جوق الأبرار وسط عالم خاطىء

جوق الأبرار وسط عالم خاطىء

حين نقرأ الفصل الخامس من سفر التكوين، نحتار. فهناك عشرة أسماء تبدأ مع آدم وتنتهي مع نوح، لا أكثر ولا أقلّ. وهناك أعمار تمتدّ على مئات السنين ويصل أكبرها إلى تسعمئة وتسع وستين سنة مع متوشالح، الذي صار مثالاً في طول العمر، لمن يقرأ النصّ قراءة حرفيّة. أسماء صارت من التقليد فأراد الكاتب أن يرى فيها أبناء الله الذين يعيشون البرارة ويحفظون العالم من الدمار، على مثال ما كان يمكن أن يحدث لسدوم لو وُجد فيها عشرةُ ابرار. وبرز بينهم ثلاثة أشخاص: أنوش، أخنوخ، نوح. واحد علّم الناس الصلاة والدعاء باسم الربّ. والثاني، أخنوخ، سار مع الربّ وسلك في وصاياه قبل أن تأتي الشريعة الموسوية. والثالث، نوح، أراح قلب الربّ ونجّى الأرض من اللعنة، فكان منه النسل الجديد بعد الطوفان. أبرار ثلاثة في عالم خاطىء سيكونون مثالاً للذين يأتون بعدهم وصولاً إلى العهد الجديد مع يوسف البار الذي اطاع الربّ فأخذ امرأته كما قيل له، ومع زكريا الكاهن المتعبّد للربّ، ومع سمعان النبيّ الذي اكتشف حامل الخلاص لدى طفل بين آلاف الأطفال، فما عاد يرجو عمراً بعد اليوم، بل لقاء تاماً بالربّ.

1- اسماء ثلاثة

بدأ العالم مع خطيئة آدم التي جعلت الانسان يحوّل الفردوس بأرضه الغنّاء وحضور الله فيه، إلى صحراء قاحلة تُنبت شوكاً وعوسجاً. وكانت خطيئة القتل مع قايين ابن الريف والمدينة، تجاه اخيه ابن البدو والرعاة. وتوسّع القتل والانتقام، إلى ما لا حدود له: سبعاً وسبعين مرة. واخترع الانسان من أجل القتل النحاس والحديد، معدنين لصنع الاسلحة. سيطر العنف بين القويّ والضعيف. وبين الرجل والمرأة، فاتّخذ الانسان أكثر من امرأة لتلعب الغيرة، فيكون له دور فرّق تسد. داس الانسان الوصايا، وانفتحت الطريق واسعة امام الطوفان. أترى تخلى الله عن الانسان؟ أترى غاب نسل الابرار؟ كلا.

قدّم لنا الكاتب الملهم سلسلة من الناس مقدّسة مرتين. فالرقم خمسة هو رقم القداسة. لأن اسفار الشريعة خمسة. وأقسام المزامير خمسة. والأعمار تدل على قداسة هذا النسل. فالاب الذي يلد الاولاد يكون شبه خالد. حسب المثل المعروف: «من خلف ما مات». ففي الكتاب، العمر الطويل يدلّ على أن صاحبه أرضى الله في نفسه وفي أولاده. ذُكر شخص امتدّت حياته على تسعمئة سنة. لأن نسله لبث حاضراً كل هذه السنين، وذلك بسبب برارته. لهذا حين تكثر الخطيئة سوف يقول الكاتب بلسان الله: «لا تدوم روحي في الانسان إلى الأبد، فهو بشر وتكون أيامه مئة وعشرين سنة» (تك 6: 3)، اي يصل إلى ثلاثة اجيال، والجيل في ذلك الزمان هو اربعون سنة، عمر الانسان. ذاك كان معدّل الأعمار عند الأكثرية الساحقة كما هو الحال اليوم في البلدان المتخلّفة.

أ) أنوش

كيف بدت هذه البرارة في نسل آدم وانوش ونوح، تجاه جيل الخطأة في آدم وقايين ولامك؟ تجاه آدم الذي أراد ان يصير مثل الله عارفاً بالخير والشرّ أطلّ انوش، ومعنى اسمه الانسان. قيل عنه: «وفي ذلك الوقت بدأ الناس يدعون باسم الربّ» (تك 4: 26). عرف الانسان ضعفه ومحدوديته، فتطلع إلى من هو القوي واللامحدود. عرف انه خاطىء امام الذي هو القداسة بالذات. وفهم أن الله لا يرغب في شيء سوى ان يرى ابنه الضال، التائه البعيد، مثل قايين، يعود إلى البيت الوالدي، إلى الفردوس. كان انقطع حبل الاتصال بين الله والانسان. طُرد الانسان. أو هو طرد نفسه حين رأى الحالة التي وصل اليها. فالملاك الواقف هنا يدل على حضور الله. وكذلك النار بعد أن عرف المؤمن أن الله نار آكلة (تك 3: 24). فلا بدّ إذن من العودة . وكانت الصلاة الخطوة الاولى كما نسمعها في فم الابن الضال: «أقوم وارجع إلى ابي (لو 15: 18). مع انوش بدأت هذه الصلوات الحلوة التي ستمتدّ لتصل إلى المزامير: «إرحمني يا الله بحسب رحمتك» (مز 51: 3). «لماذا تكتئبين يا نفسي، ارتجي الله» (مز 43: 5).

ب) أخنوخ

وجاء أخنوخ تجاه قايين الذي صار قاتلاً فرفض السير في وصايا الله، بل حسب نوايا قلبه وما فيها من شرّ. جاءت تقدمته أولاً غير مرضيّة لله. وبدلاً من أن يغيّر موقفه ويحسّن سلوكه، أراد أن يغيّر الله. اعتبر أن عمله حسن، أما نظرة الله فجائرة تجاهه. كلّمه الله في اعماق ضميره: «إذا احسنت عملاً رفعتُ شأنك. وإذا لم تحسن عملاً فالخطيئة رابضة بالباب وهي تتلهّف اليك، وعليك أن تسود عليها» (تك 4: 7). ولكن قايين غُلب. هو ما ساد على الخطيئة بل سادت الخطيئة عليه. لو سمع صوت الله ! ولكنه فضّل سماع صوت الحيّة التي هي كاذبة منذ الابتداء، كما قال يسوع في إبليس.

أما أخنوخ فاسمه يدلّ على ذاك الذي يتعلّق بالربّ، يتبعه، ويستمع له. وفي النهاية يتكرّس له. يقول الكتاب: «وسلك أخنوخ مع الله ، ثم توارى لأن الله أخذه اليه». ما أجمل هذا الكلام. هو في رفقة الله. يسمع صوته، يعمل مشيئته، يعيش بحسب وصاياه. مثل هذا الانسان الذي كان مع الله على الأرض، سيكون مع الله في السماء. هو بار بين الأبرار وقديس بين القديسين. والموت الذي هو إفناء الانسان بحيث يصبح كالخيال الخفيف في أعماق القبر، لا يمكن أن يصل اليه. هنا نقرأ المزمور 73 الذي يطبق على هذا البار وعلى كل الأبرار: «وأنا معك كل حين، تمسكني بيدي اليمنى. بمشورتك تهديني وإلى المجد تأخذني من بعد. من لي في السماء سواك، وفي الأرض لا أريد غيرك». (آ 23- 25). وفي أي حال، تحدّد المزامير منذ البداية البار: «ذاك الذي لا يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخاطئين لا يقف، وفي مجلس المستهزئين لا يجلس» بل «في شريعة الربّ مسرّته» (مز 1: 1- 2).

ج) نوح

ولامك أتعب قلب الربّ، داس الوصية الخامسة إلى آخر الحدود. قتل أخاه لسبب بسيط ومدّ «شريعة الغاب» شريعة الانتقام، إلى آخر حدود يمكن الانسان أن يصل اليها. والوصية الاولى في البشرية حول تكوين العائلة من رجل واحد وامرأة واحدة يكونان جسداً واحداً، أضاعها لامك، وسوف يعلّم الرجل أن تكون له أكثر من امرأة. فالمرأة الضعيفة أقلّ من الرجل القويّ. هو السيّد، هو البعل الذي سيصير اسم اله في الحضارات الشرقيّة. ولا يزال هذا الوضع حاضراً.

تجاه لامك كان نوح. قال فيه الكتاب: «هذا يريحنا عن اعمالنا وعن تعب ايدينا في الأرض التي لعنها الربّ» (تك 5:29). ذُكر لامك في سلالة قايين (تك 4: 19- 24)، وذكر ايضاً في سلالة شيت وانوش. فكان أباً نوح. قال عنه الكتاب: «وعاش لامك مئة واثنتين وثمانين سنة، وولد ابناً وسمّاه نوحاً». أيكون الوالد شريراً، والأب باراً، صالحاً؟ إن كان الأمر هكذا، نفهم كلام الربّ في نبوءة حزقيال: «إذا كان الانسان صدّيقاً، باراً، وعمل ما هو حقّ وعدل، فهو يستحقّ الحياة. وإذا ولد هذا الصدّيق ابناً لصاً، سفاكاً للدماء يفعل بعض تلك الشرور، فإنه يموت. وإذا وّلد هذا الرجل ابناً فرأى جميع خطايا أبيه التي عملها. رآها لكنه لم يعمل مثلها، فهو لا يموت بإثم ابيه، بل يحيا من حياة الله» (حز 16: 5- 18).

 

نوح هو العاشر في سلسلة هؤلاء الأبرار. هو الخاتمة في جيل قديم، والبداية في جيل جديد. قال عنه الكتاب مادحاً: «كان نوح في زمانه رجلاً صالحاً، لا عيب فيه. وسلك نوح مع الله» (تك 6: 9) . اذن، شابه اخنوخ، وبرارتُه سوف تُتيح له أن ينجو من الطوفان مع افراد عائلته. بل ان يحمل النجاة إلى العالم، بعد ان صارت سفينته صورة بعيدة عن السفينة التي اقلّت يسوع على بحيرة طبريا بين العالم اليهوديّ والعالم الوثنيّ. والأشخاص الثمانية الذين كانوا في سفينة نوح كانوا البقيّة الباقية (1 بط 2: 5). سلكوا طريق الربّ فنالوا رضى الربّ (تك 6: 8).

2- زكريا، يوسف، سمعان

كانت الأسماء الثلاثة التي ذكرنا صورة رائعة عن الأبرار في العهد القديم. وسيذكر الكتاب آخرين غيرهم كثيرين، فيقول إن الانسان ينجو بأعماله، لا بآبائه. كان الشعب في خطر، في زمن إرميا، واعتبر ان موسى، مؤسس الشعب، وصموئيل مؤسس الملكية، سوف يتشفّعان به بسبب برارتهما. فكان الجواب: «لا يلتفت قلبي إلى هذا الشعب» (إر 15: 1). وفي الواقع كانت الضربة على اورشليم سنة 587 ق م، فدمّرت المدينة، ومات من مات، ومضى إلى السبي من مضى. وذكر حزقيال ثلاثة رجال ابرار هم نوح ودانيال وايوب. «لو كان هـؤلاء الثلاثـة وسط الشعب، مع البرارة التي عُرفوا بها، لما تمكنوا من إنقاذ أنفسهم الاّ بيدهم» (حز 14: 14) هم ينقذون أنفسهم ببرّهم (آ 20)، لا بشيء آخر.

أ) زكريا الكاهن

وانطلق العهد الجديد، فما تنكّر لهؤلاء الأبرار، بل هو أراد أن يكمّل مسيرتهم، على ما قالت الرسالة إلى العبرانيين حين تحدّثت عن ابطال الايمان في العهد القديم: «وما حصل هؤلاء على الوعد مع انه مشهود لهم بالايمان، لأن الله اعدّ لنا مصيراً افضل من مصيرهم وشاء ان لا يصيروا كاملين إلاّ معنا» (عب 11: 39- 40).

وبدأ انجيل لوقا مع زكريا الكاهن. في أول صورة له، نجده في الهيكل: «وبينما زكريا يتناوب في الخدمة مع فرقته ككاهن امام الله، ألقيت القرعة، بحسب التقليد المتبع عند الكهنة، فأصابته ليدخل هيكل الربّ ويحرق البخور. وكانت جموع الشعب تصلّي في الخارج عند إحراق البخور» (لو 1: 8- 10). هو يصلي، هو يدعو، مثل انوش. والشعب يصلي معه. ولكن هذا الكاهن الذي رأى رؤية سيصمت ليدّل على انقطاع بين عهد وعهد. فهو سيكون النبيّ الذي يتطلّع إلى المخلّص الآتي من بيت داود (لو 1: 69). وابنه سيكون ذاك السائر امام الله ليهيّء للربّ شعباً مستعداً له (لو 1: 17). ولكن زكريا ليس وحده. بل هو وامرأته. هو بار وهي بارة. هو يعمل بوصايا الله، وهي ايضاً. فالاثنان لا لوم عليهما في نظر الربّ. اليصابات كانت عاقراً، فمثّلت الشعب اليهوديّ الذي شابه شجرة التين التي لا ثمر فيها، بل مجرّد ورق، ولكنها ستحبل بعد ان اعطاها الله ما اعطاها. اعطاها ولداً «يفرح بمولده كثير من الناس» (لو 1: 14). وزكريا شيخ، فمثّل الشريعة الاولى التي صارت إلى الزوال، التي شاخت واحتاجت ان تتجدّد. وسوف يأتي المسيح «غاية الشريعة». بل يكون هو الشريعة الجديدة، بحيث يكفي ان نتبعه لنصل إلى الله. معه وُضعت السلّم التي تصلّ السماء بالأرض، وفي ميلاده انشد الملائكة: المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام.

ب) يوسف البار

ويحدّثنا القديس متى عن يوسف البار (مت 1: 19). لا نعرف كيف انتهت حياته. عن أخنوخ عرفنا أنه عاش عمراً كاملاً مؤلفاً من سنة من السنين. اي 365 سنة. ثم أخذه الله اليه. أما عن يوسف، أما نستطيع أن نقول، كما قال التقليد عن مريم العذراء، ان يسوع اخذه معه. نقله. فهذا البار أراد أن يكون اميناً لمشيئة الله، شأنه شأن مريم التي قالت للملاك: «ها انا امة الرب فليكن لي بحسب قولك» (لو 1: 38).

دعا الربّ مريم، حين جاء الملاك وبشّرها. ودعا يوسف ايضاً «فظهر له ملاك الربّ في الحلم وقال له» (مت 1: 20). طلب الربّ من مريم ان تكون ام ابنه، وطلب من يوسف ان يكون اباً لهذا الولد الذي جاء من امرأة «لم يعرفها»، الذي جاء من «عذراء» فكان عمانوئيل، اي الله معنا.

ما قيل شيء عن سلوك يوسف مع الله، ولكن ان تذكّرنا ان زكريا واليصابات كانا كلاهما بارين، صالحين عند الله، يتبعان جميع احكامه ووصاياه، ولا لوم عليهما (لو 1: 6)، نفهم ان يوسف ومريم ترافقا في الحياة مع الله. فقرابة مريم مع يسوع ليست فقط على مستوى اللحم والدمّ، بل على مستوى التلمذة وحفظ كلمة الله. قالوا ليسوع: «أمك واخوتك واقفون في خارج البيت يريدون ان يروك». فما كان الجواب: «امي واخوتي هم الذين يسمعون كلام الله ويعملون به» (لو 8: 20- 21) هكذا كانت مريم، وهكذا كان يوسف ذاك البار الذي سمع صوت الله يناديه فأطاع: «جاء بامرأته إلى بيته» (مت 1: 25). أخذ يسوع بيده، تبنّاه، ختنه، طهّره، رافقه إلى الهيكل وهو ابن اثني عشر عاماً. ولما بدأ رسالته وهو ابن ثلاثين سنة، اختفى يوسف ليترك الابن الذي تبناه يسير مسيرته حسب ارادة الآب ( لو 2: 49) قائلاً كما قال المعمدان: «له هو ان يزيده ولي أنا أن أنقص» (يو 3: 30).

ج) سمعان النبيّ

ما كان سمعان وحده النبيّ الذي حمل الطفل يسوع على ذراعيه وبارك الله. فبقربه «كانت نبيّة كبيرة في السنّ اسمها حنة... هذه حضرت في تلك الساعة» التي حضر فيها يسوع «وحمدت الله وتحدّثت عن الطفل يسوع مع كل من كان ينتظر من الله ان يفدي أورشليم» (لو 2: 38).

يروي التقليد اليهوديّ عن نوح أنه أخذ ينذر شعبه بحلول الكارثة. ولبث على هذا العمل مئة سنة. لم يصدّقوه. هزئوا منه. وهكذا حمل نوح كلمة الله فشابه لوطاً في سدوم، ويونان في نينوى. رفض اهل سدوم التوبة، وما وُجد فيهم عشرة ابرار، فضرب البركان المدينة، واعتبر الناس ان الله خربها بسبب شرورها. اما هكذا كان الطوفان. دمّره الله، وما استطاع نوح ان يخلّصه، فخلص هو وعائلته. ولكن يونان استطاع ان ينجيّ نينوى، او استطاعت هي ان تنجو لأنها تابت بإنذار يونان.

غير أن هذا الطفل هو اعظم من يونان (مت 12: 41). وهنيئاً لسمعان وحنة اللذين بشرا به: «عيناي رأتا الخلاص الذي هيّأته للشعوب كلها، نوراً لهداية الأمم ومجداً لشعبك اسرائيل» (لو 2: 30- 32).

خاتمة

نذكر في صلواتنا «جميع الآباء الذين ارضوك منذ البدء»، من آدم إلى اليوم. ويقول التقليد اليهودي، إن آدم بكى خطيئته طوال حياته، مع مريم امرأته. وتابع التقليد المسيحيّ، فجعل جسم آدم حيث سيكون صليب المسيح. وصوّر افراهاط، الحكيم الفارسي، مسيرة عنقود العنب من أبٍ إلى أب حتى وصل إلى المسيح. إن كان الله «لم يترك نفسه بلا شاهد» (أع 14: 17)، نفهم حينئذٍ أن سلالة الأبرار بدأت مع هابيل الذي قدّم ذبيحة أفضل من ذبيحة قايين، ومع اخنوخ ونوح وابراهيم وسارة واسحق وموسى. فالأبرار يشكّلون للمؤمنين سوراً واقياً بوصل البشرية إلى من هو البار والقدوس (أع 3: 14). ويتواصل خطّ الأبرار الذين يستقون برارتهم من يسوع الذي صار لنا من قبل الله «حكمة برا وقداسة وفداء» (1كور 1: 30). فلا يبقى لنا سوى أن نؤمن أن الله برّرنا لنكون قدّيسين ومقدّسين في المحبّة. هو اختارنا ودعانا، ونحن نلبّي النداء.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM