عيد الحبل بلا دنس

عيد الحبل بلا دنس

الرسالة : عب 7: 11-17

الإنجيل : لو 11: 27-32

كهنوت جديد وشريعة جديدة

يا إخوتي، لو كان الكمال تحقّق بالكهنوت اللاويّ، وهو أساس الشريعة التي تسلّمها الشعب، فأيّة حاجة بعده إلى أن يظهر كاهن آخر على رتبة ملكيصادق؟ وما قال الكتاب على رتبة هارون. لأنّه إذا تبدّل الكهنوت، فلا بدّ من أن تتبدّل الشريعة. والذي يقال هذا فيه ينتمي إلى عشيرة أخرى، ما قام أحد منها بخدمة المذابح. فمن المعروف أنّ ربّنا طلع من يهوذا، وما ذكر موسى هذه العشيرة في كلامه على الكهنة.

وممّا يزيد الأمر وضوحًا أنّه على مثال ملكيصادق ظهر الكاهن الآخر، لا أساس نسب بشريّ، بل بقوّة حياة لا تزول. فشهادة الكتاب له هي: "أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكيصادق".

إجتمع في يسوع الملك والكهنوت. فهو كملك ابن داود ومن سبط يهوذا. وهو ككاهن يرتبط بهارون عبر أمّه التي هي نسيبة إليصابات، وبالأحرى لا يرتبط بكهنوت بشريّ. فهو كاهن إلى الأبد. ولا صورة بعيدة عنه إلاّ كهنوت ملكيصادق. كهنوت ناقص وشريعة ناقصة. كهنوت جديد وشريعة جديدة. إنتقال من قبيلة لاوي إلى قبيلة يهوذا مع ملك هو في الوقت عينه "كاهن إلى الأبد".

1- كهنوت هارون

إنطلق الكاتب من الكهنوت الذي عرفه في زمن المسيح، ولبث حاضرًا حتّى سقوط أورشليم سنة 70 ب.م. غير أنّ هذا الكهنوت لم يصل إلى الكمال. فالمسكن مصنوع بالأيدي البشريّة، والذبائح العديدة لم تكن ناجعة "لأنّه يستحيل على دم الثيران والتيوس أن يزيل الخطايا". فلا بدّ من إحلال كهنوت بكهنوت، وخدمة بخدمة.

ولماذا النقص في الكهنوت؟ بسبب النقص في الشريعة. فلو كانت كاملة لما جاء يسوع يكمّلها. قيل لكم: لا تقتل. لا شكّ في أنّ القتل ممنوع، لا في وصيّة إلهيّة وحسب، بل في وصيّة بشريّة أيضًا. ولكنّ هذا لا يكفي. فالبغض قتل والشتيمة قتل والاتّهام الباطل قتل.

من هذا العالم الناقص ظهرت مريم. ولكنّها تميّزت لأنّ ابنها هو الكاهن الأعظم الحقيقيّ الذي أدخلها في كهنوته حين قرّب نفسه على الصليب وهي وقفت معه وقفة القيامة قبل القيامة.

2- كهنوت جديد

ما عاد الله يطلب الذبائح والقرابين. ما عاد يطلب المحرقات. لهذا، إذ دخل يسوع إلى العالم قال: ها أنا آتٍ لأعمل بمشيئتك يا الله. ما قدّم يسوع تقدمة خارجًا عنه. بل قدّم ذاته. وهكذا بتقدمته الواحدة جعل المقدّسين كاملين إلى الأبد. وبدأ مقدّس أمّه التي أرادت أن تكون الخادمة بالقرب من الذي ما جاء ليُخدم، بل ليَخدم ويبذل نفسه عن الآخرين.

والكهنوت الجديد يتطلّب شريعة جديدة. هو الإنجيل وفيه لا نتوقّف عند حرفٍ يقتل، بل نصل إلى روح يُحيي. والروح هو الذي يعلّمنا الشريعة الجديدة لكي نكتشف وجه المسيح. هذا الروح الذي كوّن في حشا مريم الابن القدّوس، يكوّن فينا وجه المسيح بحيث يصبح كلّ واحدٍ مسيحًا آخر.

3- من قبيلة لاوي إلى قبيلة يهوذا

لاوي هي القبيلة الكهنوتيّة المسؤولة عن خدمة الهيكل وذبائحه. ويهوذا نظّم في شخص داود وسليمان بناء الهيكل. فصارت أورشليم المدينة المقدّسة ورمز حضور الله معنا، يكون عمانوئيل. وهو صار كذلك حين ولدته العذراء كما قالت نبوءة أشعيا.

أجل، يسوع الكاهن لم يصل إلى هذه الرتبة بالنظر إلى نبوّته البشريّة، بل بقدرة الله. فهو كاهن لأنّه ابن الله. وهو وسيط يربط الأرض بالسماء، لأنّه من الأرض، ابن مريم، ولأنّه من السماء، ابن الآب. وفيه تلاقت الأمومة البشريّة بدون أب، على الأرض، والأبوّة الإلهيّة بدون أمّ في السماء.

ذاك هو السرّ العظيم الذي دخلت فيه مريم. لا بعقلها وفكرها، بل بكلّ حياتها. نقّاها الربّ. جمّلها، حفظها بنعمة فريدة منذ كُوِّنت في حشا أمّها. فما أحلاها هذه الأم، وما أحلى أولادها يسيرون في خطاها وينتظرون معها يومًا تداس فيه الحيّة الأولى، تداس الخطيئة، يداس الموت العدوّ الأخير. حينئذٍ يكون يسوع الكلّ في الكلّ.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM