القسم التاسع: النبي أشعيا شعب الله في قلب الضياع

بعد المقدّمة، نقرأ ثلاثة فصول:

1- حالة الضياع

2- صوت النبيّ

3- وجه الله.

حين نقرأ القسم الثالث من نبوءة اشعيا (ف 56 - 66)، نحسُّ كأن كلام هذا النبيّ يتوجّه إلينا اليوم. كانت الحرب قاسية فانتهت سنة 587 ق م بدمار المدينة وحريق الهيكل وذهاب الملك إلى المنفى. وهرب من هرب من السكّان. ولكن الكثيرين تهجّروا. فيقال لهم بأن يعودوا. ويصوّرُ لهم هذا النبيّ الذي لا نعرف اسمه، أرضَ الموعد كما وصفها النبيّ حزقيال. هي أرض السعادة حول هيكل الربّ، فيها الشعب يعيش المساواة. هي أرض السلام في خطّ اسم أورشليم مدينة الله. وعاد المهجّرون. لا الأغنياء، بل الفقراء. لا الذين نظّموا أمورهم ففتحوا المصارف والمصانع والمتاجر، بل الذين ما عرفوا أن يتجذّروا حيث أخذهم العدوّ إلى المنفى، فعملوا في الزراعة والريّ والبناء. وعاد بشكل خاص الكهنة واللاويّون، الذين حنّوا حنيناً إلى خدمة معبد لم يبقَ منه شيء سوى الدمار والرماد. عاد من عاد. فوجد بيتَه مدمّراً أو محتلاً. وأرضه خربة إن لم يضع إليها الآخرون يدهم، سواء كانوا أغراباً، أو من الأهل والأقارب والجيران. حالة يُرثى لها. اليأس هو هنا. والضياع والقلق. هذا على المستوى البشريّ. فلا بدّ من صوت الله يعيد الأمل إلى القلوب، والبسمة إلى الوجوه، والنور إلى العيون.

كل هذا نقرأه في اشعيا الثالث، أو القسم الأخير من اشعيا الذي يبدأ بكلام الربّ، وكأنه لا يحتاج إلى بشر يحملون هذه الكلمة. »وهذا ما قال الربّ: احفظوا الحقّ واصنعوا العدل، فخلاصي اقترب أن يأتي، ووعدي تجلّى« (56:1). أجل الربّ آتٍ وهو يحمل الخلاص. يرى، يسمع، يفعل. ومن خلال عمله يكتشف المؤمنون وجهَه. بعد أن نقرأ حالة الضياع، نسمع صوت النبي. وفي النهاية نرى وجه الله كما رآه أيوب فيعود السلام إلى القلوب والراحة إلى النفوس.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM