الفصل الثاني والعشرون:بركوني وسفر القضاة

الفصل الثاني والعشرون
بركوني وسفر القضاة

 

السؤال 73: لماذا صعد ملاك الربّ من الجلجال إلى يوكيم؟
بعد موت يشوع بن نون، فسدَ بنو إسرائيل واختلطوا بالشعوب وتعلّموا أعمالهم من هنا توحّدوا في جميع العقابات التي من الشعوب المجاورة لهم. ولكنّ الله تحنّن على شقائهم، فأرسل إليهم ملاكًا في شكل إنسان وذكّرهم بذنوبهم. ولمّا تذكّروها بكوا وحزنوا. لهذا السبب كُنِّي هذا الموضع: وادي البكاء. ذكره داود أيضًا فقال في موضع ما: "عبروا في وادي البكاء فجعلوه بيت مسكن" (مز 84: 6). فعرّفوا الوفر الذي سيكون لهم بعد العودة من بابل. صنع توبيخه بوساطة ملاك، إمّا من أجل حكم أكبر، وإمّا لأنّه لم يكن شخص بينهم يستحقّ هذا.

 

السؤال 74: ماذا نعرف من تسمية البعل وعشتروت؟
بعل هو اسم شخصيّ لإنسان. ولكن جعله بنو إسرائيل اسم صنم. تشبّهًا بالمرأة التي تدعو شريكها بعلها على أساس عقد في شركة زواج متبادلة. ولكنّ إنسانًا قد اشتهر لدى الوثنيّين. فما إن مات حتّى سُمِّي إلهًا. فصنعوا له صنمًا وسجدوا له، مثل سائر الأصنام التي صنعها اليونان على اسم أناس اشتهروا بالسحر، أو بالاضطجاع مع ذكور وإناث، كما يقولون عن "كرونُس"، الذي في ليلة واحدة، تجامع مع ألف عذراء.
أمّا العشتاروت، سواء كانت واحدة أو كثيرات، فالأمر هو هو. هي نجمة (كوكب) تصعد في الشرق، في الزمن التشرينيّ. لها كثرة الأسماء بتبدّل اللسان، دعاها بنو طيء (= العرب) عوزي. واليونان أفروديت، والقادشيّون طشحقيت. والكلدانيّون بلطي، والآراميّون عشتار، والروديّون ملكة السماء، والعرباديّون ننّي.

 

السؤال 75: لماذا ما نال يفتاح لوحًا ولا مديحًا حين ذبح ابنته؟
ما نال مديحًا، لأنّه بدون تمييز، وكما حصل، نذر نذرًا لله. قال: "كلّ ما يخرج من باب بيتي للقائي، أقرّبه أوّلاً للربّ" (قض 11: 31). فلو خرج كلب، أو حمار، وهما نجسان بحسب الشريعة. ماذا كنت فعلتَ، يا يفتاح؟ وما اتّهم لأنّه ثبت على عهده، ووقّر في عينيه حبّه لله أكثر عواطف الطبيعة.
وما صُنع كما إبراهيم من "قتل إسحق". أوّلاً، ليعلّم أن لا يركض الإنسان بسهولة وراء سؤل نفسه. ثانيًا، طلبَه الله ليصوّر به نمط ما يكون بالنسبة إلى ربّنا. والنصر الذي أعطيَ له على بني عمّون، ليس بسبب نذره، ولكن ليغلب الشعب ويحكم على الشعوب. هناك من يقولون: إنّه نذر ابنته. وخصوصًا الهراطقة قابلوا ذبحها بابن الله. ما فهم الضالّون أنّه لو لم ينذرها لما كان قال أبدًا: "آه، يا ابنتي! هدمًا هدمتنِني (قض 11: 35). أمّا العبرانيّات، فما ندبن موتها في شهرآب، كما يظنّ أناس، بل خراب أورشليم (آ 40).

 

السؤال 76: ما هوسبب نذر شمشون؟
لأنّه في ذلك الزمان، غابت مخافة الله من الشعب كما من الشعوب. وخضعوا بسبب خطاياهم للفلسطيّين الغلف. تحنّن الله عليهم، وأقام لهم شمشون، جبّار إسرائيل، وبيده نجاح من مضايقهم. بُشّر بالحبل به بواسطة ملاك (قض 13: 3)، ليعلّمه أن سوف يكون خادم إرادة الله. منعه من الخمر والمسكر ليعلّمه أنّ قوّة رجولته لا يقتنيها من ملذّات المأكل. "والموس لا يُوضَع على رأسه" (قض 3: 5): سيكون شعره إكليلاً على رأسه. وهذا معروف حين جدعته دليلة، ضعف وصار مثل أيّ إنسان. ولكن آه من الخطيئة، وبالأحرى من الرغبة اللحميّة! كيف تهدمان الجبابرة وترميانهم أرضًا.
وصوَّر بشمشون أيضًا النقاوة والأمور التي لا لوم فيها. بفكّ حمار أجرى له الماء. وبجمجمة الأسد أطعمه العسل.

 

السؤال 77: ما هذا، أنّه كان لميخا بيت الله؟
يجب أن نفهم هنا بشكل خاصّ أنّ الفساد أصاب العبرانيّين. وكلمة الطوباويّ موسى إليهم، صوّرت عملاً. قال: "أعرفه أنّه بعد مكوثي ستفسدون فسادًا" (تث 31: 29). كما كان ميخا هذا خبيثًا ووقحًا، من قبيلة أفرائيم. عنه علّمنا الكتاب أنّه صنع صنمًا منحوتًا ومصبوبًا وسجد له. أوّلاً، صنع من أحد أبنائه كاهنًا. ثمّ كان الشرّ مع لاويّ من سبط اللاويّين، صار وثنيًّا. ترك عبادة الله وشكَّ وراء عبادة الأصنام مثل الشعوب التي أبادها الربّ من أمامهم. وأمسكت بني دانٍ (لا لاوي) رغبةٌ شيطانيّة، استولوا على صنم ميخا، ومضوا فأخذوا لاويّ. وتدبّروا لاويّ وأقنعوه أنّ من الأفضل له أن يكون كاهنًا لعشيرة بكاملها، من أن يكون لرجل واحد. ولكن هناك من قالوا: هذا الكاهن كان ابن ابن موسى.

 

السؤال 78: ما هو الذنب الذي لأجله نال اللوم بنو بنيامين؟
لأنّهم جدّدوا في ما بينهم عادات السدوميّين، وتحايلوا لاحتقار الغرباء الذين وصلوا إليهم كما يعلّمنا خبرُ الرجلِ اللاويّ. حين قُبل في بيت الرجل العجوز، فجأة أحاطوا البيت. ولئلاّ يعبّر الرجل، أخرج (الشيخ) سريّته، فنكّلوا بها الليل كلّه حتّى ماتت (قض 19: 22-29).
ما أتوا إلى هذه الرجاسة فسقًا وفجورًا، يشهد العجوز. قال: "لا تسيئوا إلى الرجل" (قض 19: 23). ما قال: لا تفجروا. لهذا نالوا الدينونة فاستحقّوا. ولكن لا كالسدوميّين. أوّلاً، لأنّهم قبلوا الإصلاح. ثانيًا، لأنّه لا يجمل أن يبيد سبطٌ من الأسباط.

 

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM