تقديم

تقديم

هو ابن غزير بأجداده، وابن راسكيفا بأبيه، وابن كفرزينا بأمِّه.

في قريته حيث وُلد، تعلَّم مبادئ العربيَّة والسريانيَّة.

وفي مدرسة عين ورقة التي تأسَّست سنة 1789، درس إلى السريانيَّة والعربيَّة، الإيطاليَّة واللاتينيَّة. فهو من التلامذة المتفوِّقين. واكتفى من الدراسة بثلاث سنوات، والباقي وحده فتعلَّم الفرنسيَّة، ثمَّ اللاهوت على يد أحد الآباء الكرمليّين.

هو الذي نقل كتابًا ضخمًا من الطليانيَّة إلى العربيَّة وهو في العشرين من عمره.

هو الكاهن والمعلِّم في مدرسة مار يوحنّا مارون في كفرحي من بلاد البترون.

وهو أمين سرّ البطريرك بولس مسعد.

وهو مطران بيروت ورئيس أساقفتها، الذي طبع أبرشيَّته بطابعه، بل ترك إرثًا للطائفة المارونيَّة فعدَّه الكثيرون أكبر رجال طائفته في القرن التاسع عشر.

إنَّه يوسف الياس حنّا الدبس الذي وُلد في 8 تشرين الأوَّل سنة 1833، وتوفّي في 4 تشرين الأوَّل 1907.

في الثانية والعشرين من عمره كان يعلِّم في المدرسة الإكليريكيَّة، ويهيئ لطلاَّبها الكتب التي يحتاجون إليها في الفلسفة واللاهوت الخلقيّ واللاهوت العقائديّ. خلال السنة المدرسيَّة يعلِّم، وخلال العطلة، في الديمان، يكتب.

سنة 1860 كان في أمانة سرِّ البطريرك حتّى رُقِّي إلى الأسقفيَّة في 11 شباط 1872 ولبث في الخدمة حتّى وفاته.

* * *

بهذا المطران احتفلنا سنة 2007، بعد مرور مئة سنة على وفاته. فبدا لنا أنَّه ما زال حيًّا، بما ترك من بناء مادّيّ وصروح معنويَّة. فمدرسة الحكمة تشهد له، وكذلك الجامعة، حيث أحيا مدرسة الفقه البيروتيَّة. وكاتدرائيَّة مار جرجس بوجهها الحاليّ وهندستها الآتية من رومة، وسائر الكنائس في بيروت المدينة، وفي سائر بلدات الأبرشيَّة وقراها.

وأعاد النظر في كتب الطقوس، ونشرها في "مطبعته" مع الذين عملوا معه وضحُّوا. كما ترك المواعظ لكهنة أبرشيَّته. بل التاريخ من أجل طائفته ولا سيَّما في ترسيخها وسط الكنيسة، وسط الشرق، وفي قلب لبنان.

والمطران الدبس لبث حيًّا، بشكل خاصّ، بهذا التاريخ الواسع "تاريخ سورية، منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا". ثمانية مجلَّدات بآلاف الصفحات. ذاك الذي حاور العلماء في عصره، ما زال اليوم موضوع بحث وجدال حول الموادّ التي جمع، والمنهجيَّة التي أخذ بها. هي فكرة شغلت باله، فتوسَّع فيها ودافع عنها، لا في العربيَّة فقط، بل في الفرنسيَّة أيضًا. لهذا دُعي كتابه بالتاريخ "الإيديولوجيّ" في المعنى الأصليّ للكلمة. فكان في امتداد البطريرك إسطفان الدويهيّ من حيث الفكر، وفي رفقة المطران بطرس ديب الذي ترك لنا عن الموارنة مقالاً واسعًا في الفرنسيَّة يبقى المرجع الهامّ لمن يريد أن يتعرَّف إلى تاريخ هذه الطائفة.

إلى المطران يوسف الدبس نتعرَّف في هذا الكتاب، في وجهات من حياته وتآليفه ومجادلاته والصعوبات التي عرف. هكذا ننطلق من واحد إلى "المشاهير من آبائنا الذين سبقونا" (ابن سيراخ 44: 1).

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM