تقديم

تقديم

وُلد هذا الكتاب من حاجة. كيف نُدخل طالب اللاهوت ودارس الكتاب المقدّس في عالم العهد الجديد؟ كيف نعرّفه إلى المحيط الإجتماعي والديني قبل أن نفتح له الباب على كنوز العهد الجديد؟
لهذا وضعنا هذا الكتاب وعنوانه: تعرّف إلى العهد الجديد مع شهود عديدين الشهود هم الرسل والتلاميذ، الشهود هم الإنجيليون وأصحاب الرسائل والمقالات الروحية. سنرافقهم ولا ننسى أن علينا بدورنا أن نكون شهوداً لهذه الكلمة التي ستبقى حية بقدر ما نجعلها على منارة في حياتنا وأقوالنا وأعمالنا. إن جعلناها تحت السرير ماتت فينا وحولنا. إن طمرناها بالأرض كما فعل صاحب الوزنة ولم نستثمرها كان عقابنا مريعاً.
كتاب أردناه صغيراً، ولكن النصوص العديدة التي فيه جعلته ينمو بعض الشيء. فلا يكفي أن نتوقف عند معارف خارجية أو "علمية" حين نقرأ الكتاب المقدس. فإن لم نصل إلى النصوص نتأمَّل فيها ونجعلها موضوع صلاتنا وحياتنا، ظلّت دراستنا عقيمة، وشجرة لا تعطي ثمراً.
في هذا الكتاب نتعرّف إلى يسوع المسيح. هو وحده موضوع دراستنا. والشهود العديدون يتحدِّد موقعهم بالنسبة إليه. عنه تتحدّث الأناجيل، ولكن سائر أسفار العهد الجديد لا معنى لها من دونه. فبولس حين كتب إلى أهل كورنتوس جعل نصب عينيه "يسوع المسيح، بل يسوع المسيح المصلوب ".
في هذا الكتاب نتعرّف إلى الكنيسة الأولى منذ رافق الإثنا عشر يسوع حتّى الزمن الذي فيه كُتبت الأناجيل وسائر الأسفار. هذه الكنيسة تتأمل في أقوال الرّب وأعماله، وتحاول أن تعيش حياتها في العالم على ضوء هذه الأقوال والأعمال. فالكنيسة هي امتداد المسيح. وكما تجسّد المسيح وعاش في أرض فلسطين، ستتجسّد هي في فينيقية وسورية وآسية الصغرى، وتصل إلى أوروبا، بل إلى أقاصي الأرض. كانت لها مشاكلها وصعوباتها، كما لها اليوم مشاكلها وصعوباتها. ولكنّها تعود دوماً لا إلى العالم، بل إلى الحدث الذي أسّس حياتها، إلى يسوع المسيح الذي هو هو أمس واليوم والى الأبد.
نتعرّف إلى يسوع، نتعرّف إلى الكنيسة، ونتعرّف إلى كنيستنا اليوم، نتعرّف إلى العالم الذي نعيش فيه والذي يطلب منّا "جواباً عن الرجاء الذي فينا". العالم لا يطلب منّا أن نردّد له حكمته، وهو أدرى بها منا. بل يطلب منّا حكمة مبنّية على المسيح، مبنيّة على صليب المسيح الذي ينتهي بالقيامة.
هذا هو الكتاب الذي نقدّمه بوجوهه الثلاثة إلى المؤمنين في بداية مسيرتهم للولوج إلى عالم كلام الله. وهو يتوجه بصورة خاصة إلى طلاّب معاهد اللاهوت من اكليريكيين وعلمانيّين، إلى المبتدئين والمبتدئات في الحياة الرهبانية، إلى المنتمين إلى الحركات الرسولية... وقد يجد فيه الكاهن والراهب والراهبة، وكل مؤمن ملتزم معطيات بسيطة تساعده على فهم إيمانه وإيصال كلمة الله إلى الآخرين.
رافقتُ هؤلاء الشهود العديدين لأتعرّف إلى العهد الجديد الذي يحدّثنا عن يسوع المسيح. وأنا أدعوك أيها المؤمن أن تحاول المسيرة عينها، فقد يكون لك كما كان ليوحنا واندراوس أن تقيم مع الرّب حتى الساعة العاشرة، قد يكون لك كما كان لمريم التي جلست عند قدمَيْ الرّب تسمع له فاختارت لها النصيب الأفضل.
بعد أن رافقت الطلاّب سحابة خمس عشرة سنة، حاولت أن اقدّم هذا الكتاب في ثلاثة أقسام. الأول: في أصول التقليد الإنجيلي. الثاني: الجماعات الأولى قبل سنة 070 الثالث: تدوين الأناجيل. وينتهي كل هذا بفصل أخير يحدّثنا عن العهد الجديد كتاب شعب الله. كذا كان للكنيسة الأولى وكذا سيكون لكنائسنا ولجماعاتنا.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM