الخاتمة

الخاتمة

في مرحلة أولى سوف تتبعها مراحل، قرأنا من المزامير، ثمانية عشر مزمورًا. وجعلنا الكتاب في ثلاثة أقسام، تسهيلاً للقراءة والتأمّل والصلاة.

فالصلاة هي قبل كلّ شيء وقفة أمام الربّ. الملك يدعونا ونحن نقف في حضرته. والله يدعونا ونحن أمامه. لا كالعبد أمام السيّد، بل كالابن أمام أبيه والابنة. نقف أمامه، نفتح له قلبنا، نتوسّل إليه ونقدّم له صعوباتنا وحاجاتنا.

هو دعانا إلى السعادة، ولكنّنا نرى هذه السعادة بعيدة عنّا. أقلّه بعض المرّات. والسبب، لأنّنا بحثنا عن السعادة حيث لا تكون. لأنّنا طلبنا الله وسط الأصنام العديدة. أما هكذا تفعل الديانات في الشرق الأقصى على مدخل معابدها؟ هل تبحث عن الإله الحيّ وسط الأصنام الميتة؟ هل تبحث عن الإله القدير، وسط البشر الضعفاء؟ نحن نشبه النسوة عند باب القبر. جئن بالحنوط يبحثن عن يسوع الذي مات يوم الجمعة ودُفن. ولكن اليوم هو يوم الأحد، إنّه قام، ولهذا، قال الملاك: »لماذا تبحثن عن الحيّ وسط الأموات«.

نمضي إلى البعيد. نطوف الشرق والغرب، بحثًا عن ا؟، كم نحن مساكين: نطلب أحاسيس جديدة؛ ظهورات، اقشعرارًا، أخبارًا عن مدهشات. بينما الإله الحقيقيّ، كما نراه في يسوع، لا يماحك ولا يصيح، ولا يسمع أحد صوته في الشوارع. هو إله الحضور البسيط. كما حضور الأم لدى طفلها وهو يلعب أمامها. لا تزعجه في كلّ دقيقة. لا تفرض عليه حضورها: أنا هنا. لا تخف، ولكنّه غير خائف، هو مطمئنّ. ومن لا يعرف مثل هذا الاطمئنان، لا يعرف كيف يصلّي المزامير.

لا شكّ، هو يسأل: هذا الغنيّ الظالم، أتُرى الله يباركه؟ هذا الرافض لوجود الله، ماذا يفعل الله ليقول له: أنا هنا؟ هذا الجاهل الذي يعتبر أنّ الله أضعف من أن يفعل، ماذا ينتظر الله لكي يريه فعله؟

وأنا المؤمن، ماذا ربحتُ من الربّ؟ أما يعامل الشرّير والبارّ على قدم المساواة؟ ففي النهاية، جميعنا نموت. ونُجْعَل في التراب.

ولكنّ التساؤل يدلّ على إيمان عميق يريد أن يعبّر عن ذاته في قلب عالم فاسد. قال يسوع: أنتم في العالم. ولكنّكم لستم من العالم. تلك هي الصعوبة: نكتشف الربّ حيث نعيش. هو حاضر معنا وإن كنّا لا نرى وجهه. هو فاعل في حياتنا وإن لم تفرض يده ذاتها على يدنا.

فما أعظم هذا الإله في ثورته. وما أطيبه في حنانه وقربه منّا. فيا ليتنا نبقى معه. نعيش في ضيافته، وأيّ ضيافة يقدّمها لنا. هلاّ زرناه، أقمنا معه نهارًا كاملاً، كما فعل التلميذان الأوّلان حين عرفا أنّه حمل ا؟ الحامل خطيئة العالم؟ إن لم نفعل بعد، فماذا ننتظر؟ المائدة موضوعة. نستطيع أن نجلس إليها. عندئذ نعرف السعادة التي تتوق إليها قلوبنا. طوبى لمن سار في شريعة الربّ!

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM