نص السامريّة وعلاقته بخدمتنا في السنين المقبلة


نص السامريّة وعلاقته
بخدمتنا في السنين المقبلة

1- اجتمع 170 مندوباً للرابطة الكتابيّة الكاثوليكية يمثّلون 70 بلداً، في كلية العلوم والتقنيات في هونغ كونغ (كلير واتر باي أي خليج المياه الصافية) من أجل الجمعيّة العامّة الخامسة التي التأمت من 2 إلى 12 تموز سنة1996.
1- 1- كان موضوع الجمعيّة: "كلمة الله ينبوع حياة". أتاح لنا هذا اللقاء أن نقاسم خبراتنا الغنيّة بتنوّعها، عن قوى الحياة وقوى الموت التي تعمل في العالم. وأن نقول بعضنا لبعض كيف أن كلمة الله وخدمتنا للكلمة هما ينبوع حياة. نحن واعون أن العدالة الاجتماعية والسلام والمحافظة على الخليقة هي التحديّات الكبرى للعالم الذي فيه نعيش. وتحريض البابا يوحنا بولس الثاني في رسالته إلى الجمعية كان لنا أكبر تشجيع: "استحضروا خلال صلاتكم وعملكم توق الرجال والنساء اليوم، وهذا العطش إلى حياة الله، وهذه الرغبة في اليقين والامل الذي تعمر به القلوب البشريّة العديدة". ودفاعه الحارّ عن كرامة الحياة كما عبرّ عنها في "انجيل الحياة" دفعنا الى اختيار موضوع جمعيّتنا هذه.
1- 2- فكّرنا في النصّ البيبليّ، في الطريقة التي بها ينير خبرتنا الخاصة ويستنير بها. وعُدنا إلى اللقاء بين يسوع والسامريّة كما في إنجيل يوحنا (4: 1- 43). غذّى هذا الحدث "القراءة الربية" عندنا كل يوم. ونحن نقدّم في هذا البيان الختاميّ قراءة لهذا النصّ في علاقته مع خدمتنا في السنوات الست المقبلة. تعكس قراءتُنا الاطار الآسيوي للقائنا. وقد تأثّرت بتقاليد آسيا التي تشدّد على الحكمة والتناغم، وتعلّم خبرة الحياة في "أعماق القلب".

2- تعب يسوع من الطريق، فجلس عند حافة البئر. وكان الوقت نحو الظهر (يو 4: 6).
2- 1- يبدأ خبرنا عند الظهر. انتهى قسم من النهار مع نشاطاته. ويبقى علينا أن نعيش القسم الثاني المليء بالآمال. لسنا إلا أمام وقفة في حياة يسوع، ولكن لها مدلولها لكي تكلّمنا اليوم أيضاً. ففي الطريق منذ بوغوتا، نتوجّه نحو المستقبل المليء بالرجاء، فنتوقّف على حافة البئر هنا في هونغ كونغ. أما سكان هونغ كونغ فيتابعون طريقهم مفكّرين في الحظوظ والتحديات التي يشكّلها تبدّل وضعهم السياسيّ على عتبة هذا الالف الجديد. إذن نحن في مكان مؤاتٍ لكي نقيّم الطريق التي يجب أن نتابع السير فيها في مجال الرعاية البيبلية، ولكي نفكّر في التحدّيات والحظوظ المعطاة لنا.
2- 2- جلس يسوع عند حافة البئر. البئر هو موضع اللقاء (تك 21: 22- 34؛ 24: 10-27؛ 26: 15- 25؛ خر 2: 21- 22). هناك يتحادث الناس، يتوقّفون عند حياتهم ويبنون المستقبل. وعلى بئر يعقوب بالذات يتذكّرون الأجداد وتقاليدهم القديمة التي ورثناها نحن.
2- 3- جلس يسوع عند حافة البئر، حيث تشبع حاجة الانسان إلى الماء والى استعادة القوى. عند البئر نجد الماء الحيّ الذي نحتاج إليه من أجل مسيرتنا في هذه الحياة.
2- 4- هذا الحدث في حياة يسوع يلتقي بشكل خاص بخبرتنا هنا في هونغ كونغ. نحن في موضع يلتقي فيه الشرق والغرب. تتجاور فيه حكمة الصين وتقاليدها العريقة ومجتمع التجارة والمدنيّة المعاصرة. هنا كما في سائر المدن، ندرك توق معاصرينا، عطشهم لكي يعيشوا في عالم يسيطر عليه الاستهلاك والتبذير، ورغبتهم في مجتمع حقيقيّ وسط عالم يولّد العزلة والغربة. وإذ يبدو النموّ الاقتصادي ظاهراً، يكفي أن ننظر إلى أبنية الزجاج والاسمنت، فنكون شهوداً للألم الذي يولده جشع بعض الناس. ولكننا لا نزال نأمل بأن منافع هذا النموّ الاقتصادي سيشارك فيه أكثر المحتاجين اليه. ونحن واعون كل الوعي في إطار كليّة العلوم والتقنيات أن التقدّم التكنولوجي هو عطيّة الله للعقل البشريّ. ونحن واعون أن التكنولوجيا تستطيع أن تحرّر الانسان من الرتابة والاثقال. في هذا المعنى هي مليئة بالمواعيد. ولكن يجب أن تُحترم في هذا العالم الجديد كرامة الانسان وسلامة الخليقة. وندرك بشكل أعمق عطشاً آخر، عطشاً إلى لقاء شخصيّ وحميم مع اله الوحي في يسوع المسيح. وإذ تقوّينا بروح الله، أردنا أن نشارك الآخرين في خبرة الحياة هذه. ففي أتون عالم مريض نتعرف إلى ملء الحياة التي يستطيع يسوع وحده أن يعطينا.

3- لو كنت تعرفين عطيّة الله (4: 10)
3- 1- حين نتأمل هذا الجوع إلى الحياة الحقّة الذي يقيم فينا، نكتشف أن الله هو "حبيب الحياة" (حك 11: 26)، وأنه ما زال يعطينا إياها. فروحه الخلاّق يعمل دوماً في العالم لكي يجيب على رغبتنا، على عطشنا إلى الحياة، إلى الخبز، إلى الأمان، إلى الحرّية، إلى التضامن. لقد كتب الله وما زال يكتب كتاب الحياة على صفحات مختلف الحضارات والتقاليد الدينيّة، في حياة رجال ونساء عاديّين.
3- 2- ولكننا نتعامى بسهولة. فلا نرى ما يحقّقه الله الآن. يجب أن تتفتّح عيوننا. قد نستطيع أن نبقى عند رغبات سطحيّة ومركزة على الأنا. بدأت السامريّة فأرادت عالما لا تحتاج فيه إلى أن تأتي وتستقي الماء كل يوم. إن رغبتها، شأن رغبتنا، تحتاج الى تعميق، إلى تنقية. فكلمة الله تستطيع أن تفتحنا على فهم أعمق للواقع. كما تساعدنا على التعرّف إلى يد الله التي تعمل في مذهلات الكون، في كفاح جماعاتنا من أجل العدالة والسلام، في جمال الحياة البشريّة. وكما كان لقاء يسوع مع السامريّة عامل تعميق وتنقية لرغبتها، هكذا تكون كلمة الله حين نتواجه معها: هي تنقّي رغباتنا وتبلغ بها إلى مستوى آخر من العمق، وتساعدنا على فهم مشيئة الله فينا: "تكون لهم الحياة وافرة" (يو 10: 10). هذه المشيئة التي "تقدر أن تفعل أكثر جداً مما نطلبه أو نتصوّره" (أف 3: 20). فبفضل الكلمة، تبدو حياتنا وانتظاراتنا في يوم جديد. ومقابل هذا، ما نعيشه يستطيع أن يقودنا إلى قراءة مجدّدة لكلمة الله.
3- 3- وهذا التعمّق لفهمنا ورغبتنا يتمّ بشكل تدريجيّ. فطريق الارتداد هي قضيّة تدوم الحياة كلها. ونظرة السامريّة إلى يسوع لم تتبدّل إلا تدريجياً: رأت فيه أولاً يهودياً يوجّه إليها كلمة، وهذا ما يدهشها. ثم معطي مياه ممكناً، ثم النبيّ، وأخيراً المسيح. حينئذٍ تستطيع أن تعلّنه لشعبها كمخلّص العالم. لم تنتقل إلا بشكل تدريجيّ من رغبة في الماء إلى رغبة في نبع يجري للحياة الأبديّة. وصارت تدريجياً تلميذة ورسولة (مر 8: 22- 38؛ يو 9: 1- 41؛ 11: 21- 27). وهذا ما حدث لنا خلال هذه الجمعية العامة. وصلنا بشكل تدريجيّ إلى أعماق سّر حبّ الله المحيي، بسماعنا، بمقاسمة اختباراتنا، وقراءتنا الربيّة.

4- أنا هو، أنا الذي يكلّمك (4: 26)
4- 1- الله حاضر في حياة البئر، في تاريخهم، في حضارتهم، "بأشكال مختلفة" (عب 1: 1). كيف نكتشف هذا الحضور ونحيا منه؟ كيف نقرأ البيبليا لتكون ينبوع حياة وتصبح حقاً الخبر الطيب (البشرى) من أجل الفقراء (لو 4: 18)؟
4- 2- أوحى لنا يسوع أن الله هو أب. وطعامه هو أن يعمل مشيئة الآب (آ 34). ذاك هو ينبوع رسالته. "لا أعمل شيئاً من عندي، ولا أقول إلا ما علّمني الآب" (8: 28). لهذا فهو يرى كل شيء بشكل جديد ويكتشف حضور الله في قلب الحياة (آ 35). إنه العطية التي يعطينا الله، إنه ينبوع المياه الحيّة (آ 10). ففي حياته، في كل ما يقول ويفعل، يكشف لنا عن وجه الله. "من رآني رأى الآب" (يو 14: 9). فهو الذي يجعلنا نكتشف الطريق التي تقود إلى ينبوع الحياة.
4- 3- شارك يسوع في حضارة شعبه وتقاليده (آ 22). غير أن حسّه المرهف لحضور الله وابوّته، أعطاه حرّية بالنسبة إلى الشرائع والعادات التي تعارض الحياة والتضامن بين الاخوة والاخوات. وهكذا اجتاز السامرة. ومع أنه رجل تكلّم جهراً مع امرأة. ومع أنه يهوديّ سّر بالحديث مع امرأة وأقام معها حواراً مليئاً بالاحترام. بل بقي يومين عند السامريين دون أن تمنعه عن ذلك اعتبارات حول الطهارة الطقسيّة.
4- 4- وأعطاه حضور الله عينين جديدتين لكي يقرأ البيبليا ويكتشف فيها مدلولات جديدة (آ 20- 24) لمواجهة واقع الحياة بطريقة أخرى (آ 3). استطاع أن يتميّز ينبوع الحياة عند أناس يُعتبرون هراطقة وضالّين في نظر معاصريه، وأن يجعلهم يكتشفون عطيّة الله في حياتهم الخاصة (141).
4- 5- وإذ ظلّ يسوع عند السامريين، وقاسمهم حياتهم اليومية، كشف عن وجه الله. أتاح لكل منهم أن يكتشف وجهه الخاص، وهويته الخاصة، وإمكانيّاته الشخصيّة لكي يعمل مع الآخرين من أجل حياة فضلى. وإذ استقبلت الجماعة السامريّة يسوع "اليهودي"، دلّت على أنها مستعدة لتردم الهوّة التي تفصلها عن اليهود.
4- 6- والطريق الذي يدلّنا عليه يسوع علماً أنه ذلك الذي يقود إلى ينبوع الحياة، هو طريق صعب ويعرف المعارضة والرفض. وهو يفرض علينا اليوم أن نواجه الصراع بين حضارة الموت وجماعة تريد أن تحيا من الحبّ المسيحيّ. لسنا أمام طريق هادىء. هذا ما اختبره يسوع مع السامريّة (4: 4، 11- 13، 15، 17، 19- 20). ولكن هنا كشف يسوع عن نفسه كالمسيح الذي يملأ انتظارات شعبه (آ 26). وإذ عاش السامريون معه اكتشفوا أنه حقاً مخلّص العالم (آ 42).

5- لا في هذا الجبل ولا في أورشليم (4: 21)
5- 1- تحّدث يسوع والسامريّة عن الوضع الذي فيه يُعبد الله في الحقّ. هو حوار يقودنا لكي نعبر الحدود التي تفصل بين الحضارات والديانات (آ 9)، بين الرجل والمرأة (آ 27)، بين اصحاب السلطة والضعفاء (آ 7). وقد تمّ هذا الحوار بفضل لقاء بين يسوع الجائع والعطشان والتعب (آ 4، 6، 8) والمرأة المتعطّشة إلى الحياة (آ 15). تمّ حول بئر هو واقع من وقائع الحياة اليوميّة. هو حوار إيمان اختبر فيه المتحاوران أولاً صعوباتهما وسوء تفاهمهما. ولكن به أيضاً قادهما الاستماع لبعضهما إلى أعماقٍ دوماً جديدة.
5- 2- ينجم بوضوح عن هذا الحوار أن العالم والحياة اليومية هما الموضوع الذي فيه يعبر الله "في الروح والحقّ" (آ 23)، ويدل على نفسه أنه المسيح. ولا تُحصر هذه العبادة في بعض الأمكنة، ولا في أزمنة مميّزة. ما هو أساسيّ الآن هو أن نعيش بروح يسوع في خدمة الحقيقة، أن نعيش موقفاً يتجسّد في ممارسة العدالة، في التضامن بين الاخوة والاخوات، في التعاطف مع الفقراء والحزانى (1 يو 4: 2). وتتميّز هذه الحياة الجديدة بالتنبّه إلى مشيئة الله التي تنكشف لشعبه في مواقف مع ما عاشه يسوع (آ 34) وما لا يني الروح يذكّرنا به (يو 14: 26).
5- 3- إن رعاية تستلهم البيبليا وتتأسّس على البيبليا، تستطيع أن تتعلّم الكثير من هذا اللقاء وهذا الحوار اللذين يتجاوزان كل الحدود.
5- 3- 1- فالرعاية البيبليّة هي حوار. نتنبّه الى واقعيّة الاوضاع التي نعيش فيها. نتنبّه الى رغبة الحياة التي تسكن في كل إنسان. نستعد لأن نسمع ونحترم كل الذين نقيم حواراً معهم.
5- 3- 2- ونتعلّم أيضاً أننا نستطيع أن نلتقي بالله بشكل لا نتوقّعه وفي أماكن ما اعتدنا أن نلقاه فيها، ولدى أناس من ديانة أخرى أو بلا ديانة، وفي خارج الكنائس والأزمنة والأمكنة، وفي جميع النشاطات التي تتوخّى خدمة القريب، فرداً أو جماعة، خدمة صحيحة.
5- 3- 3- هناك عدد كبير من الناس يصارعون لكي يبقوا على قيد الحياة. ذاك هو واقعهم اليوميّ. وآخرون يتذوّقون ثمار الحريّة بعد سنوات من المضايقات، فيكتشفون تحدّيات جديدة لهذه الحريّة. وأخرون كثيرون يعيشون في عالم معلمن وقد دخلوا في الحقبة البعد الحديثة. ولكن كل واحد يتوق في هذه الاطر إلى أن يختبر الله في قلب هذا العالم. لهذا لا تستطيع الرعاية البيبلية أن تبقى مهمّة بعض الأشخاص، كما لا تنحصر الرسالة في حدود الجماعة الكنسيّة. فعلى الإنجيل أن يدخل في حوار مع كل مجالات الحياة بحيث يستطيع الرجال والنساء أن يختبروا حضور الله كما ظهر في يسوع المسيح، ويشهدوا له أنه ينبوع خلاص وتحرّر وسلام ومصالحة من أجل العالم كله.
5- 3- 4- ولا يأتي هذا الخلاص وهذا التحرّر وهذا السلام وهذه المصالحة إلا شرط أن نتجاوز ميلين: الأول نجده في عدّة حضارات وتقاليد (وقد تكون مسيحيّة) لا تنسب قيمة لشخص إلا بالنظر إلى جنسه، إلى عرقه، إلى دينه، إلى ثقافته، إلى وضعه الاجتماعيّ، إلى السلطة التي يتمتّع بها. والثاني يقوم بأن نقسم العالم بين أبرار وأشرار، بين أصحاب الله وأعداء له.
5- 3- 5- وهذا الموقف، موقف الحوار والتقبّل والتعاطف مع أشخاص من حضارة أخرى وإيمان آخر ورؤية أخرى للعالم، لا تتوافق إطلاقاً مع تعجرف ديني أو قراءة اصوليّة للبيبليا. فضيق النظر في الأصولية قد شجبته بشدة اللجنة البيبلية الحبرية في "تفسير البيبليا في الكنيسة".

6- هؤلاء هم العابدون الذين يريدهم الآب (4: 23)
6- 1- إن رغبة الله في أن يعطينا الحياة تتجاوز تجاوزاً لا يحدّ رغبتنا مهما كانت حارة. وانطلاقة البشريّة للقاء الله هي أيضاً انطلاقة الله للقائنا. فرغبتنا في الحياة الحقيقيّة تلتقي برغبة الله الذي يريد عابدين حقيقييّن.
6- 2- الله "حبيب الحياة" (حك 11: 26) يسير بشكل محبّ إلى أبنائه وبناته ويبدأ حديثه معهم (الوحي 21). وهو يرغب أن ينقل إلينا الحياة بيسوع المسيح الذي هو حاضر حيث يجتمع اثنان أو ثلاثة باسمه.
6- 3- إن هذا الإله الذي يعطي الحياة ويقوم بالخطوات الأولى، نحن نشاهده يعمل في يسوع حيث يلتقي بالسامريّة ويحدثّها إلى قلبها ويلج إلى حميميّة حياتها، ويميل بها إلى الآب، ويفتحها عليه ويدخلها في لامحدوديّة العبادة في الروح والحقّ.
6- 4- عطيّة الحياة لنا هي من قبل يسوع طعامه وعلّة وجوده في هذا العالم. "طعامي أن أعمل مشيئة ذاك الذي أرسلني وأتمّ عمله" (آ 34). "هذا ما يريده أبي: إن كل من رأى الإبن وآمن به نال الحياة الأبدية وأنا اقيمه في اليوم الاخير" (يو 6: 40). "جئت لتكون لهم الحياة وتكون وافرة" (10: 10).
6- 5- إن يسوع يتابع "عمله" اليوم عبر كلمته. وهذه الكلمة ليست حرفاً ميتاً. بل هي تمتلك الحياة في ذاتها. والمهم أولاً ليس القارىء الذي يملك ويفسّر ويكتشف مدلول النصّ. بل هو النصّ نفسه الذي ينير ويكشف الحقيقة المخفية. وموقف الاحترام هذا أمام كلمة حيّة، هو موقف توافق عميق مع التقاليد الحضاريّة في آسيا. وهو يفترض مجهوداً لنسمع لله، ووعياً بأن الله يحترق لكي يدخل في حديث معنا.
6- 6- وهكذا يصل القارىء إلى إعجاب مليء بالشكر وإلى تواضع حقيقيّ، وينفتح على الله وعلى المديح، وهذا ما لم يكن ينتظره. وهكذا يستعد لأن يغطس في اللامحدود ويكتشف قلب الله بفضل كلمته. كما يستطيع أن يترك الحياة تدركه، وهي حياة تدعوه إلى السير في النور وفي الحبّ.

7- نؤمن الآن... لأننا سمعناه بأنفسنا (4: 42).
7- 1- إن لقاء يسوع بالسامريّة يتجاوز مجال الحوار الحميم. فيعيد المرأة إلى جماعتها، ويؤول إلى لقاء ومقاسمة حياته بين جماعة سامريّة وجماعة يهودية.
7- 2- ويقدّم الإنجيل الرابع بشكل يدهشنا ويصدمنا امرأةً (لا قيمة لشهادتها حسب التقليد الدينيّ) تسلّمت قبل الجميع وحي يسوع عن هويته المسيحانيّة. ويذهب أبعد من ذلك فيجعل من هذه المرأة مع حياتها التعيسة، رسولة جماعتها. وحين دعت أفراد جماعتها لأن يأتوا فينظروا، تابعت رسالة يسوع الذي دعا التلميذان ليأتيا وينظرا (1: 39).
7- 3- وبعد ذلك امحّت المرأة. قبلت أن تنقص لينمو يسوع (3: 30). لم تكتف بأن تنقل خبرتها مع يسوع، بل أتاحت للآخرين أن تكون لهم الخبرة عينها. حينئذ بلغوا إلى فهم أعمق وأوسع: يسوع هو حقاً "مخلّص العالم" (آ 42).
7- 4- وليس لهذا الفهم وهذه الخبرة طابع مباشر وسريع. كان هناك يومان لم تتوقّف فيهما المشاركة على مستوى الكلام، بل على مستوى الحياة.
7- 5- على المستوى الرعاية البيبلية نجد الأمور التالية:
- نحن، رجالاً ونساءً، مدعوون معا لنصير رسلاً وندعو الآخرين لكي يأتوا ويروا.
- "نحن لا نكرز بأنفسنا بل بالمسيح يسوع" (2 كور 4: 5).
- إذا أردنا أن ندخل في حوار حقيقيّ، لا نستطيع أن نبقى على مستوى تبادل كلاميّ، بل نقاسم الآخرين حياتهم اليوميّة.
- وفي هذا النمط من الحوار، نحن نعلّم ونتعلّم.
- وبمناسبة مثل هذا الحوار، ترجو أن نلتقي الآخر، ومعه نلتقي المسيح، لكي نكتشف أنه المخلّص الذي يهب الحياة للعالم.

8- إرفعوا عيونكم وانظروا: ابيّضت الحقول للحصاد (4: 35)
8- 0- لقد فهمنا حقاً طبيعة رسالتنا حين قرأنا هذا الخبر الذي يرينا يسوع والسامريّة. فهو قد لامس عقولنا وقلوبنا ومخيّلتنا. ولكن يجب علينا أن نعمل إدا أردنا أن يصبح احساسنا واقعاً حياً خلال هذه السنوات الآتية. لهذا اخذنا الالتزامات التالية حول مهمتنا بنقل كلمة الحياة.
8- 1- والالتزامات التي اتخذتها الرابطة الكتّابيّة الكاثوليكية هي التالية:
8- 1- 1- ننمي مسيرة توزيع العمل على مناطق. ونسعى الى خلق سبل جديدة من أجل الاتصال.
8- 1- 2- نعمّق تفكيرنا حول القراءة الاطريّة للبيبليا وكل ما يلامس عمل التفسير.
8- 1- 3- نعمل على تحريك سينودس أساقفة حول كلمة الله (فصل 6 من الوحي الالهي)، ونشارك بواسطة الهيئة التنفيذية والمنسقين في الأعمال الاعداديّة لهذا السينودس. فنصوغ وثيقة حول "دور البيبليا والرعاية البيبلية في الكنيسة".
8- 1- 4 نقيم علاقات أوثق مع مجموعات أخرى يرتبط عملها بالبيبليا: معاهد الليتورجيا، مركز الفقاهة والرعاية، اللجان التي تعمل من أجل العدل والسلام وحماية الخليقة.
8- 1- 5- نبحث عن امكانيّات جديدة للعمل مع اللجنة البيبليّة الحبرية.
8- 1- 6- ندخل لا علاقة مع المجموعات المكلّفة رسمياً على المستوى الوطنيّ أو المحليّ بتهيئة الاحتفال الديني بالألف الثالث.
8- 1- 7- نعمل بنشاط من أجل الإعفاء من الدين الدولي بمناسبة سنة 2000 لتكون هذه السنة حقاً سنة يوبيليّة، وهكذا يستطيع المنسحقون أن يتحرّروا من حملهم الثقيل.
8- 1- 8- نعمل على مشاركة المرأة في كل نشاطات الرابطة، ونوسّع اللغة التي تُذكر فيها المرأة مع الرجل في مداخلاتنا (اخوتي واخواتي).
8- 1- 9- نتصل بواسطة الهيئة التنفيذيّة والأمانة العامة بالسلطات الكنسيّة المحليّة كي تتضمّن الدراسة في الاكليريكيات ومعاهد اللاهوت "قراءة البيبليا في الكنيسة" (يتضمن مقاربة تاريخيّة، وتفسيريّة، ورعائيّة)، والحضارات والديانات والفلسفات اللامسيحيّة من أجل حوار عميق بينها وبين التعليم البيبليّ.
8- 1- 10- نتصل بواسطة الهيئة التنفيذيّة أو الامانة العامة بالسلطات المختصة من أجل إعادة النظر بكتاب القراءات الليتورجيّة.
8- 2- والتزم كل عضو من أعضاء الرابطة بما يلي:
8- 2- 1 يتابع دراسة البيان النهائي في بوغوتا، ووثيقة اللجنة الحبريّة البيبليّة حول تفسير البيبليا في الكنيسة لتطبيق النظرات الاساسيّة في هاتين الوثيقتين في مختلف أطر العمل.
8- 2- 2 ينتبه الى ما يرتبط بالتأويل البيبلي في الدورات واللقاءات التي يشارك فيها، لإبراز التأويل العلميّ والكلمة الرعائية بحيث يغتني الواحد بالآخرى.
8- 2- 3- يعطي الأولويّة لتدرب الاكليروس والعوام على الرعاية البيبلية. ويتضمن برنامج هذا التدريب.
8- 2- 3- 1- تقديم أسس تأويلية متينة.
8- 2- 3- 2- عدم الانحصار في عالم مدرسيّ، بل هيئة خبرات تعدّ الطريق لحوار الحياة مع سائر الحضارات والتقاليد الدينيّة، مع الفقراء والمهمشين.
8- 2- 4- الوعي في ما يخصّ الاحتفال الليتورجي لكلمة الله والفقاهة، إلى توسيع ما هو موجود وتحريك أشكال جديدة مع التنبّه إلى الرباط مع البيبليا والحياة والليتورجيا والفقاهة.
8- 2- 5- تحريك اسلوب كرازة يأخذ بعين الاعتبار شهادة الجماعة في اختبارها لكلمة الله كينبوع حياة.
8- 2- 6- الاتصال بعالم الشباب لكي تصبح كلمة الله ينبوع حياة تلتقي بهم في آمالهم وشكوكهم.
8- 2- 7- استعمال وسائل الاتصال الحديثة استعمالاً أفضل: فيديو...
8- 2- 8- دراسة أعمال هذه الجمعية العامة، وتطبيق الوجهات الأساسيّة لهذه الوثائق في العمل الرسوليّ.
8- 3- التزامات عديدة، وهي تلامس مجالات متنوّعة. ولكنها تعبرّ عن يقيننا بأن الحصاد سيكون حقاً وفراً. في عالمنا، آلام العالم والتحدّيات التي تواجهها الكنيسة هي ظاهرة. وبالنسبة إلينا نحن الذين انتعش رجاؤهم بما في يو: 4: 35 (أما تقولون: بعد أربعة أشهر يجيء الحصاد، ولكن تطلّعوا حولكم، فالحقول ابيضّت للحصاد)، هذه التحديّات هي نداء من أجل الالتزام والخلق.

Copyright © 2017 BOULOS FEGHALI. SITE by OSITCOM ltd
Webmaster by P. Michel Rouhana OAM