تقديم

تقديم

بعد جزء أول عن تفسير صلاة الأبانا عند الآباء، نقدّم جزءاً ثانياً. لأسباب عملية أولاً، لأن القراءة الربيّة لا تشمل كتباً كبيرة الحجم، شأنها شأن الدراسات البيبليّة. ثم إننا ما أردنا أن يكون للأب الواحد من هؤلاء الآباء النصوص الكثيرة. فجعلنا مثلاً ليوحنا الذهبيّ الفم شرح الأبانا في عظة الجبل، في الجزء الأول، وتركنا للجزء الثاني ما نقرأ في عظات في العهد الجديد. وكذا نقول بالنسبة إلى أوغسطينس. بعد شرح عظة الجبل، قدّمنا في الجزء الثاني ثلاث عظات جاءت بين عظات أوغسطينس التي عُدَّت بالمئات.

أما أوريجنس، فما اكتفينا منه بشرح الأبانا، بل قدَّمنا كتابه كلّه عن الصلاة،  الذي هو درّة من درر الأدب المسيحيّ لدى الآباء. وكان في ودِّنا أن ننقل عظات غريغوريوس النيصيّ حول الأبانا، فاكتفينا بواحدة ولكن بقيت أربع.

هذه النصوص أخذناها من الآباء اليونان والآباء اللاتين. وماذا عن التراث السرياني؟ لم نجد عند افرام شرحاً للأبانا في الانجيل الرباعي أو الدياتسارون. ولم نستطع أن نحصل على تفسير إيشوعداد المروزي للعهد الجديد، رغم عددٍ من المحاولات. فقدّمنا فقط ثلاثة آباء. تيودورس، أسقف المصيصة، الذي وصل إلينا في السريانيّة كتابُه »العظات التعليميّة« بعد أن ضاع في اليونانيّة. ويعقوب السروجي الذي ترك مئات الأناشيد، ما نسيَ الأبانا. وديونيسيوس يعقوب ابن الصليبي الذي فسَّر كل أسفار العهد الجديد.

أما القسم الأول الذي يفتتح الكتاب، فأردناه نظرة شرقية شاملة إلى فكرة »أبوّة الله«: في الشرق القديم بشكل عام. في التوراة والعالم اليهوديّ وفي فلسطين بشكل خاص، في زمن يسوع. وانتهى كلّ هذا في الانجيل مع توسّع بسيط في الطلبات الثلاث من الصلاة الربيّة.

ويبقى التساؤل الأخير: لماذا الآباء في سلسلة تُقدّم تأمّلاتٍ في النصوص الكتابيّة؟ عادة الخوري بولس يشرح نصاً من النصوص ويقدّمه للمؤمنين. في هذه المرَّة، اختفى الخوري بولس وترك الآباء يحدّثوننا، ويا ما أغنى ما قرأنا وما نستطيع أن نقرأ من غنى حملته الكنيسة على مرّ العصور. وهي تنتظر أن يزداد هذا الغنى بمعلّمين يواصلون قراءة الكتاب، ويكتشفون عمقاً ما وجدوه من قبل في هذه الصلاة التي تفوّه بها المخلص باسمنا فعلّمنا أن نقول: أبّا، أيها الآب الذي في السماوات.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM