الخاتمة

 

الخاتمة

تلك كانت صلاتنا في هذه المرحلة الثالثة من صلاتنا للمزامير. بدأت في مز 28، وانتهت في مز 37. فالمزمور الواحد أوسع من أن نصلّيه في ربع ساعة أو نصف ساعة من نهارنا. نقرأه أكثر من مرّة. نتوقّف عند آية من آياته. ندخل في عاطفة المرنّم، سواء كان الملك داود أو مؤمنًا من المؤمنين. وفي النهاية، يصبح هذا المزمور مزمورَنا. صلّيناه، عشناه. لم يعُد حرفًا ميّتًا نحفظه غيبًا لكي نرمي به الخصوم. في مثل هذا المناخ، لن يعود المزمور صلاة. ومن الأفضل أن نتركه جانبًا، لأنّنا لم ندرك الدرّة الثمينة التي وصلت إلى أيدينا.

والمزامير تحمل أكثر من عاطفة، لهذا لا نحاول أن نجعل «منطقًا» عرفه العالم اليونانيّ، فيه تتواصل الأفكار كما في عمليّة حسابيّة، هندسيّة. التنظيم المادّيّ شيء، وحاجات القلب شيء آخر. إذا كنتُ في قلب المرض، أبدأ وأصرخ، كما الطفل يدعو أمّه. إذا كنتُ أمام أعداء يحاصرونني من كلّ جهة، أبدأ وأصرخ. أين إله العهد. معي تعاهد. معه اتّفقنا. تولّى أمرنا. صرنا له بعد أن جعل ذاته لنا. أحبّنا، أرسل أنبياءه لنا. وفي النهاية، ابنه الوحيد. وهكذا، لم نعد أولئك العبيد الذين يخافون أسيادهم، بل الأبناء الذين دخلوا في سرّ الآب السماويّ.

عندئذ ينطلق النشيد. نحن نفتخر بإلهنا الذي يوجّه التاريخ، يوجّه حياة كلّ واحد منّا. هذا إذا شئنا، لأنّه يحترم حرّيّتنا. هو الحاضر، الحاضر حتّى وإن كنّا غائبين. هو الفاعل، الفاعل مهما تكاسلنا. ينجّينا ساعة نيأس من النجاة. يحمينا ساعة لا ملجأ لنا ولا حماية. يحيينا ساعة نصل إلى حافّة الموت.

فلا يبقى لنا سوى أن نعلن إيماننا: الربّ هو الإله. ولا إله سواه. ونندم المرّة بعد المرّة حين نفعَل مثل الملك آخاب: ذهب يسأل الإله داجون، وما سأل الإله الحيّ. فالإله الصنم ولو كان من لحم ودم، كما هي الحال في أيّامنا، يخضع لنا ويُخضعنا له. هو في قبضة يدنا نتعامل معه بالسحر، ونحسب أنّنا نجحنا، فإذا الفشل أمامنا. نحسب أنّنا سائرون إلى الحياة، فإذا الموت، وإلى الخلاص فإذا الهلاك.

نؤمن. نؤمن. قلنا: الربّ هو الإله. لا بأفواهنا فقط، بل بكُلِّ حياتنا.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM