طريق السعادة
صلاة البدء
جلست يا يسوع على الجبل كالمعلّم في خط المعلّمين، بل المعلّم المعلّم. ودنا منك تلاميذك. ونحن ندنو معهم لنستمع إليك، لنتعلّم أين هي السعادة الحقيقيّة. افتح آذاننا لنسمح، وعيوننا لنرى، وقلبنا لنفهم. بدَّل طريقة تفكيرنا، وحوّل نظرنا إلى عمق الإنسان الذي يلتقي في النهاية مع عمق الله.
قراءة النص
مت 5: 1- 12
نصمت بعد القراءة ثلاث دقائق ونطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
يقول الناس إن السعادة في الغنى والقوّة والسيطرة والجاه . ونحن؟
يقول الناس: نستعد للسلام بالحرب والسلاح. ونحن كيف نصنع السلام؟
يقول الناس: تدبّر أمرك في هذه الحياة لئلاّ يزعجك الناس. ويسوع يعد بالسعادة أولئك الذين يقولون الحقّ، يحملون كلام الإنجيل، ولهذا يضطهدون. ونحن في أية خانة نضع نفوسنا؟
دراسة النص
المساكين هم أناس عرفوا الضيق على مستوى المال والاقتصاد، فتعلّموا أن لا يضعوا ثقتهم إلاّ في الله وما يقدّم لهم من خلاص. فقر ماديّ وتجرّد كما تقول الأناجيل. وفقر روحيّ، أي وضع رجائنا في الله.
والودعاء هم ضعفاء لا يستطيعون أن يجعلوا حقّهم ينتصر، ومع ذلك فالرب هو الذي يعطيهم الخير. يعطيهم الأرض بحيث لا ينقصهم شيء. الربّ راعيهم. وهو يعتني بهم بنعمة مجانيّة. هم لا يستندون إلى نفوسهم، إلى قوّتهم، بل إلى الله.
والجوع والعطش رغبة حارة. وحاجة من القلب، بل من الإنسان كله، الجائع والعطشّان قد وصلا إلى حدود الاحتمال فالربّ بارّ. أي يبّر بمواعيده، ويحبّ الأبرار. والرحمة فضيلة الذين يهتمون بالمحزونين والمتألّمين. فمن عرف رحمة الله، لا يمكنه إلاّ أن يكون رحيمًا.
وتهنِّئ كلمات يسوع أولئك الذين لا يكونون بقلب بقلب، بنيّة ونيّة، بلسان ولسان، نقاوة القلب شرط ضروريّ لمشاهده الله. فالله نور وهو لا ينفذ إلاّ في القلوب الشفّافة التي لا كذب فيها ولا رياء، فالله حق كله، ونحن نعبده بالروح الحقّ، فلا نمزج عبادة مع عبادته.
ويطوّب يسوع أخيرًا محبّي السلام، الذين يحاولون أن يساعدوا الجميع. كما يقول بولس الرسول. الذين يعملون من أجل السلام في عالم يعجّ بالحرب. فالسلام هو بركة الله وعطيّته ونحن نوصله إلى الآخرين. وحين نحمل البركة لا اللعنة، والسلام والخصام، نكون حقًا أبناء الله.
ومع ذلك، فهؤلاء المساكين والودعاء، والجياع العطاش، والرحماء وصانعو السلام، يعرفون الاضطهاد. هم ليسوا من العالم، لهذا لا يحبّهم العالم. فهل يتراجعون؟ كلا. فالبرّ الذي يعيشونه هو أمانه لكلمة الله، لوصايا الله. لو كانوا من العالم، لأحبهّم العالم، لأن العالم يحبّ من يشبهه. والاضطهاد، بالنسبة إلى الكنيسة، هو الدلالة على أمانتنا للربّ. ومنذ بداية الكنيسة عرف المسيحيون الاضطهاد لا لأنهم قتلة وسارقون وأشرار، بل لأنهم مسيحيّون (1 بط 4: 15- 16). ولكن يسوع سبق وقال لنا إننا سنكون كالخراف بين الذئاب. يبقى علينا أن نتمسّك به، ونؤمن بحضوره الدائم معنا. وهذا ما يعطينا الشجاعة كي نثبت، لأن من يثبت إلى المنتهى فهو يخلص.
التأمل
نتأمل عشر دقائق في بعض ما قيل في الدراسة. نستطيع أن نتوقّف عند تطويبة من هذه التطويبات، هنيئًا للمساكين، للودعاء... ونجعلها مرآة نرى فيها نفوسنا على ضوء كلمة الله التي هي سيف ذو حدّين. لا نموّه على ذواتنا. هل أخذنا روح العالم أم روح لمسيح؟
المناجاة
ننطلق من هذا لانجيل وما شاركنا فيه وتتساءل: هل نحسد العالم وقيمه؟ هل نؤخذ بفلسفة العالم، أم هي فلسفة المسيح توجّه حياتنا؟ قد تكون في ساعة من ساعات الحماس تركنا العالم، ولكننا ندخله من جديد لأننا لا نستطيع أن نستغني عنه.
تأوين النصّ
هنيئًا للمساكين يا لسعادتهم! هذه الصرخة تهنّئ ذاك الذي نعم بعطاء الله، فأحسّ منذ اليوم ببعض السعادة، وظلّ أمينًا للطريق الذي اختاره فأُعلن بارًا حين يدينه الله. لقد أعلن يسوع سعادة الفقراء في المجتمع، في زمانه. ومازال يعلن هذه السعادة، مع العلم أن الفقر يعني اعطنا خبزنا كفاية يومنا. وكم من الناس اختاروا الفقر في سبيل المسيح. أو هم كانوا راضين بحالهم بما فيها من فقر وعوز. يفرح الله أن يعطي نعمه لهؤلاء الضعفاء لهؤلاء الصغار.
هذه التطويبة الأولى تشرف على سائر التطويبات. نتجرّد من المال ومحبّة الفضّة أصل كل الشرور. نتجرّد من ذواتنا ومن العتق الذي فينا.
صلاة الختام
الصلاة الربيه أو ترتيلة.