الربّ هو الإله : تقديم

سلسلة بين عهدوعهد

11

الربّ هو الإله

الخوري بولس الفغالي

2007

 

تقديم

احتار المؤمنون في أيّام الملك آخاب، وزوجته إيزابيل التي جلبت معها عبادة البعل وساندتها فسيطرت على عبادة الإله الواحد. أعياد كبيرة، فيها الطعام والشراب وسائر الملذّات. والناس يأتون بالآلاف. على أصوات الأناشيد يرقصون، يفرحون، ينسون نفوسهم من السكر. تجاه ذلك، عبادة الإله الواحد، ينشد المؤمنون.

يسمعون أخبار الآباء وما تمّ لهم من خلاص على يد الله. ثمّ يأكلون معًا، في حضرة الله الذي لا يُرى، ويمضون إلى بيوتهم. ليتورجيا «ناشفة ». بعيدة عن الحياة والصخب. يقوم بها «مساكين بالروح».

ويطرح الإنسان سؤالاً: أين هو الإله الحقيقيّ؟ لأنّه لا يمكن أن يكون إلهان اثنان في العالم. فنحن نؤمن بإله واحد خالق السماء والأرض. كلّ ما عداه مخلوقات صنعتها يداه.

ذاك الآتي من سيناء تعلّم: أنا الربّ إلهك، لا يمكن لك إله غيري. والملك العائش في السامرة يعبد الإله بعل مع مئات الكهنة والأنبياء الذين يأكلون على مائدة الملكة. لهذا، اعتاد المؤمنون أن يمضوا إلى أعياد البعل وإلى أعياد الربّ الإله. وهكذا يرضون الجميع. فصرخ فيهم إيليّا النبيّ: إلى متى تعرجون بين الجنبين: إن كان البعل هو الإله، فامضوا وراءه، وإن كان يهوه، الربّ، هو الإله فاتبعوه. فلا بدَّ من اتّخاذ القرار.

وكانت تلك الذبيحة المعروفة على جبل الكرمل: نزلت نار من السماء، فأكلت الذبيحة ولحست الماء والتراب، فدلّت على حضور الربّ الذي هو نار ملتهبة. فهتف الشعب: الربّ هو الإله.

تلك هي صلاة المزامير. من قلب الضيق، نهتف: الربّ هو الإله. وهو يعمل. وما أجمل ما يعمل! في عمق المرضِ الذي قد يصل بنا إلى الموت، نهتف: الربّ هو الإله. إلى يديه نسلّم حياتنا. في هوّة الخطيئة وما يمكن أن تحمل لنا من شرّ، نصرخ الربّ هو الإله. ونطلب الغفران. ونستعدّ لانطلاقة جديدة. وحين نحسّ بيد الله تلامس يدنا، تدافع عنّا، تحامي، نهتف: الربّ هو الإله.

هذا ما نقدّمه في هذه المرحلة الثالثة من تأمّلاتنا في المزامير. الحاجات متنوّعة. ومثلها الصلوات. كلّ شيء يبدأ بفعل إيمان بمن هو سيّد الكون والتاريخ. فمن يقدر عليه؟ وإن كان ذاك الأب (والأمّ) الذي يحنو على أولاده، فماذا لا ننتظر منه؟ بعد ذلك، هل نجسر أن نضع ثقتنا في البشر مهما كانوا؟ هل نسير مع سائر الناس نطلب ما يطلبون، ونعيش ما يعيشون، نقدِّر ما يقدّرون، ونحتقر من يحتقرون؟ عند ذاك يتأسّف الله علينا. كما تأسّف على الذين هلكوا في الطوفان. يقول بلسان النبيّ: ربّيتُ بنين. ولكنّهم تنكّروا لي، تركوني.

من أجل هذا، نعتاد على قراءة المزامير. نصلّيها، نتأمّلها، نردّدها في نهارنا. فهي تعلّمنا أن لا نرفع عيوننا وقلوبنا إلاّ نحو الربّ الإله. فالآلهة ما زالوا عديدين. والديانات تتكاثر. نأتي بالناس إلينا، لا إلى الله. وحين نُحسّ بأنّنا ضُلّلنا يكون الوقت قد فات.

ولكنّ الوقت ما فات. ونحن نستطيع أن نجدّد الإيمان والرجاء، فنعلن مرّة أخرى: الربّ هو الإله، الربّ هو الإله.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM