تقديم

 

تقديم

قراءات في إنجيل يوحنّا. والقراءة أبعد ما يكون من عمل تلميذ في المدرسة يقرأ دون أن يفهم. فالقراءة تعني استعمال العين لكي ترى، والأذن لكي تسمع ما نقرأ بصوتٍ عالٍ، والقلب لكي يكتنز والعقل لكي يفهم والذاكرة لكي تحفظ.

والقراءة لا تتوقَّف عند الحرف. فالحرف يقتل، كما يقول الرسول. أمّا الروح فيحيي. وإذا كان كلام الربِّ حياة، فماذا ننتظر للإصغاء إلى الروح؟ والروح لا يعود بنا إلى الماضي وما قيل قبلنا، مهما سمَتْ تلك الأقوال. بل هو يكون كلَّ يوم جديدًا. ذاك كان وضع الكنيسة الأولى. تعلَّمت كيف تكلَّم اليهود انطل

اقًا من الأسفار المقدَّسة، وأن تتعامل معهم على أساس شريعة موسى بعد أن وجدت راحتها في عدد خمسة آلاف الذي يدلُّ على الشعب الأوَّل في قداسته، وانفصاله عن سائر الشعوب المعتبَرة »نجسة«. ولكنَّ الروح دفعها لكي تنطلق إلى السامريّين ثمَّ إلى العالم الوثنيّ أي غير اليهوديّ: فالخلاص يكون فقط »بنعمة الربِّ يسوع«.

أمّا الذين يريدون في أيّامنا أن لا يتخلُّوا عن الحرف، أمّا الذين يخافون من الانتزاح في العمق، فيلبثون على شاطئ ولا يدخلون في غور الله وكلامه، ولا يصطادون شيئًا، يشبهون أولئك الذي ما دخلوا ولا تركوا الآخرين يدخلون. وتصرَّفوا بسلطة يقوى صوتُها بقدر ما تضعف حجَّتها.

القراءة برفقة الإنجيليّ هي الهدف. وهو يأخذنا من الأمور المادِّيَّة البسيطة ليصل بنا إلى أسمى الأمور الروحيَّة. الماء الذي تطلبه السامريَّة صار الماء الحيّ الذي يجري نهرًا في المؤمن. والخبز أبعد ما يكون عن هذا الطعام الباقي الذي يقدِّمه لنا الآب.

تلك هي القراءة التي حاولنا القيام بها في هذا الكتاب. ننطلق من الإنجيل، نعود إلى أسفار العهد القديم، لكي نعود إلى الإنجيل في رفقة من هو »الطريق والحقّ والحياة«. فالإنجيل أكثر من كتاب صغير، بل هو يضمُّ الماضي كلَّه، من حضارات الشرق والغرب، ويعيد قراءة ما قيل قبله في الكتب المقدَّسة. ولا يكتفي بالماضي، يل يريد المستقبل بحيث »يضيق العالم كلُّه بالكتب« التي تروي أعمال يسوع وبالتالي أعمال كنيسته والمؤمنين.

إلى هذه القراءة أدعو المؤمنين. أدعوهم لكي يختبروا ما اختبر من دوَّن هذه »القراءات«. أدعوهم لكي يجلسوا برفقة المعلِّم مع أندراوس ويقضوا النهار معه. أدعو لكي يرافقوا كلوباس إلى عمّاوس لكي يعودوا منها بعد أن يكون قلبهم اضطرم بكلام المسيح وعيونهم عرفته عند كسر الخبز. فماذا ينتظرون؟

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM