سفر المكابيين الرابع - مدخل إلى المكابيين الرابع

سفر المكابيين الرابع
مدخل إلى المكابيين الرابع

الكتاب الذي عُرف معرفة واسعة على أنه سفر المكابيين الرابع (4 مك)، هو خطبة فلسفيّة يوسّع فيها الكاتب براهينه مستعملاً صيغة المتكلّم. في المقدّمة (1: 1- 6) يُطلق موضوع كتابه كله: سيطرة العقل على الأهواء. هذا القرار يعود أكثر من مرّة (1: 9، 13، 19، 30؛ 2: 6، 24؛ 6: 31؛ 7: 16؛ 13: 1؛ 16: 1؛ 18: 2). بعد أن أشار الكاتب إلى ذلك (1: 7- 12) من خلال استشهاد اليعازر والأخوة السبعة وأمهم، بدأ القسمُ التعليميّ والفلسفيّ (1: 13- 3: 18) الذي فيه يناقش علاقة العقل بالأهواء (أو الرغبات). ويعطي أمثلة من العهد القديم: يوسف، موسى، يعقوب، داود. ويتبع هذا مطلعٌ تاريخيّ قصير يتحدّث عن تدخّل ابولونيوس، حاكم سورية، في أمور هيكل أورشليم، وفشله، وعداوة أنطيوخس ابيفانيوس لليهود (3: 19- 4: 26). ثم يتكرّس القسم الأكبر من الكتاب للكلام عن الاستشهاد (5: 1- 17: 6) مع تفاصيل عديدة. وكل هذا يتقاطع مع خطب وُضعت في فم اليعازر والإخوة السبعة، ومديح أليعازر (6: 31- 7: 23)، وخطاب آخر حول تسلّط العقل التقيّ لدى الإخوة السبعة (13: 1- 14: 10). في 14: 11- 17: 26 تصوّر الأمُ في ألمها وفي موتها، كالمثال الأشهر لسيطرة العقل. وسوف تشجّع أولادَها قبل موتها على تحمّل الموت من أن يتجاوزوا الشريعة. وينتهي الكتاب بخبر حول تأثير الاستشهاد على عامة الشعب (17: 7- 18: 5)، وبخطبة توجّهها الأم إلى أولادها (18: 6- 19). وكل هذا ينتهي بتعبير ايماني حول عدالة الله، مع مجدلة أخيرة (18: 20- 24).
1- نصوص 4 مك
نجد نص 4 مك في مخطوطات عديدة من السبعينيّة. ولكن أهمّها السينائيّ الذي يعود إلى القرن الرابع ب م، والاسكندراني الذي يعود إلى القرن الخامس. لا يظهر 4 مك في الفاتيكاني، بل في مخطوط يرتبط به ويعود إلى القرن 8- 9 ب م (كودكس Venetus)، ما عدا 5: 11- 12: 1. بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد كبير من المخطوطات تعود إلى مؤلّفات المؤرّخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس، التي تتضمّن 4 مك. لهذا، نُسب هذا الكتاب منذ القرن 6 إلى يوسيفوس ولكن هذه النسبة كانت خاطئة وقيل: بسودو - يوسيفوس.
تُرجم النصّ اليونانيّ هذا إلى السريانيّة، في الترجمة البسيطة مع العنوان التالي: كتاب المكابيين الرابع وأمّهم. وهي نسخة تتبع بشكل عام السينائيّ على حساب الاسكندراني. وطُبع سنة 1895. وكان تشيرياني قد نشر صورة عن هذا المخطوط، سنة 1871- 1883، في ميلانو بايطاليا. نشير هنا إلى أن برنس جمع لائحة من 200 مقطع، قابل فيها النصّ السريانيّ مع النصّ اليونانيّ. أما سويتي، فجعل عدّة اختلافات سريانيّة في ملحق للنص اليوناني.
لا نجد 4 مك في الشعبيّة اللاتينيّة، وإن نُسبت إلى روفينوس ترجمةٌ لاتينيّة قديمة.فلا برهان يُسند هذا القول. فقد أعلن ايراسموس (1469-1536) أنه استعمل هذه الترجمة من أجل إسهابه اللاتيني. ولكن شيئًا لم يصلنا من هذه الترجمة. وذُكر أكثر من مخطوط في السلافية القديمة.
أول مرّة طُبع نص 4 مك في اليونانيّة، سنة 1526، في الجزء الثالث من السبعينيّة، في ستراسبورغ. هذه الطبعة ستكون أساس طبعات عديدة في القرن 16- 17 مع السبعينيّة: في بال (سويسرا، 1545، 1550)، فرنكفورت (إلمانيا، 1597)، البندقية (ايطاليا، 1687). ومع منحولات العهد القديم: في بال (1582). ومع مؤلّفات يوسيفوس: في بال (1544)، جنيف (سويسرا، 1611، 1634)، كولونيا (المانيا، 1691). وفي مكتبة الآباء اليونان. سنة 1590، نشر لويدوس في أوكسفورد 4 مك مستندًا إلى طبعة ستراسبورغ وإلى مخطوط أوكسفورد. جاءت هذه النشرة متفوّقة على نسخة ستراسبورغ. ونشير إلى طبعة 4 مك انطلاقًا من المخطوط الاسكندراني: في أوكسفورد، في زوريخ (سويسرا)، وفي لايبزيغ (ألمانيا). ولكننا سننتظر سنة 1871 ليكون لنا نص منقود ومستند إلى أفضل المخطوطات مع فريتشي. ثم كان نص سويتي الذي انطلق من النصّ الاسكندراني مع اختلافات السينائي، وVenetus Graecus وأجزاء تيشندورف. وسنة 1935، ظهرت السبعينيّة بعناية رالفس في شتوتغارت، على أساس مخطوطين هامّين: السينائيّ والاسكندرانيّ.
نُقل النص إلى اللاتينيّة في بداية القرن الرابع عشر، في إيطاليا، ثم في القرن السادس عشر بيد إيراسموس ثم لويدوس في طبعة اوكسفورد (سنة 1590). وسنة 1672، قدّم كومبانيس، الدومنيكاني الفرنسي، ترجمة لاتينيّة جديدة، في طبعة باريس سنة 1672.
ترجم 4 مك إلى الفرنسيّة منذ القرن السابع عشر. وكانت ترجمة في القرن الثامن عشر. وسوف ننتظر القرن العشرين لتكون لنا ترجمة ومقدّمة. أما الترجمات الانكليزيّة فجاءت عديدة، منذ القرن السابع عشر. نكتفي هنا بذكر ترجمة إمات سنة 1918، وهاداس سنة 1953، وأندرسون سنة 1985. وطُبعت ترجمة ألمانية سنة 1867، وجاءت بعدها ترجمات عديدة. وهناك أكثر من ترجمة اسبانيّة وايطاليّة... وأخيرًا عبريّة "كتوبيم أحرونيم". وها هي الترجمة العربيّة التي نجعلها في مجموعة "على هامش الكتاب" مع النهج الذي اتّبعناه منذ الكتاب الأول في هذه السلسلة: مقدّمة، النصّ مع الحواشي، دراسة أدبيّة ولاهوتيّة.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM