الأحد الخامس بعد الصليب

الأحد الخامس بعد الصليب

الرسالة : فل 2: 12-18

الإنجيل : مت 25: 1-13

عمل الخلاص

يا إخوتي، فكما أطعتم كلّ حين، أيّها الإخوة، أطيعوني الآن في غيابي أكثر ممّا أطعتموني في حضوري، واعملوا لخلاصكم بخوف ورعدة، لأنّ الله يعمل فيكم ليجعلكم راغبين وقادرين على إرضائه.

واعملوا كلّ شيء من غير تذمّر ولا خصام، حتّى تكونوا أنقياء لا لوم عليكم وأبناء الله بلا عيب في جيل ضالّ فاسد، تضيئون فيه كالكواكب في الكون، متمسِّكين بكلمة الحياة، فأفتخر في يوم المسيح بأنّي ما سعيت ولا تعبت عبثًا. فلو سفكت دمي قربانًا على ذبيحة إيمانكم وخدمته، لفرحتُ وابتهجت معكم جميعًا، فافرحوا أنتم أيضًا وابتهجوا معي.

حين تأتي ساعة النهاية، نكون هنا أو هناك. من أبناء الخلاص أو من أبناء الهلاك. مثل العذارى يفهمنا أنّ اللواتي عملن خلال الحياة على الأرض، ملأن السراج زيتًا. ودخلن مع العريس. هو نور. ولا يسير وراءه إلاّ أبناء النور. أمّا أبناء الظلمة فلبثوا خارجًا يقرعون الباب فيكون الجواب: لا أعرفكم. لم يكن معهنّ زيت في إناء مع المصابيح. مصباح فارغ من الزيت يغشّنا، وانتظار بدون ثمر الأعمال الصالحة يضلّلنا فنصير مثل الفرّيسيّين الذين يبرّرون أنفسهم أمام الناس. "ولكنّ الله يعرف قلوبكم" (لو 16: 15). ويعرف قلوبنا.

1- في عالم معوجّ

العالم هو موضع الخليقة. خلقه الله ورآه حسنًا. فجعل فيه الإنسان. من أجل هذا العالم جاء يسوع. "أحبّ الله العالم فأرسل ابنه". هو يريد خلاصه. لا خلاص البشر فقط، بل أن يتجدّد العالم فيصبح الأرض الجديدة تجاه السماء الجديدة. ولكنّ هذا العالم صار موضع الخطيئة والشرّ. هو يقاوم الربّ ويرفضه "ما عرفه العالم".

من أجل هذا، قال لنا يسوع متلاعبًا على الكلام: أنتم في العالم. على هذه الأرض مع سائر البشر. لا تختلفون في شيء عنهم من الخارج. ولكنّكم لستم من العالم. أي أنتم لا تتخلّقون بأخلاق العالم. هو معوجّ، ملتوٍ. مثل "لاويثان" الحيّة الملتوية، التي تحمل الخداع معها والشرّ. عالم لا يعرف الاستقامة، فينحرف عن الهدف الذي جعله له الربّ. ولكنّ الفداء آتٍ، لأنّ هذا العالم، من عمق شقائه، يئنّ منتظرًا تجلّي أبناء الله.

2- نيّرات في العالم

مثل هذا العالم هو موضع الظلمة. وهو لن يبقى كذلك، كما قال النبيّ أشعيا: الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا، والجالسون في أرض الموت وظلاله أشرق عليهم نور (9: 1). كان هذا النور رمز الخلاص بعد العبوديّة، والسلام بعد الحرب. ولكنّ الظلمة تعود بسبب "أركون هذا العالم" الذي يحبّ أن يعمل في الظلام.

وحده المسيح نور العالم. وبعد صعوده، وجب على المؤمنين أن يكونوا هذا النور: "نيّرات"، ينبوع نور للذين حولهم. كم أنّ المؤمن تتفجّر من جوفه ينابيع مياه حيّة (يو 7: 37). كذلك تتفجّر من حياته ينابيع النور التي تنير العالم بعد أن تعطيه مياه الحياة.

ولا نكون "نيّرات" بالكلام. بل بالعمل. كيف يضيء نورنا؟ بأعمالنا الصالحة. يراها الناس ويمجّدون الآب الذي في السماء. أمام الذين يتذمّرون ولا شيء يرضيهم، نقبل الحياة هديّة من الله. أمام الذين يتردّدون في السير، ويجادلون لئلاّ يجدوا جوابًا، نقول نعم لمشيئة الله. فهمنا مرضاة الله، والباقي يُعطى لنا زيادة.

3- بخوف ورعدة

نحن أبناء الله. هذا هو إيماننا. والابن يعرف الثقة. يحسّ أنّه حبيب الله وخليله. يسمع صوته ولا سيّما في وقت السكون والعودة إلى الذات والابتعاد عن المشاغل التي تجعل الإنسان يضيّع نفسه.

إعتمدنا فصرنا أبناء. ولكن يمكن أن نتراخى، أن ننسى مواعيد عمادنا. أكفر بالشيطان. أكفر بالشرّ، بالخطيئة. أؤمن بالله. والإيمان يقود إلى الرجاء والمحبّة. أترى صار إيماني عقيمًا، شبيهًا بإيمان الشياطين كما يقول القدّيس يعقوب (2: 19). إيماني هو عمل بعد أن يكون فعل إيمان.

لهذا نخاف أن لا نكون على المستوى الذي يريدنا فيه الله. نرتعد أمام دينونة الله الآتية. لا نغشّ أنفسنا، بل نبقيها سائرة على ضوء الإنجيل، كلمة الله التي هي سيف ذو حدّين.

تكون ثقتنا بالله لا بأنفسنا. نربط خلاصنا برحمة الله، لا بما يمكن أن نعمل، وإن كان الله يريد حياتنا عملاً حقًّا. لهذا تبقى عاطفة الخوف والرعدة، خوف الحبيب أن لا يكون مع حبيبه إلى انقضاء الدهر.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM