رسالة يعقوب إلى الاسباط الاثني عشر تقديم

تقديم

رسالة يعقوب رسالة تتضمّن فقط تحريضات تتوجّه إلى جماعات مسيحيّة من أصل يهوديّ. رسالة تحدّثنا عن الفرح في وقت المحن، عن الصلاة الواثقة التي هي ينبوع الحكمة، عن الفقر والغنى، عن خطايا اللسان، عن أهميّة الصلاة ولا سيّما الصلاة من أجل المرضى.
رسالة يعقوب رسالة غنيّة بمفرداتها، مميّزة بأسلوبها، بحيث اعتبر النقّاد أن يعقوب أخا الربّ لم يكتبها بل أحد تلاميذه، أو أحد المسيحيّين الذين انطلاقوا من محيط يعقوب والعالم المتهوّد فدوّن لنا ما دوّن.
رسالة أخذت بأسلوب الرواقيين، ولا سيّما أبكتات، فحاولت أن تقدّم جواباً أخلاقياً للوثنيين أيضاً: الصبر في المحن، الحكمة في السلوك اليومي وفي استعمال اللسان، التجرّد من الأموال والغنى. رسالة ورثت الإيمان بالله الواحد من التوراة، كما استقت من التراث اليهودي الذي عرفته جماعات ترتبط بيعقوب في فلسطين وسورية وشرقي لبنان وصولاً إلى أنطاكية، لا المحيطاث التي عرفت إنجيل متى. رسالة التقت مع الارشادات التي نجدها في عظة الجبل، في رسالة بطرس الأولى، وفي عدد من الرسائل البولسيّة.
رسالة يعقوب تقدّم أول ما تقدّم تعليماً أخلاقياً، ولكنها تسند هذا التعليم إلى العقيدة اللاهوتيّة. إلى الله الخالق، إلى يسوع المسيح والمخلّص، إلى يسوع الربّ الممجّد الذي يُدعى اسمه على المؤمنين بشكل عام وعلى المرضى بشكل خاص.
رسالة يعقوب تحدّثنا عن المعمودية والاحتفالات التي ترافقها لتجعل من كل واحد من المؤمنين عضواً في جسد المسيح. وتحدّثنا عن الإيمان كما يجب أن يعيشه الانسان، وهو إيمان ترافقه الأعمال ليكون إيماناً صادقاً لا مزيّفاً.
رسالة يعقوب تعود إلى عالم يهوديّ يرتبط بالشريعة، ولكنها شريعة تحوّلت إلى عالم مسيحيّ، بعد أن أكمل يسوع شريعة العهد القديم وقدّم لنا الشريعة الكاملة، شريعة الحريّة. رسالة إنطلقت من أورشليم ومن مناخ قريب من الجماعة المسيحيّة الأولى القريبة من الجذور، فتعمّقت مع جماعات وجماعات إلى أن جاء من يدوّنها في لغة يونانيّة أنيقة ويربطها بمن ارتبطمت به في البداية أي يعقوب أخي الرب. رسالة أرسلت إلى الشتات اليهودي، بل المسيحي، بعد أن صارت الكنيسة شعب الله الجديد وإسرائيل الجديد، بعد أن صار الأسباط الاثنا عشر الرسل الاثني عشر.
تلك هي رسالة يعقوب التي سنحاول هنا أن نتعرّف إليها ونقرأ نصوصها فنكتشف صوتاً لم نتعوّد عليه بعد أن قرأنا في طقوسنا الشرقيّة رسائل القديس بولس، ولا سيّما في أيام الأحد، فنسينا رسالة يعقوب ويهوذا، ورسائل بطرس ويوحنا، وسفر الرؤيا.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM