Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;}
بنو إسرائيل في سيناء
1- تفاعل بين حياتنا والكتاب المقدّس
أحبّائي، قراءتنا في سفر الخروج وصلت إلى الحلقة 45. هذا يعني أنّ الكتاب المقدّس هو أغنى من أن نستنفده في حلقة أو حلقتين أو عشر حلقات. مرّات عديدة نسمع عن العهد القديم: هو كتاب سريع فيه بعض الأخبار. نقرأه ولا نفهم شيئًا منه. هذا يصحّ إذا ظللنا على مستوًى سطحيّ للأمور. ولكن إذا جمعنا خبرات العهد القديم مع خبرات العهد الجديد، وإذا جمعنا الكتاب المقدّس مع حياة الكنيسة، وإذا جمعنا خبرة الآباء الأوّلين من إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وصموئيل وداود مع خبرتنا، نحسّ بالغنى الموجود في الكتاب المقدّس.
هناك تفاعل بيننا وبين الكتاب. الكتاب يلقي بضوئه على حياتنا، على أعمالنا، على أقوالنا. ونحن، انطلاقًا من حياتنا إذا كانت تحت نظر الله، إذا كانت حسب مشيئة الله، حياتنا تضيء على هذه الكلمة، فلا تبقى كلمة جافّة، كلمة جامدة، كلمة ميتة. فنحن عندما نتأمّل في كلام الكتاب المقدّس، عندما نتحدّث عن الكتاب المقدّس، عندما نعيش بحسب الكتاب المقدّس، لا تعود الحروف حروفًا جامدة، بل تصبح روحًا حيّة. تصبح كلمةَ الله، وكأنّها شخص حيّ.
وهذا في الواقع ما كان بالنسبة إلى يسوع المسيح الذي كان الكلمة، لا الكلمة المكتوبة فقط في الإنجيل، ولكن الكلمة الحيّة على ما قال يوحنّا في بداية إنجيله: في البدء كان الكلمة والكلمة كان لدى الله والكلمة كان الله. أجل الكلمة صار شخصًا حيٌّا، هو يسوع المسيح. ولكن بانتظار تلك الكلمة، يسوع المسيح، فنحن في الكتاب المقدّس، في العهد القديم، نحتاج أن نقرأ الكلمات والكلمات العديدة، قبل أن نصل إلى من هو كلمة الآب وابنه يسوع المسيح.
وهكذا نستطيع أن ندخل في جوّ هذا الفصل المهمّ، فصل 19 من سفر الخروج حين وصل بنو إسرائيل إلى سيناء. نتذكّر أنّ موسى اختبر الإقامة في سيناء، وهنا بنو إسرائيل سيختبرون الإقامة في سيناء. موسى جاء هاربًا من مصر إلى سيناء، بعد أن قتل من قتل فتهدّده الفرعون فهرب. وكان له لقاء مع الربّ، كلّنا نتذكّره، في العلّيقة من خلال النار، واكتشف حضور الله. وخلع نعليه من رجليه، لأنّه رأى أنّ المكان الذي هو واقف فيه مكان مقدّس.
وهنا الشعب الآتي إلى سيناء، الآتي إلى جبل سيناء، سيفهم أنّ الجبل هنا هو جبل مقدّس، وأنّه لا يستطيع أن يصعد إلى هذا الجبل. وإن سُمح للبعض بأن يصعدوا، فعليهم أوّلاً أن يغتسلوا، أن يغسلوا ثيابهم، ثمّ أن يتطهّروا ويبتعدوا عن كلّ نجاسة، وإلاّ سيكون عقابهم قاسيًا. إذًا نقرأ الفصل 19: 1 - 8: »وفي الشهر الثالث لخروج بني إسرائيل من مصر.... جاؤوا في أحد الأيّام إلى برّيّة سيناء... وصعد موسى إلى الجبل لملاقاة الله. فناداه الربّ من الجبل وقال له: قل لبيت يعقوب: رأيتم ما فعلت بالمصريّين...؟ تكونون شعبي الخاصّ بين الشعوب... تكونون لي مملكة كهنة وأمّة مقدّسة... فنقل موسى إلى الربّ كلام الشعب«.
2 - جبل سيناء، جبل اللقاء
إذًا قرأنا سفر الخروج 19: 1-8. ونعود إلى الشرح نقطة نقطة. أذكّركم بأنّ سيناء هي أرض الإله سين، إله القمر. لأنّ شبه جزيرة سيناء هي سماء صافية، وكأنّ القمر هو الذي يحرسها. ولكنّ بني إسرائيل سوف يبدّلون اسم جبل سيناء لارتباطه بالإله سين إله القمر، ويسمّونه جبل حوريب. مرّ الربّ، مرّت الرعود والبروق والصواعق، وصار الجبل كلّه وكأنّه خراب بل: محراب.
وفي الشهر الثالث، أوّلاً كلمة الثالث مهمّة جدٌّا في الكتاب المقدّس، خصوصًا اليوم الثالث. لكن هنا نقرأ: في الشهر الثالث. شهر أوّل هو شهر احتفلوا فيه بالفصح. الشهر الثاني هو شهر المسيرة. وهذا هو الشهر الثالث لخروج بني إسرائيل من مصر. جاؤوا في أحد الأيّام إلى برّيّة سيناء.
لدينا هنا محطّة أولى: خروج بني إسرائيل من أرض مصر. هذا الخروج هو حدث مهمّ جدٌّا، هو خروج ولا عودة عن هذا الخروج، خروج مع تطلّع إلى البرّيّة، إلى ا؟. لا يحقّ لهم بعد الآن أن ينظروا إلى الوراء، أن يتحسّروا إلى مصر، إلى مياهها، إلى شرابها، إلى لحمها، إلى بطّيخها... كلاّ. هذا ممنوع. والإنجيل يقول في المعنى ذاته: »من وضع يده على المحراث ونظر إلى الوراء ليس جديرًا بالملكوت«.
على كلّ حال، كلّ نظرة إلى الوراء إنّما هي عدم ثقة، عدم إيمان با؟. كأنّي بالإنسان يقول: أنظر ماذا مشيت يا فلان؟ وكأنّه بقوّته مشى ما مشى، أو هو إن نظر إلى الوراء، تحسّر لأنّه ترك أرضًا أو ترك بيتًا أو ترك مالاً أو ترك أهلاً أو ترك أمورًا وأمورًا. وهكذا هذا الشعب: ما عليه أن ينظر إلى الوراء. هو خرج وخرج. ويتابع النصّ: جاؤوا إلى برّيّة سيناء. هناك الربّ أعطاهم موعدًا، كما الشخص الصديق يعطي لصديقه موعدًا: مكان يلتقون فيه.
3 - المحطّة الأولى
المحطّة الأولى في هذه المسيرة من مصر، المحطّة الأولى هي برّيّة سيناء، وبشكل خاصّ جبل سيناء. ويقول النصّ: جاؤوا في أحد الأيّام. هو لا يحدّد اليوم. لم يقل: هو عيد الفصح، أو عيد العنصرة، أو عيد القطاف، أو بداية القمر، أو نهاية القمر. كلاّ يقول: في أحد الأيّام. المهمّ ليس الزمان، المهمّ ليس المكان، حين يكون الحبيب مع حبيبه ينسى المكان وينسى الزمان، المهمّ الحبيب، المهمّ هو أنّه هنا وأنا هنا. اللقاء بين هذا الشعب والربّ لا يهمّ في أيّ يوم من الأيّام، لا يهمّ في أيّ موضع من برّيّة سيناء الشاسعة.
المهمّ آية 2: جاؤوا من رفيديم ونزلوا هناك في البرّيّة تجاه الجبل. نتذكّر ما قلنا عن رفيديم في الفصول السابقة، خصوصًا فصل 17. هناك أكلوا حتّى شبعوا، هناك شربوا حتّى ارتووا، فلا يبقى لهم إلاّ أن يقفوا أمام الله. يقول النصّ: نزلوا، يعني نزلوا عن جمالهم، نزلوا عن دوابّهم. نزلوا، يعني ترجّلوا، وقفوا على الأرض، توقّفوا عن المسيرة والارتحال. فهموا أنّهم وصلوا إلى الهدف الذي يطلبونه.
فلا يقول النصّ في أي مكان: نزلوا هناك في البرّيّة. لكنّ الكلمة التي تلي: تجاه الجبل. يعني رأوا الجبل، من بعيد. وهذا الجبل يمثّل حضور الله. نعرف في الحضارات القديمة أنّ الربّ ينزل على الجبل حين يريد أن يأتي إلى الأرض. الجبل هو موطئ قدم الآلهة وأيضًا موطئ قدم الإله العليّ. الجبل. هناك يقيم ا؟، لأنّ الجبل هو النقطة التي تصل السماء بالأرض. نزلوا هناك في البرّيّة، تجاه الجبل. المهمّ بكلّ هذه الأمور أنّ الربّ حاضر وهو يستقبل شعبه. وقفوا كأنّهم يستعدّون للصلاة. ولا شكّ في أنّ منظر موسى كان كافيًا لكي يُفهمهم أنّهم وصلوا أمام الله.
نتذكّر المزامير. حين يقول المزمور 84 مثلاً: ننطلق إلى أن يطلّ أمامنا جبل الربّ في صهيون. نرى إله الآلهة في صهيون. كانوا يأتون من الوادي، وادي الأردنّ إلى أريحا، يصعدون الجبل، ويُطلّ تجاههم جبلُ الربّ في أورشليم. ولكن قبل جبل الربّ في أورشليم هناك جبل سيناء، هذا الجبل الذي عليه ظهر الربّ.
نتذكّر أنّ كلّ مدينة كان لها جبل. مثلاً أوغاريت كان لها جبل الأقرع أو جبل كاسيوس كما سمّاه اليونان. وكذلك مصر، كان لها منطقة الشمال مع جبل صفون. وفي لبنان، الجبال أكثر من أن تحصى، خصوصًا جبل حرمون ذاك المحرّم على البشر لأنّه جبل ا؟. وجبل الأرز يقع في شمال فينيقية. ولماذا الشمال؟ هناك يضيء الدبّ الأكبر بنجومه. أمّا هم فنزلوا هناك تجاه الجبل جبل سيناء، حيث سيأتي الربّ إليهم. جاؤوا هنا ينتظرون الربّ كما ينتظر الآتي إلى الهيكل من يلبّي له طلبه. كما يأتي الصغير للقاء الكبير والأمير للقاء الملك.
4 - وصعد موسى
آية 3: »وصعد موسى إلى الجبل لملاقاة الله«. في الماضي كانوا يعتبرون الإله ساكنًا على الجبل ولذلك كانوا يقدّمون الذبائح على الجبل، وصعد موسى إلى الجبل لملاقاة الله. لكن تقولون موسى هو إنسان، إنسان ضعيف. مرّات كان إنسانًا جبانًا، لم يجسر أن يتّخذ موقفًا، والله هو الإله القدّوس، الإله الذي لا يُرى. وكيف يلتقي من يُرى بمن لا يُرى.
هنا الخبرة الروحيّة الرائعة. الربّ يجعل نفسه على مستوانا. نقول بلغة صوريّة: ينزل الربّ، كأنّ السماء فوق والأرض تحت. هي صور ولكنّها تُفهمنا الشيء الكثير. هم نزلوا في البرّيّة، والربّ نزل من سمائه على الجبل. صعد موسى إلى الجبل لملاقاة الله. مهمّة جدٌّا أحبّائي مناداة الربّ، لأنّ عند الآلهة الوثنيّة نذهب عند الإله فلا نجده: قد يكون نائمًا، قد يكون في سفر. أمّا الإله الحقيقيّ فحين يصعد موسى أو حين نصعد نحن، أو حين نعود بالصلاة إلى الله لنلاقي الله، فاللقاء يتمّ حقٌّا، لأنّ الربّ هو الذي يسبقنا دائمًا. الربّ هو الذي ينتظرنا، الربّ هو الذي يبادر ويهيّئ للّقاء.
نتذكّر هنا إنجيل يوحنّا (ف 21): التلاميذ في الليل يصطادون ولا يجدون شيئًا. عند الصباح وصلوا إلى البرّ، أتراهم سبقوا يسوع؟ كلاّ. جاؤوا فوجدوا يسوع قد هيّأ السمك على الجمر، وهيّأ الخبز لكي يأكلوا.
وهنا صعد موسى إلى الجبل، ولكنّ الله كان قد سبقه إلى الجبل. فاللقاء هو لقاء الحبيب مع حبيبه، لقاء سرّيّ، لقاء عميق، لقاء في أعماق القلب. هكذا ينادينا الربّ. إذا كنّا لا نستطيع أن نلمسه بأيدينا، أو نراه بعيوننا، أو نسمعه بآذاننا البشريّة، فهذا لا يعني أنّه غائب. بل هو حاضر. قال لأوغسطينس: »أنا في قلبك أعمق من قلبك«.
5 - وكلّم الربّ موسى
لهذا بما أنّ الربّ كان حاضرًا، نادى موسى من الجبل وقال له، الربّ هو الذي يتكلّم، »قل لبيت يعقوب بني إسرائيل: رأيتم ما فعلت بالمصريّين، وكيف حملتكم على أجنحة النسور وجئتُ بكم إليّ«. قل لبيت يعقوب. إذًا موسى هو الوسيط: الربّ يكلّمه وهو يكلّم الشعب.
نحن مع المسيح لسنا بحاجة إلى وسيط من هذا النوع. فالمسيح هو الوسيط بين ا؟ والبشر، هو الإله وهو الإنسان. وهو يكلّمنا بشكل مباشر. قل لبيت يعقوب، قلّ لبني إسرائيل. نحن هنا أمام تقليدين، وكلّ تقليد يذكر الشعب باسم من الأسماء. ودائمًا الربّ يذكّرنا بأنّه هو الإله الذي يفعل.
ماذا فعل الربّ؟ ثلاثة أشياء. أوّلاً رأيتم ما فعلت بالمصريّين: الضربات التي حلّت بالمصريّين، تعني أنّهم رفضوا أن يسمعوا للربّ. رفضوا أن يخضعوا للربّ، فضربهم الربّ، أدّبهم كما يؤدّب الأب ابنه. في المرحلة الأولىكان عمل ضدّ المصريّين، لأنّهم لم يسمعوا للربّ.
وآية 4 واضحة: »رأيتم«. يعني هناك خبرة مع الله. الربّ ليس فقط ذاك الذي يتكلّم، بل هو ذاك الذي يفعل. رأيتم بعيونكم. لم يخبركم أحد. لا تحتاجون إلى خبر من الخارج. كلاّ. أنتم رأيتم. قد لا يكون الذين يسمعون هذا الكلام، أشخاصًا عبروا في البرّيّة، وعاشوا في مصر. المهمّ أنّ الرؤية التي أراها أنا، تنتقل إلى إخوتي، وخبرتي تصبح خبرتهم.
رأيتم ما فعلت بالمصريّين، وكيف حملتكم على أجنحة النسور. حملتكم كما الوالد يحمل ابنه، والأمّ تحمل ابنتها لئلاّ يصيبهما أذًى. وهنا الربّ حمل شعبه. وفي الواقع هو يحمل كلّ واحد منّا. والصورة رائعة، ليس فقط حملنا. قد يكون هناك بعض الوحل، بعض الماء. هو حملنا، رفعنا عاليًا جدٌّا. يقول على أجنحة النسور. يشبّه الربّ نفسه بالنسر. وكلّنا يعرف كم يرتفع النسر حين يطير في الأعالي. حملتكم على أجنحة النسور كما في الطائرة، عاليًا جدٌّا. بحيث لا يصيبكم شرّ، لا يصيبكم مكروه، ولا يستطيع أحد أن يصل إليكم.
ما فعلت بالمصريّين فعلاً سلبيٌّا فقط، فضربتهم، بل حملتكم على أجنحة النسور. وأخيرًا جئت بكم إليّ. إذًا الربّ هو الذي ينتظر شعبه على جبل سيناء. وإن كان فعل ما فعل حين ضرب المصريّين، وحمل شعبه على الأجنحة، فلكي يأتي بشعبه إلى جبل سيناء، ليُسمعه وصاياه وشرائعه وفرائضه. لهذا يقول: جئتُ بكم إليّ.
6 - فإن سمعتُم
آية 5: »والآن إن سمعتم«. هي الشرطيّة: إن سمعتم كلامي وحفظتم عهدي، فإنّكم تكونون شعبي الخاصّ بين جميع الشعوب. هناك شرط أساسيّ: سماع الكلمة وحفظ العهد. يعني التسمية الخارجيّة لا تكفي. لا نقدر أن نقول: نحن أبناء إبراهيم. كلاّ. هناك شرط أساسيّ حتّى يكون الشعب العبرانيّ شعب الله الخاصّ بين جميع الشعوب، وكلّ مدينة وكلّ جماعة وكلّ رعيّة تستطيع أن تسمع الأقوال عينها. إن سمعتم كلامي وحفظتم عهدي.
وماذا تكون النتيجة؟ أنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمّة مقدّسة. مملكة كهنة يعني له دور كهنوتيّ، هو الوسيط بين الله وجميع الشعوب، مع مكانة خاصّة للكهنة في تقديم الذبائح، والاهتمام بالهيكل وتعليم الشعب وغيره. تكونون لي كهنة وأمّة مقدّسة. مقدّسة، يعني أنا فرزتُها، جعلتُها جانبًا، كرّستها لي. تصبحون أمّة مكرّسة لي. وكيف تكون أمّة من الأمم مقدّسة للربّ؟ وكيف يكون شعب من الشعوب مكرّسًا للربّ؟ يكون كذلك إن هو سار بحسب وصاياه، بحسب فرائضه، إن صار أمينًا لعهده.
إذًا الشعب لا يكون شعب الله إلاّ إذا سمع كلام الله. والشعب لا يكون مملكة كهنة وأمّة مقدّسة، إلاّ إذا حفظ عهد الله. فهو إن لم يحفظ هذا العهد، يكون شعبًا مثل سائر الشعوب. فيقول بولس في الرسالة إلى روما: هناك الزيتون الجوّيّ. خسر ما أعطيَ له فأصبح زيتونًا برّيٌّا، رذله الله، لأنّ هذه الشرطيّة »إن سمعتم كلامي وحفظتم عهدي«، لم تنفَّذ. فالربّ عندما يطلب إنّما هو متطلّب. يريدنا أن نكون من سامعي كلامه، من حافظي عهده. هذا هو الكلام الذي تقوله لبني إسرائيل، يا موسى.
حمّل الربّ موسى كلامه، وعلى موسى أن يحمل هذا الكلام إلى شعبه. ونعرف أنّه لا يحقّ له أن يزيد أو ينقص على ما قاله الربّ له.
آية 7: »فدعا موسى شيوخ الشعب وألقى على مسامعهم جميع هذا الكلام الذي أمره الربّ به«. إذًا أمرَ الربّ فأطاعَ موسى، تكلّم الربّ فتكلّم موسى، وكان جواب الشعب مثل جواب موسى. فأجابوا كلّهم: »جميع ما تكلّم به الربّ نعمل به«. نحن لا نستطيع أن نختار ماذا نعمل أو ماذا لا نعمل. بل نعمل بجميع ما تكلّم به الربّ. لا شكّ نحن ضعفاء، لا نقدر أن نعمل كلّ شيء، ولكن لا نستطيع أن نقول منذ البداية: أفعل نصف الأمور وأترك النصف الآخر. كلاّ. جميع ما تكلّم به. وهكذا نقل موسى إلى الربّ جواب الشعب.
ذاك هو، أحبّائي، المقطع الأوّل من فصل 19، عندما وصل الشعب تجاه سيناء. كأنّي به وصل تجاه المحجّة، وصل أمام الله، وهو ينتظر أن يسمع أوامر الله، أن يسمع كلام الله، أن يسمع وصايا الربّ. بدأ موسى وسمع، وسيأتي وقت يسمع الشعب. قالوا: جميع ما تكلّم به الربّ نعمل به. يا ليتنا نحن نسمع كلام الربّ، نسمع ما يقوله الربّ لنا، نعمل به. عندئذ تتحقّق الشرطيّة: نكون شعبًا كهنوتيٌّا، نكون أمّة مقدّسة، نكون الشعب الخاصّ للربّ. هو يقول لنا: أنتم شعبي. ونحن نقول له: أنت إلهنا. آمين