حرّيّة الإنسان تجاه الله 18: 21-32

حرّيّة الإنسان تجاه الله

18: 21-32

إنّ حز 18 مكرّس كلّه ليعلن لنا أنّ الله يقدّم لنا دومًا نداء يتجدّد يومًا بعد يوم: حياة حرّة لا ترتبط بالماضي كما العبد يرتبط بسيّده فلا يستطيع أن يفلت منه. فلا سلوك الآباء يُثقل على مصير أولادهم الذين يعيشون اليوم، سواء كان هذا السلوك صالحًا أو رديئًا. ولا سوابق الفرد تحجّره في موقف اتّخذه في الماضي. فالله يعرض علينا كلّ يوم الحياة التي يجب أن نعيشها، ولا شيء يمكنه أن يؤثّر على جوابنا. فإن أكل الآباء الحصرم فأسنان البنين لا تضرس. النفس الخاطئة هي التي تموت. النفس البارّة هي التي تحيا.

ونقرأ النصّ الكتابيّ (18: 19-32):

19 وتقولون: لماذا لا يحمل الابنُ إثم ابنه؟

الابنُ فعل الحقّ والعدل،

وعمل بجميع فرائضي،

فهو لذلك يحيا.

20 النفسُ التي تخطأ وحدها تموت

الابنُ لا يحمل إثمَ أبيه،

والأبُ لا يحمل إثم ابنه،

الخير يعود على صاحبه بالخير،

والشرّ يعود على صاحبه بالشرّ،

22 والشرّير الذي يتوب

عن جميع خطاياه التي فعلها،

ويعمل بجميع فرائضي

ويحكم بالحقّ والعدل،

فهو يحيا ولا يموت.

22 جميع معاصيه التي فعلها لا تُذكَر له

وبسبب أعماله الصالحة يحيا

23 أبموت الشرّير يكون سروري

يقول السيّد الربّ،

كلاّ، بل بتوبته عن شرّه فيحيا.

24 إذا ارتدّ البارّ عن برّه وفعل الإثم

وعمل كلَّ الأرجاس التي يعملها الشرّير،

أفيحيا؟ كلاّ.

ولا يُذكَر أيّ من أعماله الصالحة،

بل يموت بسبب خيانته وخطيئته.

 

25 فتقولون: طريق الربّ غير مستقيم،

إسمعوا يا شعب إسرائيل

أطريقي أنا غير مستقيم،

أم طرقُكم أنتم غير مستقيمة، يا شعبي؟

26 إذا ارتدّ البارّ عن برّه،

وفعل الإثم فمات،

فبسبب إثمه الذي فعله يموت.

27 وإذا تاب الشرّير عن شرّه،

وعمل ما هو حقّ وعدل،

فهو يحيا ولا يموت.

28 فمن رأى جميع معاصيه وتاب عنها،

فهو يحيا ولا يموت.

29 لكنّ شعب إسرائيل يقولون:

طريق الربّ غير مستقيمة.

أطريقي أنا غير مستقيمة يا شعب إسرائيل،

أم طرقُكم أنتم غير مستقيمة؟

 

30 فلذلك أدين كلُّ واحد منكم بحسب أفعاله

يقول السيّد الربّ

فتوبوا وارجعوا عن جميع معاصيكم

لئلاّ يكون الإثمُ سببًا لهلاككم

31 أنبذوا جميع معاصيكم

واتّخذوا قلبًا جديدًا وروحًا جديدًا.

فلماذا تريدون الموت يا شعب إسرائيل

32 فأنا لا أسَرُّ بموت من يموت

يقول السيّد الربّ

فارجعوا إليّ واحيوا.

1- أمور جوهريّة نتذكّرها

هنا يجب أن نتذكّر سمات جوهريّة في إيمان إسرائيل بإلهه. فالله اختار له شعبًا، وكان اختياره حرًّا فلم يفرض أحدٌ عليه إرادته. لا أعمال صالحة ولا استحقاقات خاصّة جعلت الله يفعل ما فعل. كان رحيمًا فغفر خطايا البشر. ولكنّه كان عادلاً فعاقب. فهذا المزيج بين الحنان والقسوة العادلة، جعل سلوكه بما فيه من عناية تجاه أخصّائه، مشروطًا بالماضي من جهة، وحرًّا تجاه هذا الماضي بحريّة مطلقة.

كانت عبارة قديمة استعيدت مرارًا وتكيّفت فيما بعد، فوضعت صفتين تتعارضان منطقيًّا الواحدة بجانب الأخرى، ولكنّهما تستطيعان التوافق توافقًا كاملاً في الله المتساميّ: "الربّ الربّ، إله الحنان والرحمة، البطيء عن الغضب، الغنيّ في الرأفة والأمانة، الذي يحفظ رحمته للألوف، ويغفر الذنب والمعصية والخطيئة، ولكنّه لا يترك شيئًا بدون عقاب، فيعاقب ذنوب الآباء في البني وفي بني البنين حتّى الجيل الثالث والرابع" (خر 34: 6-7).

إنّ هذه العدالة التي تميّزها هذه الكلمات، لا تتوجّه إلى الإفراد، إلى كلّ فرد بمفرده، بل إلى السلالة داخل العيلة. وهذه المجازاة الجماعيّة التي يذكّرنا بها العهد القديم مرارًا، لم تكن تبدو جائرة بالنسبة إلى شعب كانت فيه العلاقات الاجتماعيّة قويّة جدًّا. ولكن في ممارسة الصعوبات البشريّة، أحسّ الناس بضرورة التخلّي عن الاعتبارات العائليّة. كانت الشرعة التي نجدها في سفر التثنية قد أعلنت قبل زمن حزقيال مبدأ العقاب الفرديّ: "لا تقتل الآباء الآباء بسبب البنين، ولا البنين بسبب الآباء. بل كلّ إنسان يقتل بسبب ذنب اقترفه" (24: 16). وجاءت الممارسة موافقة لهذه الشريعة (رج 2 مل 14: 6: هذا ما صنعه يوآش بقتلة أبيه لا بأبنائهم).

عند ذاك طُرح سؤال: أما تمارس العدالة الإلهيّة أيضًا هذه القاعدة ساعة يُقدّم الإنسان إلى محكمتها؟ وبدأ جدال طويل سيقوم به بشكل خاصّ الأدب الحكميّ. أمّا حزقيال فتجاوز دفعة واحدة هذه المسألة التي بدت نظريّة وحسب. فأكّد على المجازاة الفرديّة دون أن يحدّد طرق ممارستها. ولكن عبر هذا، تحدّث عن إله حيّ يعمل دومًا في خليقته ويقدّم لها في كلّ آن عطيّة الحياة. لا شكّ في أنّه الإله العادل. ولكنّ استحقاقات البشر لا تحدّ من نشاطه ولا تجعله يحسب حساب ما يعطي. عمله مبادرة دائمة. هو يبدأ فلا يتوقّف سواء تجاوب الإنسان أو لم يتجاوب.

وهكذا تجنّب حزقيال حصر الله في تحديد مجرّد لا روح فيه. وساعة يجعلنا اهتمام محصور بعدالة الله، ننسى سائر الصفات، عرف النبيّ طوعًا كيف يعيد التوازن دون أن يحلّ جميع الأسئلة النظريّة. الله إله العدل، وهو أيضًا إله الحنان والرحمة.

أمّا ف 18 الذي أخذت منه المقطوعة التي ندرس، فيحدّثنا عن العدالة الفرديّة (آ 1-20) كما يمارسها الله، ثمّ يدافع عن طريقة الله حين يجازي كما يجازي (آ 21-32). ونتوقّف بشكل خاصّ عند آ 25-28 التي تحدّثنا عن الطريق المفتوحة دومًا أمام الإنسان الذي يختار ما يختار بحريّة تامّة.

2- نداء الإنسان إلى التوبة (آ 21-24)

بدأ النبيّ ونزع كلّ ارتباط بين الجيل الحاضر والأجيال التي سبقته. ثمّ نزع كلّ ارتباط بين حاضر الإنسان ومستقبله من جهة وبين ماضيه من جهة أخرى. فقدّم تعليمه في رسمة سريعة، وتطرّق إلى حالتين متناقضتين: إرتداد الخاطئ، فساد البارّ. ولكنّ المبدأ هو هو في هاتين الحالتين: إنّ موقف الإنسان السابق لا يستعبده بشكل لا يستطيع التخلّص منه. فالإنسان يستطيع أن يبدّل سلوكه. فالله سيدينه بحسب قراره الأخير.

ويبدأ حزقيال بالحالة التي يتمنّاها للجميع: ساعة الخاطئ يعود عن ذنوبه. هناك "أمان" من قبل الله. ينسى الله. وجميع معاصي الإنسان لا تُذكر له. فالتوراة تتحدّث مرارًا عن الله الذي يتذكّر وينسى لتدلّ على أنّه يتصرّف من منطلق أحداث سابقة، أو يتخلّى عن مثل هذا التصرّف. والسبب العميق الذي يجعل الله ينسى هو الرحمة تجاه البشر، ورغبة الخالق في أن يرى خلائقه تحيا فتنعم بجميع الخيرات التي هيّأها لها.

فحزقيال الذي نجد عنده بعض المرّات عبارات تدلّ على غضب الله القاسي تجاه الخطأة (22: 31: صببت عليهم سخطي وأفنيتهم: 38: 19: في غيرتي ونار غضبي تكلّمت)، يكشف هنا الصفة التي تملأ قلب الله: محبّة الله ورحمته (16: 6؛ 20: 17). وقد استغلّ الكتّاب الملهمون هذا النصّ النبويّ. فعلّم سفر الحكمة أنّ "الله لم يصنع الموت، ولا يفرح بهلاك الأحياء، لأنّه خلق كلّ شيء من أجل الوجود" (1: 13-14). ودعانا بطرس في رسالته الثانية إلى أن نرى التأخّر الظاهر في ممارسة الله لعدالته، علامة تدلّ على أنّ الربّ "يطيل أناته عليكم، إذ لا يريد أن يهلك أحد، بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة" (3: 9).

ولكنّ الخيانة تبقى ممكنة (آ 24). في هذا المجال تبدو الرحمة تجاه الخاطئ ضعفًا وتواطئًا مع الشرّ. فقداسة الله لا تستطيع أن تكون لامبالية تجاه سلوك البشر الأخلاقيّ. فإن قدّمت إلينا دومًا إمكانيّة التوبة، فهي تفرض أيضًا المثابرة على الخير، وتعاقب الساقطين في الخطيئة. والتوازي بين الحالتين، بين ارتداد الإنسان وفساده، يجعلنا أمام مسؤوليّتنا الحرّة ويذكّرنا أيضًا أنّ إرادتنا ضعيفة، وأنّها قد تتبدّل يومًا بعد يوم.

3- جدال بين الربّ وشعبه (18: 25-32)

صُدم السامعون بهذا التعليم الذي ما كانوا يتوقّعونه، لأنّهم ما وجدوا العدالة الإلهيّة كما تصوّروها. فاستعاد حزقيال تأكيداته بعد أن قلب ترتيب الحالتين اللتين أشار إليهما. ولكنّه بدأ فقدّم جوابًا إلى سامعيه. إنّ الشكّ الذي يمسّون به حين يسمعون قول الله، لا يأتي من الله، بل من استعداداتهم السيّئة. لاموا الله لأنّه غير عادل. فحوّل النبيّ كلامهم وشدّد بالأحرى على عدالة الله وعلى لا عدالة الإنسان. فكان كلامه مقدّمة للمفارقة الإنجيليّة التي تجعل الإنسان يرى القشّة في عين أخيه ولا يرى الخشبة في عينه (مت 7: 3-5)، بل هو دعاهم إلى متطلّبة قاسية من الاستقامة الباطنيّة التي تجعلنا نكتشف الشرّ في أهل الحكم لا يوافق القريب، بل يسيء إليه ويؤذيه: "كيف تستطيعون أن تنطقوا بالصالحات وأنتم أشرار؟ فإنّ الفم يتكلّم من فيضان ما في القلب" (مت 12: 34).

وهكذا دُعي بنو إسرائيل إلى أن يطرحوا سؤالاً حول موضع العدالة الحقيقيّة: أفي حكم على الآخرين نحافظ عليه ولا نعود عنه أبدًا؟ أم في نظرة مليئة بالتنبّه إلى ما يمكن أن يقوم به من أعمال؟ وإذا رحنا إلى العمق، هذا الرفض القاسي لطرق الله، قد يرجع إلى جمود يدلّ على عمق الخطيئة فينا، أو إلى رفض في الاستفادة من إمكانيّة العمل التي تمنحنا إيّاها عناية الله ورحمته.

وينطلق نداء إلى التوبة يتوجّه إلى الخاطئ (آ 30-32). وينتهي القول النبويّ بدعوة ملحّة: توبوا، ميلوا عن معاصيكم. فالله يتلفّظ بدينونته حسب الطريق، حسب سلوك كلّ واحد منّا. إذن، إن أردنا أن تكون هذه الدينونة خيرًا لنا، فما علينا سوى أن نبدّل سلوكنا. فالأمر في أيدينا. فطريق العودة والتوبة والحياة الجديدة، مفتوحة دومًا أمامنا. يكفي أن نسير فيها. ولكن لسنا أمام تبدّل سطحيّ: فعلى بيت إسرائيل أن يكون فيه قلب جديد وروح جديد. عليه أن يتبدّل في أعمق أعماقه. وما يطلبه النبيّ هنا من العمل البشريّ، يقدَّم في موضع آخر على أنّه عطيّة من الله، نعمة يمنحها الربّ وحده بمعزل عن كلّ استحقاق سابق. وساعة العودة من المنفى، ينتزع الربّ قلب الحجر من صدر أخصّائه، ويضع مكانه قلبًا من لحم، يتجاوب مع وصايا الله. الربّ سيعطي روحًا جديدًا (11: 17-20؛ 36: 24-28).

لا ينسى الكتاب مبادرة الله، كما لا ينسى ضرورة مشاركة الإنسان في عمل الله. ولهذا، يأتي الوعد بعد التحريض والتحريض بعد الوعد. ويدعو سفر التثنية بني إسرائيل لكي يختنوا قلبهم، أي ليتكرّسوا بكلّيّتهم للربّ (10: 16).

ويعلن بعد ذلك، وبعد العودة من محنة المنفى: الربّ نفسه يختن قلب شعبه ليجعله يحبّ الربّ إلهه بكلّ قلبه وكلّ نفسه لكي يحيا (30: 6). فالكتاب يذكّرنا تارة بحرّيّتنا حين يسمعنا صوت الله: "عودوا إليّ فأعود إليكم" (زك 1: 3؛ ملا 3: 7). وطورًا يرينا مبادرة نعمة الله التي تجعلنا نردّد: "أرجعنا يا ربّ إليك فنرجع، فنعود" (إر 31: 18؛ مرا 5: 21). إنّ نعمة الله تقدّم دومًا لنا، ولكنّنا أحرار، ونستطيع أن نرفضها. لا نعطي عمل الله فينا الجواب الذي يجعل هذا العمل يتجسّد في حياتنا وفي العالم. وهكذا نستطيع أن نقاوم الله، نرفض العمل معه. على ما نقرأ في الإنجيل: "لا نريد أن يملك هذا علينا". لا نريد أن يملك الله علينا ويوجّه خطانا.

وهكذا لا يشجّع كلام النبيّ رضانا عن أنفسنا كما يفعل الفرّيسيّون، رضانا عن أعمالنا التي نعدّدها لكي نمنّن الله بها. بل يفهمنا أنّنا نحتاج كلّنا إلى التوبة. وأنّ لا أحد يستطيع أن يعتبر نفسه بارًّا كلّيّ البرارة. فالله يجعلنا نرغب في هذه البرارة، وهو وحده يحفظها فينا.

4- خاتمة

إنّ ف 18 يكشف لنا قلب الله المستعدّ دومًا لأن يصنع جديدًا يقدّمه بلا ملل إلى شعبه. وهذا التعليم المليء بالرجاء يتوجّه إلينا اليوم نحن أيضًا. لام بعض الشرّاح النبيّ لأنّه سقط في تفتيت تاريخيّ وسيكولوجيّ لحياة الإنسان. فكأنّ كلّ سانحة من حياة الشعب أو حياة الفرد، تستطيع أن تنفصل عن الماضي، مع أنّ الأوضاع الاجتماعيّة والعادات الشخصيّة ما زالت تلقي بثقلها على مسيرة حياتنا الحاضرة والمقبلة. مثل هذا اللوم لا أساس له: فحين نطلب من قول فيه تحري للمؤمنين في الشدّة، نظريّة متكاملة حول شروط العمل، نكون ظالمين تجاهه. فحزقيال لا يعارض واقع الحتميّات التاريخيّة والسيكولوجيّة. ولكنّه يريد أن يفهمنا أنّ هذه الحتميّات تترك مكانًا لحرّيّة الإنسان. فيبقى على كلّ واحد منّا أن يستغلّ المساحة المتاحة له لكي يعمل، لكي يبني نفسه.

وحين يتحدّث النبيّ عن عدالة الله التي بحسبها يموت البارّ حين يحيد عن الخير ويقترف ذنبًا، فهو لا يقابل موقف الله بموقف "بوليس" لا مبالٍ يحرّر الضبط دون أن يتطلّع إلى السوابق. في هذا المجال تقول عب 6: 10-12: "لأنّ الله ليس بظالم حتّى ينسى عملكم الصالح والمحبّة التي أبديتموها لأجل اسمه، إذ إنّكم خدمتم القدّيسين ولا تزالون تخدمونهم..." ولكن يدعونا إلى المثابرة في الخير.

إنّ هذا القول النبويّ الذي قدّمه حزقيال بسرعة في شكل تعارض بين توبة الخاطئ وفساد البارّ، هو مقدّمة إلى الإنجيل. فمنذ كرازة يوحنّا المعمدان، ثمّ كرازة يسوع نفسه، نسمع نداء إلى التوبة والارتداد (ميتانويا). ويتكرّر النداء ويرافقه التهديد: "إن لم تتوبوا تصيروا مثل أطفال فلا تدخلون ملكوت السماوات" (مت 18: 3). ونسمع خبر المرأة الخاطئة (لو 7: 36-50) ومثل الدرهم الضائع والنعجة الضالّة والابن الشاطر (لو 15: 1-32)، ومثل الابنين (مت 21: 28-32) اللذين اتّخذا قرارًا وعادا عنه. وهذا ما يدلّ على أنّ الخاطئ يستطيع أن يبدّل طريقه. والبارّ أيضًا. ولكن يدوّي في الوقت عينه تحذير خطير: إنّ النعمة التي يمنحها الآب السماويّ ويتقبّلها المؤمن في اندفاع، قد نخسرها. وكلمة الله التي نقتبلها في البداية بفرح، قد تبقى عقيمة (مت 13: 18-23). فالاضطهاد قد يجعل المسيحيّ يسقط رغم أنّه ظلّ أمينًا (مت 24: 10). وماضي حياة مملوءة بالأعمال الصالحة، قد يفسّر باحتقار الآخرين كما فعل الفرّيسيّ في مثل الفرّيسيّ والعشّار (لو 18: 9-14)، بتراجع أمام ما يطلبه يسع كما في دعوة الشابّ الغنيّ (مت 19: 16-26). هذا هو المعطى الإنجيليّ الذي يجب أن نختار بينهما. إنّ حرّيّتنا تبقى هي هي حتّى النهاية. فهنيئًا لمن تكون حياته نعم، لأنّ من يثبت إلى المنتهى يخلص. هنيئًا لمن يجعل حياته في رحمة الله فهو يفعل ويعرف كيف يفعل حتّى في الساعة الأخيرة كما فعل مع اللصّ عند الصليب.


 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM