهيم، أرسلت بركاتك أيضًا على إبنه إسحق. في المقطع السابق تساءل العبد: هل سهّل الربّ طريقه أم لا؟ أمّا الآن فلا مجال للتساؤل أبدًا. فلا مجال أبدًا، فهو متأكّد أنّ الربّ بارك إبراهيم وهدى عبده إلى سواء السبيل. والآن هو يطلب من أهل البيت أن يتجاوبوا مع نداء الربّ. لا شكّ هناك طلب من رجل إلى رجل. طلب من عبد إبراهيم إلى أهل رفقة لكي يعطوها زوجة لإبن سيّده. هذا طلب بشريّ. لكن هناك طلب إلهيّ. أراد عبد إبراهيم أن يبيّن بأنّ الربّ جهّز الأمور. هذا ما سوف نراه أيضًا في خبر طوبيّا وساره. طوبيّا إبن طوبيت وسارة إبنة رعوئيل. فهم لابان وبتوئيل أنّ تلك هي إرادة الربّ. قال: »من عند الربّ صدر الأمر«. ليس إنسان يطلب الآن بل هو الله الذي يطلب. فلا نستطيع أن نقول شيئًا. يقول لا نقدر أن نقول فيه خيرًا أو شرٌّا. نلاحظ أنّ لابان وبتوئيل ليسا بعد على مستوى خادم إبراهيم. لا يتجرّأن أن يقولا هذا الأمر هو حسن أو سيّء كلاّ. لا نقدر أن نقول أنّ هذا المشروع فيه خير لنا أو شرّ لنا. ولكن وهنا العظمة نسلّم الأمر إلى الربّ. بما أنّ الربّ وجّه الأمومر، بما أنّ الربّ أوصل عبد ابراهيم إلى هذا المكان فلنترك الربّ يفعل. مرّات عديدة أحبّائي لا نفهم، لا نعرف كيف نتوجّه، ولكن في أعماق قلوبنا نسمع صوت الربّ أو نسمع نصيحة من أب، من أم، من كاهن، من رفيق، من راهبة، من صديق. يا ليتنا نستطيع أن نكتشف في هذا الصوت الخارجيّ الذي ربّما لا سلطة له على ضميرنا، نسمع من خلال هذا الصوت، صوت الربّ، نداء الربّ. »هذه رفقة أمامك خذها واذهب لتكون زوجة لإبن سيّدك«. وننتبه أحبّائي ف آية 51 كما قال الربّ« لا كما قلت أنت يا عبد إبراهيم. الربّ قال ونحن نطيع أوّلاً وأخيرًا نطيع أمر الربّ. فلمّا سمع خادم إبراهيمكلامهم، سجد للربّ إلى الأرض. نلاحظ هنا كيف أنّ الصلاة والسجود والركوع ترافق كلّ خطوة يقوم بها خادم إبراهيم، أبدًا. في البداية لمّا وصل إلى العين صلّى: سهّل يا ربّ طريقي. ولمّا رأى ما رأى من رفقة، من عملها، من كلامها سجد وأخبرهما بأنّه ركع وسجد للربّ في آية 48. والآن بعد أن سمع الجواب بالإيجاب سجد للربّ. هو الذي وجّه كلّ شيء. قال لابان وبتوئيل: هي رفقة، خذها كما قال الربّ.لماذا الخادم سجد للربّ، مرحلة بشريّة، مرحلة إلهيّة. قالوا خذها كما قال الربّ، سجد للربّ. نحن هنا على مستوى المرحلة الإلهيّة. في الآية 53. تأتي المرحلة البشريّة. أخرج حلى من فضّة وذهب وثياب فأهداها إلى رفقة وأهدى ثيابًا ثمينة إلى أبيها وأمّها. وكانت الحفلة، حفلة العشاء، كلّ هذا على المستوى البشريّ. أرادوا ان يؤخّروا عبد إبراهيم. فقال لهم لا تؤخّروني والربّ سهّل طريقي. في كلّ وقت يقول هو الربّ نعم، نعم، العلّة الأولى والأخيرة في كلّ حياتنا هو الربّ. والإنسان هو الذي يعرف أن يتجاوب مع الربّ. الربّ سهّل طريقي. ويبقى السؤال الأخير. جاؤوا وقالوا لرفقة: هل تذهبين مع هذا الرجل؟ قالت: أذهب. بدأوا هم فقدّموا أختهم وهي الأخت تقدّم نفسها: نعم أذهب. هنا عندنا إشارة مهمّة جدٌّا إلى إحترام المرأة، المرأة، ليست سلعة تباع وتشترى، ليست ملكًا من أملاك الرجل. تسألن يسألونها رأيها. هل تذهبين؟ نعم أذهب. فصرفوا رفقة أختهم ومرضعتها وباركوا رفقة وقالوا لها: أنت أختنا: كوني أمٌّا لألوف مؤلّفة. وكأنّي بالكاتب يتطلّع إلى نسل إسحق، إلى نسل إبراهيم من أجل يسوع المسيح. فكان اللقاء في آية 63 نرى إسحق يقول »خرج يتمشّى في البريّة عند المساء«. نلاحظ هنا أحبّائي هنا أحبّائي هذه الجملة »يتمشّى عند المساء« نتذكّرها في الفصل 3 من سفر التكوين لمّا خرج الربّ يتمشّى عند المساء، عند برودة المساء. قلنا وقتها يتمشّى مع آدم، لا يتمشّى ربّنا وحده، يتمشّى مع آدم. يتحدّث معه يقول له أسراره وهنا إسحق يتمشّى عند المساء مع الله.

بالمقطع فصل 3 قلنا الله يتمشى. هنا قلنا إسحق يتمشّى ولكن في كلتي الحالتين هو الربّ يتمشّى برفقة الإنسان كما تمشّى يسوع أيضًا مع تلميذيّ عمّاوس. وتتابع النصّ فيقول كيف أنّ رفقة رأت إسحق فكأنّي بإسحق جاء إلى لقائها. عرف بقلبه أنّ امرأته أنت. من هذا الرجل الماشي في البرّيّة للقائنا كأنّي بهذه المحبّة إشتعلت بقلب إسحق، إشتعلت بقلب رفقة قبل أن يلتقيا، وكأنّ الربّ هيّأ زواجها وباركه. ونلاحظ أنّ رفقةنزلت عن الجمل وجعلت البرقع وسترت وجهها حتّى لا يراها إلاّ زوجها في ليلة العرس. وكما روى خادم إبراهيم لبتوئيل ولابان كلّ ما حدث له، روى أيضًا لإسحق فكأنّي به يشكر ويشكر أيضًا كلّ ما فعله الربّ من أجل إسحق، من أجل إبراهيم. وكان الزواج زواج إسحق ورفقة لا بدّ من وجود المرأة في البيت، ماتت سارة فكانت رفقة، ماتت سارة فبكاها إسحق فجاءت رفقة فتعزّى بها عن فقدان أمّه. هذا أحبّائي هو معنى هذا الفصل الكبير من سفر التكوين الفصل 24. زواج إسحق، مسيرة طويلة وجّهها الربّ منذ أرسل إبراهيم عبده حتّى تزوّج إسحق برفقة فوجد فيها العزاء بعد أن فقد أمّه. هكذا أحبّائي نفهم كيف أنّ الربّ يرتّب أمورنا. يبقى علينا أن نتسلّح بالصلاة، أن نتسلّح بحضوره، ونعرف أنّه يرسل إلينا ملاكه، نعرف أن نباركه في البداية، أن نباركه في النهاية نسلّم له أمورنا وهو يفعل هذا ما فعل مع إسحق ورفقة، هذا ما فعل مع إبراهيم فدلّ أن بركته لن تتوقّف بل تدوم مدى الحياة. آمين

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM