الفصل الثاني: من بولس إلى كنيسة التسالونيكيين

الفصل الثاني
من بولس إلى كنيسة التسالونيكيين
ف 1

"من بولس وسلوانس وتيموتاوس". هكذا تبدأ الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي. وُجدت كنيسة في تسالونيكي، وهذا الوجود لم يكن بالسهل الهيّن: فقد يمكن أن تدمَّر هذه الكنيسة كما بُنيت. والتعلّق بتعليم الرسول لم يجتذب إليها المنافع الماديّة، بل الصعوبات من كل جانب: معارضة من أهل المجمع (اليهود)، اضطهادات، مضايقات على مستوى الإدارة المحليّة. ومع ذلك، فقد استطاع بولس أن يكتب لا إلى هذا الشخص أو ذاك، بل إلى "كنيسة التسالونيكيين"، وذلك بعد أشهر قليلة من بداية البشارة.
سندرس ف 1 من 1 تس من ناحية البنية والأمور النقدية، ونترك إلى فصلين لاحقين الدراسة التأويليّة والروحيّة والراعويّة. بعد العنوان، نتوقّف عند فعل الشكر، وعند اختيار الله لهم، وننتهي مع ما حدث في تسالونيكي بعد أن ترك المرسلون المدينة.

1- العنوان والتحيّة (1: 1)
إن العنوان في 1 تس هو موجز جداً، ولا يقابله إلا 2 تس وفل. رسائل ثلاث توجّهت إلى كنائس كان بولس أكيداً منها، فلم تعارض لقبه كرسول.
رسالة كتبها ثلاثة. هم بولس وسلوانس وتيموتاوس. كان سلوانس، شأنه شأن برنابا، عضواً في كنيسة أورشليم وإن جاء من عالم الشتات (أع 15: 22، 27). وقد كان مثل بولس مواطناً رومانياً (أع 16: 37). اسمه اليهوديّ سيلا. واسمه اليونانيّ سلوانس. يستعمل بولس هذا الأخير حين يكتب للكنائس الناطقة باللغة اليونانيّة (1 تس 1: 1؛ 2 تس 1: 1؛ 2 كور 1: 19). كان سلوانس نبياً كما يقول أع 15: 22. وبما أنه لم يكن النبيّ الوحيد الذي شارك في الكرازة الرسوليّة خلال العهد الرسوليّ، نفهم أن يكون الانبياء صاروا مع الرسل في أساس الكنيسة على ما تقول أف 2: 20: وأنتم بناء أساسه الرسل والأنبياء".
قد يكون تيموتاوس ارتدّ إلى الإيمان المسيحيّ خلال الرحلة الرسوليّة الثانية (أع 16: 1- 3). ففي بداية هذه الانطلاقة الجديدة التي ستقود بولس إلى اوروبا، التقى بتيموتاوس في لسترة (أم يهوديّة وأب وثنيّ) وجنّده من أجل العمل الرسوليّ. وهكذا ارتبط المرسلون الثلاثة بكنيسة تسالونيكي، بأصولها وماضيها القريب، فاستطاعوا أن يوقّعوا معاً الرسالة التي كتبوها.
نجد حرف الجر "إن" في. لا نستطيع أن نقول إننا أمام المعنى المكانيّ، وكأن الله الآب هو "موضع". هذا الحرف يدلّ على ما يكوّن الكنيسة في علاقتين: الايمان بالله الذي انكشف في يسوع المسيح. والايمان بيسوع المسيح الذي تعبده الجماعة وتخدمه.
إن التوازي التام بين الاسمين المرتبطين بحرف الجر (ان) يستبعد كل تفسير صوفّي مع بعض الاختلافات: "ان خرستو" (في المسيح). "إن كيريو" في الربّ. البشريّ هو في المناخ الالهيّ. ندخل في جسد المسيح. كما يستبعد كل معنى مسكونيّ واسكاتولوجيّ. هذه الكنيسة هي في الله الآب، وفي الربّ يسوع المسيح. فلا يبقى إلا أن يُذكر الروح القدس لكي تتغطّس هذه الكنيسة الفتيّة في الثالوث.
"نعمة لكم وسلام". لا يقال من أين. تأتي هذه النعمة وهذا السلام وإن قالت بعض المخطوطات مثل السينائي والاسكندراني: من الله الآب والرب يسوع المسيح. ونشير أخيراً إلى المخطوطات التي جعلت سيلا محلّ سلوانس.

2- فعل الشكر (1: 2- 3)
اعتاد العالم القديم أن يبدأ رسائله مؤكّداً لقرّائه أنه يصلّي من أجلهم. وهذه العادة أتاحت لبولس أن يعبرّ عن العلاقات الرُوحيّة التي تربطه بكنيسة اجتمعت حين سمعت كرازته. هنا نشير إلى رسالة وجدت في مصر، وهي تعود إلى القرن الثاني. نقرأ بدايتها: "ابيون إلى ابيماكس أبيه وسيّده، سلام عميق. قبل كل شيء أتمنّى أن تكون بصحة وتظلّ دائماً في عافية مع أختي وأخي. اشكر الربّ سرابيس لأنه انقذني عندما كنت مهدّداً من البحر". ويأتي بعد ذلك مضمون الرسالة التي تنتهي كما يلي: "سلّم مرّات على كابينون، على اخوتي، على سيرانيلا والاصدقاء. أتمنى لك أن تكون في عافية. سارانوس يسلّم عليك وتوربو أيضاً".
نقرأ في آ 2 لفظة "ادياليبتوس"، بلا انقطاع. معظم الشرّاح يربطها مع "متذكرين". هذا البناء هو ممكن. وهناك بناء آخر يفضّله بعض النقّاد: نذكركم بلا انقطاع (كما في الشعبيّة اللاتينيّة). لماذا هذه الامكانيّة الثانية؟ لسببين. الأول، هذا البناء يجد ما يوازيه في روم 1: 9: "يشهد لي بأني أذكركم بلا انقطاع". السبب الثاني: إن آ 2 ب هي الفكرة الرئيسيّة التي لها تخضع آ 3. إذا كان الأمر كذلك، يبدو من الطبيعي أن يحدّد الظرف (في اليونانيّة) اسم الفاعل الذي يعبرّ عن الفكرة الرئيسيّة.
إن وجود "هيمون" (اذكركم أنتم) بعد "منايا" (ذكر) هو ضروري كما في روم 1: 9. لهذا لا نستطيع أن نلغيه.
نقرأ في آ 3: كوبوس: التعب، العناء، الضجر، المجهود الذي يولّد التعب. في العهد الجديد يدلّ "كوبوس" بشكل خاص على العمل المسيحيّ الذي يتمّ في الكنيسة ومن أجل الكنيسة. وهذا الاستعمال قد يكون بولس أدخله في اللغة الكنسيّة، وهو الذي يستعمله حتى 19 مرة. إنّ المسيحي يأخذ على عاتقه هذا العمل وهذا التعب ويقوم بهما بمحبّة. لهذا قيل: "تعب محبّتكم".
ونصل إلى "البيس" "الرجاء". الربّ يسوع المسيح هو موضوع رجاء الكنيسة، ومجيئه المجيد يكون أول أحداث النهاية التي تكون تتمّة الخلاص. والنظرة الاسكاتولوجيّة في هذا الرجاء المسيحيّ، تدلّ عليها العبارة الأخيرة: "بحضرة الله أبينا". فأمامه يمثُل بدون خوف من غضبه، أولئك الذين أمنوا بابنه فلا يكون لهم أن يعرفوا إلا نعمته (آ 10).
رجاء ربّنا يسوع المسيح، أي الرجاء الذي يلهمه يسوع. ولكن هدف بولس هو أن يقدّم ربنا على أنه موضوع الرجاء. ولفظة "امبروستن" (أمام، في حضرة) ترد ثلاث مرات في 1 تس مع المعنى الاسكاتولوجيّ. في 2: 19 الأمر واضح. "إكليل فخرنا أمام ربنا يسوع عند مجيئه". وفي 3: 13 نكون في المناخ عينه، "أمام. إلهنا وأبينا عند مجيء ربنا يسوع مع جميع قدّيسيه".
إن آ 3 تتضمّن على ما نعرف أقدم ذكر للمثلّث الذي سيصبح معروفاً في الكنيسة (1 كور 13: 13): الايمان والرجاء والمحبّة. أتكون العبارة سابقة لبولس؟ الأمر ممكن. يبقى أنها تحدّد تحديداً عجيباً الثوابت الأساسيّة في حياة المسيحي. لهذا تبدو قديمة قدم المسيحيّة.

3- اختاركم الله فكنتم قدوة (1: 4- 7)
حين تذكّر بولس مواضيع شكره، عاد إلى الله الآب الذي هو في أصل مصيرهم حين اختارهم. "إنّا نعلم" (ايدوتس) ترتبط بـ "نشكر"، وتدخل موضوعاً جديداً لفعل شكر يشرف على توسّع فكر الرسول. ظنّ بعض الشرّاح أننا لسنا هنا أمام موضوع الاختيار، بل أمام معرفة الاختيار التي وصلت إلى التسالونيكيين عبر الكرازة. لا شكّ في أن بولس لا يستطيع أن يتحدّث عن اختيارهم إذا لم يكن قد اكتشف علامات هذا الاختيار. ولكن العلامات ليست الاختيار، بل هي تدلّ عليه. وإذا أردنا أن نفهم فكر الرسول في آ 5- 7، يجب أن نلاحظ التكرار المثلّث للفعل "كان": "انجيلنا كان قدرة... كما كنا بينكم... وأنتم من جهتكم كنتم مقتدين بنا".
نجد اسم الفاعل في صيغة الماضي الكامل "ايغبيمانوي". هذا ما يحدّد الحبّ الذي أحبّهم به الله، وما زال يحبّهم الآن. ويتحدّث النص عن "انجيلنا" أي الانجيل الذي بشرّنا به. ونجد في آ 5 حرف الجر "إن" الذي يدلّ على المكان بل على الطريقة والشكل: بالكلام، بالقوّة، بالروح القدس. يعني بشكل كلمة سمعتموها. بشكل قوّة أو عمل قوّة رأيتموه. وبشكل روح قدس ظهر من خلال المواهب.
كما في 1 كور 4: 20 (ملكوت الله ليس بأقوال بل بالقوّة)، يقابل بولس بين الكلمة (التي لا يكون لها مفعول ولا نتيجة) وبين القدرة التي هي قدرة الله. لا يبدو هنا أن بولس يفكّر بالمعجزات التي تستطيع أن ترافق الكرازة بالانجيل (روم 15: 18- 19؛ 2 كور 12: 12)، بل بالقدرة التي جعلها الله في الانجيل نفسه (1 كور 2: 5: لكي لا يقوم إيمانكم على حكمة الناس بل على قدرة الله).
"ومع روح قدس وثقة فيّاضة". قد نستطيع أن نرى في هذه العبارة إيضاحاً أول للقدرة التي ارتداها الانجيل، على أن يكون الايضاح الثاني تصرّف التسالونيكيين كما نقرأ عنه في آ 6- 7. هذا البناء يجنّبنا الغرابة في عطف هذه الأسماء الثلاثة: "القدرة، وروح قدس، وثقة فيّاضة" (أو ملء الثقة، ملء اليقين). لهذا يعتبر بعضهم أن حرف العطف الثاني (كاي، و) هو تفسيريّ. قدرة أي روح قدس. وهذه الثقة التي ينتجها الروح القدس هي تجلّي القدرة الالهيّة في شخص المرسلين. أما الثقة (أو اليقين) فهي تدلّ على ملء الايمان والعمل، كما عُرف في عطاء الذات التامّ الذي هو عمل الروح.
وهكذا كان المؤمنون في تسالونيكي برهاناً حياً عن هذه القدرة (آ 6). صرتم "مقتدين" (ميميتاي). إذا وضعنا جانب عب و3 يو، لا نجد هذه اللفظة إلاّ في الرسائل البولسيّة. هناك من رفض هذا الاقتداء بالمسيح وبالرسول، وتحدّث عن الطاعة للرسول وللمسيح الذي نقتدي به. ولكن لماذا ننسى أن تصرّف المسيح والرسول هو مقياس لنا؟ وبما أن هذا الاقتداء يتمّ في الروح، فهو يستبعد كل اقتداء شكليّ وحرفيّ، يستبعد كل اجتهاد على المستوى البشريّ. اقتديتم بنا كما بالرب. هذا يعني، أننا أمام قاعدة عامة من التصرّف المسيحي.
نقرأ لفظة "تيبوس" (قدوة). وهي تعني: علامة في الجسد بعد الجلد، الأثر، الصورة، الشكل، المثالي (الموديل)، النموذج. هنا نحافظ على المفرد. كنتم قدوة، نموذجاً، لا نماذج.
"في مكدونية واخائية" (آ 7). ضمّ بولس في نظرة واحدة بلاد اليونان كلها، وقد قسمتها الإدارة الرومانيّة إلى مقاطعتين. وساعة كتب بولس، كانت هناك كنائس في فيلبّي وتسالونيكي وبيرية في مكدونية. كما كان مسيحيّون في اثينة (أع 17: 34) وكورنتوس (أع 18: 4).

4- أحداث تسالونيكي (1: 8- 10)
هنا نصل إلى وقع أحداث تسالونيكي على المرسلين وعلى التسالونيكيين (آ 8). يبدو بناء الجملة موضع جدال. نضع فاصلة بعد "كلمة الربّ"، وإلا لما عاد للعبارتين اللتين ارتبطتا ارتباطاً عميقاً الفاعلُ نفسه. فإذا أخذنا بهذه الملاحظة تصبح آ 8 أ (من عندكم ذاعت كلمة الربّ)، واضحة ومبرّرة في آ 9 ي. ولكن قد يكون بولس ضرب عرض الحائط بمنطقنا فصارت في نظره "كلمة الربّ وإيمانكم بالله" متقابلين بحيث إن تكلّمنا عن الواحدة عنينا الآخر: إن كلمة الربّ تنتج الايمان. والايمان يتعلّق بكلمة الربّ. في هذه الحال نحافظ على علامات الوقف التقليديّة.
يستعمل بولس عبارة "كلمة الربّ" هنا وفي 2 تس 3: 8 (تواصل كلمة الربّ جريها). فما نجد عنده أكثر المرات: "كلمة الله" (روم 9: 5؛ 1 كور 14: 36؛ 2 كور 2: 17؛ 4: 2؛ فل 1: 14). قد تكون لفظة "الرب" في آ 6 قد أثّرت على العبارة هنا، في آ 8، فصارت "كلمة الربّ" لا "كلمة الله". ونجد الفعل "اكسيخايو"، ذاع، دوّى. لا يرد إلا هنا في كل العهد الجديد.
تدلّ آ 9- 10 على أن بولس يتطلّع إلى خبر إيمان التسالونيكيّين. ونحن نجد عبارات مشابهة لهذه العبارة في 1: 18 إيمانكم يشاد به في العالم كله)؛ 16: 19 (طاعتكم قد بلغت الجميع). وعبارة "في كل مكان" تلتقي مع ما في روم 1: 8: "في العالم كله". نحن هنا أمام تضخيم بلاغيّ.
تحدّث بولس عن الايمان بالله لدى التسالونيكيين، فدلّ على أنهم جاؤوا بأكثريتهم من العالم الوثني (فاليهود يؤمنون بالله قبل أن ينتقلوا إلى المسيحيّة) وأن ارتدادهم إلى الله الواحد هو شهادة لافتة على قوّة الانجيل (آ 5). كانوا يتحدّثون عنهم في كل مكان. قد يكون جاء إلى بولس في كورنتوس مسيحيون من هنا ومن هناك. ما كان يسألهم. بل كانوا يستبقونه فيروون له النصر الرائع لكلمة الربّ في تسالونيكي، عاصمة مكدونية.
"يخبرون عنا" (آ 9). إو ربما "عنكم". هل هي في الأصل صيغة المتكلّم الجمع أم المخاطب الجمع؟ مسألة متواترة في أف. النقد الخارجي يقول: "عنا" (باري هامون)، لأن "عنكم" (باري هيمون) لا تجد شواهد عديدة. قد تكون صيغة المتكلم (عنا) توافقاً مع "لنا" في آ 8 (حاجة لنا) ومع الفعل "دخل" (دخولنا) في آ 9 أ. إذا كانت العبارة الأولى في آ 9 تعني المرسلين، لكان بولس أشار إلى الانتقال إلى العبارات المتعلّقة بالتسالونيكيين فقدّم ضمير المخاطب الجمع: "وكيف رجعتم". لهذا، يبدو من المفضّل أن نقول صيغة المخاطب الجمع: باري هيمون: عنكم. يخبرون عنكم.
ونقرأ لفظة "ايسودوس" (دخول، وصول) هنا وفي 2: 1 (قدومنا إليكم). هناك من يقول: "أي استقبال وجدناه عندكم". المبادرة هي من المرسلين (هم جاؤوا) لا من أهل تسالونيكي. وهناك لفظة "أيدولون": الشكل، الصورة، الظلّ. هذه اللفظة تقابل في العبريّة عدداً من المفردات تدلّ على الآلهة الوثنيّة وصورها، فترتدي معنى محقّراً وهجومياً لا نجده عند اليونان. فاليونان ما كانوا يستعملون هذه اللفظة لكي يتحدّثوا عن صور آلهتهم (اغليماتا). في العهد الجديد جاء "ايدولون" من السبعينيّة والعالم اليهوديّ مع المدلول الجديد الذي اتخذه.
ونتج عن هذه الكرازة أن الوثنيين الذين ارتدّوا إلى الإيمان الجديد كانوا كثراً. حينئذ قطعوا كل علاقة بالأوثان ليعبدوا الله الحيّ الحقيقيّ. هنا نقرأ "اليتينوس" الذي يقابل "اليتيس" (الحقيقيّ، الصريح). ترتدي هذه اللفظة كصفة من صفات الله، في العالم الكنسي، معنى الحقيقي (الحقّ) معارضة مع آلهة الوثنيّة الكاذبة (أش 65: 16: يتبارك بالاله الحقّ).
"وتنتظروا من السماوات ابنه" (آ 10). إن نعمة الله لا تُستنفد في الوضع الحاضر للمؤمنين. لهذا فهم يتطلّعون إلى المستقبل، إلى تدخّلات الله الأخيرة التي تقود تاريخ الخلاص إلى نهايته وتجعل الايمان عياناً. يرد فعل انتظر (اناماناين) مرة واحدة في كل العهد الجديد (نجده عند اغناطيوس الانطاكي، الرسالة إلى مغنيزية 9: 3 وفل 5: 2).
"ابنه". ابن الله. نحن هنا في المقطع الوحيد في هذه الرسالة حيث يقال إن يسوع هو ابن الله. فهذا ليس بغريب. فبولس يدلّ على يسوع بهذا الاسم في نصّين يقدّمانه بشكل خاصّ على أنه موضوع الكرازة للوثنييّن. غل 1: 16: "أن يُعلن ابنه فيّ لأبشّر به بين الأمم" (الوثنيّة). روم 1: 3: "عن ابنه المولود بحسب الجسد من ذرّية داود". ليس من اسم يحدّد ببساطة وعمق مثل هذه البساطة وهذا العمق، الاتحاد العميق بين يسوع والله، وشموليّة الوحي والخلاص الذي يحمله.
لا تتضمن آ 9- 10 ملخّصاً عن كرازة بولس الرسوليّة، بل تدلاّن في عبارات موجزة على الموقف الروحيّ الجديد الذي يميّز أولئك الذين آمنوا بهذه الكرازة. ولكن خلف هذه العبارة المقولبة في لغة المرسلين، والتي ليست بولسيّة بشكل خاص، نستشفّ التأكيدات الكبرى في الانجيل (آ 5)، في كلام الرب (آ 8): مجيء ابن الله إلى العالم، موته وقيامته، عودته المجيدة والقريبة، دينونة الاموات والأحياء.

 

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM