التجلّي على الجبل

التجلّي على الجبل

كلّم موسى الشعب مرارًا عن الله. ولكن أين هو هذا الإله؟ يريدون أن يروه، أن يلمسوه! فقد اعتادوا على لمس الأصنام، وضمّها، والتبرّك بها. فالعبارة في العالم اللاتينيّ تعني اقتراب الصنم وإعطاء قبلة. هذا ما قاله هوشع عن رجال يذبحون لعجل السامرة ويرفعون له القبلات. ولكن أين الإله الذي يحدّثنا عنه موسى. اسمه يهوه. هذا ليس باسم. هو الذي هو. ما أفصح لنا عن اسمه. ما هو إيل، ولا هو بعل، ولا هو هدد ولا إله من الآلهة التي نعرف. هو هنا، هو فعَلَ، هو يفعل، ولكن نريد أن نرى وجهه. هذا مستحيل. فلا يستطيع أحد أن يرى وجه الله ويبقى على قيد الحياة.

ومع ذلك، فهو على جبل سيناء تراءى. رُؤي. سمح للناس أن يروه. لا وجهًا لوجه. فهذا مستحيل. بل هو تجلّى لهم. كشف عن ذاته من خلال الطبيعة، من خلال البروق والرعود. كشف عن نفسه من خلال العيد حيث يُنفَخ بالبوق فيستعدّ الجميع ويقفون عند سفح الجبل. وكأنّهم في رواق الهيكل. ونقرأ سفر الخروج 19: 16 - 22.

وحدث في اليوم الثالث، عند الصباح، أن كانت رعود وبروق وسحاب كثيف على جبل سيناء، وصوت بوق شديد جدٌّا. فارتعد جميع الذين في المحلّة. فأخرجهم موسى من المحلّة لملاقاة الله، فوقفوا عند أسفل الجبل، والجبل يلفّه دخان، لأنّ الربّ نزل عليه بالنار، فتصاعد دخانُه كدخان الأتّون، واهتزّ الجبل اهتزازًا شديدًا.

وكان صوت البوق يرتفع جدٌّا، وموسى يتكلّم والله يجيبه بقصف الرعد. ونزل الربّ على رأس جبل سيناء، ونادى موسى إلى رأس الجبل فصعد. فقال الربّ لموسى: »انزل إلى الشعب وأنذرهم أن لا يجاوزوا الحدَّ المرسوم حول الجبل لينظروا إليّ، فيهلك منهم كثيرون. وقل للكهنة الذين يتقدّمون إليّ، أن يتطهّروا لئلاّ أبطش بهم«.

1 - حضور الله

الله حاضر وسط شعبه والشعب يستطيعون أن يأتوا للقائه. هم لا يأتون وحدهم. بل يسيرون وراء موسى. هو »الإمام«. هو الذي يقف في المقدّمة، ويتكلّم باسم الجميع، ويصلّي باسم الجميع. يشبه »قائدًا« يزور ملكًا مع جيشه. لا يتكلّم الجميع. بل القائد وحده. ثمّ إن هذا القائد جعله ا؟ وسيطًا بينه وبين الشعب. الله يقول لموسى. وموسى يقول للشعب. يوصل مقال الربّ إلى الشعب وسيأتي وقت يخاف الشعب من صوت الله، فيطلبون من موسى أن يكلّمهم هو لا الله »لئلاّ نموت« (20: 19).

وسيكون لنا في خطّ موسى، ولكن بعيدًا جدٌّا عن موسى، وسيط آخر، كاهن آخر، لا عيب فيه، يعرف ضعفنا. يتألّم آلامنا. كنّا لا نقدر أن نرى الله، ولكن هذا الوسيط، هذا الابن أخبرنا عن الله. لا بكلامه فحسب، بل بكلّ شخصه وحياته وأعماله وأقواله. مع الابن صرنا نستطيع أن نرى الآب، أعماله أعمال الآب، كلامه كلام الآب. صار هو الطريق ولا طريق صحيحة إلاّ ونمرّ فيه. أمّا سائر الطرق فتقود إلى الهلاك. هو الراعي الذي يسير أمام قطيعه. وسائر الرعاة الذين يحسبون أنّهم يأخذون مكانه، هم سرّاق ولصوص.

حضور الله اختبره الشعب من قبل، في الحرب مع فرعون: أرسل الوباء، أرسل الظلام، أرسل البرَد... هو لا يفعل بيده، لأن لا يد بشريّة له. بل بواسطة قوى الطبيعة التي تأتمر بأمره. لا فمَ له مثل أفواهما. بل يملأ بنوره قلب موسى، وموسى يعبّر عنه، ذاك هو الوحي. يغمر الإنسان، يضيء عليه، يريه ما لا يراه سائر الناس. يعطيه الحكمة لكي يعبِّر بلغة البشر عن إرادة الله.

2 - في الرعود والبروق والسحاب

الرعد هو صوت الله. يسمعه المؤمنون حتّى اليوم. فيقولون: قدّوس. هو البعيد عن البشر، هو القدير. يتحدّث العلماء عن التقاء السحاب بعضه ببعض فيكون البرق والرعد. أمّا الكاتب الملهم فيسمع صوت الله من خلال الرعد. والنصّ واضح هنا: موسى يتكلّم والربّ يجيبه. وكيف يجيبه؟ بواسطة الرعد. هكذا يتكلّم الله. أمّا الناس العائشون في الصحراء، فما اعتادوا أن يروا البروق ويسمعوا الرعود. ولمّا حصل ما حصل على جبل سيناء، كان المشهد مريعًا جدٌّا.

والبرق هو نور الله. فالله نور. وأوّل ما خلق من خلائق كان النور. كيف يقبل بأن يسيطر الظلام على الأرض، فتبقى تائهة ضائعة. النور يوجّه مسيرتها. بل يوجّه مسيرة كلّ إنسان. قال يسوع للجميع: »امشوا ما دام لكم النور لئلاّ يباغتكم الظلام. فالذي يمشي في الظلام لا يعرف أين يتّجه« (يو 12: 30).

والسحاب، هو رمز البركة. يحمل المطر في الشتاء، والظلّ في الصيف. اختبره العبرانيّون خلال مسيرتهم في البرّيّة. كما أنّه في الليل، كانت النار تسبقهم وتنير لهم الطريق. في النهار، كان السحاب ظلاٌّ لهم لئلاَّ تضربهم الشمس على ما يقول المزمور: فلا تؤذيكم الشمس في النهار ولا القمر في الليل (مز 121: 6).

رأى الأقدمون العوامل الطبيعيّة. توقّفوا عندها. ما أرادوا أن يتجاوزوها ليصلوا إلى الذي يعملها، إلى الربّ الذي خلق السماوات والأرض. لهذا دعاهم سفر الحكمة: الجهّال. وقال المزمور عنهم: فاسدون، رجسون، لا يطلبون عمل الخير. ما أعملوا العقل في طلب الله. ليتهم واصلوا سعيَهم ولم يقفوا في منتصف الطريق، بل في بداية الطريق. حسبوا الشمس إلهًا فعبدوها. وسمّوها »رع« »شمس« »شفش«. ولكن الشمس تقول لهم: لست الله. وعبدوا القمر في اسم »سين«، وجبل سيناء، وفي اسم »يرح« كما في تارح والد ابراهيم. وخافوا الرعد وسجدوا له. وتعلّقوا بالبعل ليعطيهم المطر والخصب. متى يعرف البشر خالقهم؟ أيقطع عنهم المطر فيعرفوا أنّه ربّ المطر. أيجعل البرق يشعل الأشجار فيفهموا.

في هذا المجال، يتحدّث سفر المزامير بشكل خاصّ عن الطبيعة التي تبدو كشخص حيّ. هي كعبد يخاف حين يأتي سيّده. وتأتي الصور عن اسوداد الشمس واضمحلال القمر والكواكب بشكل نهائيّ. كلّ الخلائق ترهب حضور ا؟. فماذا يفعل الإنسان؟ هذا ما قاله موسى للشعب: إذا كان حصل ما حصل، فلكي تكون مخافتُه في قلوبكم.

3 - وفي الصمت أيضًا

قال مز 50: 3: »إلهنا يجيءُ ولا يصمت. قدّامه نار آكلة. سعيرها يشتدُّ حوله«. وقال حبقوق في صلاته التي بدت مزمورًا من المزامير: الله يجيء من تيمان، القدّوس من جبل فاران. غطَّى جلالُه السماوات. وامتلأت الأرض من التهلّل له. يجيء كلمعان البرق، ومن يده يسطع النور (حب 3: 3 - 4). فماذا يحصل عند ذاك؟ يقف فتهتزّ الأرض، وينظر فترتعد الأمم. تتحطّم جبال الدهر. وتنخسف تلال الأزل (آ 6). ويقول مز 68: 8 - 9: عند خروجك قدّام شعبك، وصعودك يا ألله في البرّيّة، ارتعشت الأرض وقطرت السماء من وجهك يا إله سيناء.

ومضى إيليّا إلى جبل حوريب. إلى جبل الله. وقف أمام الله، وقفة المستعدّ لأن يرى ويسمع ويعمل. ولكن أين يستطيع أن يرى الله؟ »هبّت ريح عظيمة وشديدة شقّقت الجبال وكسّرت الصخور« (1 مل 19: 11). ظنّ إيليّا أنّ الله هو هنا. ولكن النصّ يقول: »لم يكن الربّ في الريح«. ولا كان في الزلزال. »وبعد الزلزال نار، ولم يكن الربّ في النار« (آ 12). فأين هو الله إذًا؟ هكذا اعتدنا أن نراه في قوى الطبيعة. إنّه يشبه البعل في نظر المؤمنين الذين عاندوا إيليّا. يهوه يعطي المطر. والبعل أيضًا. يهوه يمنح الخصب والبعل أيضًا. والإله هدد هو سيّد البروق والرعود. أتراه يشبه هذا الإله أو ذاك. بل هو بعيد عنهم كلّ البعد، وإن أنزل النار على ذبيحة إيليّا »فالتهمت المحرقة والحطب والحجارة والتراب وحتّى الماء الذي في الخندق« (1 مل 18: 38).

الله صوت هادئ خفيف. لا يريد أن يحطّم الإنسان، لن يكسر بابًا ليدخل. هو نسيم، بل صمت في قلب صمت جبل حوريب. لا حاجة بعدُ إلى كلّ هذه الضجّة في هذا المجال. نتذكّر الرسالة إلى العبرانيّين. وفيها يقابل كاتبها بين ما حدث لموسى في سيناء، وما حدث على جبل صهيون، في أورشليم السماويّة مع يسوع، وسيط العهد الجديد. قال: »ما اقتربتم أنتم من جبل ملموس، من نار ملتهبة وظلام وضباب وزوبعة وهتاف بوق وصوت كلام طلب سامعوه أن لا يُزادوا منه كلمة... بل اقتربتم من جبل صهيون، من مدينة الله الحيّ، من أورشليم السماويّة وآلاف الملائكة في محفل عيد، من محفل الأبكار المكتوبة أسماؤهم في السماوات (عب 12: 18 - 21).

4 - على الجبل

الجبل هو مركز التقاء السماء بالأرض. على الجبل يضع الإله رجله إذا أراد أن ينزل على الأرض. على جبل سيناء نزل الله. فالتقى بموسى، ثمّ بالشيوخ الذين رافقوا موسى. على الجبل يتجلّى الربّ. في سيناء، وفي أورشليم، والجبل سيكون له دور كبير في حياة يسوع. كما أعطى الله شريعة على الجبل، كذلك فعل يسوع على الجبل، وهناك ألقى عظته التي دُعيت »عظة الجبل« أو »شرعة المسيحيّة«. على جبل سيناء، قيل لا تقتل، وعلى »جبل التطويبات« أورد متّى كلام يسوع: »سمعتم أنّه قيل لآبائكم: لا تقتل، فمن قتل يستوجب الموت. أمّا أنا فأقول لكم: من غضب على أخيه استوجب حكم القاضي. ووصيّة الزنى وصلت إلى النظر إلى امرأة من أجل اشتهائها.

وعلى الجبل تجلّى يسوع، »وصارت ثيابه تلمع بياضًا ناصعًا«. وجاء موسى للقاء الربّ ليرى كيف تتعمّق الشريعة التي تسلّمها. ورافقه إيليّا المدافع بغيرة عن عبادة الله الواحد. وإذا كان على جبل سيناء أعطيت الشريعة، فارتبط هذا العطاء بعيد الأسابيع السبعة، بحيث يقع عيد الحصاد خمسين يومًا بعد عيد الفصح، فعلى جبل آخر حلّ الرسل على التلاميذ يوم العنصرة، فأخذوا الروح القدس، الذي يقودهم إلى الحقّ كلّه.

وللدلالة على حضور الله أيضًا، قال النصّ: »والجبل يلفُّه دخان، لأنّ الربّ نزل عليه بالنار«. أمّا الدخان فهو البخور. أو بالأحرى، دخّان الذبائح الذي كان يملأ الهيكل. والنار تدلّ على الله، الذي هو نار محرقة، فمن يجسر أن يقترب منها. لهذا جاء التحذير مرارًا وفي أكثر من شكل. حين كان موسى أمام العلّيقة الملتهبة، ما سُمح له أن يقترب كما هو. بل قيل له: اخلع نعليك من رجليك، لأنّ المكان الذي أنت واقف فيه أرض مقدّسة. ومن »قلب« النار سمع موسى صوت الله يكلّمه ويدعوه إلى رسالة يكلّفه بها.

والشعب، الويل له إن هو اقترب. أنذرهم موسى بأن لا يجاوزوا الحدّ المرسوم، حدود الجبل، لينظروا إليَّ، »فيهلك منهم كثيرون« (19: 21). والكهنة يكونون مثل الشعب في هذا المضمار: »لا تدعهم يجاوزون حدّهم ليصعدوا إليَّ لئلاّ أبطش بهم« (آ 24).

بعد كلّ هذا التهديد، ألا يخاف الشعب؟ ألا يتمنّى أن يسمع صوتًا بشريٌّا، صوتًا يلمسه؟ لا شكّ في ذلك. فلماذا هذه الأصوات المرعبة، لماذا هذه المشاهد من نار ينزل فيها الربّ ودخان متصاعد؟ والجبل الذي هو رمز القوّة والصمود نزل الربّ عليه بالنار، وكأنّه يريد أن ينقّيه، أن يطهّره. »وقُلْ للكهنة الذين يتقدّمون إليّ، أن يتطهّروا لئلاّ أبطش بهم« (آ 22).

5 - الله القريب

الله بعيد. نار آكلة. ولكن هو الذي يقترب وكأنّه إنسان حوار. وصل إلى الجبل »فالتفّ« عليه الناس، ولا سيّما إذا كان صغيرًا. بدوا مثل تلاميذ يسوع. فكما جلس على الجبل، دنا إليه تلاميذه فأخذ يعلّمهم (متّى 5: 1 - 2)، »يُقال عن الربّ أنّه نزل«. هو في السماء، وفي مفهومنا أنّ السماء هي فوق. إنّها تعود إلى فعل »سما« الذي يعني علا وارتفع. وأكثر من مرّة نرى الله »ينزل«. فحين أراد الناس أن يبنوا برج بابل، يُقال: »ونزل الربّ لينظر المدينة والبرج اللذين كان بنو آدم يبنوهما« (تك 11: 5). وسوف يقول أشعيا بفم الشعب: ليتك تشقّ السماوات وتنزل.

كلّم موسى، ناداه قال له. هو من ينظّم الليتورجيّا. كما نقول في المزامير: إمام الغناء. ماذا يفعل موسى؟ كيف يتطهّر الشعب، ما هي الحدود المرسومة؟ وكان الجبل موضع اللقاء. نزل الربّ من السماء. وصعد موسى من أسفل الجبل إلى أعلاه حيث الله. للربّ المبادرة دائمًا. هو يأتي ثمّ يدعونا. فكيف لموسى أن يصعد والربّ ما دعاه؟ ولكن حين يأتي النداء، نحن لا نخاف. نصعد إلى جبل الله، إلى هيكله.

إذا كانت تلك عواطف شعب العهد القديم، فما تكون عواطف شعب العهد الجديد: في الماضي، وبتأثير من روحانيّة جاءت من انحطاط غربيّ، خاف المؤمنون فما عادوا يقتربون من المائدة المقدّسة. هم مجبَرون على سماع القدّاس، كما نقول. ولكنّهم لا يأكلون الجسد ولا يشربون الدم! من علّمهم هذا الموقف الذي فيه رفض للتجاوب مع المسيح. هو قال: خذوا كلوا. هو قال: خذوا اشربوا. هو يدعونا إلى مائدته، لا لنشاهد وحسب، بل لنشارك. من لا يأكل جسدي، من لا يشرب دمي لا حياة له في ذاته. وفي هذا الإطار الضيّق، تعب الضمير. فراح المؤمن لا يتناول القربان إلاّ إذا سبق له واعترف لدى الكاهن مقرٌّا بخطاياه.

ولكن الحمد لله أنّ هذه الفترة عبرت. ولكن قد نكون في الجهة المقابلة مع بعض التراخي واللامسؤوليّة. فنصبح قريبين من العبرانيّين الذين يريدون سريعًا أن يتسلّقوا الجبل لكي يروا الله، وكأنّه تمثال يقيم في معبد. قال الربّ لموسى: حرّم عليهم. الجبل مكرّس. وطئته قدما الربّ. يأتون بخشوع، يسجدون عند سفحه. فالله نار آكلة. ذاك وضع الذين اعتادوا على المشاركة في عشاء الربّ، في القدّاس. يصبح عملهم روتينيٌّا، آليٌّا. اعتادوا أن يفعلوا هكذا فيفعلون مرّات عديدة دون أن يفكّروا. نسوا أنّ الله هو القريب القريب إذا اقترب قلبنا منه. وهو البعيد البعيد إذا نحن كرّمناه بشفتينا وقلبنا بعيد عنه. لهذا جاء كلام بولس الرسول قاسيًا: »فليمتحن كلّ واحد نفسه... فلو كنّا نمتحن أنفسنا، لتجنّبنا الحكم علينا« (1 كور 11: 28 - 31).

الخاتمة

كلّ شيء معدّ، كلّ شيء مهيّأ. جاء الربّ في سحابة كثيفة وخاطب موسى. تجلّى في البروق والرعود والسحاب الكثيف. نفخ الكهنة في البوق وسيدعو الشعب إلى العلاء. فلا يبقى لهم سوى السجود والاستماع إلى كلام الله كلماته عشر. وصاياه عشر. ونحن أيضًا نستمع إليها ونحفظها في قلبنا. بانتظار تفسيرها بفم يسوع في عظة الجبل كما وردت في إنجيل متّى.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM