الخاتمة

الخاتمة

تلك كانت مسيرتنا مع الله القدّوس. ذاك الإله الذي هو بعيدٌ كلَّ البعد عن البشر، لأنه من السماء وهم من الأرض. لأنه القداسة وهم الغارقون في الخطيئة، منذ البدء »الذين يتصوّرون الشرّ في قلوبهم، ويتهيَّأون له نهاراً وليلاً« (تك 6:5).

هو القدّوس ويدعو البشر إلى الاقتداء به. بدأ مع شعب كوّنه من لا شيء. فصله عن سائر الشعوب، لا في حياة تختلف عن حياتهم، بل في تصرّف يُفهمهم أنهم خاصة الله. ذاك ما علمنا سفر اللاويّين الذين توجّه أولاً إلى من هم »حصّة الله«، قبل أن يتوجّه إلى المؤمنين، بل إلى البشر جميعاً. وقد ربط حياة المؤمن كلها بمن هو الربّ الذي يحقّ له وحده أن يطلب ويأمر. فهؤلاء الذين رافقوا موسى، قد افتداهم الربّ من العبوديّة فصاروا له. ما عادوا مُلكاً لنفوسهم. لهذا، تولّى أمرَهم الله، لا لأنهم أفضل الشعوب، بل لكي يجعل منهم شهوداً له في العالم: يشهدون أنه الاله الواحد. الاله الحق. الإله الذي يُحبّ ويطلب من الانسان أن يُحبّ قريبه. أن يحبّ جميع الذين يلتقي بهم، لأنهم جميعاً خُلقوا على صورة الله ومثاله.

هذا القدوس اختبر أشعيا حضوره في الهيكل، فأحسّ أنه صار قريباً من الموت. هذا القدوس طلب من نبيّه أن يحمل كلامه. ولكن كيف له ذلك وشفتاه خاطئتان. لهذا جاءت النار التي ترمز إلى الله فنقّت الشفتين والفم. صارت جمرة محرقة عن المذبح. عندئذ استعدّ النبيّ فقال: ها أنا حاضر، فأرسلني.

قداسة الله هذه تظهر في شعائر العبادة. في عمل الكهنة، في تقريب الذبائح والتقادم، في الحفاظ على يوم السبت وأعياد السنة. وهي تظهر خصوصاً في محبّة القريب. هذه المحبّة التي تنتسد إلى محبّة الله. كيف يتجاسر المؤمن أن يصوم ويعتبر بذلك أنه يُرضي الربّ، ساعة يضيّق على المسكين الذي هو حصّة الله؟ من أجل هذا، تُنبَذ مثلُ هذه العبادة. كما تُنبذ صلوات وتقادم يقوم بها »مؤمنٌ« ترك الاحسانَ والعدل، وما أنصف اليتيم ولا حامى عن الأرملة.

من أسفار الشريعة، انتقلنا إلى أسفار الأنبياء. التعليم هو هو. من سفر اللاويّين إلى نبوءة أشعيا حاولنا التعرّف إلى قداسة الله وما تطلبُه منا مشيئته. فيبقى علينا نحن الذين عرفنا، أن نعيش في هذا المناخ. الذين سمعوا موسى طُلب منهم أن يعملوا بوصايا الربّ، وهم في البريّة. والذين سمعوا أشعيا، فهموا أهميّة الايمان في ظروف صعبة وأحوال قاسية. ونحن نستعيد قراءة هذه النصوص التي تجد كمالها في يسوع المسيح الذي هو لنا »الحكمة والبرّ والقداسة والفداء« (1كور 1:30).

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM