الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة

الأحد الخامس عشر من زمن العنصرة

الرسالة : 1 تس 1: 1-10

الإنجيل : لو 7: 36-50

مجازاة الله ومكافأته

يا إخوتي، من بولس وسلوانس وتيموثاوس إلى كنيسة تسالونيكي التي في الله الآب وفي الربّ يسوع المسيح. عليكم النعمة والسلام.

نشكر الله في كلّ حين من أجلكم جميعًا ونذكركم دائمًا في صلواتنا، نذكر أمام إلهنا وأبنا ما أنتم عليه بربّنا يسوع المسيح من نشاط في الإيمان وجهاد في المحبّة وثبات في الرجاء.

نعرف، أيّها الإخوة، أحبّاء الله، أنّ الله اختاركم، لأنّ البشارة حملناها إليكم، لا بالكلام وحده، بل بقوّة الله، والروح القدس واليقين التام. فأنتم تعرفون كيف كنّا بينكم لأجل خيركم، كيف اقتديتم بنا وبالربّ فعانيتم كثرًا، إلاّ أنّكم قبلتم كلام الله بفرح من الروح القدس، فصرتم مثالاً لجميع المؤمنين في مكدونية وآخائية، لأنّ كلام الربّ انتشر من عندكم، لا إلى مكدونية وبلاد آخائية وحدهما، بل ذاع خبر إيمانكم بالله في كلّ مكان وما بقي من حاجة بنا إلى الكلام عليه. فهم يخبرون كيف قبلتمونا حين جئنا إليكم، وكيف اهتديتم إلى الله وتركتم الأوثان لتعبدوا الله الحيّ الحقّ، منتظرين مجيء ابنه من السماوات، وهو الذي أقامه من بين الأموات، يسوع الذي ينجّينا من غضب الله الآتي.

حين تكون الكنيسة في الاضطهاد، لا يمكنها أن تنتظر شيئًا من العالم. بما أنّها ليست من العالم، فالعالم لا يحبّها. وإذا اضطهدوا سيّدها، فهل تنتظر سوى الاضطهاد إذا المحافظة على الأمانة؟ ولكن يُطرح أكثر من سؤال: أين الله لا يجازي؟ وننتظر منه المجازاة في هذه الدنيا، فيعرف الأخيار، الخير الذي فعلوه، والأشرار يجدون العقاب الذي يجعلهم يحسّون بما فعلوا من شرّ، بحيث يتعلّم غيرهم. بل إنّ الشهداء المقتولين لأجل يسوع، صرخوا من تحت المذبح: إلى متى ننتظر يا ربّ لكي تنتقم لدمائنا؟

1- دينونة الله

نحن نقول في النؤمن إنّ الربّ سيأتي في مجد عظيم ليدين الأحياء والأموات. هذا يعني أنّ لا أحد يُفلت من دينونته. وهو الديّان العادل. الذي لا يحابي الوجوه، أي لا يفضِّل شخصًا على آخر، بسبب عرقه أو دينه أو امتيازاته. إذا سألنا: من يفضّل اللهُ؟ الجواب: من يخافه ويعمل بمشيئته.

الدينونة حساب. الله يحاسبنا على ما أعطانا. على ما جعل في أيدينا من دين. كيف تاجرنا فيها؟ هل كنّا مثل صاحب الخمس وزنات، صاحب الوزنتين؟ أم، لا سمح الله، مثل صاحب الوزنة الواحدة. فطمرنا عطايانا في الأرض. فما استفدنا منها، ولا أفدنا الآخرين منها. فشابهنا ذاك الغنيّ الذي أغلّت أرضه وأغلّت. فوسّع أهراءه وكدّس. وما كان الهدف؟ هو جاهل. بدا أنّه لا يعرف الله لأنّه لو عرف الله لعرف حاجة الذين حوله.

كلّ منّا يُدان على أعماله كلّها، خيرًا كانت أو شرًّا. هذا لا يعني أنّ معه ميزانًا دقيقًا فلا يمرّ شيء دون عقاب. هذا عمل المداين القاسي، لا عمل من هو أب للجميع. ولكن ما يُطلب منّا هو أن لا نترك مناسبة نسمح لنفوسنا بأن نغيظ الله وننسى الإخوة. فقد قال لنا الرسول: نُدان على كلّ كلمة بطّالة. وندان إن تركننا أخانا على قارعة الطريق مثل الكاهن واللاويّ، لا مثل السامريّ...

2- دينونة عادلة للأشرار

ما ينتظر الخطأة هو "لهيب نار". هو الله نفسه الذي هو نار محرقة. لا شكّ في أنّه لا يريد أن يرجع إلى العدم الإنسان الذي خلقه، إنّه لا يفرح بعذابه وكأنّه يطلب أن ينتقم منه. ولكنّ العذاب هو هنا. وهكذا تنقلب الأمور. فمع لعازر والغنيّ ذاك الذي ارتاح على الأرض وجد العذاب في الآخرة. "من نال نصيبه من الخيرات في حياته يتعذّب. ومن نال البلايا يتعزّى". أمّا الضيق المذكور هنا، فهو اضطهاد يناله المؤمنون بسبب تعلّقهم بالربّ يسوع. نحن لا ننسى أنّ الكنيسة تعيش فترة اضطهاد. والمضطهدون سينالون جزاء خطيئتهم.

هؤلاء الأشرار "يبعَدون عن وجه الربّ" لا يرون تجلّيه. فقد قال لهم: "إبتعدوا عنّي يا ملاعين، إلى نار الأبد، المعدّة لإبليس وأعوانه". وهذا الابتعاد هو العذاب القاسي القاسي. يكونون في الظلمة، ساعة المختارون هم في النور. يكونون في الخارج مع البرد القارس، ساعة الذين في الداخل ينعمون بدفء المحبّة الأخويّة.

نحن لا نرى في هذا العقاب انتقام الله، الذي يبدو في شكل بشريّ يشفي غليل الإنسان، ويأخذ له ثأره. كلاّ ثمّ كلاّ. بل هذا الكلام هو تبنّيه للمؤمن الذي يقدر أن يعود إلى الحياة القديمة، أن ينسى المناخ الذي عاش فيه، ويجالس الأشرار ويقف مع الخطأة، بل يسلك سلوكهم. فالدينونة تنتظره، وهو لا يستطيع أن يستند إلى برّه السابق وإلى برّ آبائه. فالخاطئ يموت بخطيئته.

3- الدينونة مجيء

في القدّاس الإلهيّ نقول للربّ نحن الذين ذكرنا موته واعترفنا بقيامته: ننتظر مجيئك. ويا ما أحلاه انتظار! ولن نكون وحدنا في هذا النداء: تعال أيّها الربّ يسوع. فالكنيسة معنا. والروح يعلّمنا ماذا نقول. الخطأة وحدهم يخافون مجيء الربّ، وهم الذين خافوا أن تأتي حياتهم إلى النور. فبقوا في الظلمة لئلاّ تُفضَع أعمالهم.

أمّا الذين آمنوا ونما إيمانهم فهم يفرحون لهذا المجيء. ذاك الذي عرفوه في ظلمة الإيمان، ها هم يرونه وجهًا لوجه. لقد تجلّى لهم في قدرته المجيدة، جاء يحمل إليهم الراحة بعد التعب، والسعادة بعد الضيق. لا شكّ في أنّهم أحسّوا بالراحة والسعادة الداخليّة خلال حياتهم، مع ما كان فيها من اضطهاد ومضايقة. ولكنهم الآن ينالون ملء السعادة. الله نفسه يأتي إليهم. يمسح كلّ دمعة من عيونهم. يُلغي الحزن والضراخ والوجع. فمن لا ينتظر مجيء هذا الإله؟

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM