تقديم

تقديم

أردنا أن نتأخّر بعض الوقت في إصدار الجزء الثاني من هذا التأمل في المزامير. ولكن ألحّ علينا الأصدقاء والعارفون بحاجة المؤمنين، فأسرعنا في تقديم هذا الكتاب الآخر الذي عنونّاه: أنشدوا للرب نشيدًا جديدًا.
أجل، سفر المزامير هو كتاب الأناشيد. والاسم يدلّ على هذا الغناء الذي ترافقه الآلات الموسيقيّة. هنا نتذكّر المغنّين في الهيكل والعازفين، ونتذكّر الملحِّنين أمثال هيمان وآساف. ولا ننسى المؤلّفين انطلاقًا من داود حتى ذاك الذي وضع اللمسات الأخيرة لأقوال صارت صلاة المجمع اليهودي قبل أن تصير صلاة الجماعات المسيحيّة ولاسيّما الرهبانيّة منها التي تتلو المزامير في الليتورجيا اليوميّة.
والنشيد يكون جديدًا. هذا لا يعني أننا نستنبط مواضيع لم يطرقها الذين سبقونا. فالمواضيع هي هي من خلق وخلاص. من توسّل وشكر. من عرض حاجات الجسد وحاجات النفس. هو المؤمن يتألّم ويحسّ بالضيق والمرض والاضطهاد. وهو يفرح لخلاص ناله ولملك عاد من الحرب منتصرًا. المواضيع هي هي، ولكن الجديد فيها هو عاطفتنا التي تدخلنا في حضرة الله يومًا بعد يوم، فتجعل من المؤمن جار الله وصديقه الحميم. ومع الله لا مكان للرتابة والضجر. فهو كل يوم يخلق جديدًا. ونحن من أجل هذا نرفع إليه كل يوم نشيدًا جديدًا، نرفعه مع جميع الأرض. نرفع الرب، نبارك اسمه، ونبشِّر من يوم إلى يوم بخلاصه.
هذا الكتاب حاولنا أن نقسمه خمسة أقسام، كما فعلنا بالنسبة إلى الذي سبقه والذي سمَّيناه "ألهج بكلامك نهارًا وليلاً". كانت أقسام الجزء الأول كما يلي:
طريق الرب (مز 1- 10). الله ملجأ لنا (مز 11- 20). نعم الرب وبركاته (مز 21- 30). بين يدي الرب (مز 31- 40). في حمى الله الملك (مز 41- 50). أما أقسام الجزء الثاني فهي: نداء إلى الرحمة (مز 51- 60). الربّ سيّد الكون والتاريخ (مز 61- 70). أين هو الرب لا يتدخّل (مز 71- 80). نداء إلى السلام والبركة (مز 81- 90). نشيد الهتاف والحمد (91- 100).
أما الأسلوب فهو هو كما في الجزء الأول. في محطة أولى نتعرّف إلى الفن الأدبي. في الثانية، العنوان والتصميم. في الثالثة، المعاني الكتابيّة. في الرابعة نحاول أن نصلّي المزمور كما تصلّيه الكنيسة في خطى المعلم. في المحطة الخامسة نقدّم تأملاً أو دراسة قصيرة. وفي السادسة نورد نصًا من آباء الكنيسة.
مسيرة حلوة فيها نحدّث الله بكلام الله. يا ليتنا نعتاد على هذا الكتاب وعلى رفيقيه بحيث نفهم ما نصلّي فلا يذهب كلامنا في الهواء (1 كور 14: 10). كان يقول أوغسطينس: من أنشد صلّى مرتين. ونستطيع أن نقول: من فهم ماذا يصلّي صارت صلاته غذاء لنفسه ولجماعته. من أجل هذا قدّمنا هذه المجموعة من المزامير في إطار نشيد جديد نرفعه إلى الله.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM