خاتمة عامة

خاتمة عامة
وهكذا تنتهي مسيرتنا مع موشّحات سليمان وعدد من المؤلّفات اليهوديّة. ارتبطت الموشّحات باسم هذا الملك الذي ترك أثراً كبيراً في حياة شعبه، فانضمّت، في المخطوطات، إلى مزامير سليمان. ولكن المزامير كانت كتاباً يهودياً ارتبط بسلالة الحشمونيّين التي تصارعت على الحكم، قبل أن ترتمي بين يدي بومبيوس، القائد الروماني، الذي داس أورشليم ودنّس هيكلها. وقتل من قتل وسبى من سبى ليكونوا في ركابه حين يعود إلى رومة. غير أن هذا القائد لن يصل إلى رومة، بل يُقتل على شاطئ مصر وتبقى جثته مطروحة هناك، بحيث اعتبر صاحبُ المزامير أنه نال العقاب الذي استحق.
أما الموشّحات فهي كتاب مسيحيّ يقترب أكثر ما يقترب من الكتابات اليوحناويّة، ولا سيّما في حديثه عن الكلمة، الذي هو يسوع المسيح، عن الحياة الخالدة التي يعرفها المؤمن في هذه الدنيا، بانتظار أن يعرفها كاملة في الآخرة.
وتضمّن هذا الكتاب أيضاً عدداً من النصوص اليونانيّة التي حاولت أن توصل نصوص التوراة إلى العالم اليونانيّ، مستفيدة من جميع الفنون الأدبيّة التي تبوّبت منذ أيام أرسطو، ومارسها اليونان منذ القديم، بدءاً بهوميروس وصولاً إلى هيسيودس وكتّاب التراجيديا، والقصص الدينيّ. هذه النصوص حُفظت لدى الكتّاب المسيحييّن، وبشكل خاص أوسابيوس، أسقف قيصريّة فلسطين، في كتابه التهيئة الانجيليّة، واكلمنضوس، أسقف الاسكندريّة في "الموشيّات". وهكذا انتقل الارث اليهوديّ عبر الكنيسة التي اعتبرت أن كل ما يرتبط بالعهد القديم، هو غنى انتقل إليها، فشكّل حصيرة من أجل الفكر المسيحيّ والكتابات الأولى لدى الكنيسة الفتيّة.
أجل، تعتبر الكنيسة أنها تحمل إرث العهد القديم، بل كلَّ الارث اليهوديّ، بعد أن تجعله في مناخ يوصلنا إلى يسوع المسيح، الذي ما جاء لينقض الكتاب الذي سبقه، بل جاء ليكمّله. جاء ليوصله إلى الكمال الذي دُعي إليه منذ البدء، لأن الذي كتب العهد القديم هو الذي كتب العهد الجديد، ونحن نفهم سفر الرؤيا حين نعود إلى سفر التكوين. فالكتاب الأخير يقدّم الجواب لأولى الاسفار المقدّسة، لأن الروح عينه ألهم أسفار العهدين، على أن يجد القديمُ كمالَه في الجديد، ويتجذّر الجديدُ في القديم.
من أجل هذا، كانت سلسلة "على هامش الكتاب" التي تتواصل بإذن الله فتُغني المكتبة العربيّة، وتفتح المؤمنين على كنوز كلام الله وتفسيره، فيدخلون في مسيرة ينهونها بنداء يستلهمون فيه الروح القدس، فيقولون للحمل: تعال، أيّها الربّ يسوع. فيجيب: ها أنا آتٍ عن قريب.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM