تقديم

تقديم
الرسالة الأولى إلى تيموتاوس هي أولى ما يُسمّى الرسائل الرعائيّة. تعود هذه التسمية إلي بداية القرن الثامن عشر لتدلّ على ثلاث رسائل هي 1تم، 2تم، تي. رسائل تتوجّه إلى الرعاة، وتتحدّث عن تنظيم الرعاية في الكنيسة. جُعلت 1تم في المركز الأول، لأنها أطول من الرسالتين الأخريين. ولكن يبدو أنها ارتبطت بالرسالة إلى تيطس، فجاءت متأخّرة عن 2تم التي ترتبط ارتباطًا حميمًا بآخر أيام بولس قبل أن يمضي إلى الموت كشهيد يسوع المسيح.
رسالة نعرف من عنوانها أنها توجّهت إلى تيموتاوس، التلميذ الذي رافق بولس في رسالته، في أوروبا بشكل خاص. ويبدو أنه كان أسقفَ أفسس، تلك الكنيسة التي أسّسها بولس ورافقها ما يقارب الثلاث سنوات، وسلّمها وصيّة قبل أن يُقبض عليه في أورشليم ويُرسل سجينًا إلى قيصرية ثم رومة.
رسالة جاءت في مقدّمة وخاتمة وأربعة أقسام. نعرف في مقدّمة كُتبت في أسلوب بولسيّ أن المرسل هو بولس والذي تلقّى الرسالة هو تيموتاوس، التلميذ الحبيب. توقّف القسم الأول عند اعلان الانجيل (معلّمون كذبة، لا بدّ من الجهاد)، والثاني عند تنظيم شعائر العبادة في الكنيسة (صلاة عن الجميع، صلاة الرجال والنساء)، والثالث عند مختلف الخدم في الكنيسة من أساقفة وشمامسة وشماسات، بانتظار الكلام عن الشيوخ، وعن الأرامل اللواتي سيكنّ أول »المكرّسات« في خدمة الكنيسة. وتحدّث القسم الأخير عن تيموتاوس ومهمّته الرعائيّة: يحارب تعاليم نسكيّة كاذبة (على مستوى الطعام والزواج)، ويظهر خادمًا واعيًا لواجبه ولا سيّما على مستوى إعلان الكلمة، بعد درسها والتأمّل فيها. وجاءت النهاية كلامًا عن المضلّين الكذبة وتنبيهًا للأغنياء، وطلبًا إلى التلميذ بأن يحفظ وديعة الايمان، ويشهد كما شهد يسوع شهادة حسنة أمام بيلاطس. فالشهادة يمكن أن تقود إلى الاستشهاد وبذل الدم في سبيل المسيح.
رسالة ترتبط بوضع خارجيّ: يستعدّ بولس لأن يترك أفسس متوجّهًا إلى مكدونية. وإذ يترك تيموتاوس ويحمّله توصيات، يأمل أن يعود قريبًا. في الواقع، نحن أمام تنظيم كنسيّ متشعّب جدًا: هناك الأسقف الذي يُشرف على العمل في الكنيسة. ثم الشمامسة والشماسات. ويُذكر الشيوخ (القسوس، الكهنة فيما بعد، في الكنيسة) والأرامل. وعلى الأغنياء أن يلعبوا دورًا في الكنيسة. وتيموتاوس يكون امتدادًا لبولس في تنظيم كل هذا. أيعني أنه كانت أكثر من جماعة في أفسس، تلك المدينة الكبيرة وعاصمة آسية؟ ما هو أكيد هو أنه وُجدت جماعة يوحناويّة على الأقلّ. إذن، ما فعله بولس متنقلاً من بلد إلى بلد، ليشدّد عزائم التلاميذ، ويقيم القسوس في كل كنيسة (أع 14: 22- 23)، سيفعله تيموتاوس في أفسس، رغم حداثة سنّه.
رسالة دلّت على أن تيموتاوس كُلّف تكليفًا رسميًا حين وُضعت الأيدي عليه. فوجب عليه أن يقود الجماعة، بل الجماعات: على مستوى الصلاة والتعليم، وعلى مستوى التنظيم. إذن، يكون "قائدًا" وموجّهًا: يحارب التعاليم الضالّة، يكون مثالاً للمؤمنين، يحدّد موقعه بالنسبة إلى مختلف الفئات على مستوى الجنس والعمر... ولا ينسى حضوره وحضور الكنيسة في العالم، وتجاه الذين هم في الخارج.
رسالة دوّنها بولس أو أحد تلاميذه في أيامه. وربّما دُوّنت بعد موت الرسول بسنوات. انطلق الكاتب من الرسائل البولسيّة الأولى (روم، 1كور...)، ودوّن تعليمًا جاء امتدادًا لتعليم الرسول، وذلك جوابًا على وضع جديد. فكما كان لبولس لقاء بالربّ ففسّر في رسائله الوحي الذي تلقّاه، هكذا فعل تلاميذه الذين رافقوه ونالوا بعض سلطانه. ونحن إذ نقرأ 1تم وغيرها من رسائل كُتبت في إطار المدرسة البولسيّة، نفهم أننا في الكنيسة التي تفهمنا أنّها حين أدخلت هذه الأسفار في اللائحة القانونيّة، اعتبرتها كلام الله الذي يفيد في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البرّ. من قرأها، كان رجلاً كاملاً واستعدّ لكل عمل صالح (2تم 3: 16).
فإلى قراءة 1تم، أولى الرسائل الرعائيّة ندعو القارئ، ورجاؤنا أن نتابع المسيرة في العهد الجديد فنقدّم تفسيرًا للرسالة الثانيّة إلى تيموتاوس والرسالة إلى تيطس. عند ذاك، نتصوّر العلاقة القائمة بين هذه الرسائل الثلاث.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM