خاتمة

خاتمة
تلك كانت الرسالة إلى تيطس. اعتبر التقليد القديم، حتى القرن التاسع عشر، أن بولس هو الذي دوّنها. كما اعتبر أن تيطس هو الذي تسلّمها، بعد أن أسّس مع بولس الكنيسة في جزيرة كريت. ولكنّ الشرّاح أخذوا يتّفقون على القول بأن هذه الرسالة جاءت متأخرة فلامست الكتابات الغنوصيّة التي دُوّنت في القرن الثاني المسيحي، كما لامست تأثير تاتيانس ورفضه لأسفار العهد القديم. وهكذا يمكن القول إن تيطس كان قد مات منذ زمن بعيد. ولكن الكاتب أخذ اسمه ليفهم المسؤولين في الكنيسة أهميّة التقليد الذي انتقل من الرسل إلى تلاميذهم، من بولس إلى تيموتاوس وتيطس، قبل أن يصل إلى المسؤولين الذين يرئسون الكنيسة ويحملون التعليم في نهاية القرن الأول. واستعارة اسم بولس أمر هام. فنحن في المدرسة البولسيّة التي أثّرت على الرسائل البولسيّة كلّها، بما فيها الرسالة إلى العبرانيين. بل أثرت على رسائل بطرس ويعقوب. فالتيّار البولسيّ كان له دور كبير في أسفار العهد الجديد، بما فيها أناجيل مرقس ومتّى ولوقا. وكان تجاه التيّار البولسيّ، التيّارُ اليوحناويّ الذي ترك لنا الانجيل الرابع ورسائل يوحنا الثلاث وسفر الرؤيا.
رسالة قدمناها في أربعة أقسام: بعد المدخل بما فيه من دراسة حول لاهوت تي، توقّفنا عند تنظيم الكنائس، ثم عند حياة المؤمنين. تجاه المعلّمين الكذبة، لا بدّ من إقامة شيوخ، من إقامة مسؤولين ورعاة يكونون على مثال الراعي الصالح. وتجاه العالم الوثني، لا بدّ من شهادة مسيحيّة يعيشها المؤمنون في الوضع الذي جعلهم الله فيه: سواء كانوا شيوخًا أم شبانًا، عجائز أم شابات، عبيدًا أم أسيادًا. فكل واحد منهم يمجّد الله بأعماله الصالحة، بحيث يمجّد الوثنيون الله، ويعظّمون في كل شيء تعاليم الله مخلّصنا (2: 10).
رسالة توقّفنا فيها عند محطّات مشتركة بين الرسائل الرعائيّة الثلاث مثل الكلام عن الرسول والرسالة، عن الخدم والشروط الضروريّة للدخول في الخدمة، عن الجماعة المسيحيّة وعيشها في عالم يعاديها، يستهزئ بها، وفي أي حال يطلب منها شهادة عن الرجاء الذي تعيشه. وأخيرًا عن النعمة التي أعطيت لجميع البشر، وهي تدعونا لكي "نمتنع عن الكفر وشهوات هذه الدنيا لنعيش بتعقّل وصلاح وتقوى في العالم الحاضر" (2: 12).
وكانت دراسة النصّ تحليلاً وتفسيرًا، بحيث ندخل إلى تعليم ما زالت الكنيسة تقدّمه لنا نحن الذين نعيش نهاية الأزمنة، نعيش زمن الكنيسة الممتدّ بين مجيء المسيح الأول ومجيئه الثاني. نعيش بين ظهورين. والقراءة الاجماليّة علّمتنا كيف يصبح النصّ كلامًا يوجّه الآن إلى كنائسنا. فكلمة الله حاضرة دائمة. توجّهت إلى مؤمنين في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني. وهي تتوجّه إلينا في بداية الألف الثالث. وهي تدعونا لأن نجسّدها في تعليمنا، في تصرّفنا، في حياتنا، في ممارساتنا اليوميّة، مهما كانت الظروف التي نعيش فيها.
ذاك هو تفسير الرسالة إلى تيطس. ونرجو بعون الله أن يتبعه تفسير رسالتي بطرس والرسالة إلى رومة، بحيث نكون أكملنا جولتنا في جميع أسفار العهد الجديد. هذا ما نأمله من عونه تعالى.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM