القسم الثاني أطلبوا الرب فتحيوا

أطلبوا الرب فتحيوا
صلاة البدء
يا رب، مصير الشعوب في يدك ومصير الأفراد في يدك. تحاسب كل إنسان بما عمله شرًا كان أو خيرًا، وتدين الأمم التي لا تعرف الرحمة بعضها مع بعض، أعطنا هذا الوعي الذي يفهمنا أنك لا تستبعد أحدًا من قلبك، بل تريد أن تكون إلهًا لكل شعب من شعوب العالم. وهكذا يقول لك كل شعب أنت إلهنا ونحن غنم مرعاك.
قراءة النصّ
وهذا ما قال الربّ: اطلبوني فتحيوا، ولا تطلب بيت إيل بأصنامها الباطلة. وقال النبيّ: أطلبوا الربّ فتحيوا لئلاّ يقتحم الربّ بيت يوسف (شمالي فلسطين) كنار تأكل بيت ايل ولا من يُطفئها. ويل لكم! تحوّلون العدل إلى علقم، وتلقون الحقّ إلى الأرض. هو الذي خلق الثريا والجوزاء، ويحوّل الظلمات صباحًا والنهار ليلاً مظلمًا، ويدعو مياه البحر فيضيفها على وجه الأرض واسمه الربّ. وهو الذي يُنزل الخراب على الأقوياء، ويجلب الخراب على قلاعهم. يُبغضون القاضي بالعدل، ويمقتون المتكلّم بالصدق. لذلك، بما أنكم تدوسون الفقير وتأخذون منه ضريبة القمح، فأنتم تبنون بيوتًا من حجر منحوت ولا تقيمون فيها، وتفرشون كرومًا شهيّة ولا تشربون خمرها. فأنا عالم بمعاصيكم الكثيرة وخطاياكم العظيمة. تضايقون الصدّيق، وتأخذون الفدية، وتحرِّفون حقّ البائسين في المحاكم. لذلك يسكتُ العاقل في ذلك الزمن لأنه زمن رديء.
فاطلبوا الخير لا الشرَّ لتحيوا. فيكون الرب الاله القدير معكم كما تقولون أبغضوا الشرَّ وأحبّوا الخير، واقيموا العدل في المحاكم، فلعلّ الربّ الاله القدير يتحنّن على من تبقّى من بيت يوسف (عا5: 4- 5).
نتوقّف بعد القراءة ثلاث دقائق، ونطرح على نفوسنا الأسئلة التالية:
- الربّ الاله هو الربّ القدير في الكون وفي التاريخ، فهل نكتشف قدرته الفاعلة؟
- الرب الاله هو ذاك الذي يدافع عن الفقير والبائس ويجعلنا نمرّ بعض المرّات في البؤس لنعرف أننا مازلنا بشرًا، وما صرنا آلهة. فما يكون موقفنا؟
- الرب الاله هو الذي يدعونا إلى عمل الخير وتجنّب الشر. أما يحصل أن نشوّه الأمور لصالحنا فيصبح الشرّ خيرًا لأننا هكذا أردناه، ولأننا أقوياء؟
دراسة النصّ
قابل النبيّ بين نمطين من الديانة: نمط المعابد على رأس الجبل، مثل بيت ايل، ونحط ديانة الربّ. فإذا أراد الناسُ الحياة، لا الموت (أي الدمار) يجب أن يطلبوا الربّ أن يمارسوا البرّ فتوافق أعمالهم مشيئة الله. كانوا يأتون إلى الهيكل فيطلبوا ويقفون في حضرته ويطلبون منه.
أما هم فيحوّلون الحقّ إلى افسنتين وعلقم، والحلاوة إلى مرارة. هكذا سيطر الفساد في المجتمع والسمّ بين البشر. ويتصارعون مع العدل فيرمونه إلى الأرض كما يرمي الخصم خصمه لهذا، يجب أن يخافوا من هذا الاله القديم الذي خلق الكواكب، الذي يحرّك الليل والنهار. فالغني لن ينعم بخيرات اقتناها بالجور، ولن يسكن بيوتًا بناها بدم الفقراء، ولن يشرب خمرًا من كرمه هي ثمرة مضايقة المسكين. وهكذا جاء التهديد قاسيًا.
والواقع الذي يُفرض على الإنسان هو الصمت لئلا يُلاحق. فالزمن رديء. ولكن النبي لا يسكت، ويجب أن لا يسكت ولو هدّده العقاب. وهو في أي حال يدعو إلى عمل الخير والابتعاد عن الشرّ. هكذا تكون لنا الحياة. وإلاّ نحن سائرون في طريق الموت. ولكن ما العمل حين يصبح المال إلهًا نعبده، ونضحّي بكل شيء من أجل الحصول عليه!
التأمّل
بعد صمت يمتدّ عشر دقائق، نتذكّر الأنبياء الذين دافعوا مثل عاموس عن العدالة الاجتماعيّة. أي مستقبل لمجتمع فيه يأكل القوي الضعيف، والغنيّ الفقير. والكبير الصغير. وإذا كان الأنبياء قد ندّدوا مررًا بهذا الوضع، فلأن الواقع فرضوا عليهم ذلك. ولكنهم ما توقّفوا عن الكلام، وإن فُرض مثلاً على عاموس أن يترك السامرة وبيت إيل ويعود إلى الجنوب، موطنه الاصليّ.
المناجاة
نعيد قراءة النص ونردّد هذه الآية أو تلك. متذكّرين أن الحياة في طلب الله تقدم في طلب رضاه فكيف يرضى الرب عن مسيرتنا إن نحن ظلمنا أبناءه. يقول الكتاب: سينتقم لهم سريعًا. هكذا فسّر الأنبياء الحروب التي كانت تصيب أول ما تصيب الأغنياء. أما الفقير، فما أن لا شيء له، فهو لا يخسر شيئًا.
تأوين النصّ
انطلق النبيّ من قدرة الله في الكون فتقوّى بهذه القدرة لكي يبعد الناس أولاً عن عبادة الأصنام. فالأصنام هي الباطل. هي لا شيء. وكهنتها يمالقون العظماء ويريحون لهم ضمائرهم. وراح النبيّ يدافع عن الفقير في المحكمة، في الضرائب، في أعمال البيع والشراء، ويهدّد الأغنياء الذين ينشرون غناهم على عيون البؤساء.
صلاة الختام
يقول النبي عاموس بلسان الرب: استعدوا للقاء الله. ومن هو هذا الاله؟ هو الذي يصوّر الجبال، ويخلق الريح، ويجعل الظلمة فجراً، ويطأ مشارف الأرض. اسمه الرب الاله القدير فمن لا يخافه؟ فمن يتجاسر أن يتعدّى وصاياه ولا سيّما في معاملة الفقير والصغير.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM