الله خلق كلّ شيء

Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;}

الله خلق كلّ شيء

تكلّم الكاتب عن خلق العالم في ستّة أيّام هذا ليس معناه أنّ الله احتاج إلى ستّة أيّام لكي يخلق العالم. كلاّ. فالله يخلق بإشارة »قال فكان كلّ شيء، أمر فصار كل موجود« هكذا يقول المزمور (33:9). لكن الكاتب أراد أن يوزّع الخليقة على ستّة أيّام لكيّ يحدّثنا عن أهميّة اليوم السابع، يوم الراحة، يوم الربّ. ويتواصل عملُ الخلق.

1 - المياهُ والجلد

كيف تصوّر الأقدمون الأرض؟ كلّها مياه. لهذا عمل الله الجلد. الجلد هو شيء جامد، مجلّد. الفلك جعلنا نعتبر أنّه يوجد مياه فوق ومياه تحت. المياه التي فوق تُنزل المطر. والمياه التي تحت تخرج منها الينابيع. هكذا كانوا يتصوّرون العالم في ذلك الزمان. وإذا كان الله يريد أن يعطي المطر في الشتاء، ماذا يفعل؟ يفتح النوافذ؟ يفتح الشبابيك، فينزل المطر. تنزل المياه على الأرض تعطيها المياه وترويها. ما كلّ هذه نظرة الكاتب. نحن نعرف، وسيعرف الكتاب المقدّس أهميّة الغيوم التي تصل إليها طبقة هواء باردة فتجعلها مياه تنزل على الأرض. لكن هنا المهم أن هذه المياه صارت فوق، ويوجد عندنا مياه تحت. وسمّى الله الجلد سماءً. إذًا السّماء ليست بإله. السّماء خليقة مثلاً مثل غيرها، والله يسود عليها، والله هو الذي سمّاها. وسنرى كيف سيسود على الكواكب، على الشمس، على القمر. هو يسود على كلّ عالم السّماء. وكان مساء وكان صباحَ يومٍ ثانٍ.

اعتبر الكاتب أن الأرض كلّها كانت مغطاة بالمياه. والله يقول للبحر إذهب إلى هناك وهكذا يظهر اليبس. البحر هو عالم الشرّ، هو عالم الموت الذي يُغرق الناس. وبما أنّ الله هو سيّد الأرض وسيّد البحر، فهو الذي أعطى اليبس إسم الأرض وسمَّى مجمّع المياه بحارًا. ورأى الله أنّ ذلك حسن. حتّى البحر، حتّى المياه الغريزة هي صالحة، لأنّ ربّنا خلقها، ربّنا فصلها عن الأرض. ويتابع النص فيقول:

»وقال الله أيضًا: لتُنبت الأرضُ نباتًا، بزرًا، عشبًا، ثمرًا. ورأى الله أن ذلك حسن. وكان مساء وكان صباح يَومٌ ثالث. هكذا توزّعت الأيّامُ الثلاثة على ثلاثةِ أمور: على النور، علىالمياه وعلى النبات. هيّأ الله الخليقة في ثلاثة أيّام، ويبقى عندنا ثلاثة أيّام حتّى نرى هنا أن المكان جهّز من أجلِ السكّان:

النور = ستأتي إليه الشمس.

المياه = ستأتي إليه الحياة.

والنبات = سيكون طعام الحيوانات والإنسان.

وهكذا تعرّفنا في 1 - 13 إلى الله الخالق. تعرّفنا إلى عمل روح القدس. تعرّفنا إلى الله الذي خلق بكلمته. وقال الله... وقال الله... وقال الله... وهكذا صار لنا النورُ من جهة، والظلام من جهة. المياه والأرض اليابسة. وأخيرًا أصبح عندنا النبات، العشب، الأشجار، الثمار. شيئًا فشيئًا يهيّئ الله كل شيء من أجل الإنسان. بل يهيِّئه من أجل ابنه يسوع المسيح، إبن الإنسان، الذي هو صورة الله الحقيقيّة. هو الصورة الفريدة ؟ على الأرض، هذه الصورة التي ستنطبع في كل واحد منّا، حين يخلق الله الإنسان على صورته ومثاله.

2 - عالم الكواكب

أراد الكاتب أن يتكلّم عن عالم السماء، عن النجوم، عن الشمس، عن الكواكب، عن القمر. نتعجّب عندما نرى أنّه سمّى الشمس والقمر نيّرين، منارتين، سراجين. لماذا سمّاهما سراجين؟ ولماذا لم يقل منذ البداية: خلق الشمس وخلق القمر؟ لأنّ الشمس كانت إلهًا، والقمر كان إلهًا. الشمس: شمش. من هنا تأتي كلمة شمشون: خادم الشمس. والقمر سين. من هنا تأتي كلمة سيناء، يعني: أرض القمر عني: القمر يشرق فيها دائمًا. وعندنا يَرَحَا من هنا تارح أبو ابراهيم، هو أيضًا مرتبط بالقمر.

رفض الكاتب أن يسمّي باسم الشمس والقمر سمّاهما سراجين في السماء. وما هو عمل السراجين؟ هما ليسا حين يتحكمان بالبشر. والكواكب ليست آلهة تتحكّم بالبشر (فاليوم ما زلنا مقيّدين بعلم الأسترولوجيا، بعلم النجوم، بالكواكب«. حتّى اليوم نعتبر أنّ حياتنا ترتبط بالكواكب. وهناك أشخاص يفتّشون على حظّهم وعلى ظروف حياتهم بالكواكب. كأن الكواكب تسيطر على الإنسان، كأن الكواكب أقوى من الإنسان، كلاّ. ثم كلاّ. فالكواكب هي جماد، والشمس هي جماد، والقمر هو جماد. أمّا الإنسان فهو الحياة، هو العمل وهو الروح. وهو الحريّة. والفرقُ شاسع جدٌّا بين كل الخلائق والإنسان ولذلك فكل الذين يستندون في حياتهم إلى الكواكب وما تقوله الكتب وما تقوله الأمور السحريّة وغيرها، هم يضيّعون الناس ويضيّعون حياتهم. حياتنا هي بين يدي الله. كل عمل القمر هو أن يقول لنا متى يقع عيد الفصح. عيد الفصح يقعُ في 14 من الشهر الأوّل الذي هو نيسان ويقابل آذار ونيسان. الشمس تدل على النهار، والقمر يدل على الليل. ثم نعرف السنين. دورة شمسيّة كاملة تقول لنا: إنتهت سنة وبدأت سنة جديدة. وأخيرًا عمل هذين النيّران هو الإضاءة. ضوء على الأرض لا أكثر ولا أقل. إذًا انتهينا من عبادة الكواكب. انتهينا من عبادة النجوم، من عبادة الشمس ومن عبادة القمر. وهناك مقابلة ثانية مهمّة جدٌّا. قلنا إنّ الأرض هي هيكل الله مع السّماء. ونقول الآن إن الهيكل هو هيكل الله. فإذا هناك سراجان يضيئان على الكون: الشمس والقمر. وهناك أيضًا في الهيكل سراجان يدلاّن على حضور الله. واحد في النهار وواحد في الليل. مثل اليوم، في بعض الكنائس إذا كان القربان موجود، يوضع القنديل. السراج حتّى يدلّ على حضور الله. بما أنّ الله هو نور، هذا السراج البسيط يدلّ على حضوره بيننا. وهكذا إذًا لمّا خلق الله النيّرين الشمس والقمر، ولمّا خلق النجوم والكواكب، أظهر أنّها كلّها تسير بكلمته، تأتمر بأمره. وكلّ عمل الكواكب هو أن تفصل بين النور والظلام. وهنا كان عندنا نظريات تتعبّد للنور، لهذا السبب إرتبط الشيطان، إبليس، بالظلمة.

وأيضًا النور والظلام ليسا مساويين ؟. يسوع قال: »أنا نور العالم، من يتبعني لا يمشي في الظلام« وقال لنا: »أنتم نور العالم«. حين قال هذا حرّر النور والظلمة من أي لباس إلهيّ، جعلهم عنصرًا من عناصر الكون لا أكثر ولا أقلّ. صارت الشمس والقمر والكواكب النجوم زينة تزيّن الكون، تفصل بين النهار والليل، تفصل بين النور والظلام. وينهي النص المقطع ويقول: ورأى الله أن هذا حسن.

ما خلقه الله هو صالح. هو لخير البشر. لم يخلق الله أي شيء من أجل شرّ البشر. كلّ شيء هو لنا لأنّنا نحن للمسيح والمسيح ؟. وكان مساء وكان صباح يوم رابع. هنا الردّة تتكرّر.

3 - النباتُ والحيوان

وقال الله... وقال... مرّات عديدة، 10 مرّات. بعدما زيّن الربّ الفلك بالشمس والقمر والكواكب والنجوم، ها هو يزيّن الهواء بالطيور، يزيّن البحر بالأسماك، ويزيّن الأرض بكلّ الحيوانات. وزينة الزينات في النهاية ستكون الإنسان.

نلاحظ هنا أنّ كل شيء يخرج من الماء. هل كان الكاتب يعرف النظريات العلميّة التي تقول إن الإنسان مكوّن في جزئه الأكبر من الماء ؟ لا... لكنّه جعل الطيور تخرج من الماء، وجعل الحيتان الضخمة تخرج من الماء. إذًا كلّ شيء يخرج من الماء، والماء هو الحياة. هنا نصل إلى يسوع المسيح، ونتذكّر السامريّة لما قال لها: لو كنت تعرفين عطيّة الله لأعطاك ماء الحياة. لم يقدّم نفسه فقط على أنّه ماء الحياة، بل كل من آمن به تخرج من جوفه أنهار ماء حيّ. ولا ننسى بحزقيال النبيّ كيف أنّ أرض الهيكل، موضع حضور الله، موضع وجود الله، تنبع مياهٌ وتصل إلى البحر الميّت وتجعل مياهه المالحة موضع حياة. ونعرف بأنّ البحر الميت لا يوجد فيه ولا سمكة، لا يوجد فيه أيّ حياة. ولكن هذه المياه التي تخرج من الهيكل، ستصل إلى البحر الميت وتمنحه الحياة، تجعل فيه الأسماك العظيمة.

ويتابع النص من بعد ما انتزع صفة الألوهة عن الأشجار. بدأ فانتزع صفة الألوهة عن الكواكب، عن النجوم، عن الشمس وعن القمر. سوف ينتزع صفة الألوهة عن الحيتان الضخمة، عن الخلائق الكبيرة. نتذكّر بأنّه كان يعبد العجل أو الثور، فيعبد الحوت أو الحيّة الكبيرة أو التنّين الذي يُسمّى لاويتان، كانت شعوبٌ تعبد الطيور. إذًا أممٍ عديدة كانت تعبُد خلائق كبيرة. كانت تعبدها لأنّها كبيرة ضخمة. من هنا قال الله: خلَّق الله الحيتان الضخمة وكلّ ما دبّ من أصناف الخلائق الحيّة. الإنسان أله الحيوان، ولهذا السبب، هذا النشيد، نشيد الله الخالق، الذي خلق السماوات والأرض. جعل كلَّ الخلائق في مكانها. ردّها إلى مكانها. ونلاحظ أن الربّ لم يخلق فقط هذا الحيوان وانتهى. فعملُ الخلق ما زال يتواصل.

ما خلق ربّنا مرّة من مليون سنة وقف كلاّ. هو يخلق كل يوم، الآن يخلقنا، أنا وأتكلّم وأنتم تسمعون اليوم. هو يخلق الشمس اليوم، يخلق القمر اليوم، يخلق الطيور، يخلق الأسماك، يخلق الحيتان، يخلق كلّ شيء. اليوم اليوم... وإذا الله ما أراد أن يخلق في يوم من الأيام، يعود كلّ شيء إلى العدم. إذًا يقول الكاتب: شجرًا مثمرًا يحمل ثمرًا بزره فيه. وأيضًا خلق كلّ الحيوانات وفيها هذه البزار لكي تكثر. يقول لها: إنمي وإكثري واملأي المياه في البحار، لتكثر الطيور على الأرض. إذًا هذه الحياة التي جعلها في الحيوانات، التي جعلها في النبات، كل هذا معناه إنّه سيواصل العمل حتّى نهاية الكون. ستكون هناك حياة، ستكون هناك أشجار، ستكون هناك مياه. ستكون أرض وسماء، بحر ويبس كلُّ هذا سيكون.

ويقول الكاتب: وباركها الله: البركة تدلّ على حضور الله. وحضور الله هو نعمة، هو نمو، هو تكاثر. يقول لها: إنمي وأكثري واملأي المياه في البحار ولتكثر الطيور على الأرض. دائمًا حضور الله هو حضور البركة. ومنذ آلاف السنين، الطبيعة مباركة وستظلّ مباركة حتّى نهاية العالم، إلى أن تتمجَّد كلّها. وكان مساء وكان صباح يوم خامس.

4 - خلق الإنسان

ننبّه إلى تكرار هذا القرار، هذه الردّة: ورأى الله أن ذلك حسن. حتّى البهائم، حتّى الدواب، حتّى الوحوش: الأسد والنمر والدبّ والضبع والذئب، كلّهم حسن، صالح، كلّ ما خرج من يد الله هو حسن، هو صالح. وهكذا تهيّأ الكون كلّه. إذًا هو ينقسم على مستوى العلوم من عالم الجماد، إلى عالم النبات، إلى عالم الحيوان من طير وسمك وبهائم. كل هذا استعدّ ليستقبل الإنسان. من هنا تتغيّر اللهجة كلّها في آ 24. مثلاً لتُخرج الأرض خلائق الربّ. يأمرها هنا. في آ 26: وقال الله لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا وليتسلّط على سمك البحر وطير السّماء والبهائم وجميع وحوش الأرض وكلّ ما يدبّ على الأرض.

نلاحظ صيغة الجمع »لنصنع نحن«. هذا الجمع يدلّ على الجلالة. الملك يقول لنفعل. ولكن الملك لا يفعل وحده. هو يفعل مع الحاشية. والربّ كملك لا يعمل وحده. وإذا وصلنا إلى العهد الجديد، نعرف أنّ الإله هو ثالوث آب وابن وروح قدس. الله الثالوث هو الذي يصنع الإنسان، شيء رائع! منذ البداية، الإنسان هو عمل الثالوث الأقدس. إلهنا، ليس فقط الإله الواحد العائش في عزلة. إلهنا هو الإله الثالوث الآب والابن والروح القدس. لنصنع الإنسان على صورتنا.

ما هي صورة الثالوث؟ هي صورة المحبّة. الآب يحبّ الابن والابن يحبّ الآب. والذي يجمع بين الآب والابن ليس فقط عاطفة بل هو شخص، هو الروح القدس. وعندما قال الكاتب لنصنع الإنسان على صورتنا كمثالنا، أراد أن يكون الإنسان عيلة على مثال عيلة السماء. هنا نفهم أن حياتنا على الأرض صورة عن حياة الله. عائلتنا على الأرض صورة عن عائلة الله، حبّنا على الأرض صورة عن حبّ الله. يقول لنا في إنجيل يوحنا: الله لم يره أحدٌ قطّ. ولكن نستطيع أن نرى الله من خلال الإنسان الذي هو على صورة الله. كلّ حبّ على الأرض إنّما يدلّنا على حبّ الله. لا شك يبقى هذا الحبّ بسيطًا محدودًا ضعيفًا، ولكنّه يعطينا صورة عن حبّ الله. كلّ عظمة على الأرض هي صورة عن عظمة الله هذا ما لا شكَّ فيه. ما عظمة الخليقة تجاه عظمة الخالق؟ هي ليست بشيء ومع ذلك، هذه الصور البشريّة تعطينا صورة عن الله الخالق، خالق السماء والأرض.

وهكذا انتهينا من خلق في ستّة أيّام، وتوقفنا في خطوة أولى عند الإنسان الذي هو قمَّة الخليقة. هل انتهينا من الكلام عن الإنسان؟ كلاّ... منذ الآن نعرف أننّنا أنشدنا الله الخالق الذي خلق النور والشمس والقمر، الذي خلق الأرض وما فيها من نبات، الذي خلق الحيوان بكل أشكاله وهيّأ كل شيء من أجل الإنسان الذي هو صورته ومثاله على الأرض. المجد للربّ الإله الذي صنع الإنسان على هذا المستوى، المجد له الآن وإلى أبد الآبدين. آمين

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM