سنة القبول والرضى

تقديم
حين جاء يسوع إلى مجمع الناصرة، فتح الكتاب وقرأ من أشعيا النبي: "روح الرب عليّ... وقد أرسلني لأعلن سنة الرضى". وتابع يسوع كلامه: "اليوم تمّت هذه الكلمات التي تلوتها على مسامعكم".
أجل، بدأت سنة الرضى يوم ميلاد المخلّص وتبّتت في بداية حياته الرسولية، ووجدت قمتّهت عند الصليب. هذا هو موضوع الكتاب الذي نقدّمه في ثلاثة أقسام: بداية التاريخ البشري، مسيرة يسوع برفقة الروح، رسالة من أجل السلام. وجاء كل قسم في ثلاثة عشر تأملاً حول نصوص مأخوذة من العهد القديم ومن العهد الجديد. أما مواضيع هذه النصوص، فهي تحرّر الإنسان من المرضى والخطيئة وانطلاقة الكنيسة في الرسالة، وعمل من أجل بناء العالم.
ظهر هذا الكتاب في سنة يوبيل الألفين، ولكنه لا يتوقّف عند سنة الألفين التي هي ذكرى لا أكثر. فالتاريخ لا ينتهي في سنة الفين، بل يتابع مسيرته بواسطة الكنيسة، بواسطة التلاميذ، بواسطة كل واحد منا. فالربّ الذي حمل الخلاص منذ أفلي سنة، ما زال يحمل هذا الخلاص ويدعونا لكي نشاركه. وهكذا نتقدّى عالم العهد القديم الذي قسم الزمن إلى سنة سبتيّة تعود مرّة كل سبع سنوات، وإلى سنة يوبيليّة تعود مرّة كل خمسين سنة. ففي الزم المسيحي، اليوبيل زمن دائم بدأ في موت يسوع وقيامته ولن ينتهي قبل نهاية العالم ومجيئ المسيح الثاني.
هذا الكتاب جعل بشكل تأمل وصلاة، جُعل في إطار ماسّماه الآباء القراءة الربية. وهذه القراءة ترد في سبع مراحل. بعد صلاة البلدء المستوحاة من النصّ الذي نقرأ، نطرح على نفوسنا أسئلة تفرض علينا أن نتساءل قبل أن نتوقّف عند دراسة النصّ. هذه الدراسة قد نقرأها أو لا نرأها. ولكن المهم أن نصل إلى التأمل والمناجاة. فالصمت ضروريّ في مسيرة القراءة الربيّة. وبعد هذا، تتوقّف عند تأوين النصّ. أي نقرأه ونعلّيه الآن في واقع حياتنا وحياة جماعتنا، وفي الكنيسة وفي العالم. وينتهي كل فعل بصلاة الختام. إما نتلو الصلاة الربيّة، أو نرتّل ترتيلة، أو نستوحي صلاة من الموضوع الذي تناولناه.
هذه الصلاة تكون فرديّة. ويمكن أن تكون داخل مجموعة لاتتعدى السبعة أشخاص. كل واحد يقول ما يلهمه الروح دون جدال أو ردّ على الآخر. المهم يشارك الواحد الآخرين في الغنى الذي منحه إياه الربّ هكذا لا تعود كلمة الله مفردات نردّدها، ونحفظها غيبًا. ولا تبقى قراءة مقفلة لا تدخل فينا ولا تدخل فيها، بل تصبح جزءًا منا، جزءًا من صلاتنا جزءًا من حياتنا.
هذا هو الهدف من الكتاب الذي نضعه بين يدي المؤمنين، ونحن نرجو لهم أن يرافقوا مسيرة الكنيسة في هذه السنة اليوبيلية، سنة الألفين. كما نرجو لهم أن يعودوا إذا شاؤوا إلى ّذا الفصل أو ذاك يستعيدوا غنى اكتشفوه في ساعة من ياعات النعمة. لهذه الطريقة لا يكون كتاب "سنة القبول الرضى" كتاب سنة وحسب، بل كتابًا يعلّمنا كيف نكتشف كلمة الله كي تكون حياة حياتنا ونور دربنا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM