نحن أبناء الله
أُتابِعُ كلامي فأقولُ إنَّ الوارِثَ لا فَرقَ بَينَهُ وبَينَ العَبدِ ما دامَ قاصِرًا، معَ أنَّهُ صاحِبُ المالِ كُلِّهِ.
لكنَّهُ يَبقى في حُكمِ الأوصِياءِ والوُكلاءِ إلى الوَقتِ الّذي حَدَّدَهُ أبوهُ.
وهكذا كانَت حالُنا: فحينَ كُنّا قاصِرينَ، كُنّا عَبيدًا لِقِوى الكَونِ الأوَّلِـيَّةِ.
فلمَّا تمَّ الزَّمانُ، أرسَلَ اللهُ ابنَهُ مَولودًا لامرَأةٍ، وعاشَ في حُكمِ الشَّريعَةِ،
ليفتَدِيَ الّذين َ هُم في حُكمِ الشَّريعَةِ، حتّى نَصيرَ نَحنُ أبناءَ اللهِ.
والدَّليلُ على أنَّكُم أبناؤُهُ هوَ أنَّهُ أرسَلَ رُوحَ ابنِهِ إلى قُلوبِنا هاتِفًا: ((أبي، يا أبي)).
فَما أنتَ بَعدَ الآنَ عَبدٌ، بَلْ ابنٌ، وإذا كُنتَ ابنًا فأنتَ وارِثٌ بِفَضلِ اللهِ.
قلق بولس على الغلاطيين
وحينَ كُنتُم تَجهَلونَ اللهَ، كنتُم عَبيدًا لآلِهَةٍ، ما هِيَ بالحقيقةِ آلهَةٌ.
أمَّا الآنَ، بَعدَما عَرَفتُم اللهَ، بَلْ عَرَفَكُمُ اللهُ، فكيفَ تَعودونَ إلى عِبادَةِ قِوى الكَونِ الأوَّليَّةِ الضَّعيفَةِ الحَقيرَةِ وتُريدونَ أنْ تَعودوا عبيدًا لها كما كُنتُم مِنْ قَبلُ؟
تُراعونَ الأيّامَ والشُّهورَ والفُصولَ والسِّنينَ!
أخافُ أنْ أكونَ تعِبتُ عبَثًا مِنْ أجلِكُم.
فأُناشِدُكُم أيُّها الإخوةُ أنْ تَصيروا مِثلي، لأنِّي صِرتُ مِثلَكم. ما أسأتُم إليَّ،
بَلْ تَعرِفونَ أنِّي كُنتُ مَريضًا عِندَما بَشَّرتُكُم أوَّلَ مرَّةٍ،
وكانَت حالَتي الجسَدِيَّةُ مِحنَةً لكُم، فما احتَقرتُموني ولا كَرِهتُموني، بَلْ قَبِلتُموني كأنِّي مَلاكُ اللهِ، بَلْ ِ المَسيحُ يَسوعُ.
فأينَ ذلِكَ الفَرَحُ؟ أنا أشهَدُ أنَّهُ، لَو أمكَنَ الأمرُ، لكنتُم تَقتَلِعونَ عُيونَكُم وتُعطوني إياها.
فهَلْ صِرتُ الآنَ عَدُوّاً لكُم لأنِّي قُلتُ لكُم الحَقَّ؟
وإذا كانَ الآخرونَ يَغارونَ علَيكُم، فغَيرتُهُم لا صِدقَ فيها. فهُم يُريدونَ أنْ يَفصِلوكُم عنِّي لِتَغاروا علَيهِم.
ما أحسَنَ الغَيرَةَ إذا كانَت عَنْ حُسنِ نِـيَّةٍ. ويَصدُقُ هذا دائِمًا، لا عِندَ حُضوري بَينَكُم فَقط.
فيا أبنائي الّذين َ أتَوَجَّعُ بِهِم مرَّةً أُخرى في مِثلِ وجَعِ الوِلادَةِ حتّى تَتكوَّنَ فيهِم صورَةُ المَسيحِ،
كم أتمنـّى لَو كُنتُ عِندَكم الآنَ لأُغيِّرَ لَهجَتي، لأنِّي تَحيَّرتُ في أمرِكُم.
مَثَلُ هاجرَ وسارة
قولوا لي، أنتُمُ الّذين َ يُريدونَ أنْ يكونوا في حُكمِ الشَّريعَةِ: أما تَسمَعونَ الشَّريعَةَ؟
يقولُ الكِتابُ: كانَ لإبراهيمَ ابنانِ، أحَدُهُما مِنَ الجارِيَةِ والآخرُ مِنَ الحُرَّةِ.
أمَّا الّذي مِنَ الجارِيَةِ فوُلِدَ حسَبَ الجسَدِ، وأمَّا الّذي مِنَ الحُرَّةِ فوُلِدَ بِفَضلِ وَعدِ اللهِ.
وفي ذلِكَ رَمزٌ، لأنَّ هاتَينِ المَرأتَينِ تُمَثِّلانِ العَهدَينِ. فإحداهُما هاجَرُ مِنْ جبَلْ ِ سيناءَ تلِدُ لِلعُبودِيَّةِ،
وجبَلْ ُ سيناءَ في بِلادِ العَرَبِ، وهاجَرُ تَعني أُورُشليمَ الحاضِرةَ الّتي هِيَ وبَنوها في العُبودِيَّةِ.
أمَّا أُورُشليمُ السَّماوِيَّةُ فَحُرَّةٌ وهِـيَ أُمُّنا،
فالكِتابُ يَقولُ :
فأنتُم، يا إخوَتي، أبناءُ الوَعدِ مِثلُ إسحقَ.
وكما كانَ المَولودُ بِحُكمِ الجسَدِ يَضطَهِدُ المَولودَ بِحُكُمِ الرُّوحِ، فكذلِكَ هيَ الحالُ اليومَ.
ولكِنْ ماذا يَقولُ الكِتابُ؟ يَقولُ: ((اطرُدِ الجارِيَةَ وابنَها، لأنَّ ابنَ الجارِيَةِ لنْ يَرِثَ معَ ابنِ الحُرَّةِ)).
فما نَحنُ إذًا، يا إخوَتي، أبناءُ الجارِيَةِ، بَلْ أبناءُ الحُرَّةِ