تقديم

سلسلة بين عهدوعهد

9

كتاب الطوبى

الخوري بولس الفغالي

2007

تقديم

حين كان آباؤنا يتعلّمون القراءة والكتابة، ولم يكن في ذلك الوقت كتب كما هو الأمر اليوم، كانوا يعتبرون أنّهم أنهوا دروسهم إن هم قرأوا الطوبى. فالطوبى أوّل كلمة من كتاب المزامير. طوبى في السريانيّة، طوبى في العربيّة. أي هنيئًا للإنسان الذي لا يسلك في مشورة الأشرار، بل في شريعة الربّ مسيرته.

تلك هي بداية المزمور الأوّل الذي هو دعوة إلى السعادة الحقيقيّة. هناك طريقان، طريق الأبرار، والربّ يعرفها، وطريق الأشرار تبيد، تذهب إلى الهلاك، والإنسان يختار.

لهذا أعطينا هذا الجزء الأوّل من التأمّل في المزامير، اسم »طوبى«، ما أسعدنا إن نحن صلّينا إلى ا؟ بكلام ا؟، ما أسعدنا إن صلّينا ما صلاّه يسوع على الأرض، ما أسعدنا إن شاركنا الكنيسة وأبناءها في تلاوة المزامير وإنشادها. هي الزاد الوحيد للنسّاك، بشكل خاصّ، يمضون أيّام الصوم، ينعزلون في قراءاتهم، ولا كتاب لهم سوى المزامير يحفظونها عن ظهر القلب.

فمسيرة »من عهد إلى عهد« لم تنتهِ بعد. بل أمامنا طريق طويل من الصلاة والتأمّل، من قراءة كلام ا؟ ووضعه في حياتنا اليوميّة مع صعوباتها وسهولاتها، مع أفراحها وأحزانها، مع آلامها ومسرّاتها.

مسيرة بدأت في قراءة سفر التكوين، وامتدّت إلى سفر الخروج. وها هي الآن في سفر المزامير. على صوت المحبّة تكون هذه التأمّلات وما زلنا. وجاء أولادنا من رسل الكلمة في برج حمّود والدكوانة، نسخوا كلامنا عن المسجّلة. وها نحن نقدّمها للقرّاء المتعطّشين إلى كلام ا؟. لا إلى المتخَمين، لا إلى الذين يعتبرون نفوسهم بدون حاجة إلى مثل هذه القراءات التي تعدّاها الزمن.

كيف نقرأ؟ كلّ يوم نكرّس بضع دقائق. الكتاب المقدّس في أيدينا. ومعه هذا الكتاب وما سبقه وما سوف يتبعه. نقرأ النصّ على مهل، ثمّ ما يُقال في هذا الكتاب. ونتوقّف من أجل التأمّل والصلاة، فكتاب المزامير هو قبل كلّ شيء كتاب الصلاة. نتأمّل في كلام ا؟. نتوقّف عنده. نحاول أن نأكله. كما فعل حزقيال بأمر الربّ الإله. هذا يعني أنّنا جياع وعطاش. هذا يعني أنّ الربّ خلق فينا جوعًا، لا إلى الطعام ونحن لا ينقصنا شيء، بل إلى كلام الله. نمضي إلى هنا وإلى هناك، فنجد المرارة مع الحلاوة، والسمّ مع دواء الحياة. نتبع تعاليم ويا لها من تعاليم تملأ قلوبنا خوفًا ورعدة، وتحرمنا الثقة با؟، بعد أن جعلنا ثقتنا في بشر، في جماعات مغلقة. تريد أن تسلب حريّتنا، تريد منّا ما نملك، لا ما نحن. هم بعيدون عن بولس الرسول الذي يريد أن يقدّمنا للمسيح، لا أن يحتفظ بنا لنفسه، فيفتخر بالعدد الذي حوله.

نترك الربّ ولا نعرف، ونبدو عميانًا يزداد عماهم. أوّل صوت يهتف لنا نتبعه. وبعد ذلك، نرى نفوسنا مثل الخراف الضالّة، هكذا إذا لم نرتضِ بأن نتميّز عن إخوتنا وأخواتنا، وأيّ تميّيز هو. ونحسب حالنا في الحقيقة. ونحن بعيدون جدٌّا عنها. ونؤكّد ما ندعوه »إيماننا« وقراءتنا للكتاب المقدّس. ونشدّد لكي نعطي ثقة لنفوسنا، بينما الثقة الحقّة هي با؟. له نعطي ذواتنا، وإليه نسلّم نفوسنا.

وهذا ما نفعله حين نتلو هذه المزامير، ونتأمّل فيها، كما فعل العديدون في كتاب الطوبى، وطلبوا أن يقرؤوها، وها هي الآن بين أيديكم.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM