الفصل الرابع عشر :رسالة القدّيس بطرس الثانية

الفصل الرابع عشر
رسالة القدّيس بطرس الثانية

حين نقرأ رسالة القدّيس بطرس الثانية للمرّة الأولى نحسّ أنّها تختلف اختلافًا كلّيًّا عن رسالة بطرس الأولى. هذا ما لاحظه القدماء، وقال القديس إيرونيموس: "ينكر أكثرهم 2 بط بسبب أسلوبها المختلف عن أسلوب 1 بط". وبعد الأسلوب هناك النبرة: تتضمّن 1 بط لوحة عن الحياة المسيحيّة التي تقتدي بحياة المسيح، معروضة بحرارة نابعة من الإنجيل. أمّا في 2 بط فنجد عبارات معقّدة ندركها بصعوبة ونحسّ بجدال حادّ يبعدنا عن الروح المسالمة التي في 1 بط. المحن والاضطهادات حاضرة دومًا في 1 بط لا في 2 بط، وانتظار المجيء في 1 بط يصبح مسألة لاهوتيّة لا بدّ من الدفاع عنها. كلّ هذا يجعلنا نستشفّ أنّ كاتب 1 بط غير كاتب 2 بط. وأنّ مسافة زمنيّة طويلة تفصل بين الاثنتين. وهذا ما نتحقّق منه في دراستنا لهذه الرسالة.

أ- مضمون 2 بط
2 بط هي تحريض في الإيمان الذي قبلناه (1: 1) وفي معرفة دقيقة لله والمخلص يسوع المسيح (2: 8، 12، 20؛ 3: 18) للحصول على الملكوت الأبديّ (2: 11؛ 3: 13). وهي تدلّنا على الوسائل التي نأخذها للبلوغ إلى هذه المعرفة وهذا الملكوت: نمارس الفضائل (1: 5- 10؛ 3: 11، 14)، نقبل رجاء مجيء المسيح (1: 11، 16- 21؛ 3: 1- 13)، نرفض أن نتبع خطى المسيحيّين اللاأخلاقيّين الذين ينكرون مجيء الربّ (2: 1- 22، 4: 17). كلّ هذه المواضيع التي نقرأها في 2 بط تنبسط في مقدّمة وثلاثة توسيعات متتالية.

1- العنوان والسلام (1: 1- 2)
من سمعان بطرس، عبد يسوع المسيح ورسوله إلى الذين نالوا.. إيمانًا ثمينًا كإيماننا. عليكم وافر النعمة والسلام.

2- القسم الأوّل: نداء إلى الأمانة (1: 3- 21)
النصيحة الأولى (1: 3- 11) تدلّ على أنّ ممارسة الفضائل المسيحيّة توافق المواهب المعطاة. هذا هو الشرط للنموّ في معرفة يسوع المسيح (1: 8- 10) وإدراك ملكوته الأبديّ (1: 11).
تبدو هذه النصيحة في نظر الكاتب الذي يشير إلى نهاية حياته القريبة كواجب ملحّ (1: 12- 15)، وتجد تبريرها الثابت في عينيه. وهو يطلب منّا مجهودًا لندرك ملكوت المسيح الأبديّ لأنه متأكّد من قدرة هذا المخلّص الذي سيأتي. فالتجلّي أعطاه صورة مسبقة عن هذا المجيء (1: 16- 18)، والإعلانات النبويّة في الكتاب المقدّس كانت عربون هذا المجيء (1: 19- 21).

3- القسم الثاني: تحذير من المعلّمين الكذبة (2: 1- 22)
قبل أن يبدأ الكاتب بالردّ المباشر على المنكرين لمجيء ربّنا، يشدّد مطوّلاً على فسادهم الأخلاقيّ ليفقدهم أيّ اعتبار في نظر قرّائه. وهكذا يكون كلامه الأوّل تحذيرًا غير مباشر فلا يتخلّى المسيحيّون عن الرجاء المسيحيّ.
كان مجيء هؤلاء المعلّمين الكذبة متوقّعًا (2: 1-3) ولهذا لم يفاجئنا. وتصرّفهم هو إنكار عمليّ ليسوع معلّمهم وفاديهم، لهذا سيُعاقَبون كأولئك الذين أنكروه في الماضي (2: 4- 13). فهم عبيد لشرّهم (2: 14- 19) الذي ينمو بهم إلى مستوى أكثر انحطاطاً ممّا كانوا عليه قبل أن يعرفوا يسوع المسيح (2: 2- 21).

4- القسم الثالث: الاستعداد ليوم الربّ (3: 1- 18)
كان الموضوع الأخير في القسم الأوّل مدخلاً إلى القسم الثاني الموجَّه ضدّ الهرطقة. وجاء القسم الثاني بشكلِ مَقْطَعٍ اعتراضيّ فهيّأنا لنعرف أنّ الهرطقة ليست أخلاقيّة فقط بل عقائديةٌ أيضاًَ. فهذا الضلال يعارض تعليم الرسل (3: 1- 2) ولا يتوافق وفهم الكتاب المقدّس وفكرة صبر الله (3: 3- 10). فيقين المجيء يفرض علينا الاستعداد له بالقداسة والنموّ في معرفة يسوع (3: 11- 18 أ). وإذ يذكر الكاتب اسم يسوع يقدّم لنا المجدلة الأخيرة: "له المجد الآن وإلى الأبد. آمين" (3: 18 ب).
نحن أمام رسالة واحدة. ولقد كادت تكون بنيتها واضحة لولا ف 2 الذي قطع موضوع المجيء الذي بدأ في 1: 16- 21 وتتابع في ف 3. ولهذا ذهب بعض الشرّاح إلى القول إنّ ف 2 جاء متأخرًا واستوحى أفكاره من رسالة يهوذا (آ 4- 19). وقال البعض الآخر إنّ القسم الثاني نقل من مكانه داخل الرسالة. ولكن يبدو أنّ الرسالة دوّنت كما تبدو الآن أمامنا. والتقليد الذي تنقله إلينا المخطوطات أكبر شاهد على ذلك. ثمّ إنّ المقابلات بين الفصول الثلاثة التي تكوّن 2 بط تدلّ على وحدة في اللغة والتعليم. نلاحظ مثلاً مواضيع النبوءة (1: 9 ي؛ 2: 1، 16؛ 3: 2)، وفساد الكون (1: 4 ب؛ 2: 19)، والهلاك (1: 11؛ 2: 3 ب؛ 3: 16 ب)، ويوم الدينونة (2: 4 ي، 9؛ 3: 7 ب، 10، 11)، ومعرفة الربّ يسوع (1: 2 ي، 8؛ 2: 20؛ 18:3 أ).

ب- الفنّ الأدبيّ في 2 بط
نلاحظ أوّلاً الشكل الرسائليّ في 2 بط. فهناك إشارات تدلّ على أنّه رئيس الرسل: سمعان بطرس عبد يسوع المسيح رسوله (1: 1)، الذي سيفارق هذا المسكن عن قريب كما أظهر له ربّنا يسوع المسيح (1: 14) والذي رأى عظمة يسوع بعينيه حين تجلّى على الجبل وسمع صوته لمّا كان معه (1: 16- 18). هو يكتب رسالة ثانية (3: 1- 5)، بعد أن كتب رسالة أولى ليخبرهم بهذا (17:3) كما فعل "أخونا الحبيب بولس" (15:3).

1- إلى من يكتب رسالته؟
إلى الذين نالوا من فضل إلهنا إيمانًا ثمينًا (1: 1)، ولكنّه لا يحدّد أكثر. ومن عادة الرسالة أن تمتدّ في فعل شكر (1 بط 1: 3 ي). أمّا 2 بط فتكتفي ببضع كلمات. "عليكم وافر النعمة والسلام" (1: 2). وإذا توقّفنا على جسم الرسالة نفهم أنّ قرّاءه جاؤوا من العالم الوثنيّ لا من العالم اليهوديّ: ابتعدوا عمّا في هذه الدنيا من فساد الشهوة (1: 4) بعد أن عاشوا في الضلال (2: 18)، نجَوا من مفاسد العالم بعدما عرفوا ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح (2: 20- 22). أمّا الخاتمة فتنحصر في مجدلة قصيرة دون سلامات ولا تمنّيات (18:3).
يقول الكاتب لقرّائه إنّه يكتب لهم "رسالة ثانية" (3: 1) فيشير ولا شكّ إلى 1 بط. ولكنّ هذه الملاحظة لا تهدف إلى تحديد هُوِيَّة القرّاء بقدر ما تربط هويّة الكاتب بشخص الرسول بطرس. أمّا 2 بط فهي تبدو بشكل سلسلة من التحريضات التي تتوجّه لا إلى كنائس خاصّة بل إلى الجماعة المؤمنة كلّها. اكتشفنا في 1 بط لهجة الأب يتحدّث إلى أبنائه وعاطفة الذي عرف شخص المسيح فحدّثنا عنه، وهذا ما لم نكتشفه في 2 بط.
وهكذا نكون لا أمام رسالة حقيقيّة بل أمام وصيّة روحيّة من أب إلى أبنائه عند ساعة موته. هذا الفنّ الأدبيّ معروف في العهد القديم وفي الكتب المنحولة. ونعطي بعض أمثلة: وصيّة يعقوب لأبنائه الاثني عشر (تك 49: 1ي) التي كانت أساس المؤلَّف "وصيّات الآباء الاثني عشر". وكلام موسى للشعب الذي يتنبّأ فيه مسبقًا عن النتائج السيّئة لتمردّهم على الله (تث 29: 33) نتج عنه "وصيّة موسى"، وهو كتاب منحول دوّن في القرن الأوّل المسيحيّ.

2- سماتِ هذا الفنّ الأدبيّ
إنّ الأب الروحيّ الذي سيموت يجمع مرّة أخيرة أولاده أو تلامذته. يذكّرهم ببعض وقائع هامّة من حياته فيستخلص منها العبر الأخلاقيّة، ثمّ يتصوّر المستقبل في وجهه المظلم، وينهي بتحريض على الأمانة للشريعة والوحدة والوئام بين الأفراد. ونجد في العهد الجديد فنّ الوصيّة في سفر الأعمال 20: 17- 35: يخاطب بولس شيوخ أفسس قبل ذهابه إلى الموت: ويدعوهم إلى الحذر واليقظة.
وإذا عدنا إلى 2 بط نجد الملامح والعبارات التي تجعل هذه الرسالة وصيّة أب لأبنائه. يُنْبِئُ بطرس بموته القريب (1: 14) ويستعيد حدثًا حاسمًا في حياته: رؤية مجد الابن الحبيب (1: 17) تبشّر ببهائه في مجيئه الثاني. ويحاول أن ينعش الجماعة ببعض الذكريات (1: 12- 15) ويحذّرَها من هجوم المعلّمين الكذبة (2: 1ي). ويعود بها إلى التقليد فيقول: "أذكّركم في رسالتي بهذه الأمور لأثير الأفكار النقيّة في عقولكم. فتذكّروا الأقوال التي جاءت على ألسنة الآباء القدّيسين وما أبلغكم الرسل من وصايا ربّنا ومخلّصنا" (3: 1- 2).

ج- من كتب 2 بط؟
إنّ معظم الشرّاح اليوم يرفضون القول إن بطرس كتب 2 بط. ولكنّ هناك براهينَ تنسب هذه الرسالة إلى بطرس. غير أنّ الشراح يعتبرون أنّها لا تفي بالمرام وأنّ البراهين المعاكسة أكثر إقناعًا.
وإليك البراهين التي تجعل نسبة 2 بط إلى بطرس مقبولة:

1- يقدّم الكاتب نفسه
إنّه سمعان بطرس عبد يسوع المسيح ورسوله. ويشدّد على هُوِيَّته فيتّخذ الشكل القديم لاسمه وهو النابع من العبريّة (1: 1؛ رج أع 15: 14) ويعلن أنّه كان شاهدًا للتجلّي (1: 16- 18) وبالتالي أحد الثلاثة الذين كانوا مع يسوع على الجبل (مر 9: 22 ي). ويؤكّد أنّه يكتب مرّة ثانية (3: 1) راجعًا إلى 1 بط. ويطبّق على نفسه نصّ يوحنّا (يو 18:21 ي) المتعلّق بنبوءة يسوع عن موت بطرس (1: 14). وأخيرًا يسمّي بولس "أخاه الحبيب" (3: 15) أي رفيقه في الرسالة.

2- معطيات التقليد الآبائيّ
والمصريّون يستعملون هذه الرسالة منذ القرن الثاني وينسبونها إلى بطرس كما تشهد بذلك الترجمات الصعيديّة والبحيريّة والنسخة اليونانيّة على ورق البرديّ. في القرن الثالث أعلن أوريجانس نسبتها إلى بطرس وهو عارف أنّ الآباء لا يتفقون على هذه النسبة. وأعلن إيرونيموس رأيًا مماثلاً في القرن الرابع: دوّن بطرس رسالتين. ولكنّ معظمهم ينكر أن تكون الثانية له بسبب اختلاف في الأسلوب. وبرّر إيرونيموس هذا الاختلاف في أنّ بطرس لجأ إلى كاتبين مختلفين.

3- البراهين التي تعارض نسبة الرسالة إلى بطرس
أوّلاً: يقابل الكاتب بين جيل التلاميذ وجيل الآباء، ويعلن أنّ هذا الجيل قد زال فيتحسّر على ذلك: "آباؤنا ماتوا وبقي كلّ شيء منذ بدء الخليقة على حاله" (3: 4).
ثانيًا: ينظر المسيحيّون إلى اختفاء الرسل ويتساءلون: لماذا تأخّر مجيء الربّ؟ وينطلقون من هذا الواقع لينكروا مجيء الربّ وأساس الاعتقادات الاسكاتولوجية (3: 3- 10).
ثالثًا: نعرف من 3: 15- 16 أنّه في زمن كتابة 2 بط كانت رسائل بولس منتشرة ومقبولة كنصوص قانونيّة على مثال سائر الكتب المقدّسة. ضُمّت إلى مجموعة واحدة، واختلف المعلّمون في تفسيرها. كلّ هذا تم ولاشكّ بعد موت بولس الرسول ببضعة سنوات على الأقل.
رابعًا: دوّنت 2 بط كردّة فعل على هرطقة ترتبط بالغنوصيّة القديمة. فالمعلّمون الكذبة يقولون بمعرفة سامية بوجه خرافات ملفّقة (1: 16) يوردها التقليد المسيحيّ. ينكرون سيادة الربّ (1: 16) ومجيء المسيح (3: 4) ويعارضون بتصرّفهم عمل الفداء (2: 2) والشريعة. ويقدّمون أساسًا لتعليمهم شرحًا شخصيًّا لرسائل القدّيس بولس وأقوال الأنبياء لا يتوافق مع فهم الكنيسة للكتب المقدّسة (1: 20- 21). أمّا فسادهم الخلقيّ فهو النتيجة المباشرة لضلالهم الدينيّ. هم وقحون ومتكبّرون (2: 10 ب). مستهزئون (3: 3) يرفضون "القوّة والمقدرة" (2: 11) للكائنات السماويّة المجيدة (2: 10 ب). يتعلّلون بحرّيّة المرتدّين (2: 19) فيستسلمون إلى الفجور (2: 2، 7، 8) بكلّ أشكاله: الطمع والشراهة والفسق والزنى... تركوا طريق البرّ والصلاح (2: 21) ولكنّهم ما زالوا داخل الجماعة (2: 1) فيخدعون المؤمنين بمشاركتهم في الأخوّة المسيحيّة (3: 13).
إذا لم يكن بطرس كاتب 2 بط، فمن يكون إذًا؟ لا نعرف اسمه ولكنّنا نقول إنّه لم يكن سكرتير بطرس ولا رفيقه في العمل. إنّه تلميذ له بعيد في الزمن. كان رئيس كنيسة وشاهدًا لمسيحيّة خرجت من العصر الرسوليّ وتردّدت في أن تعلن عن ذاتها لأنّها مهدّدة أن تخسر وضعها ووحدتها. صاحب 2 بط هو إذن صوت التقليد، يذكر أنّ هذا التقليد ينبع من الله وأنبيائه، من المسيح وتلاميذه، من بطرس وبولس. وهذا التقليد يبقى بعد موت الرسل السلطة الوحيدة في عالم الإيمان وفي الحياة الأخلاقيّة وفي التأويل الكتابيّ. وإذ أراد هذا الكاتب أن يعطيَ لشهادته وزنًا لجأ إلى أسم مستعار هو اسم بطرس الرسول.
إذًا 2 بط رسالة نسبت إلى كاتب آخر غير الذي دوّنها. نحن لسنا هنا أمام غشّ أدبيّ، بل أمام أسلوب عرفه القدماء وأخذوا به. فلقد جعلت أسفار الشريعة الخمسة على اسم موسى وسلطته، ونسبت المزامير بأكثريّتها إلى داود، وجعلت أسفار الحكمة في حماية سليمان. ولكنّ مشكلة الاسم المستعار في العهد الجديد تختلف عنه في العهد القديم بسبب الفاصل الزمنيّ البسيط بين هذا السفر أو ذاك وبين موت الشخص الذي نسب إليه السفر. ثمّ نحن أمام ظاهرة تقليد. فإذا أخذنا رسائل بولس الرعائيّة (1 تم، 2 تم، تي) نجد فيها تيّارًا بولسيًّا. فبعد موت بولس بعشر سنوات أو خمس عشرة سنة انبرى تلميذ أَلِفَ تعليم الرسول فطبّق أفكار معلّمه على عصره وحارب البدع المهدِّدة. وإذا اعتبرنا أنّ بطرس لم يكتب 1 بط نقول إنّنا أمام وضع مماثل. ولكنّ الحالة تختلف مع 2 بط بسبب الفارق بين 1 بط و 2 بط، والتقارب الغريب بين رسالة يهوذا والفصل الثاني من 2 بط، فالكاتب المجهول لجأ إلى سلطة بطرس فحمل كلمة "التقليد الرسوليّ" راجعًا إلى الرسل (3: 2) ولاسيّما إلى القدّيس بولس، مستوحيًا من يهوذا أفكارًا سيصحّح ما فيها من مغالاة.

د- 2 بط والكتب المقدّسة
تستقي 2 بط من مراجعَ متنوّعةٍ، من العهد القديم ومن العهد الجديد. فهناك عبارات منعزلة لا تبرهن عن شيء (1: 1، 11، 18؛ 2: 5؛ 3: 3). ولكنّنا نجد إيرادًا حرفيًّا لسفر الأمثال (26: 11؛ رج 2 بط 2: 22) وتلميحًا واضحًا إلى مز 90: 4 (رج 2 بط 3: 8) وإلى أش 65: 17 (رج 2 بط 3: 13). ويستفيد صاحب 2 بط في تعليمه من أخبارٍ كتابيّةٍ تتعلّق بالخَلْق (3: 5= تك 1: 6- 9) وخطيئة الملائكة (2: 4= تك 6: 1ي)، والطوفان (2: 5= تك 6- 9) ودمار سدوم وعمورة (2: 6- 8= تك 19) وضلال بلعام (2: 15 ي= عد 22). لقد عاد الكاتب مباشرة إلى النصّ الأصليّ كما استعان بشواهد وجدها في مراجع ثانويّة.
ونجد تقاربًا بين 2 بط والآداب اليهوديّة المعاصرة. ففي 3: 7، 10 يشدّد الكاتب على أنّ الكون بعد أن هلك في الماضي بالمياه سيهلك مرّة ثانية بالنار. "في ذلك اليوم تزول السموات بدويّ صاعق وتنحلّ العناصر بالنار وتحترق الأرض وكلّ ما عليها". هذا الموضوع معروف في سفر أخنوخ الحبشيّ وحياة آدم وحوّاء وكتاب سيبيلة. وهناك الفكرة المتعلّقة بالزمن التي تعتبر أن ألف سنة كيوم واحد، وظهور سموات جديدة يحلّ فيها البِرّ (3: 5 ي)، نقرأها أيضاً في سفر أخنوخ المنحول. وتشير 2 بط إلى الكلمة النبويّة وحضور الروح في الأنبياء كما يفعل فيلون المفسّر اليهوديّ. وحين تتحدّث عن فساد الأيّام الأخيرة والعقاب اللاحق لها تقترب أيضاً من أخنوخ ومن وصيّات الآباء الإثني عشر كما تقترب من رسالة يهوذا (آ 4- 9).
وهنا ننتقل إلى التقارب بين 2 بط ونصوص العهد الجديد. ما يدهشنا أوّلاً هو أنّ الكاتب الذي يعتبر نفسه أنه يعرف تعليم المسيح والرسل (1: 12 ي؛ 3: 2) ورسالة بطرس الأولى ورسائل بولس 3: 1، 15 ي) لا يورد الشيء الكثير من هذه الأسفار. فهو لا يحتفظ من الأناجيل إلاّ بخبر التجلّي (1: 16- 18) وتنبّؤِ يسوعَ عن مار بطرس (1: 14؛ رج يو 21: 18 ي). ومن 1 بط يأخذ حدث الطوفان ناظرًا إليه من زاوية مختلفة (2: 5؛ 3: 5- 7؛ رج 1 بط 3: 20 ي). ويورد من القدّيس بولس موضوع الإيمان والنبوءة الإلهيّة (1: 1- 4) متطرّقًا إليه بشكل آخر.
ونلاحظ خاصّة تقاربًا بين رسالة يهوذا و 2 بط، وهذا التقارب يبدو على مستوى الأفكار لا على مستوى العبارات. (2: 1- 3= يهو 4؛ 6:2= يهو 7؛ 2: 11= يهو 9؛ 13:2= يهو 12؛ 2: 15= يهو 11؛ 3: 14= يهو 24؛ 18:3= يهو 25).
وهناك تقابل بين 2 بط وكتابات الآباء الرسوليّين وبالأخصّ برنابا المنحول. ونجد المواضيع نفسها في 2 بط ورؤيا القدّيس بطرس (كتبت حوالي السنة 150 ب. م): التجلّي، إعلان الأنبياء الكذبة، وعقاب الخطأة النهائيّ. ولكن يمكن القول إنّ 2 بط هي الأولى، وعنها أخذت الكتب المنحولة أو مؤلّفات الآباء الرسوليّين.

هـ- 2 بط رسالة قانونيّة
اختلفت 2 بط عن 1 بط فقبلتها الكنيسة بصعوبة. فقانون موراتوري الذي دوّن في نهاية القرن الثاني معدّدًا الكتب المقبولة في رومة، لا يتكلّم عن 1 بط و 2 بط مع أنّه يورد رسالة يهوذا. فلا بوليكربوس ولا يوستينوس يذكران 2 بط. ونقول الشيء عينه عن ترتليانس وقبريانس في أفريقيا، عن أغناطيوس وثيوفيلوس ويوحنّا فم الذهب ولوقيانس في أنطاكية. وسننتظر هيبوليتس (+ 235) لنجد إشارتين أو ثلاثة إلى 2 بط.
ظهرت 2 بط أوّل ما ظهرت في مصر واستعملتها رؤيا القدّيس بطرس. تُرجمت إلى اللغة البحيريّة واللغة الصعيديّة فوصلت إلينا في البرديّ رقم 72 الذي يعود إلى القرن الثالث، ونحن نفترض نصًّا نُسخ مرّات عديدة قبل أن يدوّن على هذا البرديّ. ويحدّثنا أوسابيوس عن إكلمنضوس الإسكندرانيّ (+ بعد 211) الذي قدّم "عرضاً ملخّصاً لكلّ أسفار العهد الجديد ولم يهمل تلك التي هي موضوع جدال مثل رسالة يهوذا وسائر الرسائل الكاثوليكيّة ورسالة برنابا ورؤيا بطرس". ولكنّ هذا القول لا يدلّ على شيء لأنّ إكلمنضوس لا يذكر 2 بط باسمها، كما أنّه يشرح أسفارًا منحولة.
واتّبع أوريجانس (+ 254) عادة عصره فأورد مقطعًا من 2 بط ونسبه إلى بطرس موضحًا أنّ له رسالتين. ولكنّ هذا الناقد الواعي سيعلن في تفسيره لإنجيل يوحنّا: "ترك بطرس رسالة واحدة لا جدال فيها، وربما ترك رسالة ثانية هي موضوع جدال". ويقول في مكان آخر: "يسمّي بطرس في رسالته الكاثوليكيّة مرقسَ ابنَه". أمّا أوسابيوس الشاهد عن التقليد المسيحيّ فيجعل رسالة 2 بط موضوع جدال ويقول: "مِنْ بطرسَ رسالة واحدة" هي التي تسمّى الأولى والتي عرفها الشيوخ القدماء واستعملوها في كتاباتهم كنصّ لا يناقش. أمّا التي تسمّى الثانية فليست نصًّا رسميًّا، ولكنّها بدت مفيدة للكثيرين فاعتُبرت مع سائر الكتب المقدّسة. وكتب إيرونيموس: "يعقوب وبطرس ويوحنّا ويهوذا نشروا سبع رسائل". وكتب أيضاً: "دوّن بطرس رسالتين تسمّيان كاثوليكيّة إلاّ أنّ أكثرهم ينكر الثانية بسبب اختلافها عن الأولى". وسيكون لإيرونيموس دور كبير في إدخال 2 بط بين الكتب القانونيّة في الغرب.
نذكر هنا ديديمس الأعمى (313- 398) الذي يحسب 2 بط كتابًا مقدّسًا وينسبها إلى بطرس (يورد 2 بط 1: 14؛ 2: 22 كل شرحه لزكريّا و 2 بط 1: 4 في مقالته عن الثالوث). ومع القائلين بقانونيّة 2 بط نشير إلى فرمليانس (القرن الثالث) أسقف قيصريّة في كبادوكية وميتوديوس الأولمبيّ. وبعد القرن الخامس والقرن السادس لن تناقش قانونيّة 2 بط.
ونورد هنا النصوص الرسميّة: القانون 60 من مجمع اللاذقيّة في فريجيّة (بتركيا) الذي عُقد سنة 360. القانون 36 من مجمع قرطاجة الذي عقد سنة 393. وسيُردَّد هذا القانون في مجمع قرطاجة الثالث الذي عقد سنة 397 (قانون 47) وفي مجمع قرطاجة الرابع (قانون 29)، وسيرسل البابا أنوشنسيوس الأوّل إلى اكسوبيروس أسقف تولوز في فرنسا رسالة في 10 شباط سنة 405 يعلن 2 بط بين الكتب القانونيّة. وسوف ننتظر طويلاً قبل أن يعلن الهامّ وقانونيّة 1 بط و 2 بط وذلك في مجمع فلورنسا (4 شباط 1441) والمجمع التريدنتينيّ (قانون 59) والمجمع الفاتيكانيّ الأوّل (قانون 79).
أين كُتبت 2 بط؟
إمّا في مصر حيث انتشرت، وإمّا في سورية بسبب تقاربها من رسالة يهوذا. متى كتبت؟ في بداية القرن الثاني أو نهاية القرن الأوّل في عهد دوميسيانس.

و- التعليم اللاهوتيّ في 2 بط
دوّنت 2 بط في زمن متأخّر وشكّ الشرّاح في نسبتها إلى مار بطرس. ولكنّ هذا لا يمسّ مضمونها. فتعليمها أهمّ شهادة عن إيمان الكنيسة في نهاية القرن الأوّل المسيحيّ وهو يقدّم غنىً كبيرًا لمعاصرينا. أمّا موضوع هذه الرسالة فيمكن أن يكون: الإيمان والحياة المسيحيّة، وهدفه أن يثبّت المؤمنين في الحقيقة ويطمئن المتردّدين ويقود الضالّين. يشدّد ف 1 على مضمون الإيمان وشروط نموّه وعلاقته بسائر الفضائل الأخلاقيّة. ويذكر أسسه الكتابيّة والنبويّة والإنجيليّة والرساليّة ويحرّضنا على النموّ في معرفة المسيح. ويعلن ف 2 الحرب على الهرطقة من أجل الحفاظ على نقاوة الإيمان. ويؤكّد ف 3 على كمال هذا الإيمان الذي لا يكون نقص فيه: لا يستطيع الواحد أن يكون مسيحيًّا إن لم يؤمنْ بمجيء الربّ ويتهيَّأ لهذا المجيء. وهكذا تتّخذ حياة المؤمنين منحًى إسكاتولوجيًّا.

1- الإيمان والمعرفة.
يتحدّد المسيحي إنسانًا أُنعم عليه بقدرة الله، وعمله المجيد أن يشارك في الطبيعة الإلهيّة (1: 4). وهذه عطيّة مجّانيّة كالحياة والإيمان والتبرير (1: 1- 3؛ 3: 18). والإيمان معرفة يوافق اقتناؤها الحياة المسيحية نفسها. وحين يرتدّ المؤمن يفلت من قذارات العالم ويعرف يسوع المسيح وطريق الصلاح (2: 20) بفضل تعليم الرسل. فالمسيحي يعرف قبل كلّ شيء التعليم الموحى وقواعد الحياة الأخلاقية وأصول العلم التأويلي (1: 20؛ 3: 3، 17). هو ثابت في الحقيقة ومتيقّظ (1: 13؛ 3: 1). يتذكّر وثائق إيمانه ويحاول أن يلجّ أكثر فأكثر في معرفة الله والمسيح (1: 2- 8؛ 3: 18).
هذا يفترض فكرًا نقيًّا وإصلاحًا أخلاقيًّا كاملاً: فمعرفة يسوع تعني الإستعلام عن شخصه وتعليمه والاعتراف به ربًّا. وهذا يعني القبول (3: 2) والعيش في فضيلة العفّة والصبر والتقوى والمحبّة. وهذا الخضوع للنور ينقّي الكائن كلّه ويصفّي العقل ويقوّي الدعوة والإختيار (1: 10).
إن دُعِيَ المسيحي إلى أن يزيد المعرفة على الإيمان والفضيلة، فهذا لا يسمح له أن يفكّر ما يشاء وأن يتخيّل زيادات على تاريخ الخلاص. إنّه يرتبط بالتقليد فيبقى ابن التلمذة. ومعرفة يسوع المسيح الذي هو كنزه الذي يكتشفه وصل إليه عن طريقين:
أوّلاً: طريق الآب الذي يعطي المجد والكرامة لابنه (1: 17). هذا الإعلان السماوي قد سمعه الرسل الذين شاهدوا عِيانًا مجد المسيح (1: 16، 18) والذين كُلِّفوا بأن يبشّروا المؤمنين بذلك (3: 2). فالمعلّمون والرسل ما فتئوا بالكلام والكتابة يعطون المؤمنين فهمًا أعمق لشخص المخلّص (3: 15).
ثانيًا: يرتكز الإيمان على مواعيد ثمينة وعظيمة تتمّ في يسوع المسيح (1: 4). وهذه الأمور أعلنها الأنبياء (3: 2) شفهيًّا (1: 19) أو كتبوها (1: 20؛ 3: 16) فشكّلت نورًا مستمرًا في قلب المسيحي وسط ظلمات العالم (1: 21) فالملهمون تكلّموا من قِبَل الله، والروح القدس قدّم لنا في الأنبياء الكفالة عن حقيقة شهادتهم.
من هذا القبيل لا يكون الإيمان قبولاً لأساطير وأخبار، بل معرفة مؤسّسة ومكفولة ضدّ كلّ ضلال (3: 17). يبقى أن نفهم الكلمات والنصوص النبوية حسب الروح الذي ألهمها (2 تم 3: 14- 16). فكما أنّ رجال الله لم يتكلّموا من عندهم وبحسب نزواتهم، بل نقلوا إلينا تعليم الله الصحيح (1: 21؛ رؤ 22: 6، 18)، هكذا لا يحقّ للمسيحيّ أن يشنّع بالنصوص ويجعلها تقول الشيء الذي لا تتضمّنه ويقدّم تفاسير شخصية واعتياطية. فما من نصّ مثل 2 بط ربط الإيمان بكلمة الله. فنقاوة هذه الكلمة تتعلّق بفهمها فهمًا دقيقًا.

2- تحذير من تعاليم المضلّين
بما أنّ الإيمان يوصل إلى الملكوت الأبدي ويقوم بمعرفة يسوع التاريخ وتعليمه الذي نقله إلينا التقليد الرسولي، فيجب أن نكون متيقّظين لنحافظ على نقاوة هذا الإيمان وكماله. فنقاوة الإيمان مهدَّدة دومًا. وتكرِّس 2 بط فصلاً كاملاً لتنذرنا بشرّ معلّمي الضلال. في الماضي كان الأنبياء الكذبة في إسرائيل، واليوم نجد المعلمين الكذبة في الكنيسة وهم يثيرون الانقسامات والشيع الضارّة. إنّهم مروّجون نشيطون وأصحاب إغراء وحيلة (2: 3، 13). إنّهم ثرثارون. وكلماتهم الغاشّة (2: 3، 13) تجلب إليهم تباعًا ليقودوهم في فجورهم. إنّهم متجرّئون، وقحون، مستهزئون يرفضون كلّ سلطة دينيّة وقاعدة أخلاقيّة. إنّهم عبيد اللحم والفساد (2: 10- 19) لا يشبعون من اقتراف الخطايا. هم زناة (2: 14) يدمنون على كلّ شهوة نجسة ويغطسون في قذارة العالم. سلوكهم يشكّك حتّى الوثنيّين (2: 1). فنحن أمام مسيحيّين مالوا عن الطريق القويم (3: 2، 15) وأنكروا معلّمهم الذي افتداهم (2: 1) ثمّ عادوا إلى الرجاسة التي تنقَّوا منها.

3- الإسكاتولوجيا والحياة المسيحيّة
في ف 3 يجيب كاتب 2 بط على المستهزئين والمتشكّكين حول قرب نهاية العالم التي أعلنها الأنبياء، فيحدّثنا عن التأخير في مجيء الربّ ويؤكّد بالأخصّ أنّه ستكون لهذا العالم نهاية كما كانت له بداية. إنّه سريع العطب لذلك ستضربه الكوارث. خرج من المياه الأولى بكلمة الله (تك 1: 2، 6) وغمرته مياه الطوفان ثمّ تجفّف (3: 5- 6). غير أنّ إرادة الله الواحدة ستدمِّر بالنار السمواتِ والأرضَ الحاضرة وتتكوّنُ سمواتٌ جديدة وأرض جديدة (3: 13). هذا هو العالم الآخر الذي يرغبه المسيحيّون وينتظرونه لأنّه عالمهم. فإن هم أقاموا هنا ففي خيمة مؤقّتة (1: 14) ودعوتهم أن يكونوا في السماء (10:1).
يردّد الناس: "أين موعد مجيئه" (3: 4)؟ ويعتقدون أنّ العالم سينتهي بفعل كارثة كونيّة يترقّبها العلم. ولكنّ النهاية ستكون بفعل الله (3: 7) فيطلّ المسيح كالسارق، ونحن لا ننتظره (3: 10). وهذا الواقع المنتظر لا نقبل به بعقلنا فحسب بل نحسب حسابه في حياتنا اليوميّة.
ولهذا ترسم أمامنا 2 بط أخلاقيّة إسكاتولوجيّة نمشي بموجبها على مثال الآباء (عب 11: 13- 16) نحو ملكوت البرّ (3: 13). والغاية توجه اختيار الوسائل واستعمالها: "بما أنّ كلّ شيء سينحلّ فكيف يجب عليكم أن تكونوا" (3: 11)؟ هذا يفترض نقاوة عظيمة (3: 14) وسط عالم وثنيّ مليء بالقذارات (2: 21) والشهوات والفجور والكذب والضلال (2: 18). فالمسيحيّ الذي تنقّى من خطاياه في المعموديّة (1: 9) سيهرب ويقتلع نقسه من الفساد الذي يعيش فيه معاصروه. يتحفّظ لئلاّ يسقطَ (3: 17)، يبقى ثابتًا رغم إغراءات الشرّ.
إنّ المسيحي النقيّ صاحب الإيمان الإسكاتولوجيّ، يستخدم خيرات نعمته العماديّة بعد أن وهبته القدرة كلّ ما يؤول إلى الحياة والتقوى. وفي منظار نهاية العالم يشعل غيرته ويضاعف جهاده فيزيد التقوى على الصبر، والمحبّة الأخويّة على التقوى. أمّا موقفه الروحيّ فنلخّصه بكلمة واحدة: إنّه ينتظر، وهو لا يحيا إلاّ في هذا الانتظار وفي هذا الرجاء.
لا يستطيع المسيحيّ أن يمتلك مثل هذا الوعي الروحيّ وهذه الحرارة في المحبّة دون أن يفقد بعض الصيرفي انتظار يوم الله. فالمؤمنون يعرفون أنّ كلّ شيء معدّ منذ مجيء يسوع المسيح لظهور الخلاص (1 بط 1: 5) ولكنّ الساعة المحدّدة يمكن أن تتبدّل. فالذين ينتظرون تدخّل الرب يقدرون أن يجعلوه يعجّل. لا يحدّد النصّ كيف نجعله يعجّل. ولكنّ قداسة حياة دينيّة حقّة وصلاة حارّة لا تَتْعَبُ، هما سلاح حاسم وَسْطَ تقلّبات هذا العالم في نهاية الزمن. أمّا بالنسبة إلى 2 بط فصدق المؤمن يُتَرْجَمُ بتمنِ حارٍّ أن يأتيَ الربُّ بسرعة. وهنا تلتقي هذه الرسالة مع كلمة سفر الرؤيا (22: 20): "آمين. تعال، أيّها الربّ يسوع".


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM