الفصل الرابع: أصل هذه الشيعة وتنظيمها

الفصل الرابع
أصل هذه الشيعة وتنظيمها

1- شيعة دينيّة من أصل أميركي
مؤسّس شهود يهوه هو شارل راسل. ولد سنة 1852 من والدين كالفانيين (من البروتستانت)، وتربّى تربية قاسية. حين فكّر بالهلاك الأبديّ صار قلقاً. ولكنه سمع في يوم من الأيام واعظاً أعادت إليه عظته السلام الداخليّ وحبّ الكتاب المقدّس. فنظّم مجموعة للدراسة البيبليّة قبل أن يؤسّس "برج مراقبة صهيون". وسمّى نفسه مع رفاقه "دارسو البيبليا".
وزاد اهتمام راسل بأمور الديانة، فتنقّل كثيراً من مدينة إلى مدينة يعظ في القاعات، في الكنائس، في الشوارع والساحات العامة. فسمّي "القس" راسل مع انه لم يتبع دراسات لاهوت ولا فلسفة ولا كتاب مقدّس.
سنة 1881، أطلق نشرات تنشر تعليمه، ووزّعها متطوّعون، "روّاد" يتنقّلون من بيت إلى بيت. سنة 1884، أسّس برج مراقبة صهيون الذي سينقل مركزه الرئيسي إلى نيويورك. هو مركز دعاية ودار نشر في الوقت عينه.
وانطلق راسل من بلاده في رحلات "رسوليّة" إلى أوروبا، مصر، روسيا، الشرق الأقصى. وهناك أسّس مجموعات من دارسي البيبليا. واستعمل لنشر تعاليمه الكتاب والجريدة والفيلم... وكانت الجرائد تنشر عظته الأسبوعيّة.
مات راسل سنة 1916 وهو في القطار، وكان في طريقه إلى سلسلة من المحاضرات. صار تلاميذه 20000. وازدهرت جماعته فنشرت سنة 1914، مليون كتاب وواحد وسبعين مليون كرّاس أو منشور.
وخلفه "روترفورد"، وهو محامٍ. وكان عمره 24 سنة. نظّم الجمعيّة تنظيماً كبيراً. فاستعمل الراديو ومكبّر الصوت لينشر أفكاره التي وصلت إلى مليون شخص. روترفورد هو الذي أعطى "دارسي البيبليا" اسم "شهود يهوه". وحوّل الجماعة من نظام ديموقراطي إلى نظام تيوقراطي (حكم الله الذي يمثّله مكتب نيويورك).
وبعد روترفورد، جاء "كنور" الذي رأى والديه يرتدّان إلى شهود يهوه. بدأ الوعظ وهو ابن 18 سنة. وتابع صعوده حتى صار المسؤول العام عن النشر.
وفي سنة 1942، صار رئيس الجمعيّة. فزاد في تنظيمها وقوّى دعايتها وخلق مدرسة لتكوين "المرسلين". فتكاثر عدد شهود يهوه بشكل كبير. وهو الذي أنشأ سياسة "اليد الممدودة والبسمة على الشفتين" بعد سياسة "ادخال الرِجل في الباب" ليفرضوا نفوسهم على الناس.

2- تنظيم قوي
يتنظّم شهود يهوه تنظيماً قوياً. أما المركز العالميّ للشيعة فنجده في بروكلين. والاسم الرسميّ للمنظمة هو "برج المراقبة". على قمة الهرم نجد الحلقة المركزية التي منها تنطلق كل التوجيهات، وإليها تعود جبراً كلّ المساعي التي تقوم بها الجماعات. هذه "الجماعات الأساسيّة" تشبه رعايانا. يقودها "شيخ" تعيّنه الحلقة المركزيّة بتوصية من الحلقة المحليّة. ويرئس هؤلاء "الشيوخ" "رئيس مراقب" (هذا هو المعنى الاصليّ لاسم أسقف في اليونانيّة) يحيط به عدد من المسؤولين. وبين الجماعات الأساسيّة والحلقة المركزيّة، هناك "دوائر" متوسّطة. وعلى كلّ مستوى تنظّم الاحصاءات فتصل إلى نيويورك لتحرّك حماس "الشهود".
ويتصرّف شهود يهوه بمبالغ ماليّة ضخمة جداً من أجل منشوراتهم ومن أجل العاملين في التبشير. أما من أين يأتي هذا المال؟ من بيع الكتب والكراريس، من الهبات التي يقدّمها الأعضاء في حياتهم وخصوصاً بعد موتهم. وهناك "المشاركة الطوعيّة" التي يُفرض على كل شاهد أن يدفعها بشكل منظّم.
ويعتبر الشهود أنهم كلهم خدّام الله. وعملهم الأساسي هو الكرازة من بيت إلى بيت مع بيع الكتب والنشرات. وهناك فئات: المبشرون، يعطون بعض وقتهم. الروّاد العامون (مئة ساعة في الشهر). الروّاد الخاصون (أقله 150 ساعة في الشهر). الروّاد يتقاضون بعض الأجر، لا المبشّرون الذين هم عديدون جداً. وعلى كل حال، يُطلب من الجميع أن يقدّموا تقريراً دقيقاً ومفصّلاً عن نشاطهم ومبيعاتهم، من أجل الاحصاءات العامة.

3- المجموعات المحليّة
إن شهود يهوه يسمّون تجمّع المنشّطين لهم "جماعةً" (أو: أخوية. ينادي الواحد الآخر: أخ، أخت). وتتمّ الاجتماعات في مكان يُدعى "قاعة الملكوت". هناك اجتماع الأحد المفتوح لعموم الناس. يدعون المتعاطفين الذين اكتشفوهم خلال الكرازة في البيوت. يكون الاجتماع بعد الظهر أو في المساء: خطبة طويلة تدوم ساعة وتستند إلى نصوص الكتاب المقدّس. أما التصميم وموضوع الخطبة فيصل من برج المراقبة. وكلهم مدعوّون للاستماع إليها. لا تجمع الصينيّة، لكن يُقال للواصلين بأن هناك علبة "للمشاركات الطوعيّة". وخلال الاجتماع يُحصى الحاضرون وترسل الأرقام إلى نيويورك.
خلال الاسبوع، هناك اجتماع الخدمة. يكون الأربعاء أو الجمعة مساء. يشارك فيه الخدّام أو الذين يستعدّون. وهناك نشرة "خدمة الملكوت" تقدّم التصميم وموضوع التفكير. بعد نشيد أو صلاة يدرسون مواد هذه النشرة. وكل شيء يُعطى في سؤال وجواب "واضحين". وهناك اجتماعات أخرى، لا سيّما بعد اجتماع الأحد من أجل درس "برج المراقبة". وهكذا يكرّس "الشاهد" خمساً أو ست ساعات للاجتماعات الأسبوعية.
نشير هنا إلى أن "عشاء الربّ" لشهود يهوه هو تذكّر لما فعله يسوع يوم خميس الأسرار. أما بالنسبة إلى الكاثوليك، فالافخارستيا هي سرّ، هي لقاء مع يسوع القائم من الموت، الحيّ والحاضر وسط أخصّائه. قال يسوع: خذوا وكلوا... إصنعوا هذا لذكري. فحين نحتفل بالقدّاس نجعل كلمة الله حاضرة في جماعاتنا. وقال يسوع: من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة الأبدية. وحين نتناول في القداس، يشركنا المسيح الحيّ في حياته هو الذي قام من بين الأموات.
وإليك مراحل "الارتداد". يأتي إليك شهود يهوه. بعد عظة مهيّأة، يدعونك إلى شراء نشرة أو كرّاس. إذا قبلت النشرة، يزورونك مرة ثانية ويشجّعونك على متابعة الدراسة. في المرحلة الثالثة، دراسة الكتاب المقدس مع بضعة أشخاص سيتحرّرون شيئاً فشيئاً من الأفكار العتيقة عن الله والديانة بأساليب "غسل الدماغ". الكتب المستعملة هي كتب برج المراقبة. والكتاب المقدّس يسند تعاليم الشيعة التي هي الأهمّ. بعد هذا، يُدعى "المتعاطف" إلى اجتماع درس الكتب، ثم إلى اجتماع الأحد، ثم إلى اجتماع الخدمة. وفي النهاية، العماد بالتغطيس يكرّس شهود يهوه في مهمّة الوعظ وخدمة يهوه. هناك كثيرون يعمّدون في العالم. ولكن عدد الذين يتركون ليس بقليل.


Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM