الأحد الرابع بعد الصليب

الأحد الرابع بعد الصليب

الرسالة : 1تس 5: 1-11

الإنجيل : مت 24: 45-51

يوم الربّ

يا إخوتي، أمّا الأزمنة والأوقات فلا حاجة بكم، أيّها الإخوة، أن يكتب إليكم فيها، لأنّكم تعرفون جيّدًا أنّ يوم الربّ يجيء كاللصّ في الليل. فحين يقول الناس: سلام وأمان، يفاجئهم الهلاك بغتة كما يفاجئ الحبلى ألم الولادة، فلا يقدرون على النجاة. أمّا أنتم، أيّها الإخوة، فلا تعيشون في الظلام حتّى يفاجئكم ذلك اليوم مفاجأة اللصّ، لأنّكم جميعًا أبناء النور وأبناء النهار. فما نحن من الليل ولا من الظلام. فلا ننم كسائر الناس، بل علينا أن نسهر ونصحو. فإنّما في الليل ينام النائمون، وفي الليل يسكر السكارى. أمّا نحن أبناء النهار فلنكن صاحين، لابسين درع الإيمان والمحبّة وخوذة رجاء الخلاص، لأنّ الله جعلنا لا لغضبه، بل للخلاص بربّنا يسوع المسيح. الذي مات من أجلنا لنحيا كلّنا معه، سواء كنّا في يقظة الحياة أو في رقدة الموت. فساعدوا وشجّعوا بعضكم بعضًا مثلما تفعلون الآن.

في نهاية خطبة النهاية، نهاية حقبة في حياة الكنيسة تميّزت بدمار الهيكل وبغياب الكهنة والذبائح من العالم اليهوديّ، وبداية حقبة أخرى راحت فيها الكنيسة تتحرّر شيئًا فشيئًا من الإطار الذي وُلدت فيه بانتظار القطيعة التامّة. عرفت أنّ عليها أن توجّه كلّ انتباهها وبالدرجة الأولى إلى العالم الوثنيّ. والمثال هو يسوع المسيح. هو وحده الألف والياء. والبداية والنهاية. غاب في الجسد، ولكنّه سيأتي. فكيف ننتظر هذا المجيء؟ لا شكّ في السهر.

1- مجيء الربّ

متى يأتي الربّ في نهاية الزمن؟ هذا ما لا يعرفه أحد. والابن نفسه في طبيعته البشريّة لا يعرف. وحده الآب. وحده الله يعرف. بل هو حدّد. كما عيّن امتلاء الزمن من أجل تجسّد ابنه، كذلك يحدّد امتلاء الزمن لعودة الابن في مجد عظيم.

ومتى يأتي الربّ في حياة كلّ واحد منّا؟ في الموت، ندخل في الأبديّة. نصبح خارج المكان والزمان. نلبس الجسد الممجّد على مثال جسد يسوع بعد القيامة. هذا المجيء يمكن أن يحدث في كلّ يوم. لهذا نهتف في الليتورجيّا: ننتظر مجيئك. ولماذا لا يعيّن لنا الربُّ اليوم الذي فيه يأتي إلى لقائنا لكي نكون معه ويكون معنا؟ لئلاّ نتخامل ونتكاسل. فالانتظار اليوميّ يُشعل الشوق فينا والمحبّة. واليوم لنا إن أخذ منّا الفتور مأخذه، وإن خبت محبّتنا فتحوّلت إلى رماد لا جمر فيه.

2- الليل للنوم

هناك من حياتهم في الليل. والليل عالم الشرّ والخطيئة. وإذا كانت الأعمال شرّيرة، يفضّلون أن يكونوا في الظلمة، لا في النور، لئلاّ تنفضح أعمالهم. هنا نتذكّر أنّ بطرس خان الربّ في الليل. والحمد لله، أنّ الربّ لاقاه على البحيرة، مع التلاميذ، بعد القيامة، حين طلع الصباح وانبلج النور. ولكنّ يوضاس الذي كان مع التلاميذ يشاركهم في عشاء الفصح ووليمة الربّ، ترك الجماعة. ويقول الإنجيليّ: "كان الوقت ليلاً" (يو 13: 30).

لا شكّ في أنّ الفصح يعدّ في الليل. ولكنّ المعنى الرمزيّ واضح هنا. الليل هو وقت الشرّ. وسيعود يوضاس معه الجنود بمشاعل وعصي وسلاح وكأنّهم آتون على لصّ. والمزعج في خبر هذا الخائن هو أنّ النهار لم يطلع عليه. فدخل في الموت ورفض كلمة الحياة، كلمة الصداقة التي وجّهها إليه يسوع. نظر يسوع إلى بطرس، فتلقّى بطرس النظرة وراح يبكي خطيئته. وحدّث يوضاس: يا صاحب. ولكنّ يوضاس رفض الحديث. ظلّ صامتًا صمت الموت. لهذا قال الكتاب: جعلت أمامك الموت والحياة، الشقاء والسعادة. ونقول هنا: النور والظلمة.

3- النهار للسهر

مثل هذا الكلام لا يتوجّه إلى المؤمن الحقيقيّ. منذ نال سرّ العماد، استنار مثل الأعمى منذ مولده. ومنذ ذلك الوقت، إن هو شاء، لا يعيش إلاّ في النهار، في رفقة من هو نور العالم. قال: من يتبعني لا يمشي في الظلام.

من يغشّ نفسه ويحسب أنّه في النور، لأنّه قبل سرّ العماد وصار منذ الآن من المخلّصين. هو يعيش في الظلمة. وعليه أن يعود إلى نفسه. فالعيش في النهار يعني السهر. أورشليم السماويّة لا ليل فيها. وحياة المؤمن لا ليل فيها. السهر يميّزها يومًا بعد يوم.

أعمال النور معروفة وأوّلها المحبّة والسلام والوداعة. وأعمال الظلمة يستحي المؤمن أن يذكرها بفمه. من ينام في الليل، من يسكر بسكر هذا العالم، يوصمه الهلاك. ينقضّ عليه فجأة بحيث لا يُفلت. نكون ساهرين، صاحين، متسلّحين بسلاح النور.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM