الفصل التاسع والعشرون :سنة رضى من عند الرب

 

الفصل التاسع والعشرون
سنة رضى
من عند الرب

 

منذ أربع سنوات بدأنا نعيش سنة اليوبيل، سنة النّعمة الآتية إلينا من عند الرب. وها نحن في سنة الألفين على ميلاد المخلّص، نعود بالذكرى إلى ما قاله الكتاب. ما قاله نبيّ يشجّع إخوته الذين عادوا من المنفى، ولكنهم ظلّوا غرباء عن ديارهم. عادوا من الأسر ولكنّهم ما زالوا في القيود. فوعدهم. ولكن هذا الوعد لم يتحقّق إلاّ في يسوع المسيح الذي قال بعد أن قرأ نصّ النبيّ هذا: "اليوم تمّت هذه الكلمات التي تلوتها على مسامعكم" (لو 4: 21).
في مقالنا هذا ننطلق من أشعيا النبي (61: 1-5) فنصل إلى إنجيل لوقا (4: 16-22)، فنكتشف مسيرة الله إلى البشر، وما ناله البشر من نعم بفضل ذاك الذي حلّ عليه الرّوح فأرسله.

1- نبيّ العودة من المنفى
سنة 587 ق.م.، جاء البابليّون إلى أورشليم، فدمّروا المدينة وأحرقوا الهيكل. سرقوا ما في المدينة من كنوز، وسبوا قسمًا من السكان، فهجّروهم إلى الشمال البعيد. فما الذي ينتظره الشعب؟ عودة البنين والبنات إلى مدينتهم من أجل بناء المدينة المقدّسة، القدس، وهيكلها، بل بناء البلاد كلها بعد أن تركت فيها الحرب بصماتها. تلك إشارة أولى على أن الربّ رضي عن شعبه.
وهناك إشارة ثانية نستشفّها من خلال هذا البناء الماديّ: تجدّدُ العلاقة بين الرب ومدينته، وهذه العلاقة يعبِّر عنها النصُّ بلغة زواجية، كما بين العريس وعروسه: بعد مرحلة من الغضب والابتعاد، تأتي مرحلة من الحماس والالتزام الذي يعبّر عن الحبّ. وبفضل هذا الوضع الماديّ الجديد، وحضور الرب المتجدّد في المدينة، تستعيد أورشليم وظائفها الكهنوتيّة في تقدمة ذبائح، في دعاء وتوسّل، في رفع المديح إلى الله.

أ- النصّ النبويّ
في هذا الإطار هتف النبيّ الذي انتمى إلى مدرسة أشعيا:
"روح السيد الربّ عليّ،
لأن الري مسحني.
أرسلني لأبشّر المساكين،
لأجبر منكسري القلوب،
لأنادي للمسبّيين بالحرّية
والمأسورين بتخلية سبيلهم،
وأنادي بحلول سنة رضى للرب
ويوم انتقام لإلهنا.
لأعزّي جميع النائحين في صهيون
وأمنحهم الغار بدل الرماد،
وزينة الفرح بدل الحداد،
ورداء التسبيح بدل الكآبة" (آ 1-3).
يتضمّن هذا النصّ قسمين. الأول يربط بين حضور الربّ على ذاك الذي يتكلّم، والمسحة التي ينالها ذاك المتكلّم من الرب. والثاني يقدّم سلسلة من الافعال. ماذا يفعل هذا المرسَل الذي أحلّ الرب روحه عليه وجعله حامل خبر طيب؟ يبشّر، يجبر، ينادي، يعزّي، يمنح. وما هو التحوّل الذي سيتمّ للمساكين ومنسحقي القلوب، للمسبيّين والاسرى، للنائحين في صهيون؟ المسبيّون يُحرّرون، والأسرى يُطلقون، والحزانى يعزّون، فيحلّ الغار بدل الرماد، وزيت الفرح بدل الحداد، ورداء التسبيح بدل الكآبة.

ب- من هو المتكلّم
لا يوضح أش 61 هويّة المتكلّم. قد يكون نبيًا جاء يعلن تحرير المنفيّين وعودتهم إلى ديارهم فيكونون كهنة في صهيون أي في أورشليم، وصهيون أقدس مكان فيها لأنها تلة عليها بُني الهيكل. وقد يكون نبيًا يأتي في نهاية الأزمنة، فيعلن التحرير الأخير والنهائيّ الذي يقدّمه الله لشعبه. ولماذا لا يكون الاثنان معًا. تحرّرٌ حاضر يُطلقنا نحو تحرّر آت. ومن تحرّر إلى تحرّر نصل إلى التحرّر الحقيقيّ الذي يجعلنا نقيم في حرّية أبناء الله.
النبيّ يعمل، ولكنه باسم الربّ يعمل. لهذا نرى الله يتكلّم فيقول: "لأجلك يا صهيون لا أسكت، لأجلك يا أورشليم لا أسكت، حتّى يخرج كالضّياء حقّك، وكمصباح متّقد خلاصك..." (أش 62: 1). فيردّ النبيّ: "فرحًا أفرح بالرب، وتبتهج نفسي بإلهي. ألبسني ثياب الخلاص، وكساني رداء العدل، كعريس يستحمّ بالغار أو عروس تتزيّن بالحلى" (أش 61: 10).

ج- ماذا يقول هذا النبيّ
دخل فيه روح الرب، لا من أجل مهمّة حربيّة، بل من أجل مهمّة نبويّة لجميع المنحنين تحت نير يُثقل أكتافهم، لجميع الحزانى والمعذّبين. سيأتي يوم الرب. هناك منعطف في مسيرة التاريخ. لن تكون الأمور كما كانت من قبل. ستعود إلى البنين والبنات كرامتُهم. وهذا التحوّل لن يدوم يومًا وساعة، بل يمتدّ طويلاً. زمن الخلاص يطول فيكون بشكل يوبيل لا نهاية له.
متى يكون ذلك؟ ساعة يدلّ الربّ على رضاه، يرسل نعمته، يُفهم الشعب أنه قبل توبته. هذا اليوم هو يوم انتقام. تلك هي الوجهة السلبيّة. فالرب يمارس عدالته تجاه الذين ضايقوا شعبه، ولا سيّما المنكسري القلوب والمساكين والحزانى والأسرى. وهناك الوجهة الايجابيّة: الاهتمام بهؤلاء الصغار الذين لا يهتمّ بهم أحد. يبدأ فيعزّيهم وكأنه يداوي جراحهم، وبالتالي تتبدّل حالهم.
نبيّ في زمن المنفى رأى شعبه المتألمّ، فما قبل بالوضع. نبيّ حلّ عليه روح الربّ في وقت محدّد من عودة المنفيّين إلى بيوتهم مع ما في هذه العودة من صعوبة. ولكن هذا النبيّ هو محطّة تهيِّئ الطريق للنبيّ المسيحاني، الذي يأتي في النهاية. والعهد الذي يعلنه ليس عهدًا موقتًا. هو عهد أبديّ به يصل مخطّط الله إلى هدفه. هذا النبيّ يدشّن يوم الخلاص النهائي من أجل عالم جديد.
ولكن يُطرح سؤال: ظلّت الحالة هي هي بالنسبة إلى شعب أورشليم. والحالة هي هي بالنسبة إلى شعبنا اليوم الذي يعيش الألف الثالث. فأين هو تدخّل الله، وأين هو عمل أنبيائه؟ الأغنياء يزدادون غنى، والفقراء فقرًا، فماذا نستطيع أن نحمل لهؤلاء المتألمين سوى بعض كلمات العزاء؟ ولكن الربّ اختار ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء، واختار فقراء العالم ليخزي الأغنياء. الربّ فعل بواسطة نبيّه فشحذ الهمم التي قامت بعمل البناء، وهو يريد اليوم أن يفعل بواسطتنا. فنحن نبني الخرائب القديم، نرمّم منها ما تهدّم، ونجدّد المدن المدمّرة (أش 61: 4). لا يريد الله أن يعاملنا مثل قاصرين: نكتف أيدينا فيعطينا دون أي تعب من قبلنا. الله يخلقنا من جديد في هذا الوضع المؤلم الذي نعيشه، ويرسل إلينا من ينعش فينا الحميّة والاندفاع. لهذا نثق به وننطلق.

2- وجاء يسوع إلى الناصرة
استعار العهد الجديد مرّة واحدة ما قاله النبي أشعيا عن سنة رضى للربّ، وذلك في خطبة دشّن فيها يسوع رسالته في الناصرة (لو 4: 14-22). خلال صلاة السبت في المجمع، قرأ النصَّ النبويّ، وطبّقه على نفسه. تحدّث عن نعمة الرب ورضاه، فلقي مقاومة كادت تقوده إلى الموت. "جاؤوا به إلى حافة الجبل الذي كانت مدينتهم مبنيّة عليه ليلقوه منها" (لو 4: 29).

أ- نص أشعيا
جرى المشهد هذا في بداية حياة يسوع العلنيّة، حالاً بعد العماد والتجربة في البرّية. يبدأ المقطع الإنجيلي في آ 16: وجاء يسوع إلى النّاصرة. وينتهي في آ 30: لكنه مرّ من بينهم ومضى.
شارك يسوع في صلاة السبت. "قام ليقرأ. فناولوه كتاب النبي أشعيا. فلما فتح الكتاب وجد المكان... وأغلق الكتاب وأعاده إلى خادم المجمع وجلس" (آ 16-17، 20). يبدأ كلام النبي بلفظة "الرب". روح الرب عليّ. وينتهي بلفظة الرب: سنة رضى للرب. فالرب بادر ومسح مرسله، والرب بادر وأعلن سنة الرضى والنعمة. وإلى من تتوجّه هذه السنة؟ إلى المساكين الذين هو المسبيّون والمضايقون. هؤلاء سيسمعون الخبر الطيّب كما نقرأه في العبارة التالية: تحرير للأسرى والمظلمومين، عودة البصر إلى العميان، وكل حركة التّحرر هذا والشّفاء، تتلخّص في عبارة رضى للربّ.

ب- شرح يسوع للنصّ
شرحُ يسوع قصير وقاطع. هو لا يقدّم شرحًا بالتفصيل للقول النبويّ، بل يؤوّنه، يجعله حاضرًا الآن. اليوم تمّت هذه الكلمات. إن قارئ إنجيل لوقا قد سبق له وقرأ هذه اللفظة ليلة الميلاد: "وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الربّ" (لو 2: 11). كما سمعها من خلال الصوت الذي جاء من السماء في المعمودية: "أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك" (3: 22). في الحالتين نحو أمام صوت سماويّ يدلّ على وقت هام في حياة يسوع، أمام الرعاة، وأمام الشعب كله. وفي النص الذي نقرأ (4: 21)، جاء صوتُ يسوع امتدادًا للصوت السماويّ، في وقت مهّم من حياته: في بداية حياته العلنيّة.
وتحدّث يسوع عن تتمّة. اليوم تمّ. نحن نقرأ هذه اللفظة في بداية إنجيل لوقا: "لأن كثيرًا من الناس أخذوا يؤلّفون خبر الأحداث التي تمّت بيننا" (لو 1: 1). هذا يعني أن هذه الأحداث تحقّقت فعلاً. وكان ملء التّحقيق. فسنة الرّضى التي أعلنها النبيّ هي الآن هنا وتتمّ في كمالها. والرب هو الذي يحقّق ما يعد به الكلام النبويّ. أمّا الذين ينعمون بما يحصل، فهم معاصرو يسوع وسامعوه. لهذا يقول النصّ حرفيا: "اليوم تمّت هذه الكتابة في مسامعكم، في آذانكم".

ج- ردّة فعل السامعين
أول ردّة فعل لدى السامعين جاءت موافقة. تقبّلوا كلام يسوع "كبلاغ نعمة". غير أنهم اندهشوا أن يخرج هذا البلاغ من فم ابن يوسف، واندهش القارئ بدوره. فهو يعرف أن يسوع هو المخلّص والمسيح والربّ. أمّا أهل الناصرة فلا يعرفون عنه شيئًا على ما يبدو. وهذا يعني أنه يعرف أكثر من أهل الناصرة. هذا يعني أننا لسنا أمام تقرير صحافيّ، بل أمام الإنجيل، وفي الإنجيل يتوجّه مؤمن إلى مؤمن آخر، فيجعل إيمانه المرتبط بالقيامة والفصح، يظهر في كلامه. وكاتب الانجيل يراعي الحقيقة التاريخيّة، فيبيّن صعوبة معاصري يسوع بأن يدركوا طبيعته الحقيقيّة.
ويروح يسوع في "خطبة" يجيب فيها على أسئلة لم تُطرح عليه. نسب إلى نفسه لقب نبيّ وأضاف: "لا يُقبل نبيّ في وطنه" (آ 24). نجد في هذا الكلام تلميحين بيبليّين. الأول، يذكر لفظة القبول. ذاك الذي يعلن سنة القبول (والرضى) لا يقبله أهله. والتلميح الثاني يتعلّق بلفظة "وطنه". فنحن نقرأ في سفر اللاويين (25: 10) كما في السبعينيّة شيئًا يتعلّق بسنة اليوبيل: "يعود كل واحد منكم إلى وطنه". أجل، لقد عاد يسوع إلى وطنه ليدشّن السنة اليوبيليّة.
ولماذا عدم القبول هذا؟ نحن للوهلة الأولى أمام غيرة من يسوع يعرفها أهل القرى، وإرادة عند الكبار بأن يضعوا يدهم على ابن الضيعة، وجاء ردّ يسوع متحدّيًا سامعيه. فكانت ردّة الفعل عنيفة.
ولكن القرية الصغيرة صارت مدينة (آ 29). والناصرة التي هي في الوادي صارت على جبل. أتُرى جهل لوقا جغرافية فلسطين؟ كلا. ولكنه من خلال الناصرة، رأى أورشليم المبنيّة على جبل صهيون، والتي لن تقبل كلام الربّ يدعوها إلى سنة القبول والرضى. وهكذا "مرّ يسوع من بينهم ومضى". هذا يعني أن يسوع تابع مسيرته ورسالته وسط أخصّائه إلى الساعة التي فيها يتابع أهلُ أورشليم ما عمله أهل الناصرة فيصلبون يسوع على الجبل. ولكنه في القيامة يتابع طريقه، وما زال يتابعها حتّى نهاية العالم.

3- سنة الرّضى في إنجيل لوقا
ما هو مضمون سنة الرّضى الآتية من عند الرب، التي دشّنها يسوع، سنة البشارة التي وصلت إلى المساكين، وعمل التحرير الذي يقوم به يسوع؟ ومن هم هؤلاء العميان الذين يريد أن يشفيهم؟ وهل هذه السنة (اليوبيليّة) التي تحدّث عنها تشريع موسى هي لسنة فقط أم لحقبة لا نهاية لها، وهل هي لشعب اسرائيل وحده أم للبشريّة جمعاء؟

أ- تحرير المظلومين
بعد خطبة الناصرة (4: 16-30)، مضى يسوع حالاً إلى كفرناحوم. علّم في المجمع، وطرد الشيطان من ممسوسين، وشفى المرضى. وهكذا بدأ يحقّق البرنامج الذي أعلنه في وطنه (4: 31-41). لا يميّز لوقا بين طرد الشياطين وشفاء المرضى. هو يسوع يهدّد الشياطين الذين وضعوا يدهم على المرضى، كما يهدّد الحمّى التي وضعت يدها على حماة سمعان بطرس. حرّر الإنسان من الروح الشرير، كما حرّر حماة سمعان فقامت تخدمهم. يفعل يسوع، مثل الله، بقوّة كلمته. بدأ نهار يسوع في كفرناحوم مع رجل وامرأة، ولكنه انتهى في المساء مع جميع المرضى والممسوسين في المدينة. ونسبت قوى الشرّ هزيمتها إلى ابن الله (آ 41). فالمسيح المخلّص هو هنا. وبقوّة كلمته وحدها، بدأ يحارب قوى الشرّ بسلطته السامية. فاندهش الناس بسلطة هذه الكلمة.
وبعد هذا المقطع الذي يلي إعلان "سنة الرّضى"، نرى الخطوط الكبرى في حياة يسوع. أرسله الله، فحرّر المضايقين بيد قوى الشرّ. أعاد لهم إمكانية الحياة الحرّة والمفيدة في المجتمع. هي بشرى عمليّة لا تتوقّف عند القول والكلام. وهكذا يتدشّن ملكوت الله على الأرض. وهذا الملكوت يحقّقه يسوع وينادي به.

ب- المرضى والعافية
وتابع يسوع عمله من أجل المحطّمين، من أجل المجروحين في هذه الحياة. طهّر الأبرص فعاد إلى الجماعة. وأمر المخلّع أن يمشي فراح يمجّد الله. وفي يوم سبت، شفى رجلاً يده يابسة. وبعد الخطبة في السهل، شفى ابن قائد المئة، وأقام ابن أرملة نائين الوحيد. خلّص ممسوسًا في أرض الجرجاسيين، وأقام ابنة يائيرس، وأعاد الكرامة إلى امرأة لمست ثوبه فقال لها: "إيمانك خلّصك" (8: 40-56).
هنا نتوقّف بشكل خاص عند امرأة شفاها يسوع. "فيها روح شرير أمرضها ثماني عشرة سنة، فجعلها منحنية الظهر لا تقدر أن تنتصب" (13: 11). نلاحظ الوجهة الرمزيّة كما حصل لهذه المرأة. كانت منحنية مثل الفقراء الذين يلتصقون بالأرض ليؤمّنوا عيشهم. انتصبت واقفة، فدلّت على جميع المنحنين الذين يلتقي بهم يسوع.

ج- العميان وعودة البصر
عودةُ البصر التي أعلنها يسوع في خطبة الناصرة، هي وجهة خاصة وجوهريّة في سنة الرضى هذه. هنا نتوقّف عند نصّين يتحدّثان عن عمى يزول.
في الأول، يلتقي يسوع مع وفد أرسله يوحنا المعمدان: "أأنت الآتي أم ننتظر آخر" (7: 20)؟ فجاء كلام يسوع مشدّدًًا على النّظر وعلى السماع. أما المستوى الأول فشفاء العميان: العميان يبصرون. والمستوى الثاني، صفة الشهود العيان الذين جاؤوا إلى يسوع من قبل يوحنا: عليهم أن يسمعوا يسوع الذي يورد نصّ أشعيا فيبيّن لهم أن ما قاله أشعيا قد تمّ. والمستوى الثالث هو مستوى يوحنا الذي يجب عليه أن يرى من عمق سجنه ويفهم أن يسوع هو المسيح المنتظر.
في الثاني، نرى أعمى أريحا (18: 31-34). في متّى ومرقس، الحاجز بين يسوع والأعمى هو الجمع. في لوقا، هو الذين يسيرون في المقدمة بانتظار أن يهتفوا: مبارك الآتي. في متّى ومرقس، كان اللقاء بين يسوع والأعمى عند الخروج من المدينة. أما عند لوقا فعند الدخول إليها: يشبه يسوع ملكًا يدخل إلى مدينته، فيقيم العدالة، وهكذا تعمّ السعادة الجميع. من هم الذين يسيرون في المقدمة؟ التلاميذ الذين لايرون أن هذا المسكين هو مميَّز في الملكوت الذي جاء يسوع يدشّنه. فكيف يجسرون ويبعدونه؟ لهذا صرخ الأعمى مستغيثًا. رأى الأعمى في هذا الآتي ابن داود والرب. أمّا هم فما رأوا. أجل، العائق في الطريق إلى يسوع ليس الفقراء، المضايقين والمنبوذين، بل الذين يحسبون نفوسهم أبرارًا ويُبعدون الخطأة. لهذا يحاول يسوع أن يفتح لهم عيونهم. فهذا ما حدث عند سمعان الفريسي، وما حصل في مثل الابن الضال.

خاتمة
هذه هي سنة الرضى التي أعلنها النبي أشعيا بالنسبة إلى أناس يعيشون الضيق والألم. وردّد يسوع كلام النبي، فبيّن أن ما وُعد به الناس قد تمّ. وفي الواقع، هذا ما فعله يسوع خلال حياته على الأرض. وهو لا يزال يفعل معنا اليوم. يبقى علينا أن نفتح عيوننا فنرى، ولا نبقى عميانًا لا يرون عمل الله الذي يعلن سنة الرضى ويحقّق يومًا بعد يوم ما تعلنه هذه السنة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM